كيفية إثبات الخلوة الشرعية
تُعدُّ الخلوة الشرعيّة من الأحكام المهمة التي عُنيت بها الأحوال الشخصية؛ لما يترتب عليها من أثر بالغ الأهمية في أُمور عديدة، وأمّا إثبات الخلوة الشرعية فيكون بقول الزوجة، أما في حال الاختلاف في إثبات الخلوة؛ كأن يُثبتها الزوج وتنفيها الزوجة فإن القول لها.[١]
قال الرحيباني: “وإن قال الزوج: خلوت بك قبل الطلاق فلي عليك الرجعة فلا يُقبل قوله في دعواه الخلوة بها ليراجع هذا إن كذبته بأن قالت: لم تخل بي قبل الطلاق، فلا رجعة لك علي، بل القول قولها، ولا نفقة لها ولا سكنى، فأمّا المهر فإن لم تكن قبَضته فلا تستحق إلا نصفه؛ لأنه وإن كان مقراً بكله فهي لا تدعي إلا نصفه، ولا تصدقه في إقراره”.[١]
تعريف الخلوة الشرعية
تُعرفُ الخلوة الشرعية الصحيحة بأنّها ما حدث من اجتماع بين الزوج والزوجة بعد عقد الزواج الصحيح في مكان يأمنان فيه اطلاع أحد عليهم، كأن يجلسان في بيت مغلق، على أن لا يكون أيّ مانع حسي أو شرعي أو طبعي بين الزوجين يمنعهما من الوطء.[٢]
آثار الخلوة الشرعية
تكمن أهميّة معرفة الخلوة الشرعية الصحيحة ومعرفة كيفية إثباتها بأنّه يترتب عليها مجموعة من الأحكام التي تدور بين الحلّ والحرمة، ويترتب على الخلوة الشرعية عدة آثار مهمة،[٣] وفيما يأتي بيان ذلك:
أثر الخلوة في المهر
ذهب جمهور أهل العلم إلى القول بتأكيد ثبوت المهر في حال ثبوت الخلوة الصحيحة بين الزوجين، على أن تكون استوفت جميع شروط الخلوة الشرعية الصحيحة.[٤]
أثر الخلوة في العدة
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى القول بوجوب العدة على المُطلّقة بعد خلوة صحيحة في عقد زواج صحيح، وقال الشافعيّة في المذهب الجديد أنّ العدة لا تجب بمجرد الخلوة الصحيحة، إنما يشترط الوطء لذلك.[٥]
أثر الخلوة في الرجعة
ذهب الحنفيّة إلى القول بأنّ الخلوة الشرعيّة لا تُعد رجعة صحيحة معتبرة؛ وذلك لعدم وجود ما يدل على الرجعة ويُثبتها، إذ إنّ الخلوة لا تُعد رجعةً بالفعل ولا بالقول، وذهب المالكيّة إلى القول بأنّه يُشترط لصحة الرجعة العلم بالدخول، وعدم إنكار الوطء من الزوجين، فإن وقع إنكار منهما لا تصح الرجعة.[٦]
أثر الخلوة في ثبوت النسب
تعددت آراء الفقهاء في أثر الخلوة في ثبوت النّسب؛ فذهب الحنفيّة إلى القول بثبوت النسب بعد وقوع خلوة شرعية صحيحة بين الزوج والزوجة، وذهب الشافعيّة إلى القول بأنّ الزوجة تكون فراشا بمجرد وقوع خلوة صحيحة بينها وبين الزوج.[٧]
أي إن النسب يثبت بمجرد الخلوة الشرعية الصحيحة بين الزوج والزوجة، حتى وإن أنكر الزوج الوطء؛ لأنّه من أهم مقاصد الزواج، هو الاستمتاع والولد، وهذا يتحقق ويمكن وقوعه بمجرد الخلوة، وأمّا الحنابلة فقالوا بأنّ الخلوة الشرعيّة الصحيحة يثبت بها النسب بين الزوج والزوجة.[٨]
المراجع
- ^أبمجموعة من المؤلفين ، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 11065. بتصرّف.
- ↑وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 6835. بتصرّف.
- ↑مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 272. بتصرّف.