عزيزة علي

عمان- يتناول كتاب “بعض المظاهر الحضارية البيزنطية في منطقة الأغوار الجنوبية”، للدكتور زين موسى القرعان، موضوع الاستيطان البيزنطي في منطقة الأغوار الجنوبية وشمال شرق العربة، من خلال العديد من أعمال المسوحات والتنقيبات الأثرية التي نفذت في هذه المنطقة، بهدف الكشف عن الإرث الحضاري الأثري الذي تضمنته منطقة الدراسة.
ويصف المؤلف في مقدمة الكتاب الصادر بدعم من وزارة الثقافة الأردنية، أن كتابه يمثل الخلاصة العامة والنتائج الأولية التي توصلت إليها تلك الأعمال الأثرية ليتم التعرف على الدور المميز الذي لعبته المنطقة خلال حقبة من الحقب التاريخية الغابرة وهي الحقبة البيزنطية.
يقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول وخاتمة، ونبذة تاريخية تتحدث النبذة عن طبيعة ظروف والأحداث السياسية والدينية والاقتصادية التي رافقت الاعلان عن اعتراف الامبراطور قسطنطين الأول “288-337م”، بالديانة المسيحية، وما ترتب على ذلك الاعتراف من مستجدات وتطورات على الصعيدين السياسي والديني.
بينما يتحدث الفصل الأول عن الدراسات السابقة التي تضمنت ما قدمه الرحالة والحجاج المسيحيون من ملاحظات وشرح أثناء حركة زيارتهم وتنقلاتهم في المنطقة، مما كان له الدور الأكبر في رصد وتسجيل العديد من المواقع والحديث عن طبيعة الدور الذي لعبته خلال المراحل التاريخية المتعدد، كما يتناول ايضا الدراسات وأعمال المسوحات العلمية الحديثة التي نفذت بالمنطقة محاولة للوصول إلى توثيق دقيق لتلك الملاحظات والشروحات التي دونها القدماء.
فيما يتحدث الفصل الثاني عن المخلفات المعمارية الأثرية التي توجد في المنطقة الشمالية للبحر الميت والمتمثلة بموقع معمودية السيد المسيح/ المغطس وذلك بدلالة ما تم العثور عليه من مجموعة البرك، والمنشآت المائية، والكنائس، إضافة الى موقع الزارة على الساحل الشرقي للبحر الميت، حيث شهد إعادة استخدام مرافقها ومنشآتها الرومانية، مثل : الفيلا، والميناء، وذلك في الزاره الشمالية، إضافة إلى :مواقع في الزاره الجنوبية التي تميزت بأنها غير واضحة المعالم، وذلك خلال الفترة البيزنطية.
ويؤكد المؤلف في هذا الفصل، على وصول المتعبدين لمنطقة الجنب الشرقي من البحر الميت وشمال شرق العربة، بدلالة وجود المخلفات المعمارية لدير عين عباطة الذي كان يشكل كنيسة تذكارية شيدت خلال العصر البيزنطي لقدسية هذا المكان الذي يعتقد بانه المكان الذي لجأ إليه نبي الله لوط عليه السلام، ثم تبع ذلك بناء دير خلال القرن السابع الميلادي في مكان مجاور لهذه الكنيسة وذلك بهدف إقامة الحجاج المسيحيين وذلك عند زيارتهم لهذا الموقع.
ويتحدث القرعان أيضا في نفس الفصل عن دور القطار البيزنطي او دير اللسان كما يطلق عليه السكان المحليون، حيث ضم كنيسة تذكارية والعديد من المرافق الملحقة به، هذا إلى جانب الصومعة الواقعة إلى الجوار منه والتي تشكل أيضا معلما دينيا مهما يطلق عليه اسم دير الطوبة البيزنطي كمكان مخصص لتجمع الرهبان بهدف العيش حياة تتسم بالعزلة والزهد والتقشف.
وفي نهاية الفصل الثاني يعرض المؤلف مجموعة مواقع أثرية شهدت حقبا وفترات استيطان متعددة كانت الحقبة البيزنطية فيها واضحة، وذلك على طول امتداد الساحل الشرقي للبحر الميت والمنطقة الجنوبية الشرقية منه، حيث نفذت اعمال مسوحات ومجسات أثرية بها، إنها تنتظر التنقيبات الأثرية بهدف التعرف بوضوح أكثر على طبيعة ونوع الاستيطان الذي شهدته، والتي كان من اشهرها غور الكفرين، والارمة، والسويمة، وغور فيفه، وغور خنزيرة، والمقبرة البيزنطية لباب الذراع، ورجم النميرة، وغيرها.
ويشتمل الفصل الثالث على دراسة عينات فخارية متعددة لمواقع المغطس، والزاره، ورجم النميرة، وذلك كأحد وسائل التأريخ والتأكيد على انتعاش منطقة الدراسة خلال العصر البيزانطي، حيث امتازت لأنها كسر وقطع ممثلة لكافة أنواع الأواني تقريبا والتي استعملها الإنسان كأحد مستلزمات وضروريات الحياة، مثل الجرار، والأباريق، والأحواض، والقواعد، والأغطية، والزبادي، وغيرها، حيث تم التطرق اثناء دراسة تلك الكسر للخصائص التي تحملها، والتعرف على سمات العجينة ومكوناتها، وكذلك الحرق وتقنية الصناعة، وقد تم تدعيم هذه الكتاب بالأمثلة المشابهة في محاولة للوصول الى تاريخ دقيق ومنطقي لتلك القطع وبالتالي للمواقع ككل.