زحف المغول على العالم الإسلامي بأعداد كبيرة فدمروا بغداد ، وقضوا على حضارتها الإسلامية بطريقة وحشية ، وانساحوا في العالم الإسلامي يفتحون المدن ، ويقتلون الأبرياء دون ذنب أو جريرة ، فخافهم الناس وأخذوا يستسلمون أمامهم دون قتال ، فاستغل المغول ضعف الروح المعنوية لدى الناس ،وروجوا إشاعة مؤداها أن المغول شعب لا يهزم ، وأرسلوا رسلهم إلى مصر يطلبون استسلامها وخضوعها لهم ، وإلا الحرب والقتل والدمار .
تسلم ” قطز ” سلطان مصر إنذار المغول ، وجمع الناس للمشورة واتخاذ موقف جماعي ، فألقى فيهم كلمة ذكرهم فيها بالجهاد والواجبات الملقاة على عاتقهم نحو دينهم ووطنهم ، وقال : ” يا أمراء المسلمين لكم زمان تأكلون أموال بيت المال وأنتم للغزو كارهون ، وأنا متوجه فمن اختار الجهاد يصحبني ، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته ، فإن الله مطلع عليه وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين ” .
خرج ” قطز ” ومعه مساعده ” الظاهر بيبرس ” وخرج معه الناس بروح معنوية عالية ، ورغبة صادقة في الجهاد والاستشهاد ، والتقوا مع جحافل المغول في معركة ” عين جالوت ” الخالدة ، حيث سطر الجيش الإسلامي ملحمة تعد من أكبر ملاحم التاريخ ، فقد تحقق فيها النصر لجند الإسلام ، وهزم المغول هزيمة نكراء ، بحيث تغير مجرى التاريخ في تلك الفترة ، فلو تحقق النصر للمغول في تلك المعركة فلربما تأخرت الحضارة البشرية سنوات وسنوات طويلة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى .
وبعد أن تحقق النصر للمسلمين ، ترجّل ” قطز ” عن فرسه ومرّغ وجهه من تراب المعركة ، وقبّل أرضها ، وصلى ركعتين في أرض الميدان شكرًا لله تعالى الذي أعانهم على هزيمة أعدائهم .