‘);
}
الفرق بين الرؤيا والحلم
هناك عدّة فروقات بين الرؤى والأحلام من عدّة جوانب؛ إذ يختلف مصدر ومضمون الرؤى عن الأحلام، كما تختلف الغاية من كلٍّ منهما، وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك في عدّة أحاديث، وسيتمّ فيما يأتي بيان الفروقات بين الرؤيا والحلم بشيءٍ من التفصيل:
الفرق من حيث المصدر
يختلف مصدر الرؤيا عن مصدر الحلم، وبيان ذلك كما يأتي:[١]
- مصدر الرؤى
الرؤيا مصدرها من الله -عز وجل-، ودلّ على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤْيا مِنَ اللَّهِ)،[٢] وفي رواية: (الرؤيا الصالحة من الله)،[٣] وقال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا رَأَى أحَدُكُمْ رُؤْيا يُحِبُّها فإنَّما هي مِنَ اللَّهِ)،[٤] وغالباً ما تكون الرؤى من أهل الصدق والصلاح.
‘);
}
حيث يوكل الله -تعالى- ملكاً ليصوّر الرؤيا للرائي في نومه،[٥] كما أنّ الرؤيا جزء من النبوّة، ففي الحديث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِن سِتَّةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ).[٦]
- مصدر الحلم
مصدر الحلم من الشيطان، ودلّ على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الحُلْمُ مِنَ الشَّيْطانِ)،[٢] ومن الأحلام أيضاً ما كان مصدره ما يُفكّر به الإنسان وتحدّثه به نفسه، أو مما يعيشه في يومه، فينعكس ذلك فيما يراه أثناء نومه، وكلّ ذلك لا تأويل له،[٧] ففي الحديث: (الرُّؤيا ثلاثٌ، فَرؤيا حقٌّ، ورُؤيا يحدِّثُ الرَّجلُ بِها نفسَهُ، ورؤيا تحزين منَ الشَّيطان).[٨]
الفرق من حيث المضمون
يُفرَّق بين الرؤيا والحلم من حيث مضمونها وأحداثها كما يأتي:
- مضمون الرؤيا
يدلّ مضمون الرؤيا على الخير، وتأتي على هيئة مفهومة واضحة المعالم والتفاصيل، وليس فيها غموض،[٩] ثمّ إنّ صاحبها يبقى متذكِّراً لأحداثها، ولا ينساها لوقتٍ طويل، وتكون كأنّها حقيقة أمام الشخص لشدّة وضوحها.[١٠]
- مضمون الحلم
يُطلق مصطلح الحلم على ما يراه النائم من الشرّ في منامه،[١١] وعادة ما تكون أحداث الحلم غير مفهومة أو مشوّشة وغير منطقية، وقد ينسى الرائي منها الكثير من التفاصيل، ويُذكَرُ في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ رجلاً رأى في المنام أنّ رأسه قد قُطعت وهربت منه، فذهب إلى النبيّ وأخبره عمّا رآه، فبيّن له النبي أنّ ذلك حلم من تلاعب الشيطان.[١٢]
يقول جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، رَأَيْتُ في المَنَامِ كَأنَّ رَأْسِي ضُرِبَ فَتَدَحْرَجَ فَاشْتَدَدْتُ علَى أَثَرِهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِلأَعْرَابِيِّ: لا تُحَدِّثِ النَّاسَ بتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بكَ في مَنَامِكَ وَقالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بَعْدُ، يَخْطُبُ فَقالَ: لا يُحَدِّثَنَّ أَحَدُكُمْ بتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ به في مَنَامِهِ).[١٣]
الفرق من حيث الغاية
إنّ للرؤى مقاصد وغايات مختلفة تماما عن الأحلام، وتوضيح ذلك فيما يأتي:[١٤]
- الغاية من الرؤيا
تأتي الرؤيا إمّا لتبشير المؤمن بقدوم الخيرات والمسرّات له، أو تحذيراً له من أمرٍ ما؛ كالوقوع في معصيةٍ ما، أو اتخاذ قرار خاطئ، أو تنبيهاً له، وتكون هذه البشارات أو التحذيرات إشارات من الله -عز وجل- للمؤمن لتبصيره ورسائل لإرشاده، وهي بذلك تحمل دلالات الخير للرائي، يقول أبو العباس القرطبي: “البشرى من الله أي مبشرةً بخير، ومحذرةً عن شر، فإن التحذير عن الشر خيرٌ، فتضمَّنته البشرى”.[١٥]
- الغاية من الحلم
يكون الحلم من الشيطان لكي يُحزن المؤمن، ويخوّفه، ويُقلقه، ويكدّر عليه صفو يومه، فقد يُصوّر له أمور مخيفة أو محزنة، وهي في الأصل لا أساس لها من الصحّة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرؤيا ثلاثة: منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم..).[١٦]
الفرق من حيث أدب التعامل معها
هناك عدة آداب يحسن بالمسلم فعلها بعد الرؤيا أو الحلم، ولكلّ منها آداب مختلفة، وفيما يأتي بيانها:
- آداب بعد الرؤيا: يُسنّ من الآداب بعد الرؤيا ما يأتي:[١٧]
- يُسنّ شكر الله وحمده عليها، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رَأَى أحَدُكُمْ رُؤْيا يُحِبُّها، فإنَّما هي مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عليها ولْيُحَدِّثْ بها).[٤]
- يُسنّ استبشار الرائي بما رأى، وأن يُحدّث بها من يحبّه ويثق به.[١٨]
- إخبار أهل الاختصاص الموثوق بهم دون غيرهم، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤيا على رِجْلِ طائرٍ ما لم تُعبَرْ، فإذا عُبِرَتْ وقَعَتْ، قال: وأحسَبُهُ قال: ولا يقُصُّها إلَّا على وَادٍّ، أو ذي رأيٍ).[١٩]
- أن يعلم صاحبها أنّ أمر تحقّقها يبقى في علم الغيب، فقد تتحقّق بعد وقت قصير، وربما تتحقق بعد زمنٍ طويل، وقد لا تتحقّق، فيبقى ذلك في علم الله، وتبقى دلالاتها ظنّية.
- آداب بعد الحلم: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا رَأَى ما يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ باللَّهِ مِن شَرِّهَا، ومِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، ولْيَتْفِلْ ثَلَاثًا، ولَا يُحَدِّثْ بهَا أحَدًا؛ فإنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ)،[٢٠] لِذا يُسنّ بعد رؤية الأحلام المزعجة فعل ما يأتي:[٢]
- يُسنّ الاستعاذة من الشيطان ومن شرّ ما رآه النائم.
- أن يتفل الرائي على شماله -يبصق دون ريق- ثمّ ينام على جانبه الآخر.
- الوضوء وصلاة ركعتين لله مع الدعاء فيها بأن يصرف الله عن الرائي شرّ ما رآه.
- يُسنّ عدم إخبارها لأحد.
المراجع
- ↑مسعد الحسيني، منهج محمد بن عبد الوهاب في التفسير، المدينة المنورة:الجامعة الإسلامية، صفحة 343. بتصرّف.
- ^أبترواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:7005، صحيح.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:6986، صحيح.
- ^أبرواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم:6985، صحيح .
- ↑ [ابن عثيمين]، فتاوى نور على الدرب للعثيمين، صفحة 2. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:6989، صحيح.
- ↑[التويجري، حمود بن عبد الله]، الرؤيا، صفحة 48. بتصرّف.
- ↑رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2280، حسن صحيح.
- ↑عبد الكريم الخضير، التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، صفحة 26. بتصرّف.
- ↑“أنواع الرؤيا، والمعيار الذي يدل على صدقها”، إسلام ويب، 10/10/2010، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021. بتصرّف.
- ↑سهل العتيبي، الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين، صفحة 65. بتصرّف.
- ↑محمد بن عثيمين، فتاوى نور على الدرب، صفحة 2. بتصرّف.
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2268، صحيح.
- ↑محمد الهرري، الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (الطبعة 1)، مكة المكرمة:دار المنهاج، صفحة 430، جزء 22. بتصرّف.
- ↑سهل العتيبي، كتاب الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين، صفحة 139. بتصرّف.
- ↑رواه الألباني، في صحيح الجامع الصغير وزياداته، عن عوف بن مالك، الصفحة أو الرقم:3534، الحديص صحيح.
- ↑الشيخ صلاح نجيب الدق، “آداب الرؤى والأحلام”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 8/5/2022. بتصرّف.
- ↑مجموعة مؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 243. بتصرّف.
- ↑رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي رزين العقيلي، الصفحة أو الرقم:5020، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
- ↑رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:7044، صحيح .