في الحقيقة تُعتبر مشاكل العائلة واحدة من أشد الصعاب التي تواجه البشر في حياتهم، فالعائلات مهما بلغ استقرارها وتناغم أفرادها فإن مآلها في النهاية إلى الشجار وحدوث المشاكل، مهما حاولت فلن تُنتج عائلة مثالية مئة بالمئة، في النهاية ستحدث المشاكل التي لا مفر منها، والتي تكون لأسباب بسيطة لا تستحق وأسباب كبرى تستحق، لكننا لن نختلف حول الأسباب الآن، ما يعنينا فقط المولود الذي يحدث للأسباب، وهو المشاكل، وليست مجرد مشاكل بسيطة، بل إنها مشاكل عائلية قد تأخذ تطورات كبرى تؤثر على أحد أفراد العائلة بالسلب، وهنا يتمحور مقالنا بأكمله، حيث مشاكل العائلة وكيفية فصل نفسك عنها بأبسط الطرق الممكنة من أجل التركيز في عملك، فدعونا نتعرف على ذلك سويًا فيما هو قادم من سطور، لكن، قبل أن نبدأ بالمشاكل علينا أولًا وضع تعريف شامل للعائلة.
ما هي العائلة؟
العائلة ببساطة هي كل شيء، هي الوطن والحياة الكاملة التي يعيشها كل فرد داخل حيز العائلة، لا يمكننا أبدًا تخيل حجم المعاناة التي قد يعيشها شخص بسبب وجود عائلة له، ولهذا فإن أسوأ الناس حظًا هم الذين فقدوا عائلتهم، أو الأيتام كما يتم تسميتهم، ومهما حاولت مؤسسات مثل دور رعاية الأيتام النهوض بالأفراد معدومي العائلة وتعويضهم عن عائلتهم المفقودة فإنهم يفشلون فشلًا ذريعًا في ذلك، لأن العائلة ببساطة شيء لا يُمكن تعويضه بأي شكل من الأشكال.
إطلاق اسم العائلة جاء بالمعنى الحرفي من الإعالة، بمعنى أن أفراد كل عائلة مُلزمون من كبير تلك العائلة الذي يقوم بإعالتهم، وهناك من يقول إنها جاءت من لفظ عيل، عيل وعيل وآخرين يكونون في النهاية عائلة، والواقع أنه لا جدال على أن أول عائلة في تاريخ البشر هي تلك العائلة التي قادها سيدنا آدم وانتشرت فيما بعد في كل مكان على الأرض مكونةً بذلك العوالم والحضارات التي نراها الآن، أرأيتم إلى أي حد يُمكن أن تصل العائلة؟
مميزات وجود العائلات
هل تعرفون لماذا تؤثر مشاكل العائلة على الأفراد الموجودين داخل محيطها؟ ببساطة لأنهم يُصابون بألم ووجع في الرأس كنتيجة لتلك المشاكل، وأيضًا يفقدون أهم المميزات التي تتوافر لهم مع وجود تلك العائلات، وإذا أردنا أن نسلك منهجًا صحيحًا في تناولنا لتأثير مشاكل العائلة على الأفراد فنحن مُطالبون أولًا بتناول مميزات وجود العائلة ثم مشاكلها، وذلك حتى يمكننا التشبث الحقيقي بحل تلك المشكلات، وطبعًا على رأس المميزات يطل علينا بث الشعور بالأمان.
بث الشعور بالأمان
أن تكون لك عائلة فهذا يعني أن لك ظهر وحماية من نوع خاص، والأهم من كل ذلك أنك سوف تشعر بالأمان لأقصى درجة يمكن تخيلها، يكفي أن تعرف في بداية اليوم أن مآلك في النهاية الارتماء في أحضان العائلة، هذا إذا كنا نتحدث عن العائلة الصغير المكونة من أب وأم وزوجة وأولاد، أو العائلة الكبيرة المكونة من عدة بيوت، والتي ستُفضل دومًا الوقوف في ظهرك مهما كان موقفك، فقد لمجرد كونك فرد من أفراد نفس العائلة، إنه ببساطة الأمان كما يجب أن يكون.
ضمان التكافل والمساعدة
عندما تكون تحت ظل العائلة فهذا يعني أيضًا أنك لن تحتاج غالبًا إلى مساعدة أي شخص غريب، فمنذ قديم الأزل والعائلات تساعد أبناءها بكل الطرق الممكنة ويقومون بنوع من أنواع التكافل معهم، لذلك يقولون دائمًا أن العائلة سقف فوق رؤوس كل أفرادها، والحقيقة أن الذين يقومون بمساعدتك في عائلتك لا يشعرون أبدًا أنهم يمنون عليك، بل يعتبرون ذلك واجب أصيل من واجباتهم، هذا الواجب يؤدونه بكل حب وإخلاص، هذه هي العائلة كما يجب أن تكون، لذلك ليس علينا أن نغضب ونتنصل من العائلة لمجرد حدوث بعض المشاكل المُحتملة الحل.
كثرة طرق الترفيه
ربما سيدهشكم ذلك، لكن العائلة هي أكبر سبيل للترفيه يُمكن العثور عليه في يوم من الأيام، وتخيلوا مثلًا أنكم بدون عائلة، فلا توجد محافل أو أفراح أو مناسبات ستتجمعون فيها على الطاولة من أجل التحدث وإلقاء النكات، ستكون حياة كئيبة بلا شك، ولذلك فإن العائلة تُعتبر من أبرز سبل الترفيه، حتى أنها تفوق الأصدقاء والأحباب، فأمام عائلتكم يُمكنكم أن تفعلوا أي شيء لأنكم ستجدون فيها الملاذ والدفء، إضافة إلى أنهم سوف يكونون متاحين دائمًا للترفيه بخلاف أصدقائك الذين ستجدهم غالبًا منشغلين مع عائلتهم، في النهاية كما ذكرنا تبقى العائلة هي الملاذ.
تحمل أخطائك الكثيرة
بالتأكيد أنت لن تتوقف عن الخطأ طوال حياتك، لكن الشيء الأكثر تأكيدًا أن من حولك من الأصدقاء والأحباء لن يكون بإمكانهم تحمل تلك الأخطاء على طول الخط، هل تعرف من سيفعل ذلك ويتحملك بعيوبك؟ عائلتك فقط، وذلك لأنها ببساطة هي الملاذ، نعود ونكرر أنها الشيء الوحيد المتبقي لك على الأرض، الجميع سوف يُخالجهم لحظات يُريدون فيها الهرب منك، ولحظات تُريد أنت الهرب فيه إلى الناس ولن يتقبلك ولا يهرب منك سوى عائلتك، هؤلاء فقط من بإمكانهم احتواءك، ولذلك فإنه لا يوجد كيان آخر مهما بلغت قوته وقرابته القلبية منك يُمكن أن يفوق عائلتك، كل هذا جميل، لكن، نحن الآن لا نُعدد فوائد وجود العائلة بغرض تذكيرك بها، وإنما كي نصل بك إلى النقطة التالية، وهي تلك التي تتعلق بمشاكل العائلة التي ستحدث وتضطرك إلى اللجوء لفصل نفسك عنها والتركيز في عملك.
مشاكل العائلة وأسبابها
ذكرنا فيما مضى أن كيان العائلة يظل قائم كما هو مع مرور الوقت، لكن الجبل كذلك يظل قائم للأبد، مع إمكانية تعرضه لبعض الهزات، وهكذا العائلة، يُمكن أن تحدث بها بعض الهزات أو المشاكل، وقبل أن نذكر الطريقة التي يُمكنك من خلالها فصل نفسك عن المشاكل التي تتعرض لها العائلة دعونا نتعرف أولًا على أهم المشاكل المُعرضة أي عائلة صغيرة أو كبيرة مواجهتها، وعلى رأس تلك المشاكل بالطبع شجار الأب والأم.
شجار الأب والأم
من أسوأ البيوت التي تعيش فيها العائلات حياة مُهددة بالتدمير هي تلك البيوت التي يُسمع فيها دائمًا أصوات لشجار الأب والأم، فهذان الشخصان هما كل شيء بالنسبة للعائلة الصغيرة المتمثلة في الأبناء، لذلك عندما تهتز صورتهما من خلال الشجار فإن الأبناء يتأثرون تأثرًا كبيرًا جدًا ويتشتتون عن المذاكرة أو الانتباه لدروسهم، وسوف تراهم دائمًا شاردي الذهن على الرغم من أن الشجار في الأصل بين والديهم، لكنهم يتأثرون أكثر منهم، وطبعًا هذا أمر نلاحظه جدًا، ولذلك عندما يرى المدرس طفل بهذه الصفات فإن أول سؤال يسأله له يكون عن حالة والديه وهل هما على توافق أم لا؟
تراكم الديون على العائلة
الديون كذلك من الأشياء التي تكسر الظهر وتُعد من أبرز مشاكل العائلة، فالطفل أو الشاب الذي يعيش في البيت يعرف جيدًا أن والداه في حالة ضعف شديد بسبب الديون، حالة ضعف تقترب من الذل، ويعرف كذلك أنه هو السبب الرئيسي في تلك الحالة لكون والديه قد اقترنوا من أجله هو وأخوته، والأكثر وجعًا أن يعرف جيدًا ما الذي سيحدث لوالديه حالة عدم دفعهما للديون، أليس هذا سببًا كافيًا كي يشعر بالألم؟
شجار الأم والزوجة
إذا كنت متزوجًا حديثًا فبالتأكيد أنت تعرف القدر الحقيقي للمشاكل التي تكون بين زوجتك ووالدتك، فهما سيُصبحان مثل القط والفأر، الأدهى أنك لن تكون قادرًا الانتصار لشخص دون الآخر لأن كلاهما قطعة منك، وهنا تتصدر لك واحدة من أهم مشاكل العائلة وأكثرها صعوبة، والتي تُلزمك أن تبحث عن حلول لها من أجل ضمان عدم التأثر بها.
طلاق الأب والأم
الأب والأم كما ذكرنا من قبل هما كل شيء بالنسبة للعائلة الصغيرة، وفي حالة حدوث الخلافات بينهما فإن الأطفال يتأثرون تأثرًا كبيرًا، تخيلوا إذًا أن الأمر لم يتوقف عند الخلافات وإنما وصل إلى حد الطلق، بالتأكيد سوف تكون هذه واحدة من أكبر مشاكل العائلة، والتي لم تعد عائلة من الأساس بسبب انفصال المؤسسين لهذه العائلة، عمومًا، ما يعنينا الآن هو أنت، الولد المسكين الذي مزقته المشاكل، كيف ستتمكن من فصل نفسك عنها والتركيز في عملك أو دراستك؟
التخلص من مشاكل العائلة
ذكرنا من قبل بعض مشاكل العائلة التي من شأنها تدمير أي شخص مهما كانت قوته، فهي تطال الجزء الخفي منه، وهو الجزء النفسي، وإذا تدمرت نفسية الرجل فإن كل شيء بعدها سوف يتدمر، عمومًا، دورنا الآن أن نذكر بعض الطرق التي من شأنها فصلك عن تلك المشاكل للتركيز في عملك ودراستك، وعلى رأس تلك الحلول طبعًا ترك البيت فترة مؤقتة.
ترك البيت لفترة مؤقتة
إذا ما كنت تُعاني بشدة في بيتك بسبب مشكلة العائلة التي تملأه، وإذا لم تكن مُطالب بأي مسئوليات، وإذا كنت كذلك قادر على إعالة نفسك، فإن الحل الأمثل في هذه الأوقات هو ترك البيت وعزل نفسك تمامًا عن كل شيء من شأنه أن يؤثر عليك، خاصةً إذا ما كنت طالب وُمطالب بالتركيز في دراستك، لكن طبعًا الترك يكون لفترة مؤقتة ولا يجب أن يأتي من الأنثى بسبب العادات والتقاليد التي لا تُتيح للأنثى ترك بيتها تحت أي ظرف.
اشغل نفسك بأمور أخرى
لا تشغل نفسك بمشاكل العائلة وحاول أن تشغلها أفضل بأمور ترفيهية أخرى، المشاكل ستمر بلا شك، وإذا ما كنت مُطالب بالحل أو غير قادر عليه فإن الحل الأمثل بالنسبة لك في هذه الأوقات هو أن تشغل نفسك بأي شيء من شأنه أن يشغلك، سواء كان الشغل بعمل جديد أو جلسة مع صديق أو اشتراك في نادي اجتماعي، أو أي طريقة من طرق الترفيه المباح بشكل عام.
تحدث مع الآخرين
في فترة المشاكل بالذات لا تنزوي وتُغلق غرفتك على نفسك ظنًا منك أنك بهذه الطريقة سوف تتمكن من الإفلات من مشاكل العائلة، هذا تصرف خاطئ، بل يجب أن تتحدث مع المقربين منك من خارج العائلة عن المشكلة وتستمع إلى آرائهم وحلولهم، والتي قد تُفيد في النهاية وتأتي بنتيجة إيجابية.
اكتب بنفسك لنفسك
من أهم طرق الانفصال عن مشاكل العائلة والانفصال عن العالم عمومًا أن تقوم بالكتابة عن نفسك بنفسك وتفضفض لها بكل ما تمر به، هذا من شأنه أن يُريحك ويُخرج شحنة الإحباط التي تعج بها، ثم بعد ذلك قطع تلك الأوراق التي كتبت بها وكأن شيئًا لم يكن، أرأيت كيف أن الأمر بسيط جدًا؟