كيف تقوم بمحادثة قصيرة (دردشة)، إقامة الاتصالات وخلق الفرص

ماذا تعني "الدردشة أو المحادثة القصيرة" بالنسبة لك؟ ربّما تفكّر بها كـبدايةٍ للأحاديث للاستمتاع قليلاً قبل مناقشة العمل الرئيسي. أو ربّما يتبادر إلى الذهن أنّها تلك الدردشات حول الطقس عند آلة القهوة، أو في المكتب وعند المصعد في صباح يوم عمل. أو ربّما لديك رعبٌ منه، وترى أنّه صعب، ومصطنع أو مبتذل؟ سنستكشف في هذه المقالة كيف يمكنك إجراء المحادثات القصيرة، وكيف يمكنك الاستفادة منها في العمل وفي حياتك الاجتماعية. كما نلقي نظرةً أيضاً في كيفية تجنّب بعض عثرات الدردشات.

Share your love

تُعتبر الدردشة أمراً سهلاً لبعض الناس، فلديهم دائماً ما يقولونه ويمكن لهم الدخول بالمحادثة في أيّ موقفٍ تقريباً، أما بالنسبة لأناس آخرين، فالقيام بذلك أمرٌ بعيد المنال. يمكن أن يكونوا في غرفةٍ مع أشخاص يحرصون على التحدّث إليهم، لكنّ الكلمات تأبى الخروج. إذا كنت تكافح من أجل إجراء محادثةٍ قصيرة، فلا تقلق لأنّها مهارةٌ يمكنك تعلّمها. في هذه المقالة، سنستكشف كيف يمكنك إجراء المحادثات القصيرة، وكيف يمكنك الاستفادة منها في العمل وفي حياتك الاجتماعية. كما نلقي نظرةً أيضاً في كيفية تجنّب بعض عثرات الدردشات.

ما هي المحادثة القصيرة (الدردشة)؟

كان عالم الأنثروبولوجيا البولندي “برونيسلاف مالينوفسكي” أوّل شخصٍ يدرس “المحادثة القصيرة” (Small Talk) في عام 1923، ووصفها بأنّها: “تعبيرات غير هادفة عن التفضيل أو النفور، للأحداث غير المتعلّقة بشيء، بالإضافة إلى التعليقات على ما هو واضحٌ تماماً”. وبعبارةٍ أخرى، التحدّث من أجل أن تكون اجتماعياً فقط، بدلاً من توصيل المعلومات.

يمكن للحديث القصير (أو اللغو) أن يكون فارغاً وسطحيّاً، ولكن بعيداً عن ذلك، فهو واحدٌ من أكثر مهارات الاتّصال المُستخفّ بها وهو مُهِمٌّ بشكلٍ كبيرٍ في العديد من ثقافات العمل، ويمكن أن يكون عنصراً حاسماً في كلّ من العلاقات الاجتماعية وفي حياتك اليومية أيضاً.

لماذا تُعتبر المحادثة القصيرة مهمّةً جدّاً؟

تكمن أهمية الدردشة أو المحادثة الصغيرة (القصيرة) في مكان العمل في الروابط التي تخلقها، بدلاً من الكلمات الفعليّة التي يتمّ التحدّث بها. ببساطة، إنّ الدردشة مع الزملاء والعملاء يمكن أن تبني علاقاتٍ جيّدة وتصنع اتّصالاتٍ إيجابيّة تنجح مع العملاء المُحتملين. بالإضافة إلى بناء وتعزيز الروابط الاجتماعية الخاصّة بك.

يؤدّي الانطباع الأول الجيّد إلى جعل الأعمال تتكلّل ببدايةٍ جيّدة. ومعرفة كيفية إجراء محادثةٍ قصيرةٍ يمكن أن يساعدك على تحقيق ذلك من خلال بناء صلةٍ وثقةٍ مع الأشخاص الذين تتحدّث معهم. يمكن للدردشة القصيرة أن تنقلك إلى أبعد من مجرّد إعطاء انطباعٍ أوّليٍّ جيّد. على سبيل المثال، قد تؤدّي المحادثة القصيرة مع عميل مُحتملٍ إلى مناقشاتٍ جدّية أكثر حول العمل معه.

كيف تقوم بالدردشة القصيرة أو المحادثة القصيرة؟

قد يكون إجراء محادثةٍ قصيرة شيئاً ترهبه أو قد تكون شيئاً أنت مرتاحٌ به. في كلتا الحالتين، إنّها مهارةٌ يمكنك تعلّمها وتحسينها. هناك ثلاث خطوات لتطوير قدرتك على إجراء حديث قصير: كن مستعداً، ابدأ الحديث، قم بذلك مرةً أخرى:

1. كن مستعدّاً:

من المُحتمل أن يكون للاستعداد المُسبق مردودٌ كبير، وسيمنحك الثقة للانخراط في محادثةٍ قصيرة. إذا كنت قد أعددت بعض الأشياء لتقولها، فسوف تشعر بأنّك أكثر قدرةً على إجراء محادثةٍ مع شخصٍ ما، أو الانضمام إلى مناقشةٍ ما. إليك القليل من الأمور لتأخذها بالاعتبار:

  • خفّف الضغط عن نفسك: حاول أن تفكّر بشكلٍ إيجابي، أنت فقط تتطلّع إلى صنع انطباعٍ جيّدٍ وإنشاء اتّصالٍ مع شخصٍ ما، وليس لتحقيق صفقةٍ فورية.
  • ابدأ بشكلٍ بسيط: مارس التحيّات غير الرسميّة والإطراءات وابتسم كلّما سنحت لك الفرصة، عزّز ذلك ببطء عن طريق طرح سؤال أو اثنين.
  • ابقَ على اطّلاع: لا شيء يُنقض ثقتك بنفسك خلال محادثةٍ قصيرةٍ أكثر من أن لا يكون لديك ما تقوله، فحاول أن تكون على اطّلاعٍ بما يتحدّث الناس عنه. يمكن أن يشمل ذلك الأخبار، والأحداث المحليّة، والرياضة، وأخبار الصناعة.
  • قم بإعداد مقدّمة: السؤال الأكثر شيوعاً الذي يطرحه الناس هو: “إذن، ماذا تعمل؟ أجب إجابةً مُختصرةً ولكن ديناميكيّة تدعو إلى المزيد من الأسئلة. على سبيل المثال، قل: “أقوم بتدريب متطوّعي المبيعات الخريّجين ومساعدتهم في العثور على نقاط القوة لديهم”، بدلاً من الجواب المُمّل: “أنا أعمل في المبيعات”. يمكّنك ترك الناس راغبين في معرفة المزيد، من بدء محادثتك الصغيرة بشكلٍ جيّد، والتواصل معهم حقّاً.
  • قم بإعداد بعض المقدّمات القوية: فيما يلي بعض الأسئلة التي يمكنك طرحها لبدء محادثة:

    • “ما الذي تحبّه في (عملك / هذا الحدث / هذه المدينة)؟”.
    • “ما هو الشيء الأكثر إثارةً الذي سمعته هنا اليوم؟”.
    • “كيف كانت آخر جلسةٍ لك؟”.
    • “ما هو أفضل شيءٍ حدث لك اليوم؟”.
    • “أين كانت آخر مرّةٍ سمعت عرضاً تقديميّاً مثيراً للاهتمام بهذا الشكل؟”.

قد تفكّر في التمرين على مقدّماتٍ مُحتملة أو بداياتٍ لمحادثة قبل وصولك إلى الحدث، ويمكنك التفكير في تحديد نقاط المحادثة من الحدث نفسه. على سبيل المثال، قد تسمع شيئاً خلال جلسةٍ من شأنها أن تكون موضوعاً جيّداً للحديث مع زملائك الحاضرين خلال الاستراحة.

2. ابدأ بالكلام:

بمجرّد أن تشعر أنّك على استعدادٍ للانغماس مع الحضور، تحتاج فقط إلى بدء الحديث! تستطيع بدء محادثةٍ أو الانضمام إلى محادثةٍ تجري بالفعل. إذن كيف تبدأ؟

  • أولّاً، كن يقظاً للفُرص – استمع لتحصل على فرصةٍ للتّواصل مع الآخرين. على سبيل المثال، إذا سمعت شخصاً ما يذكر أنّه يقود سيّارةً من نفس طراز سيّارتك أو يشجّع فريق كرة القدم المفضّل لديك نفسه، استخدم ذلك كوسيلةٍ لبدء المحادثة.
  • ثانياً، إذا كنت تشعر بالقلق أو التوتّر، فاستخدم تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، والتركيز لتخفيف التوتّر. عندما تكون مرتاحاً، فستعبّر بشكلٍ طبيعيٍّ أكثر وبثقةٍ أكبر بالنفس.

3. استخدم طريقة A-R-E:

مع تطوّر ثقتك ومهاراتك في المحادثات الصغيرة، ابدأ بمزيدٍ من المحادثات. سيسمح لك ذلك بتوجيه المناقشات واستمرارها بدلاً من مجرّد المشاركة فيها. تقترح المدربة الصوتية الدكتورة “كارول فليمنغ” الخطوات الثلاث لطريقة A-R-E للوصول إلى هذه النقاط:

  • المُرتَكَز Anchor: قم بصنع ملاحظةٍ مُختصرةٍ حول تجربةٍ مشتركةٍ مع شخصٍ آخر كنقطةٍ لمحادثتك الصغيرة. يمكن أن يكون شيئاً عارضاً مثل: “يا له من يومٍ جميل”، أو “الطعام هنا مدهش”.
  •  الكشف Reveal: حاول إقامة اتّصالٍ معه. على سبيل المثال، قل: “إنَّ الطقس هنا العام الماضي كان فظيعاً”، أو “لقد أكلت في مطاعم رائعة ولكنّ هذا المكان يأتي في القمّة”، اكشف عن شيءٍ ما في نفسك وأعطه فرصةً للرد.
  • التشجع Encourage: اطرح سؤالاً لتحرّكه، مثل: “هل كنت في مؤتمر العام الماضي؟”، أو “كيف تقيّمه؟”.

4. عرض لغة جسد إيجابيّة:

يمكن أن تؤثّر لغة جسدك على نجاح حديثك القصير، اتّخذ وضعيةً جيّدةً واستخدم الإيماءات التي تُظهر أنّك ودودٌ وإيجابيٌّ وحماسيّ. على سبيل المثال، قف بشكلٍ مستقيم، واستخدم مصافحةً قويّة، وحافظ على الاتّصال البصري، وتجنّب لمس وجهك (لأنّه يُعتبر علامةً على عدم الصدق).

5. أقفِل بنجاح:

أخيراً، لا تقضِ وقتاً طويلاً مع شخصٍ أو مجموعةٍ – فقد يرغب كلاكما في التحدّث مع أشخاص آخرين، أيضاً.

اجعل الدردشة وجيزة، ثم يمكنك إمّا إنهاء محادثتك بأدبٍ أو اعذر نفسك من الدردشة الجماعية. عندما تنقطع عن محادثة، افعل ذلك بطريقةٍ لا تجعل بها الشخص يشعر بالأذى أو التجاهل، فهذا يترك الباب مفتوحاً للتحدّث ثانية.

انتظار فاصلٍ للحديث ثم العودة إلى الموضوع الذي فتحته هي طريقةٌ محترمةٌ ومهذّبةٌ لإنهاء حديثٍ قصير. على سبيل المثال، إذا كنت بدأت بالقول: “أين سمعت آخر عرضٍ تقديميٍّ مثيرٍ للاهتمام مثل هذا؟”، يمكن أن تُنهي حديثك بالقول: “ستبدأ المتحدّثة التالية في وقتٍ قريب. دعنا نأمل أنّها جيّدة بنفس الدرجة”. ثم استخدم جملةً إيجابيّةً عند الذهاب مثل: “يجب أن أذهب وأجد مقعداً. كان رائعاً حقّاً التحدّث معك. آمل أن نتمكّن من الدردشة مرّةً أخرى”. وغادر بابتسامةٍ وربما مصافحة.

6. افعل ذلك مرّةً أخرى:

كرّر تلك الخطوات مرّةً أخرى، وكلّما شاركت في محادثاتٍ قصيرة، كلّما وجدتها عفويةً أكثر.

يساعدك اغتنام الفرص في التحدّث مع الزملاء والأصدقاء والعائلة وحتّى مع الغرباء على تعزيز مهاراتك.

تجنّب عثرات المحادثة القصيرة:

تنطوي هذه المحادثات على مواضيع “خفيفة”. وهذه الأنواع من المحادثات غالباً ما تكون قصيرةً جدّاً، ولكن على الرغم من ذلك يوجد هناك بعض الموضوعات والسلوكيّات التي يمكن أن تجعلك تفشل. على سبيل المثال، لا تتحدّث عن نفسك كثيراً. مهما كنت تظنّ أنّك رائع، فلا تستحوذ على المحادثة! أظهر اهتماماً بالأشخاص الذين تتحدّث معهم ودعهم يكونون جزءاً من الحوار. ابتعد أيضاً عن الموضوعات المُثيرة للجدل أو الاستفزازية. أبقِ الحديث ودوداً وخفيفاً. قد يكون من الحكمة تجنّب مواضيع مثل الدين أو السياسة، في حال تسبّبتَ عن غير عمدٍ بإهانةٍ للآخر.

إذا كنت تعمل في بلدٍ جديد أو غير مألوف، فاقرأ عن نهجه للحديث البسيط وكن على درايةٍ بأيّ اختلافاتٍ مُحتملة بين الثقافات. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، هو جزءٌ مهمٌّ من ثقافة العمل، والبريطانيون مشهورون بمهارتهم به، لكن الألمان يفضّلون بشكلٍ عام الوصول مباشرةً إلى صلب الموضوع. وفي الوقت نفسه، في المجتمعات الهرمية، مثل اليابان والهند، يعدّ إشراك رؤسائهم في حديثٍ قصيرٍ أمراً غير مناسب.

 

المصدر موقع “مايند تولز”.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!