في يوم الجمعة من كل أسبوع تأتي قصة ذو القرنين كاملة أمام أعيننا بسورة الكهف، وعلى الرغم من أن آيات الله عز وجل وضحت القصة بالتفصيل، إلا أنه قد يحدث لَبس لدى البعض في فهم بعض معانيها، أو الوصول إلى تفاصيل القصة بشكل كامل، لذا فنحن من خلال مقال اليوم على موسوعة، سنعرض لكم القصة كاملة من أجل التعرف عليها بالتفصيل ضمن سلسلة من المقالات القصصية الدينية الشيقة، فتابعونا.
قصة ذو القرنين كاملة
من هو ذي القرنين ولماذا سمي بهذا الاسم؟
هو ملك عادل من ملوك الأرض، استطاع أن يحمي قوم مستضعفين من أذى يأجوج ومأجوج، من خلال ردم فاصل بناه، ويُقال أنه الصعب بن مراثد، وأصله من حمير، أُطلق عليه ذي القرنين، ولم يتوصل العلماء إلى السبب في تلك التسمية بعد، فمنهم من قال أن سببها هو أنه يمتلك قرنين بالفعل، ومنهم من أرجعها إلى ضفيرتين في شعره، وهناك من ذكر أن العرب قديمًا كانوا يُطلقون مصطلح قرني الشمس أي مشارقها ومغاربها، وعليه فتكون التسمية نابعة من كونه طاف الأرض من شرقها إلى غربها. ولكن لا يوجد أي دليل علمي أو نص صريح يُثبت صحة أيًا من التفسيرات التي ذكرناها.
وٌرِدت قصته في خواتيم سورة الكهف، وتحديدًا من الآية الثالثة والثمانين، وحتى الثمانية وتسعين، فحدثنا المولى في كتابه العزيز بأن ذي القرنين هو رجل من ملوك الأرض، مكنه الله عز وجل منها “إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا“، فسار فيها داعيًا لعبادة الله وحده لا شريك له. طاف الأرض ووصل لمغربها أي منتهاها في ذاك الوقت. وقيل عن تلك النقطة أنها تقع في أمريكا الشمالية وتتمثل في بحيرة بلوستون، وهي عين بها طين أسود أي ما يُطلق عليها “حمئة”، ووجد هناك قوم استخلفه الله عليهم لينظر في أمرهم، فقال أنه من آمن وعمل صالحًا سيُجازى بالحسنى، ولكن من كفر وتولى فسيُعذب. وجاء ذلك في قوله تعالى “حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا“.
وبمجرد ما انتهى من الحكم على أهل الغرب، انتقل ذي القرنين إلى الشرق من أجل أن يواصل دعوته، وهناك وجد بها قوم يُعانون من أشعة الشمس الحارقة، فلا يوجد ما يحميهم منها على الإطلاق، فنفذ فيهم نفس الحكم الذي فعله مع أهل الغرب. فقال عز وجل “حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا”.
سد ذو القرنين
ليواصل ذو القرنين طريقه ليلتقي بقوم مُقيمون بين جبلين، يتحدثون بلهجة لا يستطيع فهمها، “حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا“. إلا أنهم التمسوا فيه القوة والشجاعة، فطلبوا مساعدته في التغلب على يأجوج ومأجوح وحمايتهم منهما وعرضوا عليه المال لذلك “قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا “، إلا أن ذي القرنين وافق أن يُساعدهم دون أي مُقابل يُذكر، فألهمه الله بطريقة بناء سد قوي ومنيع يحمي هؤلاء القوم من هجمات يأجوج ومأجوج التي تستنزف خيراتهم. فاستخدم في ذلك الحديد الساخن، المغطى بالنحاس المذاب ليكون أكثر قوة، فيمنح هؤلاء القوم الأمن والأمان. “قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا، آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا”.
ومن خلال تلك القصة الشيقة نجد أنه على الرغم من تلك القوة التي منحها الله لذي القرنين إلا أنه لم يغتر يومًا بقوته، ولم يتكبر بل على النقيض تمامًا فقدم المساعدة إلى قوم مستضعفين دون أن يحصل منهم على أي مقابل يذكر، فلم يكن هناك ما يشغله إلا الدعوة إلى الله بإخلاص.



