أراك عصي الدمع شيمتك الصبر…قصيدة رائعة صادقة المشاعر والأحاسيس للشاعر أبي فراس الحمداني، وقد كان شاعرًا فارسًا فكان يحرب الأعداء على الثغور، وقد قال هذه القصيدة بعد أن أسره الروم، ولمزيد من التفاصيل تابعونا على موسوعة في قصيدة أراك عصي الدمع.
قصة أراك عصي الدمع
كما قلنا فقد كان الشاعر أبو فراس الحمداني مجاهدًا، وهو ابن عم سيف الدولة الحمداني، وقد عاصر المتنبي، وقد أسره الروم مرتين، ولكنه استطاع تخليص نفسه، لكن في المرة الثالثةلم يستطع أن يخلص نفسه مرةً أخرى، فأرسل إلى ابن عمه سيف الدولة يطلب منه فداءه، لكن الوشاة حالوا دون ذلك وحذروا سيف الدولة منه، فلما استبطأ أبو فراس الفداء أرسل بهذه القصيدة إلى سيف الدولة، فلما قرأها أحس بصدفها، وجهز جيشه لاستعادة حلب، ونجح في ذلك، وأخرج الأسرى ومنهم أبو فراس.
اراك عصي الدمع ام كلثوم
غنت أم كلثوم القصيدة عام 1926م وكان قد لحنها عبده الحامولي، ثم غنتها مرة أخرى في منتصف الأربعينات بلحن الشيخ زكريا أحمد، ثم غنتها مرةً أخرى عام 1965م بلحن رياض السنباطي، والذي يعد اللحن الأشهر للقصيدة، خاصةً وأنه اللحن المصور تلفيزيونيًا.
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر شرح
تبلغ القصيدة حوالي 54 بيتًا لذلك سنقوم بشرحها بشكل عام في إيجاز غير مخل، وهي من بحر الطويل:
المقدمة الغزلية
يبدأ أولًا بالغزل كما هي عادة الشعراء القدامى، فيقول:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر أما للهوى نهي عليك ولا أمر
فهو يجرد من نفسه إنسانًا ويخاطبها متعجبًا من صبرها على الفراق، ولكنه ما يلبث أن يجيب بانه في الحقيقة لا يصبر ولكن يجب عليه إظهار التجلد، لئلا ينتشر بين الناس أن القائد لا يصبر على الحب، وأنه يبكي في الليل فقط، فهو يأنف من أن تظهر دموعه أمام غيره من الناس.
ثم يتحدث الشاعر بعد ذلك عن محبوبته التي اخلفت وعودها، فلم تلقاه كما وعدت، وهو يخاف أن يعاجله الموت قبل أن يلقاها، كما يذكر انه كان وفيًا معها حتى لو كان لك على حساب كرامته، ولكنها قابلت الإحسان بالإساءة ولم تعترف له بحبها.
ثم هو يستنكر عليها إنكارها إياه؛ مما زاد في روح الشعر الأسى والبؤس.
فخر وحرب
ثم يفتخر الشاعر بنفسه، وبأنه فارس لا يشق له غبار، وقائد لا تنزل له راية، فيقول:
وإني لجرار لكل كتيبة معودة أن لا يخل بها النصر
ثم يذكر أنه لا يروي ظمأه سوى دماء الأعداء، ثم يتحدث عن أخلاق النبيلة، فلا يهاجم أحدًا على حين غرة، بل يسبق ذلك بالإنذار، وأنه لا حاجة له بالمال، وأنه لا يهتم بالفقر طالما أنه يصون عرضه ويحمي الذمار.
وقوعه في الأسر
ثم ينتقل الشاعر بعد ذلك إلى الغرض الأصلي من القصيدة وهو حديثه عن موضوع أسره، فيقول:
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ولا فرسي مهر ولا ربه غمر
ولكن إذا حم القضاء على امريءٍ فليس له بر يقيه ولا بحر
فهو يذكر انه قد وقع في الأسر، وذلك ليس بسبب ضعف أصحابه، أو صغر سن فرسه، أو كونه غير مجرب، فهو مع كل الميزات التي عنده لا يستطيع أن يرد القضاء الذي كتبه الله على عباده.
ثم يذكر سوء ما وقع فيه، وأن أفضل الخيارات التي كانت أمامه هي الأسر، فكيف بالخيارات الأخرى؟
ثم يذكر أن آسريه قد منوا عليه بأنهم تركوا له ثيابه، ولكنه يذكرهم بأن عنده ثيابًا أخرى من دمائهم، ويسترسل في سرد ما فعله بهم سيفه ورمحه.
تذكير بفضله
ثم يعود الشاعر إلى الفخر بنفسه، فينبه قومه على أنهم سيحتاجونه في وقت ما، فيقول:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
فهم في وقت الحاجة سيذكرون أنه لو كان بينهم لكان خرج بهم مما هم فيه، وأن غيره لا يستطيع أن يسد مكانه.
ختام وفخر بقومه
ثم يفخر بأصله وبقومه، وبصفاتهم الحميدة، فيقول:
ونحن أناس لا توسط عندنا لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر
أعز ذوي الدنيا وأكرم ذوي العلا وأكرم من فوق التراب ولا فخر
فهم يطلبون العلا أو الموت دون ذلك، فلا يرضون بأقل من ذلك، ويبذلون في سبيله كل نفيس، فهم أحسن من فوق التراب.
كان ذلك حديثنا عن قصيدة أراك عصي الدمع. تابعونا على موسوعة ليصلكم كل جديد، ودمتم في أمان الله.
المراجع
1