كيف ترفع مستوى انتباهك وتركيزك؟

هل ما زلت تذكر آخر خمس مقالاتٍ قرأتها؟ والأهم من هذا، أتذكر كيف كانت خاتمتها؟ تشير بعض الدراسات إلى أنَّ دورة انخفاض التركيز تتشكَّل بتأثير بعض التطبيقات مثل فيسبوك وسناب شات وغيرها؛ فبدلاً من اعتمادها على التسويق ذي الكلفة العالية، تسوِّق هذه الشركات لخدماتها عبر خلق أثرٍ في مشاعرنا وروتيننا اليومي. سنتحدث عن خطوات عملية تساعدك في زيادة تركيزك ووعيك.

Share your love

ماذا تفعل عندما ينتابك الملل؟ هل تهرع إلى الانستغرام والتويتر؟

لطالما تحاول مختلف شركات التكنولوجيا في أيامنا هذه تغيير تصرُّفاتنا من خلال بعض الحيَل التي ذكرها “نير آيل” (Nir Eyal) في كتابه “Hooked: How to Build Habit-Forming Products”، والذي يتضمَّن أربعة مراحل:

1. المحفِّز:

تخيَّل لو أنَّ صديقك حمَّل صورةً على الانستغرام (محفِّزٌ خارجي)، ووقعت عيناك عليها، ومن ثمَّ ضغطت عليها؛ سيتشكل لديك حافزٌ داخليٌّ جرَّاء ذلك مع مرور الوقت، والذي سينعكس بدوره على تصرُّفاتك ومشاعرك.

2. الفعل:

عندما تضع إعجاباً على منشورٍ ما، لربَّما تأخذ جولةً تشاهد فيها جميع الصور في ألبوم العطلة الخاص بصديقك.

3. مفاجآتٌ منوعة:

قد يأخذك الوقت وترى صوراً أكثر لصديقك؛ إذ عندما تبدأ ذلك، لن تعرف أين سينتهي بك المآل، حيث سيظهر لك العديد من الصور والحالات والإعلانات التي قد تثير غضبك، لكن من المحتمل أن تستهويك أيضاً.

4. الاستثمار:

قد تكتب تعليقاً لصديقك على صورةٍ له، مع عدم معرفتك إن كان سيردُّ على تعليقك أم لا.

عندما تستثمر وقتك وجهدك الذي تقضيه على أيِّ تطبيقٍ كان، فمن المرجَّح أن تدخل هذه الحلقة والفخَّ مرةً أخرى، وهذا ما سيقلِّل ويضعف تركيزك.

كيف تحافظ على تركيزك وتعززه؟

إن كنت في حيرةٍ من أمرك حول إن كان باستطاعتك زيادة نسبة تركيزك؛ فعليك زيادة وعيك قبل أن تتمكَّن منك العادات السلبية:

1. كن مدركاً لكلِّ تصرُّفٍ تهُمُّ به:

كم يبعد عنك هاتفك الجوال في هذه الأثناء؟ معظم الناس لا مسافة تفصلهم عن هواتفهم أكثر من ذراع.

وجدت إحدى الدراسات أنَّ مستويات القلق لدى العديد من الأشخاص تزداد باطرادٍ بعد 10 دقائق فقط من عدم استخدامهم هواتفهم، ويأخذ ذلك الشعور بالاضمحلال في الـ 60 دقيقة التالية.

أوضحت دراسةٌ أخرى أنَّ وجود الهاتف الخلوي -بما فيه من تواصلٍ اجتماعي وشبكاتٍ اجتماعية على نطاقٍ واسع- يسهم في تشتيت ذهنك وتركيزك، ويؤثِّر سلباً في تفاعلك وانخراطك الاجتماعي.

كتب “لاري دي روسن” (Larry D. Rosen) معلِّقاً بما يلي على تلك التجربة في كتابه “العقل المُشَتَّت” (The Distracted Mind):

“إن كان لوجود الهواتف المحمولة هذا الأثر السلبي كلُّه على التواصل الاجتماعي والشعور بالتقارب والإلفة خلال المحادثات الموجزة مع شخصٍ ما، فبمَ يُنذِر ذلك؟ وكم له من القدرة على إضعاف علاقاتنا الاجتماعية في الواقع؟”.

2. دِّون قائمةً بأكثر الأشياء التي يمكن أن تصرف تركيزك:

عندما تشعر بأنَّ كاهلك مثقلٌ بالأعباء والمهام، وأنَّ تركيزك مشتت؛ أحضِر قلماً وقطعةً من الورق، ودوِّن عليها أكثر ما يأخذ من وقتك ويبدده، ومن ثمَّ ضع إشارةً إلى جانب كلِّ ما تقضي وقتاً عليه.

إن لجأت إلى هذه الطريقة ولاحظت كم من الوقت تستغرق في المكوث خلف شاشة الهاتف، فستكون بذلك قد رفعت من مستوى إدراكك ووعيك، وتلك هي الخطوة الأولى لرفع وتعزيز تركيزك. إن لم يثمر ذلك عن نتائج مرجوَّة، فهنالك بعض التطبيقات والبرامج المتاح تحميلها، وهي ستراقب بدورها استهلاكك لمواقع الإنترنت، وتعينك في معرفة أيٍّ منها يستنزف وقتك.

الهدف المنشود من ذلك كلِّه، هو إعطائك صورةً دقيقةً وواضحةً عن كلِّ المشتِّتات التي تلهيك وتبدِّد تركيزك عن المهام الملقاة على كاهلك.

لعلَّ أفضل طريقةٍ لرفع نسبة التركيز لديك: تنمية وعيك، وتعقُّبك لحالتك، وملاحظتك الوقت الذي تبدأ فيه إضاعة وقتك؛ وبعد ذلك أخذ فاصلٍ للتفكير. اسأل نفسك في هذا الفاصل: “هل عُدْتُ أدراجي إلى تبديد تركيزي؟ ولماذا؟”.

حاول أن تسيطر على نفسك عندما تهمّ في إضاعة الوقت واللهو ما أمكنك ذلك، فهذا ما سيفعل فعله في دفع عجلة التركيز لديك. الجأ إلى ممارسة التأمل لمدة خمس دقائق من كلِّ يومٍ في حال وجدت ذلك عسيراً، فهذا ما من شأنه أن يرفع مستوى وعيك وينمِّي تفكيرك، فتغدو قادراً على كبح جماح ذهنك عندما يشرد.

3. قلِّل من احتكاكك بالأجهزة الذكية:

عليك أن تبتعد عن جميع أشكال المشتتات التي تؤثِّر في تركيزك وتضعفه بقدرتها على تغيير طبيعتك؛ حيث سيحدُّ هذا بدوره من تصرُّفك بإرادتك الحرَّة، أو حتَّى تذكَّر ذلك.

إنَّ تلك العملية أشبه ما تكون باتباع الحمية الغذائية لإنقاص وزنك، أو تغيير بعض عاداتك الصحية التي تتطلَّب أن تنأى بنفسك بعيداً عن أصناف الطعام السريع برمَّتها. لذا تتلخص الطريقة المثلى لزيادة حدة تركيزك في أن تقلِّل من احتكاكك وقربك من هاتفك الذكي، لما لذلك من دورٍ في القضاء على جميع المحفِّزات التي قد تُوقِعك في فخ الأجهزة الذكية.

بغية بلوغ تلك المرحلة وتحقيقها، ما عليك إلَّا أن تضع هاتفك في غرفةٍ مجاورةٍ للمكان الذي تعمل فيه، لا ريب في أنَّ ذلك قد يكون محفوفاً بالصعوبة في بادئ الأمر؛ لكن بعد مضي بضع ساعاتٍ ستنسى أمره.

4. تأخير المكافآت الذهنية:

“تأخير المكافآت الذهنية” (Delay discounting) خدعةٌ ابتكرتها “كيلي مغونيغال” (Kelly McGonigal) في كتابها “غريزة الإرادة” The Willpower Instinct؛ كما وتُعَدُّ خدعةً عقليةً ابتكرها علماء السلوك.

وجد باحثون أنَّه كلَّما طال انتظارك لما تأمله -على سبيل المثال: تصفُّح الانستغرام أو التويتر- قلَّ شغفك واهتمامك به، حيث يبحث عقلك دوماً عن مكافأةٍ فورية، عوضاً عمَّا قد يأتي مستقبلاً؛ نظراً لأنَّ المكافآت الفورية تُولِّد في ذهنك صورةً لمكافأةٍ عظيمة.

كي تدفع بتركيزك إلى الأمام وتعززه، ينبغي تحريض قشرة الفص الجبهي على إخماد وتهدئة الوعد بالمكافأة في ذهنك؛ وبعد ذلك، لا يمكن للتأخيرات قصيرة المدى حتَّى أن تطال انتباهك وتشتِّته.

يتطلَّب منك الأمر بعض الثبات والمقاومة حتَّى تحافظ على تركيزك، وفي حال أغرتك العودة إلى عالم الهواتف الذكية، يتولَّى الجزء العقلاني من دماغك دحض رغبتك تلك، ليمسي تركيزك في أعلى درجاته.

كيفية التوقف لبرهةٍ من الزمن:

ضع هاتفك على وضع الطيران، ومن ثمَّ ضعه في غرفةٍ مجاورةٍ أو في درج.

حدِّد التطبيقات التي تواظب على استخدامها؛ أهي الانستغرام؟ أم الفيسبوك؟ أم اليوتيوب؟ أم التويتر؟ لتكون على علمٍ بنقطة الضعف الرقمي الخاصَّة بك.

عندما تشعر أنَّ حاجتك ملحةٌ إلى أن تتفقَّد بعض التطبيقات أو الحسابات، تريَّث لدقيقةٍ فحسب؛ واسأل نفسك خلال هذه المدة: هل أنا أريد فعلاً أن أُقدِم على ذلك؟ ولماذا؟

سيساعدك ذلك إلى حدٍ كبير، وستجد أيضاً تقدُّماً بالغاً عندما تستخدم قوة الإرادة لاستخدام هذه التطبيقات لتغيير بيئتك، بدلاً من استخدمها “لتذكر” هذه التطبيقات.

لتصل إلى هذه النتيجة، جرِّب ما يلي:

1. الخطوة الأولى، حدِّد في البداية التطبيقات التي تدمن على استخدامها في هاتفك:

إليك الخطوات للقيام بذلك:

  1. دوِّن على ورقة التطبيقات التي تستخدمها.
  2. اسبر مدى إدمانك وإقبالك عليها حسب مقياسٍ من 1 إلى 10.

استخدم الأسئلة الثلاث التالية كدليلٍ لك في طريقك لأخذ قرار أيِّ المواقع والتطبيقات تريد:

  • ما هي أفضل النتائج المحتملة التي قد تحصل عليها إن توقَّفت عن استخدام هذا التطبيق؟
  • ما هي أسوأ النتائج المتوقَّعة لاستخدامك لذلك التطبيق؟
  • ما النتيجة المرجوة من توقُّفك عن استخدام ذلك التطبيق؟

2. الخطوة الثانية، احظر كلَّ ما قد يضاعف تعلُّقك بهاتفك:

إليك الخطوات للقيام بذلك:

  1. احذف كلَّ تطبيقٍ تشعر أنَّك على وشك أن تدمن على استخدامه.
  2. حمِّل بعض التطبيقات مثل (AppDetox)، وحدِّد وقتاً معيناً لما يتوجَّب عليك استخدامه بصورةٍ أقل، ولم تتمكَّن من حذفه كليَّاً بعد.
  3. حمِّل تطبيق “قفل التطبيقات” (AppLock) المخصَّص لهواتف أندرويد، لحظر متجر الألعاب ومتصفِّح الانترنت في هاتفك.

3. الخطوة الثالثة، حضِّر نفسك لوضع حالة الطوارئ باستخدام كلمة سرٍّ على شكل صورة:

إليك الخطوات للقيام بذلك:

  1. اختر كلمة سرٍّ معقَّدة على الكمبيوتر والتقط صورةً لها.
  2. استخدم كلمة السرّ هذه في برنامج قفل التطبيقات الذي تمّ ذكره في الفقرة السابقة.

هذا ما سيجبرك على أن تنظر إلى الصورة لتنقل منها كلمة السر تلك وتكتبها على ورقة، لتعود إليها لفتح برنامج قفل التطبيقات في كلِّ مرةٍ تريد الولوج إلى موقعٍ ما أو استخدام أيِّ تطبيق.

بعض الأفكار الختامية:

لعلَّ أكثر ما يهمُّ، وما يجب أخذه في عين الاعتبار وسط هذا العالم المرتبط كلَّ الارتباط بالتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي هو التأمُّل قليلاً لمعرفة طريقة استخدامك لها، ومدى تأثيرها في دائرة تركيزك، حدِّد ما الذي يصرف انتباهك، واعمل على حلِّ هذه المعضلة؛ وذلك بغية أن تعيد تركيزك إلى المستوى المنشود، وتصبح قادراً على إنجاز مهامك المطلوبة أكثر.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!