منذ بدأت فكرة أفلام الرسوم المتحركة والمسلسلات الكرتونية وبدأ معها بزوغ أفكار لتلك المسلسلات معظمها يتعلق بالعنف والقتال والحروب حتى الأفكار التي حاول كتابها الابتعاد قليلاً عن نمط العنف لم تلق رواجاً كبيراً بين المتابعين من الأطفال. لكن على النقيض تجد شخصيات كالأبطال الخارقين مثلاً هم من يشغلوا عقول الأطفال دوماً فيحاولون تقليدهم ويتابعونهم بشتى الصور سواء على التلفاز أو في المجلات والقصص وكذلك شراء ألعاب شخصياتهم؛ لذلك يجب على كافة الآباء أن يعوا جيداً أهمية دورهم في تفسير مشاهد العنف الكرتونية للأطفال كي لا يتأثروا بها وتنطبع سماتها على شخصياتهم.
طريقة تفهم الأطفال لـ مشاهد العنف الكرتونية
من أكثر الأخطاء شيوعاً والتي يقع فيها الكثير من الآباء أنهم عند محاولة تفسير مشاهد العنف الكرتونية لأطفالهم يكتفون فقط بقول أن تلك المشاهد هي محض خيال وليست حقيقة ولا يمكن تطبيقها في الواقع معتقدين بذلك أن الأطفال قادرة عقولهم على استيعاب مثل تلك الأفكار والمفاهيم وإدراكها جيداً وهو ما ليس صحيحاً؛ فالأطفال حتى عمر السابعة عاجزون عن تفهم مدى الفرق بين الحقيقة والخيال أو الفرق بين ما يحدث في الواقع وما يقدم في الأفلام لذلك هنالك مجموعة من الأفكار التي قد تساعدك على توصيل تلك الفكرة ولكن بشكل مبسط إلى الأطفال. مثلاً يمكنك أن تتحدث مع أطفال حول أن كل ما يشاهدونه على التلفاز أو عبر الإنترنت يعيش داخل الشاشة فقط لكن نحن نعيش خارجها وبالتالي لا يجب أن نفعل ما يفعلون أو يمكنك إن كان الطفل يشاهد الكرتون الذي يقدم مجموعة من الحيوانات تتحدث وتعيش مثل البشر أن تقوم بتربية حيوان أليف في المنزل أو حت تصطحب الطفل إلى حديقة الحيوان كي يعي جيداً الفرق بين حيوانات الواقع وشخصياتها الكرتونية.
تجنب النقاش الزائد
في كثير من الأحيان ومع تقدم أعمار الأطفال قليلاً يتصفون في مرحلة عمرية ما بالفضول حيث ينتابهم الكثير من الفضول لمعرفة كل شيء والسؤال عن كل ما يدور حولهم بشكل قد ينجرف معه الآباء إلى مناقشة مطولة مع الأطفال تطرح خلالها الكثير من الأفكار والقضايا التي يعجز عقل الطفل الصغير على استيعابها؛ لذلك يتوجب على الآباء أن يعوا جيداً حدود قدرة الطفل على التفهم والاستيعاب ويتحدثوا خلال هذا النطاق فقط. على سبيل المثال إن كنت ترغب في منع الأطفال من مشاهدة مشاهد العنف الكرتونية يمكنك إغلاق التلفاز أو تغيير القناة وتكتفي بقولك للأطفال أنك لا ترغب في أن يروا تلك المشاهد فالأطفال في ذلك العمر من السهل السيطرة عليهم لكن على العكس قد لا يصلح مثل هذا الأسلوب مع المراهقين لأنهم سيلجأون إلى طرق ملتوية أخرى لمشاهدة ما يرغبون به.
توفير البدائل
إذا ما قمت بالأفعال السابقة ومنعت الأطفال من مشاهدة مشاهد العنف الكرتونية فإنهم حتماً سيلجأون إلى التوسل وربما البكاء أمامك كي تعيد القناة مرة أخرى وهنا يقع الآباء بين خيارين كلاهما لا يصح اللجوء له فالأول هو أن يمنع الأب الأطفال بالقوة من المشاهدة ويجبرهم على الجلوس صامتين والثاني هو أن يرضخ الأب لتوسلات الأطفال ويعيد القناة مرة أخرى. لكن الأصح وما يجب أن يقوم الآباء باتباعه هو أن يقوموا بتوفير البديل للأطفال سواء أكان مسلسلاً كرتونياً آخر يشاهدونه يخلو من مشاهد العنف تلك أو ألعاب معينة أو حتى أنشطة يقومون بها بحيث لا يشعر الطفل أنه معاقب بحرمانه من مشاهدة مسلسله الكرتوني المفضل.
التعامل مع الأطفال بعد عمر السابعة
بعد تجاوز الأطفال سن السابعة تبدأ مداركهم في التفتح قليلاً بحيث يمكنهم استيعاب وجود فرق بين ما يشاهد على التلفاز ما يحدث في الواقع لكن في الوقت نفسه لا يصلح معهم نفس الأسلوب السابق الذي كان يتعامل به الآباء لمنع مشاهد العنف الكرتونية عنهم بل يمكن استغلال وصولهم إلى نضج أكبر في التحدث والتناقش معهم حول عدم التأثر بما يروه على التلفاز وكيف أن العنف في الأصل هو سلوك الضعفاء وأن كل ما يحدث في الكرتون هو مجرد خيال الكاتب. كل ذلك يجب أن يكون في نمط محادثة بهدوء بين الآباء وأطفالهم وليس في صورة أوامر ونواهي تعطى لهم.
تشجيع الأطفال على كتابة القصص
حتى وإن لم يمتلك الطفل عندما يكبر حس الكتابة والإبداع فإن كافة الأطفال يمرون بمرحلة عمرية معينة يرغبون فيها إلى القيام بتأليف قصص خاصة بهم وربما مسلسلات كاملة كتلك المسلسلات الكرتونية التي يشاهدونها على التلفاز سواء عبر الكتابة أو الرسم أو استخدام ألعابهم الصغيرة لتقليد شخصيات كرتونية معينة من نسج خيالهم. ويمكن استغلال ذلك في تفسير مشاهد العنف الكرتونية للأطفال حيث تشجعهم على القيام بكل تلك الأنشطة السابقة وبذلك تكن قد وفرت طريقة عملية ليتعلم الأطفال بأنفسهم الفرق بين التلفاز والواقع.
مناقشة الحلول البديلة للمشاكل
كثير من الأطفال إن لم يكن جميعهم دائماً ما يرون في العنف أو في شخصيات الأبطال الخارقين الحل الأمثل للتخلص من أي مشاكل تقابلهم حتى ولو بدت بسيطة؛ فعلى سبيل المثال إن كان الطفل يتعرض للتنمر في المدرسة فقد يدفعه خياله إلى التفكير في أنه لو كان يمتلك بعض القوى الخارقة تلك لكان قد تخلص من مشكلته أو مثلاً إن هاجمه لص فسوف يقوم باستغلال قواه الخارقة للقبض عليه. لذلك يتوجب على الآباء التحدث مع أطفالهم حول الحلول البديلة والواقعية المتوفرة لحل مشاكلهم كطلب الشرطة عند حدوث مشكلة ما أو التحدث مع المشرفين في المدرسة عن وقوع شجار وغيرها وبذلك ينتقل عقل الطفل من الخيال إلى الواقع ويبدأ شيئاً في شيئاً في الاعتياد على التفكير في حلول واقعية واستغلال قواه العادية لحل مشاكله.
تعريف الأطفال على أسرار صناعة الكرتون
من أكثر الطرق فعالية في تفسير مشاهد العنف الكرتونية وإقناع الطفل بوجود فارق بين ما يراه على الشاشة وبين ما يتواجد على أرض الواقع هو أن يتعلم الطفل جيداً عن أسرار صناعة وكيف أن كل ما يراه على الشاشة من أبطال ومشاهد هي محض رسومات يصنعها بعض من البشر العاديين تماماً مثله. وذلك يمكن فعله عبر مشاهدة أفلام وثائقية عن طرق صناعة الأفلام الكرتونية والرسوم المتحركة وإنتاجها أو اصطحاب الطفل إلى أماكن التصوير ومراكز الكتابة أو التحدث مع المشاهير من الكتاب وكلها طرق تساهم في تعريف الطفل بهذا العالم الخفي الذي يراه واقعياً على الشاشة.
الإقلال من مشاهدة التلفاز
بالطبع على رأس قائمة الحلول لتجنب تأثر الطفل بما يراه من مشاهد العنف الكرتونية هو ألا يتركز وقت فراغ الطفل على مشاهدة التلفاز وحسب سواء أكان ما يراه يحتوي على مشاهد عنف أم لا. بل يجب على الآباء تشجيع أطفالهم على امتلاك هوايات مختلفة يقومون باستغلال وقت فراغهم للقيام بها وبالتالي تعتبر مشاهدة التلفاز حينئذ مجرد نشاط جانبي تكميليًا قد يملون منه ولا يرغبون في فعله.