قراءة عامة في الخطاب التشكيلي الآشوري

قد لا يتيسر للمرء سبر أغوار الخطاب التشكيلي الآشوري من الجذور والى أقصى إشتغالاته الحديثة، لوجود فجوات زمنية صعبة في فضاء هذا الخطاب، لكن، في أقل تقدير يمكننا إستكناه الجوانب الفنية والفكرية، الجمالية والإسلوبية ومنعطفاتها المهمة في مسار الخطاب وتفاصيل مفرداته التي تمثل تجربة حياتية تتنافذ عبر جوانبها الداخلية وخطابها الجّواني خصوصيات أسلوبية منذ إبداعات النحات الآشوري الأول ولحد حقب متقاربة وقريبة من المقاربات التشكيلية وفضاءاتها التأملية والرؤيوية وتحولاتها الأسلوبية عبر اكتشافاتها المزدوجة بين الرسم والنحت والتشكيل في نزعاتها الإستعراضية ونزوعاتها للتأمل والتصوف وإستنطاق البنية البدائية وخروقاتها في تأسيس خطاب مرتكز بالروح الآشوري الناقدة وإستلهام الفنان الآشوري لبنيات الحرف والرمز والمفردة الحضارية وتشكيل هذه القوى الجمعية ودفعها إلى باطن العمل.

قراءة عامة في الخطاب التشكيلي الآشوري

[wpcc-script type=”4630e293d55f86e8773f8b31-text/javascript”]

قد لا يتيسر للمرء سبر أغوار الخطاب التشكيلي الآشوري من الجذور والى أقصى إشتغالاته الحديثة، لوجود فجوات زمنية صعبة في فضاء هذا الخطاب، لكن، في أقل تقدير يمكننا إستكناه الجوانب الفنية والفكرية، الجمالية والإسلوبية ومنعطفاتها المهمة في مسار الخطاب وتفاصيل مفرداته التي تمثل تجربة حياتية تتنافذ عبر جوانبها الداخلية وخطابها الجّواني خصوصيات أسلوبية منذ إبداعات النحات الآشوري الأول ولحد حقب متقاربة وقريبة من المقاربات التشكيلية وفضاءاتها التأملية والرؤيوية وتحولاتها الأسلوبية عبر اكتشافاتها المزدوجة بين الرسم والنحت والتشكيل في نزعاتها الإستعراضية ونزوعاتها للتأمل والتصوف وإستنطاق البنية البدائية وخروقاتها في تأسيس خطاب مرتكز بالروح الآشوري الناقدة وإستلهام الفنان الآشوري لبنيات الحرف والرمز والمفردة الحضارية وتشكيل هذه القوى الجمعية ودفعها إلى باطن العمل.
ولقد ظلت هذه الإشتغالات مثار إعجاب وإنتصاص الفن العالمي عبر العصور من خلال الرؤية والرؤيا، وقراءة المشهد التشكيلي وخطابه المحتشد بالفكر ووجوده والكيان الشخصي والجمعي ووجودهما وبطولاتهما، وقد تمظهرت هذه القوى الفنية والفكرية في تصاوير الجماعة والجداريات الماضية للرموز وجوهرها الوجودي وحيويتها وقدرتها على التنويع وخلق الاستثناء لقاعدة الفن وتحولاته الجمالية والتأملية وحدوسه الخارقة، وإستعادة الإنطباعات الجمعية لمحمولات الجداريات .
ظلت حركة الريادة للخطاب التشكيلي الآشوري مقترنة إلى وقت قريب، بتلك الإشتغالات الميتاجمالية في سحريتها ومدوناتها الحرفية الجدارية وتكريس فعالياتها الإحتفالية المرموزية في ارموزاتها التأسيسية المتمثلة في شخوص الآلهة، مثل آشور بانيبال وآشور ناصربال وسنحاريب وعشتار واكيتو والعشرات من هذه الرموز التي دخلت إلى فرن وفضاء الخطاب التشكيلي للفنان الآشوري وظلت أسئلة التأسيس تتهيكل في رؤيا الهوية ونوعية الخطاب وفلسفة الحدس والرؤية والخيال الاستثنائي الشخصي والجمعي.
وقادت هذه الخلاصات إلى إفضاء روح الخطاب الفني الذي حشد سيلاً من المهارات الذهنية في استعاراتها التحويلية وخلق التوازن وتحققه في مساحة عريضة من المعاني والمناظر الإستبدالية بين التنظير والخلق وتأصيل الخطاب وتوجيهه نحو التوهج الذهني ووظيفة الفن وإنعكاسات التأثير وفاعلية المشهدية البصرية في تحولات الرؤيا والرؤية في مناخات من التحريض والمقاربة الحسية للألفة والمدركات الفكرية وتمظهر الوعي والحرية وتأصيل الهوية، وبعد هذه التحولات في التنظير والمنجز قدّر للخطاب التشكيلي الآشوري تخطي النسق التقليدي، حتى غدت ريادته تفضي إلى فضاءات سيميائية جديدة في صخبها ومرئياتها الداخلية وجدلها مع الخارج المحض في تجريداته وحدوده الشكلية .

الخطاب التشكيلي من التأسيس إلى الإفضاء

قد يتيسر للمتابع والمشاهد والدارس لهذا الخطاب أن يعرف من فضائه في إرسالياته الموضوعية – بدءا. ومن ثم تشكيلاته الميتاجمالية السحرية ومدوناته من خلال الجدارية في تمظهراتها الأدائية المؤسسة والباثة لتاريخنا وقوته ورموزها وعنفوانها من خلال ما هو مؤسطر في أسطرته الميثولوجية والتاريخية عبر شخوصه الزمكانية في آثار النمرود ودور شاركين وباب شمس وباب نركال وأسوار نينوى. لقد تميزت هذه الامثولات الخالدة وتراثها الحضارية بقوتها التعبيرية وشخوصها التي توالدت والأطياف السحرية المشيدة جماليا في تركيزها على تجسيدات الرمز في مرجعيته الحضارية وتكوينات إشاراته الدالة وقيماته اللونية وسحر جاذبيتها بوصفها عناصر زخرفية تلك تنزع نحو تجريد زخرفي وقوى كتلوية تكوينية تتخلل هذا الإشتباك والتداخل بالملامح الواقعية .
لقد انشغل الفنان الآشوري في بداياته في تدوين الواقعة أو الحادثة التاريخية بقوة الوعي الحضاري الإستثنائي والجدلي للذات المبدعة في فيض من فيوضات المشاعر البطولية والأحاسيس والحالات، وكانت هذه الحالات الداخلية تعكس نقاءها الإنساني والحياتي الوجودي بشكل يرتبط ارتباطاً كلياً بالبيئة والقضية في جذورها وإنعكاساتها على الذات الجمعية وقد نتج عن هذا التلاحم والتشابك بين البنية الداخلية والخارجية للخطاب التشكيلي في لغته التصويرية والانفعالية الذهنية توهج جوهر الروح الآشورية وثراء فيضها الضوئي ورسم خريطة وجودها وكيانها الإنساني وتحريك مجسات الحلم الكوني الآشوري كانت من خلال رهافة الحس والتعبير عن أدق حالات الخطاب وكتلة الفضاء الجمعي وبراعة التصوير، أن قيمة الخطاب ظلت حركية خالقة عبر تأسيسات علائقية عبر النسيج والتواصل من خلالها ومع دواخل الذات الجمعية. لقد ظهرت هنا وحدة المشترك الرؤيوي والانفعال الحسي، وكان ذلك من مقتنيات الذات الفنية المبدعة لاقتحام مجاهيل العالم، وبرزت ظاهرة التجلي اليومي والتاريخي في أعمال الفنان الآشوري من خلال استشهادات الرؤية التصويرية المندغمة في الوجود وداخل العلاقات الكونية في فضاء مفتوح تحرك عبر تموجات اندفاعية سرية ضاغطة للفعل البطولي الجمعي والشخصي للرموز الداخلة في تهيكل العمل والخطاب وهيولي الفكرة وتعزز موقف الفنان عبر الفعل الواقعي لداخلية الخطاب وتشكلاته الذاتية والرؤيوية والتأملية، وتوجه بنا إلى الإحساس بالجدل مع الآخر والعالم.
لقد ارتبطت فكرة الخطاب التشكيلي الآشوري بمهارات البصر وملامسة الفن في نداءاته الداخلية عبر استغوار عمق الاشياء وقيماتها الحياتية وما تمثله من مستويات إنشائية للاحتكاك بالواقع أو الصدام معه، أو تحريضه وكان انعكاس كل هذا إلى تأسيس مشهد فني يكشف جوهره في قيماته الفكرية والأسلوبية وتعدد مظاهره الجمالية في ابتكارات الذات الخلاقة وممارساتها الفنية وإحالات خطابها إلى مرجعية مركزية تتغذى على النسق الرؤيوي والحلمي والحضاري وفاعليته الحياتية .
لقد تلمس الإنسان منذ ظهور المدونات التشكيلية الآشورية، اشتغالات مختلفة ومرئيات متنوعة ظلت تحتفظ إلى يومنا هذا بتقاليد الرسم والنحت، ولقد سعى الفنان الآشوري الحداثي إلى زحزحة بنية الأسلوب من خضوعه للسطح إلى نزوعه إلى الداخل لإشاعة روح الإحتمالية والتجريب الخارق لإبراز نزعة الرسم والنحت معاً، التصويرية والبنائية إلى تجسدات روحية بمادة الفخار – مثلاً – وحرص الفنان في معظم إشتغالاته على البحث عن الأسرار الجمالية للوحدات التشكيلية الرافدينية القديمة في تمثله للأفكار والأحلام وتحويل اشاراتها السرية ورموزها إلى أيقونات حياتية يستدل بها المشاهد والمتلقي إلى إقامة علاقة معاصرة للفكرة والجمال مع الآخر، وكانت من نتائج هذه العلاقة انعكاسات جوهرية للخطاب في أقصى حداثته وأقصى مرجعيته للجذور على الشعور الإنساني وإقامة منطقة ساخنة للفن والفكر وارتيادها بحرية وحنان، وكان من بين روادها نحن، الذين نبحث دائماً عن الجمال في الجوهر، وعن الجوهر في الجمال .
٭ ناقد عراقي

شاكر مجيد سيفو

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *