قصة نابليون مع “الزبدة”.. جائزة وبديل وملون أصفر!

Share your love

منذ حصوله على لقب إمبراطور فرنسا خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1852، أولى نابليون الثالث اهتمامًا كبيرًا للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والعسكرية.

وإضافة لمشاريع إعادة تهيئة العاصمة باريس، بحث نابليون الثالث في مسألة توفير بعض من الأطعمة باهظة الثمن للمواطنين الفرنسيين العاديين. بناءً على ذلك، وجّه الإمبراطور الفرنسي أنظاره للزبدة فاشتكى من قلّتها بالأسواق واقتصارها على الطبقة الثرية.

لوحة زيتية تجسد الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث

ولتدارك الأمر، وضع نابليون الثالث أثناء ستينيات القرن التاسع عشر تحديًا وعد من خلاله بتقديم مكافأة مالية قيمة لمن يتمكن من ابتكار بديل للزبدة يكون صنعه وحفظه لمدة طويلة سهلًا وغير مكلف، حيث سعى الإمبراطور الفرنسي من خلال ذلك لتوفير مادة شبيهة بالزبدة من أجل جيوشه المنتشرة بالمستعمرات والطبقة الفقيرة بفرنسا.

انطلاقًا من ذلك، باشر الكيميائي والصيدلي الفرنسي هيبوليت ميج موريس (Hippolyte Mège-Mouriès) أبحاثه لتلبية رغبة الإمبراطور والفوز بالجائزة، فاستغل أبحاثًا تعود لسنة 1813 أجراها مواطنه ميشيل أوجين شيفيرول (Michel-Eugène Chevreul) حول حامض دهني تكون من حمض الستياريك (Stearic acid) وحمض البالميتيك (Palmitic acid) أطلق عليه اسم حمض المارغريك (margaric acid) المقتبس من الإغريقية.

صورة للكيميائي الفرنسي هيبوليت ميج موريس

سنة 1869، حصل هيبوليت ميج موريس على براءة اختراع لمادة أطلق عليها أوليومارغرين (oleomargarine) تميزت بمذاقها الشبيه بالزبدة واشتهرت لاحقا باسمها الصناعي مارغرين، وتكونت أساسًا من شحوم البقر والحليب، كما اعتبرت بديلًا رخيصًا لتعويض الزبدة ليحصل بذلك على المكافأة التي حددها نابليون الثالث.

وخلافًا لتوقعات نابليون الثالث الذي خسر الحرب الفرنسية البروسية ووقع في الأسر سنة 1870، فشل هيبوليت ميج موريس في تسويق ما ابتكره، فلجأ لبيع براءة الاختراع عام 1871 لمؤسسة رجل الأعمال الهولندي أنطونيوس يوهانس جورجنز (Antonius Johannes Jurgens) التي طوّرت طريقة صناعة المارغرين وأدخلتها للسوق العالمية.

صورة للكيميائي الفرنسي ميشيل أوجين شيفيرول

تدريجيا، تيقّن المسؤولون الهولنديون من قدرة هذه المادة الجديدة على منافسة وإزاحة الزبدة بالسوق العالمية فلجأوا لمنحها مظهرًا لائقًا شبيها بالزبدة عن طريق إضافة ملون غيّر لون المارغرين من الأبيض للأصفر.

خلال السنوات التالية، أرعبت المارغرين الفلاحين، حيث نافس هذا المنتج الصناعي الجديد الزبدة، وهدد مصالحهم فذهبوا لإقناع المشرّعين الأميركيين بفرض ضريبة بقيمة سنتين على الرطل الواحد، وإلغاء استخدام الملون الأصفر.

وبحلول العام 1900، أقرت أكثر من 30 ولاية أميركية قوانين صارمة ضد استخدام الملون الأصفر، كما منعت كندا صنع المارغرين بشكل كامل منذ سنة 1886، وظلّ هذا الحظر مستمرا لحدود سنة 1948 عرف فترة انقطاع بسيطة ما بين 1917 و1923 بسبب النقص الحاد في الزبدة الذي سببته الحرب العالمية الأولى.

اشهار دعائي للمارغرين يعود تاريخه لسنة 1893

أيضًا، قدمت الحرب العالمية الثانية دفعة كبيرة للمارغرين وساهمت في تسويقها، فزمن الحرب أقبل الأميركيون عليها بكثافة بسبب النقص الحاد في الزبدة، واعتادوا على مذاقها وشكلها.

وبداية من سنة 1950 ألغى المسؤولون الأميركيون الضريبة المفروضة على هذا المنتج، كما لجأت كل الولايات الأميركية لإلغاء الحظر المفروض على الملون الأصفر تدريجيًا.

Source: Tamol.om
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!