كيف تحقق التوازن بين العمل وحياتك الشخصية؟

يعيش الكثير من الناس صراعاً بين مسؤوليات العمل والتزاماتهم الشخصية والعائلية؛ إذ تراهم يحاولون جاهدين تحقيق توازن بين حياتهم الشخصية والمهنية، ولكنَّهم يخفقون في ذلك؛ ذلك لأنَّهم يسيؤون فهم المعنى الحقيقي لهذا التوازن. إليكم في هذه المقالة طريقةً فعالةً لتحقيق توازن واقعي بين العمل والحياة الشخصية.

Share your love

السر وراء تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية:

يحاول أولئك الذين يبتغون تحقيق التوازن بين العمل وحياتهم الشخصية تقسيم وقتهم عبر وضع حدود فاصلة بين وقت العمل والوقت الشخصي؛ لكنَّهم بذلك يحدُّون من أنفسهم وقدراتهم دون حتى أن يعلموا ذلك.

فعندما تقيد تفكيرك من خلال تحديد وضع “العمل” ووضع “الحياة” المتناقضَين، ستظل تقارن بينهما دون وعي، وتضطر دائماً إلى اختيار واحد منهما على حساب الآخر؛ فحتى لو كسبت أحدهما، ستخسر الآخر حتماً.

لذا، فإنَّك تبدأ برؤية العمل على أنَّه الوقت الذي لا تعيش فيه حياتك، وأنَّه شرٌّ لا بدَّ منه حتى يحين وقت إنهاؤه، وحينما تضع كل ما هو متعلق بالعمل ضمن إطارٍ سلبي يُسبِّب لك المعاناة، وتربط حياتك الشخصية بتوقعات غير منطقية من الاستمتاع البحت؛ يعني هذا أنَّه لا وجود لتوازن في حياتك على الإطلاق.

قد تتمكن من إيجاد ذلك التوازن عبر العثور على عمل جديد وممتع إلى حدٍّ ما، ولكن لا وجود لوظيفة مثالية؛ إذ سيكون هناك جانب ممل لأي عمل حتماً، وبعد وقت قصير، تجد نفسك تتأرجح مجدداً بين حياتك الشخصية والمهنية؛ ذلك لأنَّك لم تغير طريقة تفكيرك بعد، والتي تُعدُّ أصل المشكلة.

كيف تحقق توازناً واقعياً بين العمل وحياتك الشخصية؟

يكمن الهدف الحقيقي في إعادة توزيع الجوانب الإيجابية (+) والسلبية (-) توزيعاً متكافئاً في حياتك؛ إذ يحاول معظم الناس جعل أوقاتهم التي يقضونها خارج العمل إيجابيةً كلياً لتعويض السلبية التي يقاسونها في العمل.

فعندما يكون كل الوقت الذي تقضيه في العمل سلبياً، وكل الوقت الذي تقضيه خارجه إيجابياً؛ فإنَّ ذلك سيؤثر في أدائك في العمل؛ ما يجلب المزيد من السلبية إليه.

يعتمد الناس بشدة على الوقت الذي يقضونه خارج العمل كي يحصلوا على السعادة، ولكنَّهم لا يحققون ذلك بالفعل لأنَّهم لا يواجهون مشكلاتهم في العمل؛ وعلى الجانب الآخر، ثمة أناس يسعون جاهدين لإضفاء الإيجابية إلى حياتهم المهنية على حساب حياتهم الشخصية.

لسوء الحظ، إذا كان هؤلاء الناس عالقين ضمن وضع “العمل” و”الحياة” المنفصلَين، ستنتقل جميع المشاعر السلبية إلى حياتهم الشخصية، وتعاني علاقاتهم وحالاتهم الصحية بسبب ذلك، وتتمتع قلة قليلة من الناس المحظوظين بالإيجابية في كِلا الجانبين؛ فإذا كنت من هؤلاء المحظوظين، فهنيئاً لك كونك واحد من 5% من الناس الذين يعيشون ذلك؛ أما بالنسبة لـ 95% الباقية، فإليكم طريقةً فعالةً لتحقيق توازن واقعي بين العمل والحياة الشخصية:

استعادة إحساسك بالوحدة الذاتية:

يكمن الحل في استعادة إحساسك بالوحدة الذاتية، والذي سيساعدك على تفكيك ثنائية العمل والحياة التي تُراوح بينها؛ وبذلك تتوقف عن ربط العمل بالمعاناة، والحياة بالمتعة دون وعي، وتتدفق الطاقة الإيجابية إلى حياتك وعملك بسلاسة دون أي جهد.

اطرح على نفسك السؤال التالي كي تستعيد إحساسك بالوحدة الذاتية: ما هو السبب الذي يدفعني إلى فعل ما أفعله في الحياة والعمل؟

تشكِّل إجابتك عن هذا السؤال مخططك الخاص لوحدتك الذاتية؛ ذلك المخطط الزاخر بالمعنى الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بجوهر شخصيتك، وما تهتم به حقاً.

استخدم مخططك الآن لتفحُّص حياتك في العمل ووقت فراغك وعلاقاتك؛ ومعرفة ما إذا كانت تتوافق مع بعضها بعضاً؛ فلم يعد إطار تفكيرك الجديد يدور في فلك تحقيق “التوازن”؛ بل في فلكِ تحقيق “التوافق” بين العمل والحياة الشخصية.

ستكتشف من خلال ذلك عدداً من الحقائق:

  • ليست جميع جوانب عملك سلبية؛ بل يجب أن تفكِّر مرةً أخرى، وستجد العديد من الجوانب الإيجابية التي تعكس ما يهمك؛ على سبيل المثال: قد تقدِّر قيمة الإبداع، وتدرك أنَّ لديك فرصةً لإظهاره في العمل كل يوم.
  • الأمور التي تهمك في “العمل” هي نفسها الأمور التي تهمك في “حياتك”؛ فمثلاً: قد تقدِّر الصداقة في حياتك، بيد أنَّك تطبِّق هذه القيمة في علاقتك مع زملائك، وفي جميع تفاعلاتك في العمل أيضاً، والذي يفيد إحساسك بالوحدة الذاتية.
  • يدعم ما تفعله في العمل والحياة ويعزِّز بعضه بعضاً؛ فمثلاً: قد يكوِّن كرمُك مع أصدقائك علاقاتٍ جيدة مع العملاء عندما تطبِّق هذه الصفة في العمل أيضاً، كما يمكن أن تساعدك مهاراتك في العمل على حل المشكلات في حياتك.

لن تحتاج أبداً إلى تقييد تفكيرك باختيار العمل أو الحياة مجدداً؛ ذلك لأنَّك تتصرف وفقاً لما تقدِّره حقَّ التقدير؛ وبالتالي، لن تتأرجح طاقتك الإيجابية بين الاستنزاف والتدفق الشديدين؛ بل ستنساب انسياب الهواء في جميع أحوالك في ظل حلقة من التغذية الراجعة الإيجابية المستمرة.

إنَّ مفهوم “التوافق” الذي استبدلناه بالتوازن تحول داخلي يمنحك القوة لتواجه ظروفك الحالية مهما كانت؛ فعلى سبيل المثال: قد تكتشف أنَّك تعاني بالفعل في وظيفتك الحالية؛ ولكن يمكنك الآن الرجوع إلى مخططك لتحدِّد السبب الكامن وراء هذه المشاعر السلبية؛ أي الأمر الذي لا يتوافق مع ما تقدِّره، وبعدها تذكِّر نفسك لماذا تفعل ما تفعله حقاً، أو تجري بعض التعديلات، أو تغيِّر عملك؛ وحتى في الحالة الأخيرة؛ لا يزال بإمكانك الحفاظ على الإيجابية في حياتك حتى تجد الوظيفة الجديدة؛ فقد تكره مهامك اليومية مثلاً؛ ولكنَّ أحد الأشياء التي تقدِّرها هو أنَّك تُعيل عائلتك جيداً؛ فيحثُّك ذلك على الاستمرار في العمل لتحقيق ذلك.

أو لنفترض أنَّك شخص مدمن على العمل، فقد يكشف مخططك أنَّ الأمور التي تُقلِّل من قيمتها خارج أوقات العمل (كالاسترخاء، أو الاستمتاع، أو السعي وراء شغفك، أو قضاء الوقت مع عائلتك وأصدقائك) تحتوي في الواقع قيماً تُغنِي وتعزِّز حياتك المهنية.

الخلاصة:

يساعد التوافق المتناغم والغني بالقيم بين العمل وحياتك الشخصية على الحفاظ على تدفق الطاقة الإيجابية والسعادة في جميع جوانب حياتك؛ لذا ابدأ بكتابة مخططك الآن، وامضِ بحياتك قدماً.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!