التسامح سمة من سمات الأنقياء ذوي القلوب الطيبة وليس من سمات الضعفاء أو الجبناء أبداً، لكن في بعض الأحيان يمكن أن يصل الشخص لدرجة يصعب معها نسيان ما حدث ومُسامحة من أخطئ في حقه، خاصة إذا كان يثق بمن جرحه ويعتبره من أقرب الناس إليه، لكن هذا لا يعني أبداً أن تتوقف حياتك عند هذا الحد أو تقطع علاقتك به تماماً خاصة إن كان من المقربين إليك، فخطأ واحد لا يمكن أن يمحي كافة ذكرياتكما سوياً! أنا لا أطلب منك أن تنسى ما حدث تماماً وتتعامل بشكل طبيعي في اليوم التالي وكأن شيء لم يكن، لكن على الأقل حاول تخطي الأمر وأعطي لنفسك وله فرصة أخرى، في هذا المقال سنقدم لك بعض النصائح لتتخطى هذه الأزمة بسهولة.
كيف تسامح من أخطئ في حقك وجرح مشاعرك ؟
- دع الأمور تهدئ قليلاً
لا تواجه هذا الشخص مباشرة حتى لا تتوتر الأمور بينكما أكثر، بل انتظر بضعة أيام حتى تهدأ مشاعرك وتتخلص من غضبك واستيائك، الأمر ليس بهذه الصعوبة، فقط ابدأ بتذكر كل الأوقات الجيدة التي جمعتكما وكم مرة وقف إلى جوارك وساندك، كذلك توقف عن التفكير فيما حدث قدر الإمكان، فكلما تذكرت كلماته أكثر كلما زاد استيائك وحقدك عليه، إذا لزم الأمر تجنب رؤيته لمدة حتى تتأكد أنك قادر على مواجهة المشكلة.
- ابحث عن سبب المشكلة
كما يقال دائماً لا يوجد دخان بدون نار، لذلك ابحث عن سبب ما حدث فربما أخطئت تجاهه بشيء ما، أو بدر منك فعل أثار استيائه، وغالباً ما يكون رد فعله هذا نتيجة لتراكمات عديدة وليس وليداً لهذه اللحظة، خاصة إن كانت علاقتكما جيدة وقوية، لذلك لا تحكم عليه قبل أن تُحاسب نفسك أولاً.
- ضع مشاعرك في نصابها الصحيح
بعض الأحيان يكون الجرح فعلاً أكبر من أن يُغتفر، فجرح الخيانة مثلاً لا يمكن تجاوزه مهما حدث ومهما تظاهر الشخص بنسيانه، لذلك يجب أولاً أن تُقيم مشاعرك لترى حجم المشكلة، وهل ما حدث شيء بسيط ويسهل تجاوزه ونسيانه ويمكن أن تشفع له ذكرياتكما معاً، أم أن هذا الجرح سيستمر معك للأبد! أنت وحدك من يستطيع أن يقرر هذا.
- تحدى نفسك
أغلبنا يأخذ الخيار الأسهل دائماً ويقطع علاقته مع من جرحه تماماً بحجة انه لا يستطيع مسامحته! تذكر أن الشخص القوي وحده من يستطيع أن يُسامح لأنه ببساطة يستطيع التحكم في نفسه وإجبارها على ما يريد، لذلك إن لم يكن الخطأ كبير لدرجة أنه يؤثر على علاقتك المستقبلية بهذا الشخص فلا تنصاع لهوك وتخسره فقط لأنك لا تستطيع حمل نفسك على مسامحته!
- هيئ نفسك لمواجهته
إذا وجدت نفسك في حالة تسمح لك بمواجهته، فلا تندفع فوراً وتذهب إليه دون أن تخطط لما ستقوله! فقد يخرج منك شيء بدافع الغضب أو الاستياء يفسد كل شيء ويعقد المشكلة أكثر، لذلك اهدأ قليلاً وفكر كيف ستبدأ الحديث وماذا ستقول وكيف ستسيطر على مشاعرك تجاهه، ولا تقل أي كلمة دون تفكير أبداً، فمشاعر الغضب قادرة على هدم أي علاقة مهما كانت قوتها.
- تحدث معه بكل وضوح
أخبره تماماً كيف أغضبك فعله أو كلماته وأجعل الأمر واضحاً، ابتعد تماماً عن الألغاز والتلميحات، كذلك لا تُبالغ أو تُحاول إشعاره بالذنب أكثر، يكف أن تخبره كيف تأثرت بما حدث، كذلك حاول أن تسيطر على نفسك ومشاعرك، أنظر إليه وتحدث بمنتهى الهدوء لتصله مشاعرك ويرى أنك تعني تماماً كل حرف تقوله.
- استمع إليه
امنحه فرصة ليُدافع عن نفسه ويُخبرك سبب ما فعل، فربما قد أسأت الفهم من البداية وبنيت مشاعرك وموقفك على فكرة خاطئة، لذلك لا تنصرف أبداً بمجرد أن تُنهي حديثك بل استمع له كما فعل معك وحاول أن تتفهم ما يقوله لترى إن كانت حُجته حقيقية أم أنه يختلق أعذاراً ليتملص مما فعل، كذلك اترك له مساحة ليعتذر منك عما بدر منه، وتذكر أن الهدف من إجراء هذه المحادثة هو تصفية الأمور وتوضيحها لا تعقيدها أكثر.
- تقبل اعتذاره!
أنا لا أطلب منك أن تبدأ معه صفحة جديدة مباشرة وتستعيد ثقتك أو علاقتك به كما كانت تماماً، كل ما في المر أن تأخذ خطوة للأمام وتعطي نفسك فرصة كي تتخطى هذه الأزمة حتى لو لم ترغب في تتعامل معه كالسابق، لكن قبل كل شيء ضع نفسك في مكانه وحاول أن تفهم سبب ما فعل، إذا وجدت نفسك بحاجة لمزيد من الوقت كي تقرر إذا كان بإمكانك التعامل معه كالسابق أم لا فلا تترد في إخباره، لكن على الأقل أمنحه بصيص من الأمل وأره أنك تقبلت اعتذاره.
- استعد علاقتك معه ببطء
إذا كنت تحتاج لمزيد من الوقت بعيداً عنه فلا بأس تجنبه إذاً لكن على شرط أن تتخلص من مشاعر الغضب التي تسيطر عليك، لأجل نفسك لا لأجله فهذه المشاعر إن سيطرت عليك ستأكلك من الداخل وستتحول لشخص ناقم على كل شيء حتى نفسك! لذلك تخلص منها أولاً ثم حاول استعادة علاقتك بهذا الشخص مجدداً بتروي، ولا تضغط على نفسك أبداً مهما حدث.
في النهاية تذكر أن جميعنا نخطئ فنحن لسنا ملائكة، لكننا لسنا شياطين أيضاً، خيرنا من يعترف بخطئه ويحاول إصلاحه، لكن هذا لا يعني أنك مجبر على المسامحة أيضاً، فكما ذكرنا سابقاً بعض الأخطاء لا تُغتفر، كل ما عليك هو المحاولة فإن لم تستطع أخبره ذلك بكل وضوح وأمضي قُدماً في حياتك، لا تقف عند هذه المشكلة طويلاً وتترك مشاعرك تسيطر عليك، وأهم ما في الأمر ألا تفقد ثقتك بنفسك، فمهما كان خطئ الشخص الأخر لا يعني أبداً أنك شخص سيء أو تستحق ما حدث لك!