كيف تبدد القلق والإنهاك عبر منع اجترار الأفكار؟

يشير 35 عاماً من الأبحاث إلى فارقٍ وحيد بين الأشخاص الذين يشعرون بالقلق والأشخاص الذين يتأقلمون في وجه القلق والضغوط والإنهاك خلال الأوقات العصيبة؛ وهو اجترار الأفكار. فما هو اجترار الأفكار؟ وكيف نبدد القلق والإنهاك؟ ما هي آليات التخلص من اجترار الأفكار؟

Share your love

يشير 35 عاماً من الأبحاث إلى فارقٍ وحيد بين الأشخاص الذين يشعرون بالقلق والأشخاص الذين يتأقلمون في وجه القلق والضغوط والإنهاك خلال الأوقات العصيبة؛ وهو اجترار الأفكار.

ما هو اجترار الأفكار؟

اجترار الأفكار هو ميلنا للتفكير بهوس بالاضطرابات العاطفية التي نمر بها، وهو عامل حاسم فيما إذا ستشعر بالقلق أم لا، وهو ما تفعله حين تستيقظ في منتصف الليل ولا تتمكَّن من العودة إلى النوم لأنَّك تفكر بالأشهر المقبلة التي ستضطر خلالها إلى تعليم أطفالك في المنزل بينما تعمل أيضاً في نفس الوقت، كما أنَّه يحصل حين تجرُّك دوامة أفكارك لتصوُّر أسوأ السيناريوهات التي قد تحصل معك أو مع من تحب.

وهو تلك الأوقات حين ينتهي اجتماع قدَّمتَ خلاله عرضاً فلا تتمكن من التوقف عن التفكير بكل الأمور التي غفلتَ عن ذكرها، أو تسرح بفكرك بعيداً إلى أحداث ماضية وتصورات عن المستقبل مستعرضاً الأفكار السلبية التي تسبب لك القلق مراراً وتكراراً؛ باختصار، اجترار الأفكار هو التفكير المفرط بأمر ما وربطه بمشاعر سلبية، وليس هناك جانب إيجابي لاجترار الأفكار، فهو عدو التأقلم ولا يجلب سوى القلق.

قد يعاني الأشخاص الذين لا يقعون في شرك اجترار الأفكار من الضغوطات والمصاعب في حياتهم، لكنَّهم لا يقلقون بشأنها.

الضغوطات + اجترار الأفكار = القلق

إن كنتَ تطمح إلى أن تحيا بشكل أفضل وتشعر بتحسن وتصبح قائداً ناجحاً، وأن تساعد فريقك لتحقيق تلك الأهداف أيضاً؛ فعليك العثور على طريقة للتوقُّف عن اجترار الأفكار.

كيف تبدد القلق والإنهاك؟ 4 عادات تعزز قدرتك على التأقلم وتمنع اجترار الأفكار

جرِّب هذه العادات الفكرية الأربع لتعزز قدرتك على التأقلم وتمنع اجترار الأفكار:

4 عادات تعزز قدرتك على التأقلم وتمنع اجترار الأفكار

1. الوعي باللحظة الراهنة:

عليك إدراك كميَّة الوقت التي تهدرها في اجترار الأفكار كي تتمكَّن من تخفيف القلق والإنهاك، حيث يقضي الناس ما يقارب 70% من ساعات النهار في حالة نصف واعية، ويعملون بشكلٍ آلي أو يستغرقون في أحلام اليقظة، فتلك هي النقطة التي يحصل عندها اجترار الأفكار ويبدأ القلق بالظهور، وبدلاً من ذلك، عليك أن تكون واعياً بالحظة الراهنة وتمارس القيادة الواعية وتركِّز على المكان والزمن الحاضر وما تفعله الآن.

2. التحكم بانتباهك:

يقلق الأشخاص حين يشعرون أنَّهم لا يسيطرون على ما يجري حولهم؛ إلا أنَّ الأمر الوحيد الذي تستطيع التحكم به دوماً هو انتباهك؛ حيث يمكِنك أن تستثمره وتضبطه حالما تصحو، وذلك من خلال التدرُّب بشكلٍ واعٍ على توجيه انتباهك حيثما تريد والحفاظ عليه هناك. قلِّل من مُشتتات الانتباه حولك عندما تكون “في الحالة”؛ أي تعمل على أولوياتك وتفكر باستراتيجية أو تنتج بزخم غير معهود.

3. وضع الحدود:

خذ خطوةً إلى الخلف وحافِظ على رؤيتك الشاملة، وضَع قليلاً من المسافة بينك وبين الحالة التي تواجهها؛ فعدم القدرة على الابتعاد عن المشكلة واجترار الأفكار متلازمان ويقودان إلى دوامة القلق القيادي.

حين تبدأ في اجترار الأفكار تتضخَّم المشكلات وتبدو أسوأ مما هي عليه، مما يدفعك للمزيد من اجترار الأفكار وفي النهاية إلى الإنهاك، وإذا استطعتَ الابتعاد عن المشكلة التي تعاني منها، فستتمكن من التفريق بين الأفكار النابعة من اهتمامك وتلك النابعة من القلق، مما يسمح لك بالتأمل مليَّاً والتخطيط بشكل أفضل.

4. التخلي عن التفكير بالمشكلات:

لا بدَّ لك من التخلي عن بعض الأمور للحفاظ على منظور سليم؛ لكنَّ ذلك لا يعني بالطبع التوقف عن الاكتراث بعملك أو مهامك أو عدم بذل الجهد؛ بل يجب عليك إطلاق المشاعر السلبية المرتبطة بالوضع أو المشكلة، لذا اسأل نفسك ببساطة: هل التفكير بهذا الأمر يساعدني أو يساعد فريقي أو الشركة؟ إن كان الجواب بالنفي فهو إذاً غير مفيد وعليك التخلي عنه.

ستواجه تلك الأفكار السلبية مجدداً بالطبع؛ فقد اعتدتَ التفكير بتلك العقلية، ولكن عندما يحصل ذلك، بدلاً من تجاهلها تماماً أو اجترارها، عليك أن تلاحظ وجودها وتعترف بأنَّها غير مفيدة ثمَّ تركها لتتلاشى بعدم التركيز عليها.

غيِّر عاداتك، جرِّب التقنيات الآتية لتخفيف الضغط:

إليك بعض تقنيات تبديد القلق التي باستطاعتك استخدامها وخصوصاً في أثناء العمل، جرِّبها لوحدك وحاوِل استخدامها لمساعدة الآخرين في تقليل الإنهاك:

  • قطع سلسلة أفكارك: حين تلاحظ أنَّك تجتر الأفكار، عليك أن تتوقف، فانهض وصفِّق بيديك مرَّة، وتمدد في كرسيِّك، وقم بأيِّ شيء لتخرج من دوامة أفكارك وتعود للحاضر، وإن كنتَ في اجتماع أو في مكان لا تستطيع النهوض فيه؛ فتحرَّك بمقدار ضيئل وركِّز على جسمك في تلك اللحظة، وافرك إبهامك وأصبعك، أو حرِّك أصابع قدميك داخل حذائك، أو لسانك في فمك.
  • تحويل انتباهك إلى أمر تستطيع التحكم به: يطبِّق الأشخاص الذين لا يعانون من اجترار الأفكار هذه التقنية دون أن يلاحظوا؛ فهم يختارون التركيز على الأمور التي يستطيعون تغييرها عوضاً عن القلق على الأمور الخارجة عن سيطرتهم، كما يمكِنك حتَّى أن ترسم دائرة وتكتب داخلها الأمور التي تستطيع التحكم بها ثمَّ تكتب خارجها تلك الأمور التي لا يمكِنك التأثير أو السيطرة عليها، ثم صبَّ اهتمامك على الأمور داخل الدائرة وسلِّم بالتي لا تقوى على تغييرها.
  • وضع الأمور في نصابها: قارِن المشكلة التي تواجهها الآن بالأمور التي اختبرتَها على مدار حياتك، ثمَّ اسأل نفسك إن كنتَ ستجدها كارثيَّة بعد مرور بضعة أشهر من الزمن.
  • التعالي فوق ما يحصل: تخيَّل أنَّ عقلك هو منزل بسيط، يحوي غرفة واحدة وباب وعلِّية، ثمَّ تخيَّل فيضاناً من الماء أمام المنزل يمنعه الباب من الدخول؛ حيث يمثِّل الفيضان أفكارك وهي تحمل معها شحنة من العواطف الإيجابية والسلبية المتشابكة، فعليك أن تسمح للأفكار بأن تدخل إلى ذهنك، بدلاً من إغلاق الباب في وجهها أو الغرق في حالة من الاجترار، وذلك من خلال الارتقاء بنفسك والصعود إلى تلك “العلِّية” الذهنية. صحيح أنَّ الأفكار ستغمر عقلك، ولكنَّك ستتعلم التأقلم معها حينما تسمح لها بالمرور من أسفلك، وبهذا فأنت لا تنكر وجود الأفكار، لكنَّك لا تركِّز عليها فتغرق.
  • التواصل مع حواسك: جرِّب أن تُركِّز على جميع حواسك لمدَّة 30 ثانية؛ أنصِت إلى الأصوات القريبة منك ثمَّ الأصوات البعيدة، واشعر بثِقل قدميك على الأرض وحرارة وجهك، وانظر إلى الألوان والأشكال المحيطة بك، وقم بهذا التمرين مرات عدَّة في الأيام المقبلة ولاحِظ كيف سيتغيَّر إدراكك لنفسك.
  • إثارة وعي مَن حولك: معظم أماكن العمل مكتظة بموظفين يعملون بشكلٍ آلي، مما ينجم عنه السهو في الاجتماعات، وإجراء لقاءات باردة، وعدم إحراز أيِّ تقدُّم يُذكَر في العمل، وعندما تلاحظ أنَّ من حولك يعملون بشكل آلي، حاوِل إثارة وعيهم؛ ولكن ليس بطريقة قد تسبب لهم الإحراج؛ بل عن طريق طرح أسئلة محفِّزة تثير انتباههم، مثل: “ما هو النقاش الذي علينا خوضه الآن لكنَّنا نتجنبه؟” هكذا يصحو الناس ويعودون إلى اللحظة الحاضرة مع زملائهم وترتفع درجات نشاطهم.
  • طرح أسئلة عن اللحظة الراهنة على موظفيك: يعاني العديد من الناس في عملهم من أمور لا تحصل في الحقيقة، ويدخلون دوامة اجترار الأفكار وتَصوُّر أسوأ الأحتمالات، وحين ترى شخصاً غارقاً في التفكير بالمستقبل، وخاصةً إذا كان تابعاً لقسمك، فبإمكانك قطع سلسلة أفكاره السلبية، فلا تتجاهل مشاعره؛ بل اسأله عن المشكلة التي يواجهها الآن؛ حيث يمنحهم ذلك أمراً واقعياً ليعملوا على حلِّه.
  • إجراء المقابلات في أثناء المشي: يعلَق العديد من الأشخاص في الحديث عن نفس المشكلة مراراً وتكراراً دون الانتقال إلى مرحلة البحث عن حل، وإحدى أكثر الطرائق فاعليَّة في كسر هذا النمط هو أن تتحدث وتمشي في الوقت ذاته؛ فـ 5 أو 10 دقائق من المشي تحرر الشخص من هذا الشرك، فحين يتحرَّك الجسد سيتبعه العقل ومعه أنماط التفكير أيضاً.
  • البحث عن المرح: أطلِق دعابة أو خُذ وقتاً مستقطعاً وامرَح قليلاً؛ إذ لا يمكِنك أن تجمع بين القلق والضحك في آنٍ واحد.

التأمُّل بدلاً من اجترار الأفكار للتخلص من القلق والإنهاك:

تذكَّر، اجترار الأفكار ليس منه فائدة، وذلك على عكس التأمُّل، الذي هو عملية التفكير بمشكلة حتَّى الوصول إلى حلٍّ لها. حين تفكر بالماضي أو المستقبل بطريقة حيادية أو إيجابية، فذلك يدعى تأملاً، أو الارتقاء بالتفكير.

التأمُّل بدلاً من اجترار الأفكار للتخلص من القلق والإنهاك

لتصل إلى حالة التأمل، عليك أن تفعل الأمور الآتية:

  • التخطيط للمستقبل مستوحياً ذلك من التجارب: لا تنسَ أن تجعل الحاضر مرجعاً لك.
  • الاعتراف بأنَّ ذكرياتك عن الماضي قد لا تكون دقيقة: واعلم أنَّ خططك للمستقبل ليست حتميَّة.
  • مشاركة الآخرين في اتخاذ القرارات: كن واثقاً حين تتخذ القرار النهائي.

على الجانب الآخر، ندعو اجترار الأفكار بـ “التفكير الأدنى”، وفيه تقوم بالتالي:

  • الندُّم على ما حصل في الماضي: والقلق بشأن ما سيحصل مستقبلاً.
  • الإصرار على أنَّ الأحداث وقعت تماماً كما تتذكرها: وحجب نفسك عن التفكير المرن والخطط البديلة.
  • فرض أفكارك: والغضب حين يشكك الآخرون بها.

التأمل ضروري للقيادة الناجحة، بينما لاجترار الأفكار عواقب وخيمة.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتصفية ذهنك

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/rnvI2rDLSHI?rel=0&hd=0″]

تبديد القلق والإنهاك، استخدام الوتيرة المناسبة لإنجاز المهام:

“إنجاز كافة المهام” أصبح أصعب مما كان عليه في السابق؛ حيث يتطلَّب اختيار كميَّة الجهد الذي عليك أن تبذله وتحديد المهام التي عليك أن تُوجِّه طاقتك إليها طريقة جديدة في التفكير، ويطرح المؤلفان “جيرمي كوبيسيك” (Jeremie Kubicek) و”ستيف كوكرام” (Steve Cockram) وجهة نظر مفيدة في كتابهم “5 سرعات: كيف تكون حاضراً ومنتجاً حين لا يوجد وقت كافٍ” (5 Gears: How to Be Present and Productive When There is Never Enough Time)، حيث يشرحان أهمِّية أنماط التفكير والسلوك المختلفة مستعيرين مصطلحات من عالم قيادة السيارة:

  • السرعة الأولى: وقت الراحة التامة وإعادة شحن طاقتك؛ حيث لا تُحتسب الاستراحة بسبب الإرهاق التام، وتختلف طريقة إعادة الشحن لدى كل شخص.
  • السرعة الثانية: وقت التواصل مع العائلة والأصدقاء من دون أن تهدف إلى إنتاج أي شيء.
  • السرعة الثالثة: وقت الاختلاط والتفاعل مع أشخاص مختلفين، وقد يحدث ذلك خلال فَاعلية متعلقة بالعمل أو حدث اجتماعي.
  • السرعة الرابعة: وقت إنجاز العمل في قائمة مهامك والعمل على عدَّة مهام في الوقت نفسه.
  • السرعة الخامسة: وقت العمل بتركيز ودون انقطاع؛ حيث تدخل في حالة من التركيز، وتعمل على أولوياتك وتفكر باستراتيجية وتنتج بزخم غير معهود.

يصل معظمنا فقط إلى السرعة الرابعة، أو يحاول دون نجاح أن يقود بسرعات عدَّة في آن واحد. لتخفف من شعورك بالضغط ولترفع فاعليَّتك عليك أن تحدد أيٍّ من السرعات تحتاج ومتى وتجيد استخدامها جميعها.

أنت غير مجبر على العيش في حالة مستمرة من القلق، فالحلُّ هو أن تصحو من اجترار الأفكار وتغيِّر سلوكك وعاداتك بيدك.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!