كيف تتمتع بحريتك؟

عندما ندخل في أعماق أنفسنا ونتخلص ممَّا يعوقنا، تُمسي الحرية سهلة المنال. وأحد أعمق رغباتنا هي الحرِّية: أي أن نتحرَّر من التوتر والقلق، والأشخاص المحبطين، والمواقف الصعبة، والمشكلات المالية والصحية، والمجهود اليومي، والتشتت والشعور بعدم الكفاءة.

Share your love

تُقدِّم العديد من الكتب والمنتجات والحلول الأخرى المأجورة، أنواعاً من هذه الحرية، كالهروب، والسلام، واليقظة الذهنية، والبساطة، واحترام الذات، وعلاقات أفضل، والصحة واللياقة، فهل لك أن تتخيَّل حرية مقابل ثمن ما؟! لكن في الحقيقة، هذه الحرية متاحة لنا دائماً، وفي كل لحظة.

قد يبدو هذا واضحاً لبعض الأشخاص، ولكن ستندهش من عدد المرات التي ننسى فيها هذا الأمر، حتى بعد أن نكتشفه، إنَّها ممارسة تقوم بها طوال حياتك؛ لذا سنتحدث عنها في مقالنا هذا.

الصعوبات التي تواجهها حرِّيتنا:

إذا كانت الحرية متاحة لنا دائماً، فلماذا يصعب العثور عليها؟ من المهم زيادة الوعي بالعقبة قبل أن ننظر إلى الحلول.

لنتخيَّل أنَّك في موقفٍ مع شخصٍ مُحبط للغاية، أنت تريد فحسب الابتعاد عنه إلى مكانٍ يسوده السلام والهدوء، وتريد أن تتحرر من هذه المواجهة المُزعجة؛ ما الذي يمنعك في هذه اللحظة من الشعور بالحرية؟ قد تعتقد أنَّه ذاك الشخص، لكن في الحقيقة ما يمنعك ليس شيئاً خارجياً أبداً، قد يكون هو الدافع وراء ما تشعر به، لكن في الواقع، نحن من نخلق الشعور بالإحباط؛ إذ إنَّه ينبع من داخلنا بسبب الطريقة التي ننظر بها إلى الموقف أو الشخص الآخر؛ بمعنى آخر، إنَّ الطريقة التي ننظر بها إلى الأشياء، هي ما تولِّد لدينا مشاعر التوتر أو الإحباط أو الغضب أو خيبة الأمل.

لا يهم حقاً ما الوضع الخارجي، سواء كان شخصاً ما يفاقم الحالة، أم سياسة، أم حدثاً رياضياً، أم سلوكنا الخاص؛ حيث ينشأ الشعور في داخلنا بسبب وجهة نظرنا.

ليس الغرض من ذلك أن نلوم أنفسنا، فهذا ليس خطأنا؛ إنَّما الهدف هنا ببساطة، هو زيادة الوعي حول سبب هذه العقبة.

ما يبعث على الحرية، هو أنَّه حتى إن كانت وجهات نظرنا هي المسؤولة عن هذه الصعوبة، فلدينا القدرة دائماً على تغيير الوضع.

إيجاد الحرية في أيِّ لحظة:

دعونا نعود لتلك اللحظة عندما يتصرَّف شخصٌ ما تصرُّفاً محبطاً، ونريد الابتعاد عنه نحو السلام والحرية، في هذه الحالة، يمكننا أن نجد الحرية لأنفسنا من خلال السعي الخارجي، للخروج من الموقف، كالذهاب في نزهةٍ ما والإحساس بحرِّية الطبيعة، وفي الواقع، هذه من أهم العلاجات.

يمنحك التنزه في الطبيعة حرية من دون الهروب من الموقف كلياً؛ ومع ذلك، فهو لا يعني أنَّ عليك تحمُّل المواقف المسببة للإزعاج. 

فكيف تجد الحرية إذاً؟ إليك طريقة بسيطة يمكن القيام بها:

1. أدرِك أنَّك مُحبَط:

انتبه لمشاعرك، سواء كنت متوتراً أم مُحبطاً أم وحيداً أم غاضباً، واسمح لنفسك أن تشعر بالمشاعر، كأحاسيس في جسدك، ولا تخجل من مشاعرك.

2. كوِّن وجهة نظر أكثر وعياً:

انظر في داخل نفسك لترى وجهة النظر التي تسبب لك الإحباط، كأن تقول لنفسك: “عليهم ألَّا يتصرَّفوا بهذه الطريقة” أو “إنَّهم ينتقدونني دائماً، ولا أعرف لماذا يفعلون ذلك” أو “عليَّ ألَّا أكون مماطلاً بهذا الشكل”، فنحن لا ننتقد وجهة النظر، ولا حتى نقول إنَّها خاطئة، نحن نزيد الوعي تجاه وجهة النظر التي تحد من حريتنا.

3. تساءل عمَّا إذا كانت وجهة النظر تساعدك أو تخدمك:

إذا كنت تشعر بالإحباط أو الأذى، فمن المحتمل أنَّك تخدع نفسك؛ لذا اسأل نفسك عمَّا إذا كنت تريد الاستمرار في هذا الشعور، أو إذا كنت ترغب في تغييره، فإذا كنت ترغب في التغيير، انتقل إلى الخطوة الآتية.

4. تخلَّ عن التعنت في وجهة نظرك:

على سبيل المثال: هل لديك فكرة كيف يجب أو لا يجب على أحد أن يتصرَّف في موقفٍ معيَّن؟ هل تخيَّلت نفسك مكانهم؟ هل تعرف كيف يجب أن يتصرَّف الجميع؟ نحن أحياناً لا نعرف كيف يجب أن نتصرَّف، فما بالك في معرفة كيف يجب أن يتصرَّف الآخرون؛ لا يعني هذا النوع من التساؤل أن نقول لأنفسنا إنَّ وجهة نظرنا خاطئة، بل لنكفَّ عن العناد في وجهة نظرنا، ولنبيِّن أنَّه قد تكون هناك احتمالات أخرى أو وجهات نظر أخرى أو أمور نجهلها.

5. تخيَّل العالم من دون انتقادات:

في أيِّ لحظة، يمكننا ببساطة التخلِّي عن آرائنا ورؤية العالم على حاله؛ لذا شاهد الأشياء، والضوء، والألوان، والفضاء من حولك، وانظر إلى الشخص الآخر على أنَّه مجرَّد مزيج من المادة والطاقة، وعِش اللحظة على أنَّها تجربة مباشرة فحسب، وليس كجزء من قصة نمتلكها في أذهاننا.

هذه هي الحرِّية الحقيقية، وهي ببساطة أن تحرر نفسك من الآراء التي تقيدك، وتجرب الأشياء؛ حيث يبدو الأمر كما لو كنت خارجاً في الطبيعة، منغمساً تماماً في وجودك فيها من دون التفكير في أيِّ شيء، مستلقياً كسولاً على العشب تحدق في الأشجار والسماء، تطفو في المحيط وتشعر بالمياه، في إجازةٍ على أرجوحة شبكية، مسترخياً من دون أيِّ قلق؛ هذه هي الحرِّية المتاحة لنا متى ما أردنا.

6. حاول أن تمتلك منظوراً جديداً ومفيداً:

بدايةً، أنت لست بحاجةٍ إلى منظورٍ جديد، فالحرِّية هي تجربة اللحظة من دون وجهات نظر؛ ومع ذلك، قد يكون من المفيد أحياناً امتلاك وجهات نظر جديدة، على سبيل المثال، هل يمكنك أن تجد الامتنان لشخصٍ ما أو لنفسك؟ هل يمكنك أن ترى كم أنت محظوظ لوجوده أو لوجودك؟ هل يمكنك أن تشعر بالاتصال به، أو أن تجد التعاطف مع الخوف والألم الذي يشعر به؟ هل يمكننا جلب الفضول أو الشعور بالاستكشاف إلى الموقف؟ هذه الأمور ليست مفيدة دائماً، على سبيل المثال، إذا كنت في خطر محدق أو في موقف مسيء، فابتعد عنه كلياً، ولكن يمكن أن يكون مفيداً في كثيرٍ من الأحيان.

من الواضح أنَّ كل ما سبق يتطلب ممارسة، ولن تتمكن القيام بالخطوات الأخيرة حتى تبدأ ممارسة الخطوات الأولى؛ لذا يمكن أن تكون الخطوات الأخيرة صعبة عندما نتمسك بشدة بآرائنا؛ لكن لا تقلق كثيراً بشأن ذلك، استمر في التمرين وحسب.

قوة العثور على هذه الحرية:

إذا تعلَّمنا ممارسة هذا النوع من الحرية متى شئنا، سنحظى بمزيد من الخيارات، فمثلاً: إذا كنت تفكِّر في الانفصال عن شخصٍ ما؛ وذلك لأنَّك سئمت من خوض الخلافات معه، فقد تتمكَّن من التخلِّي عن الإحباط، والعثور على السلام، حتى عندما يكون منزعجاً، وقد يتيح لك ذلك أن تكون أكثر تعاطفاً معه، ويمكن أن يغيِّر العلاقة بأكملها.

إذا شعرت بالإحباط تجاه نفسك، فقد يكون ذلك بدايةً لعلاقة أفضل بها.

بدلاً من محاولة تجنُّب الأشياء، مثل دفع الضرائب أو إدارة الميزانية، لكي نتخلَّص من التَّوتر، فيمكننا في الواقع أن نجد الحرية في القيام بهذه المهمة، وهذا يتيح لنا أن نجد الحرية في أيِّ نشاط، كالتمرين والتنظيف والتَّرتيب والكتابة وحضور الاجتماعات.

يمكننا في النهاية أن نكون أحراراً في فعل أيِّ شيء، كالشروع في عمل تجاري، وتأليف كتاب ونشره، والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والتواصل مع الأشخاص عبر الإنترنت، وغيرها؛ ذلك لأنَّ الأشياء التي كانت تقيِّدنا من قبل، لم تعد قيوداً، ويمكننا أن نكون أحراراً في القيام بكل هذه الأشياء.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!