نصحبكم اليوم في جولة للتعرف على قصة قوم عاد الذين لم يؤمنوا بنبي الله تعالى الذي أرسله لكي يوحدوه ويبعث برسالته إليهم، ولكنهم اغتروا بقوتهم والنعمة التي منّ الله بها عليهم، إذ أرسل الله تعالى النبيين والمرسلين يحملون الدعوة الصادقة والحق التي تدل الكافرين على الطريق الحق والمستقيم، حيث إن الطريق المستقيم هو طريق النور والحق الذي يسير فيه العبد تائبًا خاشعًا إلى المولى.
فماذا عن الغموض الذي أُثير حول قوم عاد والمدن التي سكنوا فيها، وهل فعلاً أدى بعث النبي هود إليهم إلى هدايتهم، تقص عليكم موسوعة قصة قوم عاد من خلال هذا المقال الذي تُقدمه لكم، فتابعونا.
قوم عاد
هيا بنا عزيزي القارئ نتعرف على قصة قوم عاد الذين منحهم الله تعالى كافة المقومات التي تجعلهم أفرادًا أقوياء أشداء في بنيتهم وأشكالهم، فضلاً عن أنهم امتلكوا الأموال، وكذا فهم الذين امتلكوا قوة عسكرية، إذ أنهم كانوا يتمتعون بأكبر جيش في هذا الزمن، لذا فأخذوا يتحدون كل جبار بقوتهم وعتادهم.
كما انتشر في هذا العصر الرخاء نظرًا لكثرة المصانع التي تم بناءها، والاهتمام بجانب العمران والحضارة والتقدم، ولكن تقدم بلا إيمان لا يستقيم به الوضع، وقد جاءت كحل هذه القوة كنوع من الاختبارات التي يمنحها الله لعبادة ليقيس بها مدى إيمانهم.
فقد ارسل الله تعالى نبيه هود عليه السلام إلى قوم عاد موحدًا له، وداعيًا إلي الهدى، إذ ذكر الله تعالى في القرآن الكريم موقف ودعاء قوم هود في سورة الأعراف في الآية65″ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ”.
وقد ذكرت المراجع أن هود عليه السلام لم يمنحه الله تعالى معجزة بعينها، وعلى صعيدٍ أخر نجد أن المعجزة الحقيقية التي تحققت لنبي الله هود؛ هي التي تتمثل في كوّن قومه لم يستطيعوا إيذاءه على الرغم من قوتهم وعددهم، وقد كان يدعوا إلى الله تعالى وحده، حيث كانوا يحبون البطش بكل من لا يُقلل من آلهتهم.
كفر قوم عاد
أساء قوم عاد الأدب وقللوا من دعوة نبي الله هود، وداوموا على عبادة الأصنام، فقد كانوا أول قوم يعبدون الأصنام بعد قوم نوح عليه السلام، فضلاً عن أنهم أهانوه وكذبوه فقد ذكر الله تعالى قولهم وتكذيبهم في سورة الأعراف في الآية 66″ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ”.
فقد جاء رد سيدنا هود لينًا هينًا متواضعًا لخلق الله وقد ورد ذكر رد قوم عاد على الإهانات التي وُجهت إليه في سورة الأعراف في الآية 67″ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ”.
عذاب قوم عاد
يصبر الله تعالى على عبادة العاصيين وضلالهم، ولكن إذا تمادوا فإنه يوّجه إليهم عقاب يليق بما فعلوا، فقد عاقب الله تعالى قوم عاد بالرياح؛ إذ سلط عليهم الرياح ثمانية أيام متتالية، لتتحطم كافة القصور المشيدة والمصانع التي قاموا بتشييدها، إذ كانت شدة الرياح هي التي ترفع الشخص عاليًا ومن ثم تطرحه أرضًا.
فقد قال الله تعالى في سورة الحاقة في الآية الـ6 ” وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ”صدق الله العظيم، وجاءت هذه الرياح ردًا على العناد والطغيان الذي تمادى به قوم عاد، فسبحان الخالق الذي يصبر على عباده.
اثار قوم عاد
ورد ذكر سكن قوم عاد في القرآن الكريم في سورة الأحقاف؛ فقد بدأ البحث عن تلك المدينة التي أبادتها الرياح؛ فوجد العلماء أن هناك مدينة قد ذُكرت في القرآن الكريم تُسمى إرم ذات العباد، فقد تم اكتشافها في عام 1991 وهي التي تشمل على مجموعة من الأعمدة والأبنية الكبيرة، ذات الثمانية أضلع ويبلغ ارتفاعها حوالي تسعة أمتار ويبلغ قطرها ثلاثة أمتار وهذا يتفق مع ما ورد في القرآن الكريم من آيات ذُكرت في هذا المكان، فقد قال الله تعالى في سورة الفجر في الآية 7″ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ “.
الجدير بالذكر أن منطقة الأحقاف هي التي تقع في جنوب، الذي يقع ما بين عِدة دول وهي اليمن وعمان والسعودية والإمارات، إذ أنها موضع ملتقى كل هذه الحضارات، ولكن يشير العلماء إلى أن تلك المنطقة هي التي تقع بالقرب من عمان على وجه التحديد؛ حيث تُعد الأحقاف هي المكان الذي يتوافر به المياه، كما ذُكر في القرآن الكريم فهي التي تتمتع بمقومات التي تجعلها مكان لبناء الحضارات وجذب المزيد من الأقوام للعيش فيها.
قصصنا عليكم قصة قوم عاد الذين لم يؤمنوا بنبي الله المُرسل هود عليه السلام، ليرد الله عليهم ويُسلط الرياح لكي تنال من ظلمهم وبطشهم، فسبحانه قادر على كل شيء، حيث إنهم أرادوا التمادي في ظلمهم وبطشهم، بل والتطاول على نبي الله وتكذيبه، لتطيح بهم الرياح وترفعهم عاليًا وتحط بهم على الأرض قتلى وبلا رؤوس كما ورد في العديد من القصص، حول عذاب الله الذي حلّ على المُكذبين برسالته.



