إستكمالا للمقال الذي بعنوان:”كيف تتعاملوا مع الإضطراب النفسي عند الطفل “الجزء الأول” والذي تحدثنا فيه عن الإضطراب النفسي عند الأطفال، سنتابع اليوم الأسباب التي تؤدي إلى مثل تلك الإضطرابات.
الإجهاد و”الإضطراب النفسي” للأطفال:
وتم ملاحظة الباثولوجيا النفسية أولاً في الأطفال الرضع، وقد يكون قلق الإنفصال في العلاقة بين الطفل والآباء أساسًا للإضطرابات المستقبلية عند الأطفال، وهناك أيضًا علاقة مباشرة بين إجهاد الأمهات وإجهاد الأطفال وذلك مأخوذ في الإعتبار في تطور المراهقين، وفي حالة عدم وجود الأم، يمكن النظر إلى مقدم الرعاية الأولية للطفل وطبيعة علاقة “الأمومة” بينهما، في الأساس، يرتبط الطفل بمن يقدم الرعاية الأولية له، ويكتسب منه بعض السمات الشخصية.
قد يتسبب الإستعداد للباثولوجيا النفسية لدى الأطفال في توتر شديد في علاقتهم مع الأم، وقد تتسبب الأمهات التي تعاني من الباثولوجيا النفسية في توتر زائد مع علاقتها بأطفالها، وتتسبب الباثولوجيا النفسية عند الطفل في توتر علاقته بالأب والأم مما يزيد شدة الباثولوجيا النفسية عند الطفل، ووفقا للموسوعة الحرة تتسبب هذه العوامل مجتمعة في شد وجذب العلاقة مما يسبب مستويات عالية من الإكتئاب وقصور الإنتباه وفرط الحركة وإضطراب التحدي وصعوبات التعلم والإضطراب النمائي واسع الإنتشار عند الأم والطفل.
فيما يلي ملخص هذه الدراسة: “عند النظر في حالة الإجهاد المتعلقة بالطفل، يشير عدد تشخيصات الصحة النفسية للأطفال في الماضي إلى عدد أكبر من الإجهادات الحادة عند الأمهات إضافة إلى الضغط المزمن في توتر العلاقة بين الطفل والأم في عمر الخامسة عشر، ويزيد هذا من التوتر في العلاقة بين الإبن والأم عند بلوغ سن 15 ثم تزيد مستويات الإكتئاب عند الأم عندما يبلغ الشباب سن العشرين”.
إضافة إلى ذلك، قد يكون الأشقاء سواءً الكبار والصغار من كلا الجنسين من مسببات الباثولوجيا “الإضطرابات” النفسية عند الأطفال وتطورها، ففي دراسة طولية عن إكتئاب الأمهات وإكتئاب الأطفال الذكور الأكبر سنًا والسلوكيات المعادية للمجتمع في الأشقاء الأصغر سنًا ونتائج الصحة النفسية عند المراهقين، ركزت الدراسة على الأبوة والأمومة غير الفاعلة والصراعات بين الأشقاء مثل تنافس الأشقاء، أما بالنسبة للنساء الشقيقات الأصغر سنًا فهن أكثر المتضررات مباشرة من إكتئاب الأمهات وإكتئاب الأخوة الأكبر سنًا والسلوكيات المعادية للمجتمع عندما لا تتواجد التأثيرات غير المباشرة، المقارنة مع الأشقاء الأصغر سنًا من الذكور الذين لم يظهر عليهم دلائل هذه المقارنة.
ومع ذلك فإذا كان الأخ الأكبر يمارس سلوكيات مرفوضة إجتماعيًا، فإن الطفل أو الطفلة الأصغر سنًا قد يحمل سلوكيات مرفوضة إجتماعيًا بصورة أكبر من الأخ الأكبر، وفي وجود صراع الأشقاء، كان للسلوك المرفوض إجتماعيًا تأثير أكبر على الأطفال الذكور الأصغر سنًا من الأطفال الإناث الأصغر سنًا، وتعد الأطفال الإناث أكثر حساسية للبيئات الأسرية الباثولوجية، مما يدل على وجودهن في بيئة عالية التوتر مع إكتئاب الأمهات وإكتئاب الأشقاء الذكور الأكبر سنًا والسلوكيات المرفوضة مجتمعيًا، وهناك خطورة عالية على الأطفال الإناث بسبب تطور إضطرابات الباثولوجية النفسية.
الحالة المزاجية:
توتر العلاقة بين الآباء والأطفال والتطور ليس سوى فرضية واحدة لمسببات الإضطراب النفسي عند الأطفال، بينما يعتقد خبراء آخرون إن الطبع لدى الأطفال له عامل كبير في تطور الباثولوجيا النفسية عندهم، وتتميز الحساسية العالية للباثولوجيا النفسية عند الأطفال عن طريق مستويات التحكم في الجهد الكامل المنخفضة والمستويات العاطفية والعصبية المرتفعة، ويمثل طلاق الوالدين عاملاً كبيرًا في الإكتئاب عند الأطفال والإضطرابات الأخرى في الباثولوجيا النفسية، وهذا لا يعني أن الطلاق يتسبب في إضطرابات الباثولوجيا النفسية عند الأطفال، بل هناك عوامل أخرى مثل الطبع والرضح والأحداث الحياتية السلبية الأخرى (على سبيل المثال، الموت والإنتقال فجأة من المنزل والإعتداء البدني أو الجنسي) والجينات والبيئة والرعاية التي ترتبط بظهور هذه الإضطرابات.
وجد فاسي (Vasey) ودادز (Dadds) في عام 2001 نموذجًا لمسببات الباثولوجيا النفسية عند الأطفال في “دور الطبع في مسببات الباثولوجيا النفسية عند الأطفال” ويذكر هذا النموذج إن هناك أربعة أشياء من الأهمية بمكان لتطوير الإضطرابات النفسية وهي:
1- العوامل البيولوجية: الهرمونات والجينات والناقلات العصبية
2- العوامل النفسية: إحترام الذات ومهارات التكيف والقضايا الإدراكية
3- العوامل الإجتماعية: تنشئة الأسرة والخبرات السلبية في التعلم والتوتر
4- طبع الطفل: وبإستخدام مجموعة من الفحوصات والإختبارات العصبية، وإختبارات التقييم النفسية والتاريخ الطبي للعائلة وملاحظة الطفل في التحركات اليومية قد تساعد الطبيب النفسي في الوصول إلى مسبب الإضطراب النفسي لمساعدته الطفل في التخلص من هذه الأعراض عن طريق العلاج وإستخدام الدواء والتدريب على المهارات الإجتماعية وتغيرات أسلوب الحياة.
قد يتسبب قلق انفصال الوالدين في الباثولوجيا النفسية عند الطفل وإضطرابات قصور الإنتباه وإضطرابات النوم والعدوان مع أقرانهم ومن يكبرونهم سنًا والذعر الليلي والقلق الشديد والسلوكيات المرفوضة إجتماعيًا وأعراض الإكتئاب والميل للعزلة والعواطف الحساسة، أما السلوك المتمرد ليس على خط التطور النموذجي في مرحلة الطفولة، ووجد أن السلوك العدواني ظاهرًا في الأطفال قبل سن السنوات الخمس، ويرتبط الإجهاد المبكر والعدوان في العلاقة الأبوية مع الطفل بمظهر العدوان، ويسبب العدوان عند الأطفال علاقات متوترة مع الأقران، وصعوبة التكيف، والتكيف مع المشاكل.
ويقع الأطفال الذين يفشلون في التغلب على الطرق المقبولة للتكيف والتعبيرات العاطفية في إضطرابات الباثولوجيا النفسية والعنف والسلوكيات المرفوضة مجتمعيًا عند مرحلة المراهقة ومرحلة الرشد، وهناك إرتفاع في معدل تعاطي المخدرات في طبقة الأطفال الذين يعانون من مشاكل العدوان والتكيف، وتتسبب في دورة عدم الإستقرار العاطفي ومظاهر إضطرابات الباثولوجيا النفسية.
نتمنى أن تكونوا إستفدتم من هذه المعلومات والنصائح التربوية وللمزيد تابعونا في قسم تربية الأبناء، ولا تنسوا أن تشركونا بتعليقاتكم وأسئلتكم وأيضا تجاربكم.