كيف تستخدم العمل العميق لتتجنّب ما يلهيك وتزيد من إنتاجيتك

إنَّ "العمل العميق - Deep work" كما عرَّفه المؤلف والبروفيسور كال نيوبرت في كتابه الأكثر مبيعاً: "العمل العميق: قواعد النَّجاح المركَّز في عالمٍ مشتت"، هو مفهوم نشأ من الصعوبة التي يواجهها كثيرٌ من الناس في التعامل مع الملهيات الناجمة عن طفرة الاتصالات الرقمية. إذ تمنعنا هذه الملهيات من التَّركيز على العمل الهام. لذا تجدنا نتصرف من مبدأ ردِّ الفعل، بدلاً من أن نكون سبَّاقين بأفعالنا.

Share your love

يمنعنا العمل العميق من التفاعل مع هذه الملهيات عبرَ تحديد وقتٍ للعمل المركز، بحيث نوقف جميع الاشعارات والأجهزة الرقمية لمدة ساعة أو ساعتين، ونجلس في مكان هادئ دون أيِّ شيءٍ يعوقنا عن التركيز على عملنا الهام.

إنَّه يعمل بنجاح، وهو شيء يستخدمه الكُتّاب الناجحون منذ سنوات عدَّة عندما كان يتوجب عليَّهم أن ينتهوا من تأليف كتابٍ ما، أو عندما يكون لديَّهم مشروع هام يتعيّن عليَّهم إكماله. إنَّ تخصيص ساعتَين للعمل المركَّز المخطط له يضعك في حالةٍ تسمح لك بإنجاز مشاريعك على مستوىً عالٍ من الجودة، وضمن الوقت المحدد.

الفهرس

كيف يساعدك العمل العميق على التركيز من جديد:

للعمل العميق فوائد جمَّة. نذكر منها 17 فائدة يساعدك بها العمل العميق في أن تصبح أكثر إنتاجية، على صعيد الوقت والعمل.

1. لا مُلهيات بعد الآن:

كم مرة تلقيت رسالة نصية يسألك مرسلها: هل تلقيت الرسالة التي أرسلتها لك عبر الإيميل؟

يعدّ التحقق من رسائل البريد الإلكتروني واحداً من أكبر عوامل هدر الوقت. فمجرد إلقاء نظرة على رسالة كهذه يشتت تركيزك بعيداً عمَّا هو هامٌّ بحق. ويُقدَّر وقت إعادة التركيز ما بين ثلاث إلى عشرين دقيقة.

يؤدي إيقاف تشغيل إشعارات الهاتف إلى إيقاف هذه المقاطعات غير الضرورية، ويسمح لك بالتركيز على ما هو هامٌّ بحق؛ ألا وهو عملك.

2. إنَّ وقت العمل الهادئ والعميق يسمح لك بالتفكير:

عندما نسمح لجميع هذه الملهيات بدخول حياتنا، نجد أنَّه لن يتوفر لدينا وقت كافٍ للتَّفكير بعملنا. وذلك على الرغم من أنَّ التَّفكير عنصر هام إن أردنا إنجاز عملٍ جيد. إنَّ تخصيص وقتٍ يومي للعمل العميق، يتيح لك التفكير بوضوح والبدء في إنتاج عملٍ أكثر جودة.

3. ستشعر بمزيدٍ من الرضا:

عندما تمضي مزيداً من الوقت في العمل دون انقطاع على مهامَ ضرورية، ستجد أنَّك تشعر بالرِّضا أكثر. هذا نتيجةَ قيامك بالعمل الهام والمُرْضي، وتقليل مقدار الوقت الذي تقضيه في عملٍ غير هام.

4. التَّقليل من الأخطاء المرتكبة:

عندما تُشتِّتُ انتباهك باستمرار عن العمل الذي تقوم به، سوف ترتكب مزيداً من الأخطاء. أمَّا عندما تسمح لنفسك بالتَّركيز باستمرار على مَهَمَّة واحدة، فسوف ترتكب أخطاءَ أقل؛ لأنَّك لن تضطرَّ للتوقف وبدء عمل آخر. ولسوفَ تكون أكثر تركيزاً.

5. التَّقليل من وقت العمل المستغرق:

أنت بالطبع عندما ترتكب أخطاء أقل، فإنَّك تقضي وقتًا أقل في أداء عملك ومراجعته، مما يتيح لك وقتاً أكثر تصرفه على مزيدٍ من العمل الجيد.

6. الإيفاء بالمواعيد النهائية بسهولة:

عندما تخصص وقتاً للعمل العميق ضن تقويمك اليومي أو الأسبوعي، ستتمكن من التخطيط بثقة للوقت الذي تخصصه للمهام التي تتضمن مواعيد نهائية.

إنَّ معرفة أنَّك ستحصل على فترات من العمل دون انقطاع على جزءٍ من العمل، سيمنحك الثقة التي تحتاجها للوفاء بالموعد النهائي.

7. الشُّعور بإجهادٍ أقل:

عندما تعلم أنَّه لديك الوقت الكافي للقيام بالعمل دون أيَّ مقاطعة، فإنَّك تبدأ في الشعور بتوترٍ أقل بشأن ما عليك القيام به. أحدُ الأمثلة الرائعة عن ذلك هو كتابة المقالات. فتحديد موعد نهائي وتحديد دورات العمل العميق لكتابة المقال وتحريره. لن تشعرك بأي ضغوط. إذ تعلم أنَّك سوف تكمله في الوقت المحدد.

8. ستتحسّن جودة عملك:

إنَّ المشكلة التي تنشأ عن السَّماح بوجود ملهياتٍ أثناء العمل؛ هي أنَّك لا تركز بشكل كامل على عملك. ومنح نفسك وقت تركيز كامل على جزءٍ من العمل، سيؤدي إلى تحسُّنِ جودة عملك تلقائياً.

9. زيادة كمية العمل المُنجز:

عندما تُركّز بشكل كامل على العمل الهام، ستجد أنَّك تُنجز الكثير في كل جلسة عمل. تخصيص ساعتين يومياً تركز فيهما على عملك الهام، سيزيد كمية مخرجاتك بشكل كبير.

10. سيتوفّر لديك الوقت الكافي للتَّعامل مع الملهيات:

أحد المخاوف التي يخشاها الناس بخصوص تخصيص وقتٍ للعمل العميق هو أنَّهم قد يفوتون على أنفسهم أمراً هامَّاً. في الحقيقة، إنَّ هذا أمرٌ مستبعد. وحتى لو كان هناك شيءٌ هامٌّ حقَّاً، فستتعامل معه بعد أن تنتهي من جلسة عملك تلك.

11. سيتم تقديرك أكثر:

عندما يرى رئيسك وزملائك وعملاؤك أنَّك تخصص وقتاً للعمل العميق، فإنَّهم سينظرون لك نظرةً ملؤها الاحترام، ذلك لأنَّهم سوف يُعجبون بمدى الانضباط الذي تملكه.

قليلٌ هم الناسُ الذين يمتلكون الانضباط اللازم للجلوس والتَّركيز لمدة ساعتين من دون أن يتفقدوا هواتفهم وبريدهم الإلكتروني وإشعاراتهم. وبالنِّسبة لمن يمكنه فعل ذلك منَّا، فتراه يُعامَلُ باحترام أكبر.

12. سوف يحترمُ الناس وقتك أكثر:

هل سبق لك أن لاحظت أنَّ الأشخاص الثرثارين الموجودين في مكتبك هم نفسهم من يشكون دائماً من شُحِّ الوقت؟ في حين قد يبدو لك أن هؤلاء محبوبين من قبل الآخرين، إلا أنَّ هؤلاء الآخرين لا يحترمون وقتهم في حقيقة الأمر.

عندما تبدأ في القيام بعمل عميق من دون أن تسمح للآخرين أن يُلهوكَ عن عملك، فإنَّهم سوف يحترمون وقتك أكثر بكثير.

13. سيتحسن انضباطك الذاتي:

واحدة من الفوائد الإضافية للقيام بجلسات منتظمة من العمل العميق، هو أن تجد أنَّ ضبطك لنفسك قد أصبح أقوى. لأنَّ الانضباط الذاتي هو أساس تحقيق الكثير من الأمور في هذه الحياة، بدءاً من تحقيقك لأهدافك، وصولاً إلى تحسُّن صحتك وعلاقاتك.

14. سوف تتحسّن كفاءتك:

في عالم تكثر فيه الملهيات، يصعب علينا كثيراً أن نُنجزَ عملنا بفعالية. إذ غالباً ما نسقط في فخِّ التسويف والمماطلة. ذلك لأنَّنا نحاول دائماً أن نولي اهتمامنا لأشياء كثيرة جداً.

تتيح لنا الممارسة اليومية للعمل العميق أن نركز على مهمة واحدة، وهو ما يقودنا إلى إنجازها بكفاءةٍ أكبر.

15. تبدأ المشاريع بالاكتمال، بعد أن تكون قد بدأت تعتقد أنَّها لن تكتمل أبداً:

هذه واحدة من أكبر الفوائد التي سوف تجدها في العمل العميق. إذا كانت هنالك مشاريع عدَّة تشعر بأنَّها إما ضخمةٌ جداً، أو غايةٌ في التَّعقيد لدرجة أنَّك لن تقدر على إكمالها. بعد بضع جلسات من العمل العميق، سوف تبدأ بإحراز تقدمٍ ملموسٍ في العمل على تلك المشاريع، وبعد فترة قصيرة فقط، ستجد نفسك في طريقك إلى الانتهاء منها.

16. ستوَفِّق بشكلٍ أفضل ما بين حياتك المهنية وحياتك الخاصة:

إنَّ العديد من أسباب صعوبة إيجاد توازن جيد بين العمل وحياتنا الشخصية، مردُّها أنَّ الكثير من العمل الموكل إلينا يتم إنجازه بشكلٍ متقطِّع. وعندما يحدث هذا، غالباً ما يتعين علينا أن نعمل في المساء أو في عطلات نهاية الأسبوع لنلحق بركبِ العمل.

يمنع العمل العميق هذا الأمر من أن يحدث. ذلك لأنَّك تعمل على مهامك الضرورية في حالة تركيزٍ تام، مما يؤدي إلى إكمال المزيد من المهام الملقاة على عاتقك ضمن مواعيد مقررة.

17. ستقدر على أن تُميز ما بين العمل الهام وغير الهام:

يُجبرُك العمل العميق على أن تحدد ما هو العمل الهام، وما هو العمل الذي سيكون له أكبر أثرٍ إيجابي على مشاريعك. إذ أنت عندما تبدأ في ممارسة العمل العميق بانتظام، ستركز أكثر على المهام ذات القيمة العالية، وبدرجةٍ أقل على المهام ذات القيمة المنخفضة.

6 خطوات لاستخدام العمل العميق من أجل زيادة إنتاجيتك:

1. خصص كُتلاً زمنية ضمن جدولك الزَّمني:

الخطوة الأولى للاستفادة من العمل العميق هي تخصيص “كتلة زمنية” له ضمن جدولك الزمني. للقيام بذلك، راجع جدولك الزمني لليوم التالي، وحدد أين ستتوفر لديك ساعةٌ أو ساعتَي فراغ تخصصها للعمل المركّز.

من الناحية المثالية، ساعة واحدة في الصباح وساعة واحدة بعد الظهر هو كلُّ ما تحتاج إليه، ولكن عليك أن تتحلى بالمرونة. فإذا توفَّر لديك وقت فراغٍ في الصباح، وكان عليك أن تحضر اجتماعات متتالية في فترة ما بعد الظهر، فقم بتخصيص هذه الكتلة الزمنية في الصباح فقط.

2. ابدأ بمهام صغيرة:

إذا لم تخصص مسبقاً كُتلاً زمنية للعمل المركز، فابدأ بمهام صغيرة. إبدأ بثلاثين دقيقة، وزِدْ الوقتَ تدريجياً. لا أعتقد أنَّه سيصعُب عليك أن تجد 30 دقيقة يومياً تخصصها للجلوس في مكان هادئ وتباشر عملك. وبمجرد ما إن ترتاح في العمل لمدة 30 دقيقة، قم بزيادة الوقت إلى ساعة واحدة. وستفاجئ بكمِّية العمل التي يمكنك انجازها خلال ساعة واحدة. لذا اسعَ لأن تصل بأسرع ما يمكن إلى جلسة عمل عميقة مدتها ساعة واحدة في اليوم الواحد. وستكون هذه الساعة الواحدة كفيلةً بأن تزيد من إنتاجيتك بشكل كبير.

3. قرر ما ستعمل عليه في اليوم السابق:

إنَّها خطوةٌ بالغةُ الأهميَّة. فإن لم تخطط مسبقاً لما ستعمل عليه قبل أن تجلس للقيام بجلسة عملٍ عميق، فسوف تُضيعُ وقتاً ثميناً وأنت تبحث عن أمرٍ لتقوم به. لذا خطط مسبقاً.

أوصي بأن تُخصِّصَ 10 دقائق قبل أن تنتهي من يومك، من أجل أن تقرر ما ستعمل عليه في وقت عملك المركز لليوم الذي يليه. والفائدة الإضافية التي سوف تجنيها من قيامك بذلك هي إعطاء عقلك الباطن وقتاً يُطوِّر فيه بعض الأفكار الإبداعية للمشروع الذي ستعمل عليه.

4. جد مكاناً هادئاً كي تعملَ فيه:

إن بقيت في موقع عملك الاعتيادي وحاولت القيام بأعمالك المركزة، فستتمُّ مقاطعتك من قبل أحدهم من أجل شيء ما. لذا حاول العثور على مكان هادئ تقوم فيه بعملك. وإن كنت في مكتب، فابحث عن غرفة اجتماعات حيث يمكنك أن تعمل دون أن يُزعجك أحد. أو إن أُذِنَ لك بذلك، فقم بجلسة عمل عميقة في مقهى محلي أو من المنزل.

ما تبحث عنه هو مكان منتظم يمكنك القيام فيه بعملك العميق، مما يتيح لك أن تدخل بسرعة في جوِّ العمل المركَّز. إنَّ استخدام نفس المكان سوف يضعك ضمن حالةٍ ذهنيةٍ صحيحة بمجرد ما إن تجلس وتباشر عملك.

5. ابحث عن أفضل وقت لديك:

تختلف طبائع النَّاس عن بعضهم البعض. فالبعض منهم هم أناسٌ “صباحيون” بطبعهم (يكونون في قمة نشاطهم صباحاً)، والآخرون ليليون بطبعهم. ولكي تستفيد حقاً من العمل العميق، قم بجدولة جلسات عملك العميقة ضمن الوقت الذي تكون فيه في أفضل حالاتك.

ابحث عن أفضل وقتٍ بالنِّسبة لك، قد يكون في الصَّباح الباكر. إذ بإمكانك أن تقوم بكل أعمالك المركزة بين السَّاعة 6 إلى 8 صباحاً. وعليك اختيار الوقت الذي تجد أنَّه تقل احتمالية أن تتم مقاطعتك فيه.

6. كن مُتّسقاً:

لكي تحصل على فائدة كاملة من جلسات العمل العميق، يجب عليك أن تكون متسقاً. فالاتساق يتطور ليصبح عادات. إذ بمجرد ما إن تعتاد على مراجعة تقويمك في اليوم السابق، وبمجرد ما إن تخصص جلستين يومياً تقوم فيهما بالعمل العميق، حتى يتحول لمجرد شيءٍ تقوم به فقط.

إن قضاء الوقت باستمرار في وضع العمل العميق، سيعود عليك بسرعة بزيادة الإنتاجية وتقليل التوتر.

7. لا تقم أبداً بوضع الأعذار لنفسك:

لا تسمح لنفسك أبداً بتقديم عذر لعدم القيام بجلسة عمل عميق مجدولة. بالطبع، ستكون هناك أوقات تحدث فيها حالةٌ طارئة ويتوجبُ عليك فيها إعادة الجدولة. لكن لا تسمح لنفسك أبداً بتقديم أعذار مثل: “أنا متعب للغاية” أو “لست في مزاج يمكنني أن أعمل فيه”.

إذ بمجرد ما إن تسمح لنفسك بإيجاد ذريعة لعدم القيام بجلسة عملك العميقة، فسوف تتوقف عن القيام بها.

كن صارماً مع نفسك، وضع استراتيجيةً لجدولة جلسات عملك العميق. فإن كنت تعلم مسبقاً أنَّك ستسهر مع أصدقائك إلى وقت متأخر، فلا تحدد موعداً لجلساتك تلك في وقت مبكر من صباح اليوم التالي. وإن كان من المحتمل أنَّ يَطُولَ أحد اجتماعاتك المسائية، فلا تحدد عندئذٍ موعد جلسة عمل عميق لما بعد ذلك الاجتماع.

الخلاصة:

إنَّ القدرة على التركيز تعتبر مهارة قيّمة إن كنت راغباً في النَّجاح وتحقيق أهدافك. لذا فإنَّ ممارسة العمل العميق سوف تحررك من الملهيات، وتفيد عملك وحياتك على الصَّعيدين المهني والشخصي. كل ما عليك فعله هو أن تقرر متى ستقوم بذلك.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!