كيف تستخدم استراتيجيات الفهم لتعزيز عملية التعلم؟

لقد تعلَّمنا المهارات الأساسية للقراءة منذ نعومة أظفارنا؛ فهي مهارة لا نلقي بالاً لها في معظم الأحيان، ولا سيَّما فيما يتعلق بموضوع استراتيجيات الفهم للكبار. إليك بعض استراتيجيات الفهم المتعلقة بمحيطك الخارجي لتجرِّبها.

Share your love

إنَّ هذا النقص في عدد الدراسات التي تتناول هذا الموضوع هو سبب كافٍ بحد ذاته للبحث في طبيعة الاستراتيجيات المتاحة للبالغين. وكما ذكرنا سابقاً، تختلف حاجة الكبار للفهم القرائي؛ إذ لا يتعلق الأمر بتعلُّم كيفية القراءة بقدر ما يتعلق بكيفية استخدام المعلومات التي تقرؤها واستيعابها بفاعلية والاستفادة منها في المستقبل.

ما هي استراتيجيات الفهم؟

نظراً لأنَّ الكبار يركزون على استيعاب المعلومات والاستفادة منها، تركز استراتيجيات الفهم تركيزاً كبيراً على ما حولنا بدلاً من التركيز علينا شخصياً؛ ومع ذلك، يوجد بعض الاستراتيجيات التي تتعلق بطريقة قراءتنا أيضاً؛ حيث سنتطرق إليها فيما بعد في مقالتنا هذه، ولكن إليك بعض استراتيجيات الفهم المتعلقة بمحيطك الخارجي لتجرِّبها:

1. الجلوس في مكان يخلو من عوامل التشتيت:

نحن نعيش في ظل عالَم تحيط الضوضاء بنا فيه من كل جانب، من أجهزة التلفاز، والهواتف، والموسيقى، وغيرها من عوامل التشتيت؛ فالهدف من هذه الاستراتيجية هو توفير مساحة خاصة تناسبك للقراءة والتعلُّم؛ حيث يختار معظم الناس مكاناً خالياً من جميع عوامل التشتيت.

ولكن ماذا لو لم تتمكن من إزالة جميع المشتِّتات في مكانك المعتاد؟ إنَّ الحل بسيط للغاية؛ حيث يمكنك أن تذهب إلى مكان آخر كالجلوس في المكتبة، أو في غرفة خاصة للدراسة، أو أي مكان آخر هادئ؛ كما يمكنك أن تستمع إلى الموسيقى الكلاسيكية أو موسيقى الأمبينت اللذين يمكن أن يساعداك على حجب الأصوات المشتِّتة والتركيز أكثر على ما تقرؤه.

2. القراءة برفقة شخص أذكى منك:

دعونا نواجه الأمر، لا أحد في العالم يحيط بكل شيء علماً، فدائماً ما يكون هناك أناس يفوقوننا ذكاءً؛ ليس بالضرورة أن يكون ذلك في مجال القراءة بالتحديد؛ بل يمكن أن يكون ذلك الشخص قد قرأ الكتاب الذي تقرؤه بالفعل، أو أنَّه يتمتع بفهم وخبرة طويلة في الحياة أكثر منك؛ وهذا بالضبط ما نقصده بالفهم القرائي للكبار، إذ لا يعني الأمر أنَّنا نجهل القراءة؛ بل أنَّنا نواجه صعوبةً أكبر في استيعاب المفاهيم التي نقرؤها في المقالات والكتب وتطبيقها في حياتنا.

لذا، لا تتردد في أن تعتمد على شخص يتمتع بالخبرة في هذا المجال، مثل: منتور، أو معلِّم، أو صديق، أو أحد أفراد الأسرة إن وُجد. ومن ناحية أخرى، تختلف الطريقة التي نفهم من خلالها المعلومات من شخص إلى آخر، ولكن مهما كانت تلك الطريقة، تذكَّر النقاط الآتية في حال استخدمتَ هذه الاستراتيجية:

  • إذا كنتَ تدعم شخصاً ما بطريقة معيَّنة، احرص على طرح الأسئلة عليه؛ أو اطلب منه أن يطرح عليك أسئلةً إذا كنتَ أنت من يتلقى الدعم؛ إذ لا يقتصر الفهم على قراءة المعلومات فحسب؛ بل ينبغي استخدامها بفاعلية أيضاً.
  • إذا كنتَ مَن تقدِّم الدعم، يفضَّل أن تشرح الأفكار بإيجاز، أو أن تلخِّص فصول الكتاب أو الكتاب بأكمله إلى دروس أساسية إن أمكن.

3. القراءة الجهرية:

تبطِّئ القراءة جهراً وتيرتك في أثناء عملية القراءة؛ فقد تركِّز على نطق الكلمات أكثر، وتستوعب ما تقرأه بصورة أفضل؛ كما تعمل القراءة بصوت مرتفع على تنشيط أجزاء الدماغ الخاصة بالتعلُّم البصري والسمعي على حد سواء؛ ذلك لانَّنا نرى الكلمات ونسمعها في آن واحد.

إذا كانت هذه الاستراتيجية تفيدك، ننصحك بتجربة الكتب الصوتية؛ فصحيح أنَّها لا تخدمك بصرياً، إلا أنَّ الصوت يمكن أن يساعدك على الفهم؛ كما يمكن أن تفيدك الكتب المرويَّة لما تحمله من مزايا تعليمية على الصعيدَين السمعي والبصري. تمتلك بعض البرامج المكتبية مثل: فوكسيت ريدر (foxit reader) ميزة إلقاء النص المكتوب تلقائياً، حيث يمكنك ضبط وتيرة الإلقاء ودرجة الصوت ونبرته كما ترغب، مما يتيح لك قراءة النص وسماعه في الوقت نفسه، وهذا ما سيعزز قدرتك على استيعاب المعلومات وحفظها.

4. إعادة القراءة:

لا يمكننا دائماً استيعاب جميع المعلومات التي نقرؤها في جلسة واحدة، أو ربما يطرح الكاتب فكرةً لا تفهمها وعليك العودة إلى الأسطر السابقة لاستيعابها؛ وأما في حالات أخرى، فنقرأ صفحةً أو فقرة دون أن نتمكن من إدراك ما يتكلم عنه الكاتب تماماً. مهما كان ما يَحدث معك، لا تتردد في إعادة القراءة إما جهراً أو ببطء أكبر، وتكرار العملية إلى أن تفهم الفكرة تماماً.

كما رأيتَ معنا، إنَّ الفهم القرائي أمر بسيط في جوهره، ولكن لا يتمكن الجميع من الاستفادة منه بصورة فورية.

كيف يمكنك الاستفادة من استراتيجيات الفهم؟

يختلف إدراك هذه الاستراتيجيات عن الاستفادة منها كلياً، إلا أنَّه يمكنك تعزيز مهارة الفهم القرائي من خلال عديدٍ من الطرائق:

1. تكريس نفسك للقراءة:

ينبغي أن تخصِّص بعضاً من الوقت لتقضيه في القراءة؛ إذ يُنصَح بأن يخصِّص المبتدئون ساعتين إلى ثلاث ساعات للقراءة أسبوعياً ضمن جوٍّ من الاسترخاء والتركيز، وأن يكون هناك هدف وراء ذلك، كأن ترغب في توسيع قائمة مفرداتك أو اختبار نفسك فيما تقرؤه؛ وينبغي أن تفعل ذلك في مساحة مريحة وهادئة تتيح لك الاستمتاع بما تقرؤه كالتي تكلمنا عنها في النقطة الأولى.

2. فهم وإعادة تقييم طريقتك في القراءة:

قد تواجه صعوبةً أكبر في القيام بهذه الخطوة إذا كان قد مضى وقت طويل منذ أن قرأتَ كتاباً، إلا أنَّك ينبغي أن تبدأ عند نقطة معيَّنة. تشجعك هذه الاستراتيجية على قراءة أنواع مختلفة من النصوص، ولا سيَّما تلك التي لستَ ملمَّاً بها؛ حيث أنَّ المعلومات متاحة في عديدٍ من الأشكال المختلفة، فما تقرؤه في الجرائد يُكتَب بصورة مختلفة على موقع إلكتروني أو على مدوَّنة؛ حيث ينطبق الأمر ذاته على الكتب أيضاً.

لا يعني ذلك أنَّ بعض الوسائط تَنشر محتوىً متميزاً يفوق غيره؛ بل يعني أنَّه يتطلب مستويات مختلفة من الفهم. يكمن جوهر هذه الاستراتيجية في مطالعة كتاب يتناول موضوعاً جديداً لم تقرأ عنه من قبل؛ لذا تحدَّ أفكارك وميولك الحالية، ولكن لا تفعل ذلك إلا لفترة وجيزة من الزمن. فابدأ بالقراءة لمدة 20 دقيقة، ثم أضِف مزيداً من الوقت شيئاً فشيئاً.

3. توسيع قائمة مفرداتك:

رغم أنَّ الاستراتيجية السابقة يمكن أن تساعدك في ذلك، إلا أنَّك لستَ مضطراً إلى قراءة أنواع مختلفة من الكتب لتوسيع قائمة مفرداتك؛ ففي نهاية الأمر، ينبع الفهم القرائي من السياق والمفردات وترابط الكلمات ببعضها؛ إذ تؤثِّر العناصر الثلاثة هذه في استيعاب ما نقرؤه.

يُعدُّ توسيع ثروتك اللغوية أمراً سهلاً للغاية؛ حيث يمكنك اختيار كلمة من القاموس عمداً لتتعلمها وتستخدمها في حياتك اليومية؛ أو يمكنك تدوين كلمة لم تفهمها في أثناء قراءة كتاب ما. يكمن الهدف في إنشاء قائمة من الكلمات التي لا تعرفها، وبعدها يمكنك تصميم بطاقات استذكار لتتمكن من حفظها.

4. القراءة بهدف الاستمتاع:

رغم أنَّ كثيراً من الناس يقرؤون بهدف إنجاز عمل ما أو لتحقيق النمو الشخصي، إلا أنَّ للقراءة بهدف المتعة مزاياها أيضاً؛ حيث تكمن أهمية هذه الاستراتيجية في أنَّنا قد نشغل أنفسنا بالقراءة بهدف تحقيق النمو الشخصي لدرجة أنَّنا قد نشعر أنَّ عملية القراءة باتت مجرد عمل روتيني؛ ولكن تذكَّر أنَّ القراءة ينبغي أن تجلب لنا المتعة دائماً. وفي ضوء ما سبق، يمكنك القيام بالأمور الآتية لحل هذه المشكلة:

  • قراءة كتاب دون مستواك الدراسي: صحيح أنَّك لن تتعلم الكثير، ولكنَّ الهدف هنا هو الاسترخاء والاستمتاع بالكتاب بحد ذاته.
  • قراءة كتب الخيال: يركِّز المؤلِّفون في هذا النوع من الكتب على تقديم محتوى ترفيهي أكثر من كتابة محتوى تعليمي.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لحفظ المزيد من كل كتاب تقرؤه

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/jVZih7npK-s?rel=0&hd=0″]

5. التحلي بالفضول:

ينبع التعلُّم من رغبتنا في معرفة الأمور التي نجهلها؛ فنبحث عن معلومة لا نعرفها على الإنترنت أو نقرأ مقالةً عنها؛ ورغم أنَّ الناس يسارعون في فعل ذلك، إلا أنَّنا ننصحك بإشعال جذوة فضولك أكثر من خلال التركيز على معلومات جديدة وليس على كلمات جديدة فحسب. يُعدُّ التمتع بالفضول طريقة تفكير أكثر من كونها أي شيء آخر، فهو يدفعنا إلى البحث عن إجابات وبالتالي القراءة والتعلُّم.

6. القراءة السريعة لتحقيق فهم أكبر:

تُعدُّ هذه الاستراتيجية من استراتيجيات الفهم التي ربما قد سمعتَ عنها على مر السنين؛ فهي الاستراتيجية الكامنة وراء قدرة بعض الناس على إنهاء قراءة كتاب يومياً أو قراءة أكثر من 50 كتاباً خلال عام؛ ورغم أنَّ ذلك قد لا يكون هدفك، إلا أنَّ إتقان هذا الأسلوب واستخدامه يمكن أن يساعدك على التعلُّم بصورة أسرع من ذي قبل. تشرح منظمة “أوبن كوليجيز” (Open Colleges) هذه الاستراتيجية بالتفصيل في مقالة كانت قد نشرَتها، وإليك بعض الأمور البسيطة التي تضمَّنَتها:

  • تجنُّب القراءة الصامتة: لقد تعلمنا في المدرسة قراءة كل كلمة على حدة، ولكن ركِّز بدلاً من ذلك على تمرير عينيك عبر الكلمات فحسب، وذلك من خلال الهمهمة في سرك أو العد في رأسك.
  • قراءة الكلمات في شكل مجموعات: ركِّز نظرك على ثلاث أو أربع كلمات في كل مرة؛ إذ تكمن الفكرة في تجميع الكلمات الهامة، والتخلص من كلمات الحشو مثل: و، أو، وغيرها.
  • تجنُّب إعادة القراءة: لقد ذكرنا أعلاه أنَّ إعادة القراءة مفيدة لأولئك الذين يريدون القراءة ببطء، إلا أنَّها مضيعة للوقت بالنسبة للذين يقرؤون بسرعة.
  • تصفُّح الأفكار الهامة فقط: مع ازدياد كمية المحتوى الذي نشهده بصورة يومية، بتنا نتقن هذه الاستراتيجية دون حتى أن يدرك بعضنا ذلك. بكل الأحوال، تأكَّد من تصفح ما تقرؤه؛ أي التركيز على الأجزاء التي تهمك فقط دون غيرها.
  • الإكثار من القراءة: إنَّها فكرة بديهية ولكنَّها تستحق أن نذكرها.

الخلاصة:

قد لا تكون القراءة من أولويات جميع الناس، إلا أنَّ سر تحقيق النمو الشخصي يكمن في استخلاص المعلومات المتاحة لنا وتعلُّمها وتطبيقها بصورة أفضل وأسرع؛ حيث سيساعدك اتباع استراتيجيات الفهم هذه والاستفادة منها بشكل كبير؛ لذا تناوَل كتاباً الآن وابدأ القراءة!

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!