كم حاصر الاحزاب المدينه
حاصر الأحزاب المدينة في غزوة الخندق ثلاثة أسابيع كاملة، حيث استمرت الأحزاب المختلفة من قبائل العرب من قريش وكنانة وغطفان وبني أسد وسليم، وصولاً إلى يهود بني النضير وبني قريظة محاصرة لجيش رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار طيلة تلك المدة، وعدم قدرتهم على اقتحام المدينة بسبب ما يحوط بها من خنادق.
متى كانت غزوة الخندق بالهجري
بدأت غزوة الخندق في شهر شوال للعام الخامس من هجرة النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- ويرجع المؤرخون سبب وقوع غزوة الخندق- أو التي أطلق عليها أيضاً غزوة الأحزاب نظراً لعدد الأحزاب التي اجتمعت من عدة قبائل من العرب للقضاء على الدولة الإسلامية- بسبب نقض يهود بني النضير عهدهم مع الرسول- ﷺ- فقد حاولوا قتل رسول الله- ﷺ- الأمر الذي دعا بالمسلمين من محاصرتهم حتى أعلنوا استسلامهم، ثم قام المسلمون بإخراج اليهود من ديارهم، وإخراجهم خارج المدينة كون أنهم قوم لا أمان لهم.
حتى بدأ اليهود ينتشروا بين قبائل العرب يحرضون العرب ضد جيش المسلمين، ويحثوهم على القضاء على الدولة الإسلامية قبل أن تقوى شوكتهم أكثر من ذلك ويسيطروا على شبه الجزيرة العربية كاملة، الأمر الذي دعا بالعديد من القبائل العربية للتحضير لغزو المدينة المنورة، وكان على رأس القبائل التي أعلنت الحرب على جيش المسلمين هم القريشيون وحلفاؤهم من بني كنانة وقبيلة غطفان وبنو أسد وسليم، وأطلق عليهم الأحزاب، وعندما علم اليهود بتلك الأحزاب مجتمعة قرروا المشاركة معهم، فشارك الأحزاب يهود بني قريظة مع أنهم كانوا قد أبرموا عهوداً وموايثق مع المسلمين بعدم إيذاء أي طرف منهم الطرف الآخر.
من هو الصحابي الذي أشار بحفر الخندق
كان للدولة الإسلامية عيون منتشرة في قريش، مهمتهم أن ينقلوا الأخبار وما يستجد من أحداث في مكة، وبالأخص من قبيلة قريش وحلفاؤها، حتى يكون جيش المسلمين متحضراً لأي هجوم مفاجئ من الأعداء، ووصل خبر الاتفاق بين الأحزاب إلى المدينة المنورة، فقرر رسول الله- ﷺ- لاجتماع عاجل لكبار قادة جيش المسلمين من المهاجرين والأنصار، وعرض عليهم كامل المعلومات التي وصلت له.
فما كان من الصحابي سلمان الفارسي إلا أن عرض فكرة، لم يتعرض لها العرب قبلاً، وكانت تستخدم في ذلك الحين من قبل جيش الفرس في مثل تلك المواقف، وهي أن يقوموا بحفر خندق، حتى لا يستطيع الأحزاب الوصول إلينا بأعدادهم الكبيرة، وتتحول المعركة من معركة الغلبة للأكثر إلى معركة الغلبة لمن يستطيع الانتظار أكثر،
كم استغرق حفر الخندق
استقر رسول الله- ﷺ- على مكان لحفر الخندق، فاختار مكانه يكون الجيش فيه محمياً من الخلف بجبل سلع، وأن يمتد الخندق أمام جيش المسلمين بداية من جبل “واقم” غرب المدينة والذي يؤمن حدودها الغربية كاملة، إلى جبل “وبرة” والواقع غرب المدينة المنورة، ويؤمن حدودها الغربية، وفي جنوب المدينة يوجد جبل عير يؤمن جنوب المدينة طبيعياً، ولكن هناك مساحة بين جبل واقم وجبل عير في الجنوب الشرقي غير مؤمنة تأميناً كاملاً، تلك المنطقة التي يسكنها يهود بني قريظة.
ولكن بما كان بين النبي- ﷺ- وبين يهود بيني قريظة من عهود تجعله على ثقة كونهم لن يسمحوا لدخول القريشيين من الدخول للمدينة عن طريق ديارهم، على أن بعضاً ممن ذهبوا للقريشين إنما كانوا قلة منهم ليس أكثر، ولكن ما زال الباقيين يحترمون مواثيقهم.
واجه حفر الخندق العديد من الصعوبات، ومنها عدم توفر الآلات المناسبة لمثل ذلك، كونه أول استخدام للخندق في الحروب العربية، فكان الصحابة مع رسول الله- ﷺ- يحفرون بأيديهم وينقلون التراب على ظهورهم، بالإضافة إلى أن الطقس في ذلك الوقت كان شديد الرياح والبرودة، ناهيك على انتظارهم لوصول العدو في أي وقت، حتى إن مجموعة من الأنصار كانت تقوم على حراسة رسول الله-ﷺ- في كل ليلة، واستمر حفر الخندق بهذا الطول وانتهي في ستة أيام فقط.
كم كان عدد المسلمين في غزوة الأحزاب
كانت آخر استعدادات رسول الله- ﷺ- للمعركة بعد حفر الخندق هو نقل كل النساء والصبيان إلى حصن بين حارثة؛ حتى يكونوا محاطين بأقصى درجات الأمان بعيداً عن أذى المعركة في حالة حدوث أي فر من جيش المسلمين، ولكن كان هذا الحصن فارغاً ليس به أي قوة من جيش المسلمين؛ لانشغالهم بالمعركة، وعندما أراد يهود بني قريظة خيانة العهد مع الرسول والانقضاض عليه من الخلف أرسلوا فردا منهم ليستطلع أمر ذلك الحصن، فقامت صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله- ﷺ- بأخذ عمود وتتبعته حتى واتتها الفرصة فصرعته بذلك العمود حتى قتلته، وكانت تلك رسالة تهديد ليهود بني قريظة بوجود قوة حماية من الجنود داخل الحصن.
ووصل عدد المسلمين في هذه الغزوة قرابة 3000 جندي وفارس، أما جيش الأحزاب فقد وصل لقرابة 10.000 جندي وفارس، فلما بادر الأحزاب الهجوم على جيش المسلمين، فر المنافقين من جيش المسلمين خوفاً من الهلاك أمام هذا العدد الضخم من الجيوش، ولكن لم يستطع الأحزاب الوصول إلى المسلمين بسبب ذلك الخندق، الأمر الذي جعلهم يفرضون الحصار عليهم حتى يستسلموا، وكان المسلمون من الجهة الأخرى يراقبون حركة الأحزاب وما كان منهم من أحد يقترب من الخندق حتى يأتيه سهم من المسلمين،
خيانة يهود بني قريظة لرسول الله ﷺ
عرض أحد اليهود على زعيم بني قريظة الدخول مع الأحزاب في محاربة المسلمين، ووافق بعدما عاهده بأن يكون سيداً من أسياد العرب، واستقبل رسول الله- ﷺ- نبأ غدر بني قريظة بالحزم، واستخدم كل الوسائل أن تقوي من المؤمنين، فأرسل كتيبتين من الجيش وكان على إحداهما سلمة بن أسلم وقوامها مائتين رجل، والأخرى على رأسها زيد بن حارثة في ثلاثمائة رجل ليحرسوا المدينة ويهللوا ويكبروا؛ حتى ينتشر الخوف في بني قريظة، وأرسلت بنو قريظة للأحزاب عشرين بعير محملة بالتمر والتين والشعير، ولكن استطاع المسلمون مصادرة تلك المؤونة واغتنماها أتوا بها إلى رسول الله- ﷺ-.
زاد الحصار على المسلمين من كل جانب سواء من الأحزاب من الشمال أو من بني قريظة من الجنوب، وزادت محاولة الأحزاب الانقضاض ليلاً على الأماكن الضيقة من الخندق التي يستطيعون المرور منها حتى يصلو للبر الآخر ويفاجئوا المسلمين، ولكن كانت جيوش المسلمين متحضرة مستيقظة.
خاتمة غزوة الخندق
ذهب نعيم بن مسعود وهو أحد رجال غطفان إلى رسول الله- ﷺ- يعلنه إسلامه، ويخبره بأن لا أحد في قبيلته يعلم خبر إسلامه، فكان حديث رسول الله معه “الحرب خدعة”، فقرر بن مسعود أن يوقع الفرقة بين الأحزاب، فعرض على بني قريظة أنباءً بأن قريش قد تصالحت مع المسلمين فحتى تأمنوا مكرهم لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن، لضمان صدقهم وإقبالهم على القتال معكم.
وذهب بن مسعود إلى قريش وأخبرهم بأن اليهود قد خافوا نقضهم العهد مع المسلمين ويريدون أن يقيموا العهد مرة أخرى، فسوف يطلبون منكم رهائن بحجة ضمان العهد معكم، ثم يقدمونها هدية لمحمد لكي يقيم الميثاق معهم مرة أخرى، وما دون ذلك فلن يقاتلوا معكم، وإن شئتم طالبوهم بالقتال من جانبهم، وإن طلبوا منكم رهائن لا تعطوهم، فما كان من الأحزاب إلا أن يطلبوا من بني قريظة القتال، وما كان من قريظة إلا أن يطلبوا من قريش رهائن حتى يشرعوا في قتال محمد، فتأكد الطرفان من صدق نعيم بن مسعود فانفضت الأحزاب، وانتهى الحصار بانسحاب الأحزاب لخوفهم خيانة بعضهم بعضاً.