‘);
}

فلسفة الألوان في تحليل الشخصيَّة

يُمكن وصف الألوان بأنّها اللغةُ الصامتة التي يتواصل بها الآدميّون والحيوانات والنباتات وحتَّى الجمادات، فهي أحد أهمِّ عناصر التّواصل غير المَحكيِّ أو غير اللفظيِّ التي تملأُ الطَّبيعة وتحيطُ بجميع الكائنات، ويصفُ العاملون في علم النَّفس الألوان بأنَّها أحد أهمِّ محدِّدات السُّلوك البشريِّ؛ إذ يتأثَّر الإنسانُ بالألوان من حوله ويتبنَّى على الأغلب أحدها أو أحد مجموعاتها ليتآلف معه، ويُشير ذلك إلى وجود علاقةٍ بين شخصيَّة الإنسانِ وانطباعاته أو انعكاساته مع ما يألفه أو يرغبه أو يختاره من الألوان؛ ليؤثِّر ذلك أيضاً على تواصلهِ مع الآخرين وتأثيراته المزاجيَّة والسُّلوكيَّة، وتختلفُ الألوانُ في تأثيرها بينَ الأفراد اختلافاً كثيراً؛ إذ تتداخل مجموعةٌ من العوامل في تمييز أثر الألوانِ واستحكامها في الأفراد كالجنسِ والعمر وغيرها من العوامل.[١]

وظائف الألوان

تؤثّر الألوان في الإنسانِ بنواحٍ متعدِّدة تبعاً للمعاني التي يُكوِّنها الأشخاص والثَّقافات تجاه اللونِ من جهةٍ، وللتأثير الفسيولوجي الذي تُكوِّنه الألوان من جهة أخرى، علاوةً على الاستجابةِ النفسيَّة والعاطفيَّة والمتغيِّرات الثقافيَّة والجغرافيَّة والبيئيَّة وغيرها، وتُفيد الألوانُ تبعاً لذلك كلِّه تنوعاً منتظماً في الوظائف التي تُقدِّمها للإنسانِ بحسب اختياره وجغرافيَّته، وبما يتناسب مع حضارته ومجتمعه على مرِّ التَّاريخِ. شهدت الألوانُ توظيفاتٍ مختلفة لتنوبَ عن قُدسيَّاتٍ شتَّى، منها الدِّينيُّ والبيئيُّ والآيدولوجيّ، وما زالت بعض الألوانِ تُدلِّلُ مُنفردةً أو مجتمعةً على رموزٍ قُرِنَت بها بفتراتٍ تاريخيَّة سابقةٍ، لكنَّها احتفظت بمدلولاتها حتَّى صارت سمةَ الرَّمز وتعريفه، ومثالُ ذلك ما حملته القرون الوسطى من ترميزِ الرُّسوماتِ الدَِّينيَّةِ بألوانٍ خاصَّةٍ تحملُ دلالاتٍ معيَّنةٍ لا يُستخدمُ للتعبيرِ عنها سوى لونٌ بعينه، فالقُدسيَّةِ يُمثِّلها اللون الأصفرُ، والنَّقاءُ يمثِّله اللون الأزرق، فيما يدلُّ اللونُ الأحمر على العاطفة والإقبال على الدُّنيا، ويرمز الأخضر للأمومة والخصوبة، ويُعزِّزُ توظيفُ الألوانِ بصورتها الحضاريَّةِ تعبيرها عن الموروثاتِ الثَّقافيَّة للشُّعوب والحضاراتِ وتخليدها في الرَّكائز الأسطوريَّةِ التي نسجت دلالاتِ الحضارةِ وعلاماتها.[٢]