الإعاقة من أكثر المشكلات التي تؤرق الأهل، فإنها ما إن حلت في بيت إلا وكان لزامًا عليه أن يكون أكثر تقبلًا للوضع، وأكثر حكمة في التعامل معه، وأن يبذل أقصى جهده في أن يحيا الطفل حياةً صحية، وسليمة، وأن يحظى بكل الفرص الممكنة مثله مثل غيره من الأطفال العاديين، و الإعاقة البصرية للأطفال من أكثر أنواع الإعاقات صعوبة، فالبصر نعمة من الله تعالى لا يمكن للإنسان أن يحيا حياة طبيعية دونه، لذا فإن الإعاقة البصرية تؤثر على الطفل في جميع جوانب حياته، وشخصيته، بل وتؤثر على كل من حوله أيضًا، لذا فإننا سنتعرف معًا أكثر على الإعاقة البصرية للأطفال ، وكيف يمكن للوالدين أن يتعاملوا معها بطريقة سليمة؟
الإعاقة، والفرد المعوق
الإعاقة هي حالة من عدم القدرة على أداء الفرد لدوره الطبيعي في الحياة، أو عدم استطاعته على التكيف مع ظروف الحياة، أو استقلاله، أو اعتماده على نفسه دون الحاجة إلى مساعدة من الغير، وهذا يحدث نتيجة لإصابة عضو ما من أعضاء الجسم، وبالتالي فإنه يتسبب في عجزٍ في أداء وظيفته الطبيعية الفسيولوجية، أو السيكولوجية، أو أن الإعاقة هي الحالة التي تنشأ من صعوبة بدنية، أو اجتماعية، أو تعليمية، وبالتالي فإنها تؤثر بطريقة سلبية على عملية التطور ونمو الفرد الطبيعي، ولا يستطيع الفرد المعاق أن يستفيد من خبرات التعلم، أو القدرة على إقامة علاقات اجتماعية، أو الاشتراك في الأنشطة بطريقة عادية، والفرد المعوق هو الفرد الذي يعاني من قصور بسبب عوامل وراثية، أو بيئية مكتسبة مما يجعله غير قادر على التعلم، أو التكيف، أو الاعتماد على نفسه في مواجهة مواقف الحياة العادية بصورة طبيعية كغيره من الأطفال العاديين.
أنواع الإعاقات
توجد العديد من أنواع الإعاقات إلى جانب الإعاقة البصرية للأطفال ، فتوجد الإعاقة العقلية، وهي تمثل انخفاض مستوى القدرات العقلية للفرد، وعجز في السلوك التكيفي. والإعاقة السمعية، وهي تمثل قصور في الجهاز السمعي لدى الطفل مما يجعله غير قادر على التواصل بشكلٍ طبيعي مع الآخرين، وغير قادر على التعلم بطريقة طبيعية. والإعاقة الانفعالية، وهي انحراف في السلوك عن المستوى الطبيعي من حيث تكراره، أو مدته، أو شدته، أو شكله، مما يجعل الطفل بحاجة إلى أساليب تربوية خاصة. والإعاقة الحركية، وهي عبارة عن اضطرابات شديدة عصبية، أو عضلية، أو أمراض مزمنة، مما تجعلها تفرض قيودًا وظيفية على إمكانية تعلم الطفل. وتوجد صعوبات التعلم، وهي عبارة عن اضطرابات في العمليات النفسية الأساسية اللازمة لاستخدام اللغة وفهمها، أو تعلم القراءة والكتابة والحساب، مثل: الانتباه، والتذكر، والتفكير، والإدراك. وتوجد أيضًا اضطرابات التواصل، والتي تمثل اضطرابًا في النطق أو الصوت، أو عدم تطور اللغة التعبيرية، أو نموها. وأخيرًا التوحد، الذي هو عبارة عن حالة من الانطواء على الذات، ويؤدي إلى اضطرابات كبيرة في حياة الطفل الاجتماعية والدراسية والعائلية، وتجعل الطفل غير قادر على إقامة علاقات اجتماعية بشكلٍ طبيعي، كما تجعله غير قادر على تطوير مهارة التواصل مع الآخرين.
تعريف الإعاقة البصرية
توجد العديد من المصطلحات التي تدور في فلك الإعاقة البصرية للأطفال ، فيوجد مصطلح “الأعمى”، وهي مأخوذة من العماء، والعمى هو فقد البصر أصلًا ومجازًا، ويوجد مصطلح “الأكمه” المأخوذ من الكمه، ويعني العمى قبل الميلاد، أما مصطلح “الضرير” فإنه يأتي بمعنى الأعمى، والضرير هو الشخص الفاقد لبصره، و الإعاقة البصرية للأطفال هي: حالة يفقد فيها الفرد المقدرة على استخدام حاسة البصر بفاعلية، مما يؤثر سلبًا في أدائه ونموه، أو هي عجز وضعف في الجهاز البصري تعيق أو تغير أنماط النمو عند الإنسان. فهي عبارة عن ضعف في أي من الوظائف البصرية الخمسة: البصر المركزي، البصر المحيطي، التكيف البصري، البصر الثنائي، رؤية الألوان. ويكون هذا الأمر نتيجة تشوه تشريحي أو إصابة بمرضٍ ما، أو جرح في العين، والأكثر شيوعًا في الإعاقات البصرية الإعاقات التي تشمل البصر المركزي، والتكيف البصري، والانكسار الضوئي.
تعريفات أخرى للإعاقة البصرية للأطفال
التعريف القانوني هو: الشخص الذي لا تزيد قوة الإبصار عن (20/200) قدم في أحد العينين أو حتى باستعمال النظارة الطبية، ويرجع هذا الأمر إلى أن الجسم الذي يراه الشخص العادي في إبصاره على مسافة 200 قدم يجب أن يقرب إلى مسافة 20 قدم حتى يراه الشخص المعوق بصريًا. والتعريف التربوي للإعاقة البصرية للأطفال : الأشخاص الذين يتمكنون من القراءة والكتابة بالخط العادي ولكن باستخدام المعينات البصرية مثل المكبرات والنظارات وغيرها.
تصنيف الإعاقة البصرية
تشتمل الإعاقة البصرية للأطفال على فئتين: فئة المكفوفين، وفئة المبصرين جزئيًا. وفئة “المكفوفين”: هم أولئك الذين يستخدمون أصابعهم للقراءة. ويعانون من عمى كلي، وهذه الطريقة يطلق عليها طريقة برايل. بينما الفئة الثانية هي فئة “المبصرين جزئيًا”: وهم أولئك الذين يستخدمون عيونهم للقراءة، ويطلق على تلك الفئة أيضًا “قارئ الكلمات المكبرة”.
نسبة انتشار الإعاقة البصرية
تشير الأبحاث والإحصائيات إلى أن هناك ما يزيد عن 35 مليون شخص مكفوف، وحوالي 120 مليون ضعيف بصر حول العالم، وتختلف نسبة انتشار العمى من دولة إلى أخرى حسب منظمة الصحة العالمية، ويوجد حوالي 80% من المعوقين بصريًا في دول العالم الثالث، كما أن نسبة انتشار الإعاقة البصرية تزداد مع التقدم في العمر، وتزداد في الدول التي تفتقر إلى رعاية صحية مناسبة، ومعدل حدوث الضعف البصري في الإعاقة البصرية للأطفال تحت سن 18عام حوالي 12.2/ 1000، بينما الفقد الكلي للبصر يحدث بمعدل 0.6/100 شخص.
خصائص الإعاقة البصرية
توجد العديد من الخصائص التي تشتمل عليها الإعاقة البصرية للأطفال ، حيث تشتمل على خصائص نفسية وسلوكية للطفل، وخصائص تعليمية، وخصائص أكاديمية، وخصائص جسمية، وخصائص حركية، وخصائص عقلية، وخصائص لغوية، وخصائص اجتماعية، وخصائص انفعالية.
الخصائص النفسية والسلوكية
لا تختلف ردود الأفعال للأطفال المعاقين بصريًا كثيرًا عن الأطفال العاديين، ولا توجد الكثير من الأدلة على وجود فروقًا جوهرية بين الشخص المكفوف، والشخص العادي من الناحية السيكولوجية، ولكن هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أن الإعاقة البصرية تؤثر على التنظيم السيكولوجي الكلي للفرد. وبالنظر إلى كون الشخص المبصر محبًا للاستطلاع، فإن هذا الأمر لا نجده عند الشخص المكفوف. ولا توجد فروقًا بين المكفوف والمبصرين من حيث مفهوم الذات، ولكن تشير الدراسات التي أجريت حول القلق، فإن المكفوفين لديهم نسب أعلى من القلق عن الأشخاص العاديين، وخاصة لدى الإناث في مرحلة المراهقة، والأمر لا يرجع إلى فقدان البصر في حد ذاته، ولكن إلى المعنى الشخصي للفقدان البصري لدى الشخص. وبالنسبة إلى التوافق الانفعالي، فإن الشخص المكفوف لديه سوء توافق انفعالي أكثر من الشخص المبصر، وأن المكفوف يكون عرضة للمشكلات الانفعالية.
الخصائص التعليمية
تعتمد الخصائص التعليمية في الإعاقة البصرية للأطفال على عدة عوامل مثل: العمر عند حدوث الضعف البصري، وشدة الضعف البصري، الخبرات المتاحة للنمو. وتوجد بعض الخصائص منها: بطء معدل سرعة القراءة سواء بالنسبة لبرايل، أو الكتابة العادية. وأخطاء في القراءة الجهرية، وانخفاض في مستوى التحصيل الدراسي، وصعوبات في تعلم المفاهيم. وأكثر التأثيرات المحتملة للإعاقة البصرية هي حرمان الطفل من التعلم العرضي المتوفر للأطفال العاديين. فالطفل المعوق بصريًا يعتمد على الحواس الأخرى، لذا فإن الإعاقة البصرية تفرض قيودًا من حيث طبيعة الخبرات، وقدرة الطفل على التنقل في البيئة، وقدرته على السيطرة على الذات، وتلك القيود تجعل من الصعب على الطفل تهيئة فرص الملاحظة والخبرة النفسية، مما يجعلها تترك أثرًا كبيرًا على إمكانية معرفة وإدراك العلاقات القائمة على الشكل والفراغ، وتجعل من الصعب استخدام تعبيرات الوجه المناسبة، والإيماءات الملائمة.
الخصائص الجسمية
بالطبع فإن الإعاقة البصرية للأطفال تجعل من الصعب على الطفل القيام بالكثير من الأنشطة والأعمال التي يقوم بها الطفل العادي، حيث تتسبب الإعاقة البصرية في اضطراب الحركة، وفي قصور القدرة على التنقل، وأيضًا إلى النمو الشعور بالخوف، والقلق، وعدم الأمن، والتردد، والحذر، وأيضًا تجعل تعلم الطفل بطيئًا بحيث لا يستطيع مجاراة أقرانه من الأطفال العاديين. كما أن الإعاقة البصرية للأطفال تحد من فرص اللعب، وفرص التعرف على البيئة المحيطة، واستكشاف معالمها، وبهذا فإنها تضيق من فرص التعلم والاستزادة من الخبرات اللازمة من البيئة المحيطة. والطفل المعوق بصريًا لديه أن لديه قصورًا في المهارات الحركية، حيث يواجه صعوبات في مهارات التناسق الحركي، والتآزر العضلي نتيجة لأن فرص النشاط الحركي التي تقدم إليه محدودة، فهو محروم من فرص التقليد للكثير من المهارات والتمارين.
الخصائص الحركية
يستخدم الطفل المعوق بصريًا جميع حواسه –عدا حاسة البصر- عندما ينتقل من مكانٍ لآخر، فمثلًا يستخدم حاسة الشم لتمييز الروائح، ويتحسس الأرض ليتعرف على طبيعتها، ويستخدم حاسة السمع ليتعرف على الأصوات، ويقدر الزمن الذي يستغرقه في المسافات التي يقطعها، ومن ثم فإنه يقوم بربط جميع تلك العناصر ببعضها حتى يحصل على صورة ذهنية للمكان المحيط، وهذا بلا شك يستنفذ طاقة نفسية كبيرة، والأمر يكون أصعب عندما يتسع نطاق بيئته، ولهذا فإن المشكلات الحركية والقصور الحركي يزداد، ويصبح أكثر تعقيدًا، لأن هذا الأمر سيفرض على الشخص المعوق بصريًا التفاعل مع عناصر ومكونات متداخلة على نطاقٍ واسع عندما يتحرك، ولهذا فإن حركته يكون بها الكثير من الحذر، مما يجعله في حاجة دائمة للرعاية والمساعدة خارج المنزل.
الخصائص العقلية
الإعاقة البصرية للأطفال تؤثر على الكفاءة الإدراكية للفرد، فيصبح إدراكه للأشياء من حوله ناقصًا عندما يتعلق الأمر بحاسة البصر، ومن هذه الكفاءات الإدراكية خصائص الأشكال والأحجام والألوان والمسافات والأعماق والحركة والفراغ، حيث لا يتم إدراك تلك الأمور إلا من خلال حاسة البصر، والملاحظة المباشرة. وتوجد صعوبة في قياس ذكاء المكفوفين وضعاف البصر بدقة، لذا يلجؤون في بعض الأحيان إلى استخدام الجزء اللفظي لقياس نسبة الذكاء، ويلاحظ أن المكفوفين يواجهون صعوبة في مجال إدراك المفاهيم، ومهارات التصنيف للموضوعات المجردة خاصة مفاهيم الحيز والمكان والمسافة، ومن جانب آخر فإن الانتباه والذاكرة السمعية من العمليات العقلية التي يتفوق فيها المعوقون بصريًا على المبصرين، وهذا يحدث نتيجة للتدريب والممارسة التي تعتمد بدرجة كبيرة على حاسة السمع. وهناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن العديد من المعاقين بصريًا يتمتعون بأداء حسن في اختبارات الذكاء، وبعض الدراسات تشير إلى العكس تمامًا.
الخصائص اللغوية
لا تعتبر الإعاقة البصرية للأطفال عائقًا أمام تعلم اللغة وفهم الكلام، ولكنها لها أثرًا على بعض مهارات الاتصال اللفظي الثانوي، فمثلًا نجد أثرها في الحرمان من الإيماءات والتعبيرات. ومن أهم أنواع الاضطرابات التي يعانيها المعوق بصريًا: علو الصوت، وارتفاعه، وعدم التغيير في طبقة الصوت بحيث يسير الكلام على نبرة واحدة، وقصور في الاتصال بالعين، وقصور في استخدام الإيماءات والتعبيرات الوجهية والجسمية المصاحبة للكلام. ومن حيث التطور اللغوي للطفل المكفوف فإنه لا يختلف كثيرًا عن الطفل العادي، على الرغم من عدم القدرة على استكشاف البيئة المحيطة، والحاجة لاستخدام حاسة اللمس مما يؤخر في اكتساب الكلمات، والمفاهيم، وأيضًا ترديد المقاطع الأخيرة من الكلمات قد تطول، وقد يردد الطفل جملًا لا يعرف معناها، ويتأخر استخدام لفظ الأنا لأن الطفل لا يستطيع فهم ذاته، وقد تظل مفاهيم العرض والعمق والسرعة واللون تشكل صعوبة لفترة طويلة من الوقت. ولأن الطفل المعاق بصريًا يعتمد على الإشارات السمعية فإنه يصبح حساسًا للفروق الدقيقة في تلحين الصوت، وطبقته، وسرعة الكلام. حيث يستطيع استنباط من هذه الإشارات السمعية حالة المتكلم من توتر، أو استرخاء، أو نية حسنة، أو عدم رضا، أو موافقة، أو رفض، كما أن الإشارات الحسية، والاتصالات البدنية تمثل أهمية كبيرة أيضًا في حياته.
الخصائص الاجتماعية
تؤثر الإعاقة البصرية في السلوك الاجتماعي تأثيرًا سلبيًا، وعلى هذا فإنه تنشأ الكثير من الصعوبات في عمليات النمو والتفاعل الاجتماعي، وفي اكتساب المهارات الاجتماعية اللازمة لتحقيق الاستقلالية والشعور بالاكتفاء الذاتي، وهذا بسبب حركة المعاق بصريًا المحدودة، وعدم استطاعته ملاحظة سلوك الآخرين، ونشاطاتهم اليومية، وتعبيرات وجوههم، أو ما يعرف بلغة الجسد، ومحاكاة تلك السلوكيات، وتقليدها، والتعلم منها، وبسبب غياب حاسة البصر؛ توجد صعوبة في الاتصال والتواصل مع الآخرين.
الخصائص الانفعالية
لا تؤثر الإعاقة البصرية للأطفال كثيرًا على الخصائص الانفعالية، فإن النمو الانفعالي عند الشخص المعاق بصريًا لا يختلف كثيرًا عنه عند المبصرين، فهو لا يواجه صعوبات تختلف عن الطفل العادي، بل يواجه نفس صعوبات الطفل العادي، ولكن ربما بدرجة تختلف بحكم ما يتعرض له الطفل المكفوف من ضغوط، فالمعوق بصريًا أكثر عرضة للقلق خاصة في مرحلة المراهقة نظرًا لعدم وجود مستقبل مهني، وأيضًا ما يواجهه من الصعوبة في تحقيق الاستقلالية التي يسعى لها جميع المراهقين، كما أن الإعاقة تؤدي إلى تأثيرات سلبية تنعكس على مفهوم الفرد لذاته، وصحته النفسية، والاضطراب النفسي نتيجة الشعور بالدونية، والإحباط، والشعور بالدونية، وفقدان الشعور بالطمأنينة والأمن، ونتيجة لانفعالات المجتمع اتجاه الشخص المعاق من إشفاق، وحماية زائدة، أو تجاهل وإهمال، وهذا يسهم في تضخيم شعورهم بالعجز.
الخصائص الأكاديمية
لا يختلف المعوق بصريًا عن الشخص العادي عندما يتعلق الأمر بالقدرة على التعلم، والاستفادة من الخبرات التعليمية، ولكن بالطبع فإن المتطلبات التعليمية للشخص المعوق تختلف، فهو يحتاج إلى ما يعرف بالتربية الخاصة، والتي تتضمن تعديلات في البرامج والخدمات التي تقدم للشخص المعوق بهدف مساعدته على مسايرة العملية التعليمية مثله مثل الأطفال العاديين. لذا تستخدم برامج وأنشطة وخدمات خاصة تتلاءم مع الاحتياجات التربوية المميزة للمعوقين بصريًا.
كيف تتعامل مع إعاقة طفلك؟
يجب أن يعلم الأهل أن الإعاقة على الرغم من صعوبتها، وأنها امتحان من الله تعالي، فإنها لا تعنى انتهاء الحياة، وأن الله لا يحمل أحدًا فوق طاقته، فإنه إن اختارك ليبتليك ويبتلي طفلك بهذا الأمر؛ فما هو إلا لأنه يحبك، ويختبرك، لذا فعلى الوالدين أن يكونا أكثر صبرًا ورضى بقضاء الله، وينظروا لطفلهم بعين المحب الذي يرى في حبيبه كل جميل، وأن يؤمنوا بقدرات طفلهم وأنه قادر على تحقيق الكثير، وهو بالفعل كذلك، وأن يؤمنوا أن له حقوقًا وواجبات، مثله مثل أي شخص عادي، فإنهم ما إن اقتنعوا بهذا الأمر ترسخت في نفس الطفل تلك القيم لا إراديًا، وكانت لديه القدرة على مواجهة المجتمع بقوة، لذا فإن أولى مرحلة للتعامل مع الإعاقة تقبلها، فمرحلة التهيئة النفسية أو القبول النفسي هي من أهم المراحل التي يجب أن يبدأ بها الأب والأم. كما يجب تنحية مشاعر الشفقة، أو أياً من المشاعر السلبية التي يكون لها مردود سيء على نفسية الطفل. ثم من المهم أن يستعين الوالدان بمتخصصين في التعامل مع إعاقة الطفل، ومن الأفضل أن تكون المتابعة جيدة بين المتخصص والمنزل، وأن يقرأ الوالدان كثيرًا عن نوع الإعاقة التي يعاني منها الطفل، وأن يكون المناخ العام في الأسرة مهيئًا دائمًا وسليمًا كي ينعم الطفل بالمناخ المناسب كي ينمو نموًا صحيًا، كما يجب أن يتعلم الوالدان كيفية التعامل مع الطفل، ونفسيته، وإعاقته، وأن يتأهلوا نفسيًا لهذا الموضوع إن لزم الأمر. فالطفل ما إن يأتي لهذه الحياة تقع مسئوليته كاملة في رقبة والديه، فعليهما أن يكونا الأكثر حرصًا على أن يحظى الطفل بحياةٍ سليمة قدر الإمكان، فلا ذنب له أنه قد نشأ على تلك الصورة.
كتب عن الإعاقة البصرية
توجد العديد من المؤلفات سواءً التي تتحدث عن الإعاقة بوجه عام، أو تتحدث عن الإعاقة البصرية للأطفال بوجه خاص. ومن المهم جدًا أن يقرأ الأهل الكثير حول الإعاقة حتى يتعاملوا بشكلٍ أفضل مع الطفل، فالأمر يحتاج إلى الكثير من المعلومات والخبرة، والصبر. ومن هذه المؤلفات: -تربية المعاقين والموهوبين ونظم تعليمهم، د/ إبراهيم عباس الزهيري. -فلسفة تربية ذوي الاحتياجات الخاصة ونظم تعليميهم، د/ إبراهيم عباس الزهيري. -الاحتياجات الخاصة. د/ أبو النجا احمد عز الدين، ود/ عمرو حسن بدران. -معجم المصطلحات التربوية، د/ أحمد حسين اللقاني، د/ علي الجمل. -الرعاية التربوية لذوي الاحتياجات الخاصة، د/ أحلام رجب عبد الغفار. -في عالم المكفوفين، د/ أحمد الشرباصي. -نداء من الابن المعاق، د/ زينب محمود شقير. الإعاقة البصرية، د/ منى صبحي الحديدي. الإعاقة البصرية، د/ محمد مصطفى حميدة. الولد المختلف، لريم المعوض. الإعاقة البصرية، د/ إبراهيم عبد الله فرج.
الحياة ليست دائمًا سهلة، كما أن عثراتها تكسبنا القوة لمواجهة المزيد، وما إن يبتلينا الله بعثرة أخرى إلا ويكون لها تمراتها في بناء شخصيةٍ جديدة تستطيع تحمل المزيد، لا يوجد من هو أرحم من الله على عباده، ولا يوجد من هو أعلم بهم غيره، فلا يبتلي الله عبده إلا ويعطيه الطاقة على التحمل، ويكون له عونًا ما إن استعان به، وصبر، وشكر. و الإعاقة البصرية للأطفال تحتاج إلى الكثير من الطاقة، والمثابرة حتى يتكيف الطفل مع إعاقته، ويتقبلها، ومن ثم يحاول مسايرة الحياة الطبيعية بصورة عادية، بل وينتج أيضًا ويخدم المجتمع، وهذا الأمر ليس مستحيلًا، فهناك الكثير من الحالات والنماذج العبقرية والتي أبدعت رغم إعاقتها البصرية، أو السمعية، أو الحركية، أو غيرها من الإعاقات، والعديد من تلك النماذج قد واجه عددًا ليس بالقليل من التحديات النفسية، والجسدية، ولكنه استطاع أن يكون عبقريًا متميزًا، قد استطاع القيام بما لم يستطيع الكثير من الأشخاص العاديين -الذين يمتلكون ما لا يمتلك- القيام به، ولهذا فلا يجب على الأهل أبدًا التقليل من قوة أبنائهم وقدراتهم، وما بوسعهم القيام به، لأنه لا حدود فعلًا لما يمكنهم القيام به!