“كورونا” يفضح هشاشة النظام الصحي واستفحال العنصرية في إسرائيل

الناصرة- "القدس العربي": كما في كل العالم، تواصل عدوى كورونا إحداث تغييرات عميقة في إسرائيل في مختلف مجالات الحياة وفي السياسة، كما يتضح أنها أخرجت إسرائيل من

Share your love

“كورونا” يفضح هشاشة النظام الصحي واستفحال العنصرية في إسرائيل

[wpcc-script type=”ec65b8e16760bb84e206236c-text/javascript”]

الناصرة- “القدس العربي”:
كما في كل العالم، تواصل عدوى كورونا إحداث تغييرات عميقة في إسرائيل في مختلف مجالات الحياة وفي السياسة، كما يتضح أنها أخرجت إسرائيل من دوامتها السياسية، وبنفس الوقت كشفت عن وباء العنصرية المتفشي فيها، ليس ضد المواطنين العرب الفلسطينيين فحسب، ووسط تحذيرات من أن الوباء الثاني سيؤجج الوباء الأول.

وأعلن رئيس القائمة “المشتركة” أيمن عودة، أن تحقيق النصر في وقف تفشي فيروس كورونا هو من خلال تضافر جهود العرب واليهود معا في البلاد.

وقال عودة: “يجب أن تشعل الفجوة الكبيرة ضوءا أحمر ساطعا لنا جميعا”. وتابع: “حتى هذه اللحظات، لم يكن لدى النظام الصحي في إسرائيل أي فكرة عن عدد المرضى العرب، وفي أي المدن قد ينفجر الفيروس “.

وشدد عودة في مقال نشره موقع القناة 12 على أن “التراخي يعرّض المواطنين العرب للخطر أولا، لكنه ينتهي بإيذاء الجميع”. جاء ذلك بعد الكشف أنه منذ بداية انتشار الوباء حتى الآن، تم إجراء 4000 فحص فقط داخل المجتمع العربي، وتم رصد 105 إصابات فقط تم التحقق منها، مقارنة بـ8000 اختبار يومي يتم في إسرائيل، كما تم الكشف عن أكثر من 8000 إصابة.

منذ بدء انتشار وباء كورونا، ظهرت العنصرية في إسرائيل بأبشع صورها، فقد تم إهمال المواطنين العرب من ناحية الوقاية والعلاج

ومنذ بدء انتشار العدوى في البلاد قبل شهر ونيف، ظهرت العنصرية في إسرائيل بأبشع صورها، فقد تم إهمال المواطنين العرب من ناحية الوقاية والعلاج، ووسائل الإعلام العبرية تبين أنها موبوءة بعدوى من نوع آخر من صنع أيديها ناجمة عن فيروس العنصرية، حيث مارست القنوات والإذاعات المركزية العنصرية ضد العرب وغيّبتهم عن الصورة ،وفق ما أكدته دراسة لجمعية إعلامية حقوقية تدعى “العين السابعة” قامت برصد مساحة الحضور العربي في وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وبيّنت “العين السابعة” أن إقصاء العرب في الإعلام الإسرائيلي المركزي بلغ درجة أن حضورهم فيها لم يتجاوز الواحد في المئة، وأحيانا أقل من ذلك، عندما يتعلق موضوع التداول بهم، حيث ينوب يهود عنهم. ويستمر ذلك رغم الانتقادات ومحاولات التغيير، ورغم حقيقة وجود الطواقم الطبية العربية في الصف الأمامي في مكافحة العدوى داخل المستشفيات الإسرائيلية.

** مدينة منكوبة بكورونا
وأشار أيمن عودة إلى أنه “يجب أن نستوعب جميعا أن مشكلة بني براك هي أيضا مشكلة الناصرة وتل أبيب وبئر السبع. لم تكن هناك أزمة من قبل توضح لنا تماما مدى مشاركتنا كمواطنين في وحدة المصير وإلى أي مدى نتقاسم مصالحنا وتحدياتنا معا كما هي هذه الأزمة، ولذا يجب علينا إسقاط الجدران الوهمية الفاصلة بيننا، لأنه يمكن الانتصار على كورونا، ولكن فقط إذا تصدينا لها معا”.

ومقابل استشراء العنصرية ضد العرب، فقد عبرّ أيمن عودة عن تضامنه مع مدينة بني براك التي يقطنها يهود متزمتون دينيا ويعرفون بـ”الحريديم” وتبين أن 40% من سكانها الذين يعدون 220 ألف نسمة مصابون بكورونا.

وتخضع “بني براك” لحجر جماعي نتيجة فرض تعليمات بمنع التجول، وسط تعامل بوليسي فظ مع سكانها يتميز بالتعميم ووصم كل “الحريديم” بالتخلف وعدم احترام تعليمات وزارة الصحة.

وتبعه زميله النائب وليد طه (الحركة الإسلامية/ المشتركة) الذي قال في منشور بعنوان “رسالتنا إنسانية لكل البشرية” إن مدينة بني براك تواجه هذه اللحظات فيروساً لا يفرق بين غربي وشرقي، بين النساء والرجال، بين العلمانيين والمتدينين، وبين اليهود والعرب.

وتابع طه وهو ابن مدينة كفر قاسم: “في كفر قاسم، على بعد دقائق قليلة من بني براك سنكون على استعداد لتقديم كل مساعدة تُطلب من أجل تمكين سكان بني براك من التغلب على الأزمة والعودة الى الحياة الطبيعية”. كما أبدى ذات الموقف رئيس بلدية كفر قاسم المحامي عادل بدير، معربا عن استعداده لشحن مواد طبية وإغاثات إنسانية لـ”بني براك”. كذلك كان النائب السابق عن التجمع الوطني الديموقراطي دكتور جمال زحالقة قد عبر عن تضامنه الإنساني مع بني براك مستنكرا التعامل الإسرائيلي القاسي والعنصري مع “الحريديم”.

** العنصرية في زمن الكورونا
كما تنبه مدير عام جمعية “بتسيلم” الإسرائيلية حجاي إلعاد لوباء العنصرية، فقال ضمن مقال بعنوان “العنصرية في زمن الكورونا” إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو توجه في أحد خطاباته إلى الأمة الشهر الماضي بصورة أممية تقريبا إلى جميع الناس الذين تسيطر حكومته على حياتهم.

ويضيف: “غير أن هذا الكلام والتصور الذي يُعبر عنه بعيد عن نتنياهو كالبعد بين المشرق والمغرب. في هذه الفترة الصعبة كانت شفاهه تنبس بما يلي: يمكننا عمل هذا بقوى مشتركة. القوى المشتركة – جميع المواطنين، جميع السكان، كل من يسمعني الآن، نعمل طبقا لهذه التعليمات وسوف نحقق الهدف”.

وتابع: “بالطبع لو كان جميع الناس الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل يتساوون في المكانة والحقوق، لما كان ينبغي على نتنياهو تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات غير أن تكتيك النظام الإسرائيلي ليس إنسانيا وليس أمميا، وهو يستند تحديدا إلى هذا التقسيم بين البشر ذوي المستويات المختلفة من الحقوق والحريات. كل واحد طبقا للفئة التي يندرج تحتها”.

** مواطنون ورعايا
ويتساءل إلعاد ساخرا: “هل جميع بني البشر؟”. ويؤكد أن هناك بين الأردن والبحر مواطنون، ويوجد سكان ويوجد رعايا: يوجد 14 مليون بشري لا يتساوون في الحقوق. ويضيف: “في الأيام العادية نتنياهو لا يحتسب الرعايا أو السكان. بهذا الشكل فهو يقفز عن نحو خمسة ملايين شخص كلهم من الفلسطينيين وظيفتهم طبقا لما يراه نتنياهو هي الانصياع لما تحدده إسرائيل لهم دون أن تسألهم عن رأيهم.
العنصرية تفسد النفس”.
وشدد على أن هذا “خطر يتهدد بني البشر جميعا، يصطدم برئيس حكومة يعتنق فكرا ضيقا استعلائيا عرقيا وعنصريا”. ويؤكد إلعاد أنه “إزاء التحدي الأممي هناك حاجة إلى سياسة أممية تقوم على تصور لا يفرّق بين الناس، ولهذا بدءا من تلك اللحظة لا تمييز بين المواطنين والسكان والرعايا”.

ويتابع: “هناك بشر ينبغي الاهتمام بهم، وهذه هي مسؤولة نتنياهو بكل ما يحمل هذا من معنى، لكنه لم يقل هذا لأنه غير مؤمن به. هو غير قادر على هذا لأن نتنياهو عنصري. العنصرية تُفسد النفس دائما. في بعض الأحيان يكون ثمنها حياة البشر وهذا أحد هذه الأحيان”.

** تداعيات أزمة كورونا على الحياة السياسية في إسرائيل
في سياق متصل، قالت مؤسسة الدراسات الفلسطينية في دراسة حول تداعيات كورونا على السياسة، إن العدوى تزامنت في إسرائيل مع أزمة سياسية تغرق فيها منذ أكثر من عام، كلّفتها ثلاث معارك انتخابية لم تؤد إلى حسم واضح بين المعسكرين المتنافسين.

وحتى بروز أزمة كورونا، شهدت الحياة السياسية الإسرائيلية صراعاً مريراً خاضه نتنياهو دفاعاً عن بقائه السياسي، وعن منصبه كرئيس للحكومة، والأهم، للتهرب من إحالته إلى المحاكمة، بعد توجيه ثلاث لوائح اتهام ضده.

وتقول المؤسسة إن تفشي وباء كورونا في إسرائيل جاء في لحظة سياسية حساسة للغاية، عشية تكليف رئيسها رؤوفين ريفلين زعيم حزب أزرق- أبيض، بني غانتس، بتشكيل ائتلاف حكومي جديد، بعد حصوله على أغلبية 61 صوتاً من أعضاء الكنيست، بينهم 15 صوتاً من أعضاء القائمة المشتركة.

كورونا وحالة الطوارئ أدّيا إلى انقلاب في المشهد السياسي الإسرائيلي، استغله نتنياهو من أجل دعوة غانتس للانضمام إليه في حكومة وحدة وطنية

وتتابع المؤسسة: “لكن التصاعد الدراماتيكي في عدد الإصابات بالفيروس، وإعلان نتنياهو حالة الطوارئ في إسرائيل لمحاربة الوباء، أدّيا إلى حدوث انقلاب في المشهد السياسي الإسرائيلي جذرياً. فقد سارع نتنياهو إلى استغلال أزمة الكورونا من أجل دعوة غانتس إلى الانضمام إليه، لتأليف حكومة وحدة وطنية تفرضها المرحلة الحرجة التي تمر بها إسرائيل”.

** تفكك معسكر اليسار
وتقول إنه رغم الاحتجاجات الشعبية والحزبية الحادة، شكّل قبول غانتس هذه الدعوة صدمة كبيرة وسط أكثر من مليون إسرائيلي صوتوا لمصلحته فقط، لاعتقادهم أنه يشكل بديلاً سياسياً من حكم نتنياهو. وهكذا انقلبت صورة الوضع السياسي بين ليلة وضحاها، وأصبح نتنياهو من جديد الزعيم السياسي الأقوى، المسيطر على مقاليد الحياة السياسية في إسرائيل.

وتلخص مؤسسة الدراسات الفلسطينية، تأثيرات أزمة كورونا في الحياة السياسية الإسرائيلية كالتالي: “تعزيز قوة نتنياهو السياسية، تفكك حزب أزرق- أبيض، انهيار معسكر اليسار الإسرائيلي، فكان إعلان زعيم حزب العمل عمير بيرتس، موافقته على الانضمام إلى حكومة وحدة وطنية بزعامة نتنياهو، كان بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على ما تبقى من يسار إسرائيلي”.

وتعتبر أن الخاسر الأكبر هو حركة ميرتس، فبانضمامها الى حزب العمل، ضحّت بجمهورها العربي، وها هي اليوم تخسر جمهورها اليساري اليهودي والعربي على حد سواء، علما أنه قد تم أمس تفكيك تحالف “العمل” و “ميرتس”.

تأثيرات أزمة كورونا في الحياة السياسية الإسرائيلية: تعزيز قوة نتنياهو السياسية، تفكك حزب أزرق- أبيض، انهيار معسكر اليسار الإسرائيلي

** أهم اختبار
ومن ضمن التداعيات الأخرى، تشير الدراسة لمؤلفتها رندة حيدر، إلى استغلال حالة الطوارئ في ظل الكورونا للتشدد في إجراءات الرقابة والتعقب الاستخباراتي، منوهة لعدم وجود سياسة ناظمة في معالجة أزمة كورونا، وتخبّط في القرارات. والأهم أن هذه الأزمة فضحت المشكلات الكثيرة التي كان يعانيها النظام الصحي في إسرائيل، حتى قبل تفشي وباء كورونا، مثل النقص في عدد الأسرّة، وفي اليد العاملة الطبية، وفي المستلزمات وغيرها.

وترى مؤسسة الدراسات الفلسطينية أنه رغم استغلال نتنياهو السياسي لأزمة كورونا من أجل تدعيم مكانته السياسية، فإن ذلك لا يحجب الصعوبات الهائلة التي تواجهها إسرائيل، مثل كل دول العالم، في محاربة تفشي الوباء.

وتخلص للقول: “قد تكون هذه الأزمة هي أخطر وأهم اختبار للزعامة السياسية لنتنياهو، ومن المنتظر أن يكون لنتائجها الصحية والاقتصادية والإنسانية تأثيرها الحاسم، ليس في مستقبل نتنياهو فحسب، بل في مستقبل كل الإسرائيليين”.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!