كيف تكتب بيان رسالة قويّ لشركتك؟

هل شعرت بالضياع في التفاصيل الدقيقة لعملك؟ إذا كنت مالكاً لعملٍ تجاري، فقد تكون غارقاً في العمليات اليومية لنشاطك التجاري؛ إذ تستهلك أشياءٌ، مثل: البضاعة والرواتب والجدولة والمشتريات وإدارة الموظفين، الجزء الأكبر من يومك. وفي حين أنَّ هذه الأشياء هامَّةٌ ويجب القيام بها، إلَّا أنَّ التركيز كثيراً على التفاصيل يمكن أن يجعلك تفقد الهدف الرئيس، وهذا هو السبب في أنَّ الحصول على "بيان رسالةٍ" جيدٍ مفيدٌ للغاية.

Share your love

وفي حين أنَّ هذه الأشياء هامَّةٌ ويجب القيام بها، إلَّا أنَّ التركيز كثيراً على التفاصيل يمكن أن يجعلك تفقد الهدف الرئيس، وهذا هو السبب في أنَّ الحصول على “بيان رسالةٍ” جيدٍ مفيدٌ للغاية.

ما هو بيان الرسالة؟

هو وثيقةٌ داخليةٌ تشرح هدف المنظمة، وتعطي نبذةً عنها؛ وتشكِّل نقطةً مرجعيةً مشتركةً لجميع من في المؤسسة لبدء العمل انطلاقاً من مبادئ المنظمة.

وبمعنىً آخر: يجب أن يتمكَّن المديرون والموظفون بعد قراءة بيان رسالة شركتك، من الإجابة عن السؤال التالي: “ما هي الأهداف الرئيسة للشركة؟”. على سبيل المثال: لنقرأ بيان رسالة شركة الطيران الأمريكية “خطوط ساوث ويست الجوية” (Southwest Airlines):

“إنَّ شركة “ساوث ويست إيرلاينز” (Southwest Airlines) شركةٌ تتفانى في تقديم خدمة العملاء بأعلى جودة، وبكلِّ ودٍّ وفخرٍ وروحٍ جماعية، وتلتزم بتوفير بيئة عملٍ مستقرةٍ لموظفيها مع تكافؤ الفرص في التعلُّم والنموّ الشخصي”.

تنقل الشركة في هذا البيان أهدافها المتمثِّلة في توفير أعلى مستوى من خدمة العملاء، فضلاً عن توفير بيئة عملٍ جيدةٍ لموظفيها.

بيان الرسالة مقابل بيان الرؤية:

في حين أنَّ عبارات الرسالة والرؤية تُستخدَم كمترادفاتٍ أحياناً، إلَّا أنَّ هناك اختلافاتٍ دقيقةً ومميَّزةً يجب أن تكون على درايةٍ بها.

يصاغُ بيان الرسالة كوثيقةٍ داخليةٍ للشركة -بشكلٍ رئيس- توفِّر الوضوح والتوجيه للمديرين والموظفين؛ فرغم أنَّه لا يوجد شيءٌ خاطئٌ في مشاركة بيان رسالة شركتك مع العالم الخارجي، إلا أنَّ جمهورها المستهدف يكون داخل الشركة.

بينما يوفِّر بيان الرسالة إطاراً عامَّاً للمؤسسة، يكون بيان الرؤية -عادةً- بياناً أكثر إلهاماً، إذ يُصاغُ لتحفيز الموظفين وإلهام العملاء؛ وبالعودة إلى نصّ بيان رؤية الشركة ذاتها: “نطمحُ لنصبح شركة الطيران الأكثر شعبيةً وفائدةً وربحيةً في العالم”، نجد أنَّ هذا البيان يُلهِم العميل ويمنحه شعوراً جيداً، ويحفِّز الموظفين لتحقيق هذه الرؤية.

كيف يبدو بيان الرسالة الجيد؟

إنَّه لمن الهامِّ عند الخروج ببيان رسالة، أن تأخذ وقتك وتفعل ذلك بشكلٍ صحيح؛ حيث يكتب الناس -خاصَّةً رجال الأعمال- أوّل شيءٍ يتبادر إلى أذهانهم في كثيرٍ من الأحيان، وينتهي بهم الأمر إلى بيان رسالةٍ عامٍّ لا قيمة ولا فائدة منه على الإطلاق؛ لذا تذكَّر أنَّ بيان الرسالة يجب أن يوفِّر إطار عملٍ مشتركٍ لجميع من في مؤسستك.

عند كتابة بيان رسالة، يجب أن تحاول دائماً دمج ما يلي:

  • ما الذي تفعله؟
  • كيف تفعله؟
  • لمَن تفعل ذلك؟
  • ما القيمة التي تأتي بها؟

الآن، يمكنك أن ترى كم هو مُغرٍ أن تتوصَّل إلى شيءٍ عامٍّ يشمل هذه المحاور الأربعة، كشيءٍ من هذا القبيل: “نحن نقدِّم أفضل الأدوات المتاحة عبر الإنترنت للمستهلك”. لقد حقَّق بيان الرسالة هذا جميع الشروط:

  • ما الذي تفعله؟ توفير الأدوات.
  • كيف تفعله؟ عبر الإنترنت.
  • لمن تفعل ذلك؟ للمستهلك.
  • ما القيمة التي تأتي بها؟ أفضل الأدوات.

تكمن مشكلة بيان الرسالة هذا في إمكانية تطبيقه على أيِّ عددٍ من الشركات التي تُنتِج المنتجَ نفسه، إذ ليس هناك أدوات تميِّز شركتك عن أيٍّ من أدوات منافسيك. لذا قارن بيان الرسالة السابق بهذا البيان: “نحن نقدِّم أدواتٍ عالية الجودة للمستهلك مباشرة، وبأسعارٍ معقولة مدعومة، ونضمن رضاك تماماً؛ وإذا لم يكن عملاؤنا راضين بنسبة 100٪، فسوف نعمل على تصحيح ذلك”. ما هو الفارق؟

يُجيب كلا البيانين على الأسئلة نفسها حول ماذا وكيف ومَن وما القيمة؛ لكن في البيان الثاني، يميِّزون شركتهم عن جميع المنافسين الآخرين من خلال الإجابة عن سؤال: “ما الذي يجعلنا فريدين؟”.

هناك طريقة أخرى لقراءة ذلك: “لماذا يجب أن تشتري خدماتنا؟” وفي هذا المثال، يرجع السبب في ذلك إلى أنَّ: “أدواتنا عالية الجودة ومضمونة بنسبة 100٪”.

ربَّما لاحظت أنَّ البيان لم يذكُر بيع الأدوات بأقلِّ سعرٍ ممكن؛ وذلك لتفضيلِ الجودة والرضا على السعر.

قد يؤكِّد بيان رسالة شركةٍ مختلفةٍ أنَّه يبيع أدواته بأدنى سعرٍ ممكن، دون ذكر الضمان على الإطلاق.

كيف تجعل بيان الرسالة أفضل؟

1. أن يكون موجزاً:

يجب ألَّا يزيد بيان رسالتك عن ثلاث جمل، وأن تكون قادراً على الإجابة عن كلِّ أسئلة كيف ومَن ولماذا، في رسالةٍ مختصرة.

2. أن يكون ذا مغزى:

يجب أن يتضمَّن بيان رسالة الشركة سبب وجودها. وضِّح بالضبط ما تفعله الشركة بعبارات، مثل: “نحن نسعى جاهدين إلى تزويد عملائنا بكذا وكذا”.

3. تضمين الإجابة عن سؤال “كيف”:

اغتنم هذه الفرصة لتمييز شركتك عن منافسيها. كيف تقدِّم منتجاً أو خدمةً مختلفة، أو بطريقةٍ أفضل من طريقة تقديم منافسيك لها؟

4. التحدُّث عن قيمة ما تقوم به:

هذا هو الشيء الذي يمكنك أن تميِّز نفسك فيه حقاً عن منافسيك، وهذا هو “السبب” الذي يجب على العملاء الشراء منك لأجله.

هل تقدِّم خدماتك بأقلِّ الأسعار؟ أم بأسرع طريقة؟ أم تقدِّم خدمة عملاءٍ استثنائية؟ تحدَّث في بيان الرسالة عن أيِّ شيءٍ يميِّزك ويعطي منتجاتك أو خدماتك أو شركتك الخاصة ميِّزة.

5. التأكُّد من أنَّ البيان معقول:

لا بأس في اظهار الطموح، ولكن ليس في بيان الرسالة.

كونك وموظفيك طموحين أكثر من اللازم يجعلك عرضةً إلى الفشل، ويضرُّ بالروح المعنوية، ويُفقدكَ مصداقيتك؛ كما أنَّك ستخيف المستثمرين المحتملين أيضاً إذا اعتقدوا أنَّك غير واقعيٍّ في بيانك.

6. جعله فريداً ومميزاً:

تخيَّل لو دخل شخصٌ لا يعرف شيئاً عن عملك إلى شركتك ورأى كيف يجري العمل فيها، ثمَّ قرأ بيان رسالتك؛ فهل سيكون قادراً على التعرُّف على أنَّ بيان الرسالة مرتبطٌ بهذا العمل؟

7. التفكير على المدى الطويل:

يجب أن يكون بيان الرسالة محدوداً بما يكفي، بحيث يوفِّر إطاراً مشتركاً للعمل الحالي؛ ولكنَّه مرنٌ بما يكفي للسماح بأهدافٍ طويلة المدى؛ وأن يكون قادراً على النموّ مع نموّ الأعمال.

8. الحصول على التغذية الراجعة:

الحصول على تغذيةٍ راجعةٍ أمرٌ هامٌّ للغاية، وخاصةً من المدراء والموظفين.

يمكن أن يكون الحصول على تغذيةٍ راجعةٍ من الموظفين، ومعرفة كيف يرون الشركة حالياً، ودورهم داخل المنظمة؛ مفيداً جداً. إنَّها طريقةٌ جيدةٌ لجعلهم يشعرون أنَّهم جزءٌ ممَّا يحدث، حيث تُظهِر الدراسات أنَّه من المرجَّح أن يوافق الأشخاص على فكرةٍ ما، إذا شعروا أنَّهم مشمولون في عملية صنع القرار مسبقاً.

9. المراجعة في أحيان كثيرة، والمراجعة حسب الضرورة:

يجب عليك مراجعة بيان الرسالة في كثيرٍ من الأحيان لسببين:

أولاً: كتذكيرٍ بجوهر الشركة، فمن السهل أن تنسى عندما تكون في العمل اليومي.

وثانياً: للتأكُّد من أنَّ بيان الرسالة لا يزال ذا صلةٍ بالعمل؛ حيث تتغيَّر الأمور، ولا يمكن توقُّع كلِّ شيءٍ في وقت كتابة بيان الرسالة هذا.

على سبيل المثال: إذا كُتِبَ بيان الرسالة قبل ظهور الإنترنت، فمن المحتمل أنَّ الشركة التي كانت تبيع الأشياء مباشرة؛ بات لديها الآن موقع ويب يطلب الناس منه. لذا، يجب عليك دائماً تحديث بيان الرسالة ليعكس هذه التغييرات.

قيمة بيان الرسالة: لماذا تقوم بكلِّ هذه الخطوات؟

قد يبدو أنَّ هناك الكثير من العمل لكتابة بضع جمل تصف شركةً ما؛ لكن لا تستخفَّ بقيمة بيان الرسالة في أيِّ شركة.

إذا كنت رائد أعمال، فستبقيك بلورة الأسئلة حول (ماذا وكيف ومَنْ وأين وما قيمة عملك) مركِّزاً على الأعمال الأساسية وقيمها.

إذا كنت مديراً أو موظفاً، فسيساعد معرفة المستخدمين الأساسيين للشركة على مشاركة تفاعلاتك مع العملاء والزملاء على حدٍّ سواء.

التخطيط الاستراتيجي:

بيان الرسالة بمثابة إطارٍ للتخطيط الاستراتيجي، حيث يوفِّر إرشاداتٍ ومعايير لاتخاذ قراراتٍ استراتيجية لمستقبل الشركة.

قياس الأداء:

من خلال وجود مهمَّةٍ للشركة بشكلٍ ملموس، والتي تسمح بقياسٍ موضوعيٍّ لمدى تلبية المنظمة لأهدافها المعلنة في أيِّ وقت؛ يمكن للإدارة تحديد مكامن القوة والضعف في المنظمة بناءً على المعايير المنصوص عليها في بيان الرسالة، واتخاذ القرارات وفقاً لذلك.

ترسيخ أهداف الشركة وقيمها:

إنَّ الجزء الأفضل من منظمةٍ تُدَار جيداً هو الاهتمام بالموظفين وجعلهم سعداء ومنتجين.

لدينا جميعاً كبشرٍ حاجةٌ فطرية إلى الاهتمام، وإلى أن نكون جزءاً من شيءٍ أكبر. يساعد تزويد الموظَّفين ببيان رسالةٍ محدَّدٍ بوضوحٍ على تحديد دورهم في المنظمة؛ وبالتالي، تلبية كلٍّ من هذه الاحتياجات.

لا يعني ذلك أنَّ بيان الرسالة يمكن أن يتغلَّب على الأجور المنخفضة وظروف العمل السيئة؛ ولكن مع إيجاد حلولٍ لكلّ شيءٍ آخر، يمكن أن يساهم بيان الرسالة في جعل القوة العاملة أكثر سعادةً وإنتاجية.

مساءلة الإدارة:

تعلن الشركة من خلال إنشاء بيان الرسالة عن أعلى قيمها وأهدافها ليراها العالم؛ فأنت تدعو من خلال القيام بذلك كلَّاً من عملائك وموظفيك للتدقيق في مدى التزام الشركة بمُثُلِها العليا.

لذلك، إذا ذكرت أنَّك لا تقدِّم سوى منتجاتٍ عالية الجودة، ثمَّ تقدِّم شيئاً أقل؛ فمن الإنصاف أن يسأل العملاء والموظفون، بل ويدعون إلى إجراء تغييرٍ في الإدارة.

إذا لم تأخذ الإدارة بيان الرسالة على محمل الجد، فلن يقوم أيُّ شخصٍ آخر بذلك؛ وستتضاءل السلطة الشرعية التي تعتمد عليها الإدارة.

كُن قدوة:

هذا هو الغرض الآخر من البيان، فإذا أَخَذَت أعلى مستويات الإدارة بيان الرسالة على محمل الجد، وبشكلٍ فعَّال في إطار البيان؛ سينتشر هذا الموقف في جميع أنحاء المنظمة.

يعرف الموظف الجيّد ما هو هامٌّ لرئيسه، ويتخذ الخطوات اللازمة لكسبه.

أخيراً، استخدم بيان رسالة الشركة كطريقةٍ لتحديد الأدوار داخل الشركة، ويمكنك القيام بذلك عن طريق إعطاء كلِّ قسمٍ في الشركة نسخةً من بيان الرسالة، وتحدِّي رئيس كلِّ قسم لإنشاء بيان رسالةٍ لإداراته.

يجب أن تركِّز بيانات رسالاتهم الفردية على كيفية تناسبها مع كلِّ قسم، وأن تساهم في النهاية في نجاح البيان الشامل للشركة؛ وهذا بمثابة توضيحٍ وعملية بناء فريقٍ لجميع أجزاء المنظمة.

أفكارٌ أخيرة:

غالباً ما يكون إعداد بيان الرسالة مجرَّد فكرة، وخاصةً بالنسبة إلى روَّاد الأعمال؛ حيث يميلون إلى إعطاء الأولوية للأشياء التي يدركون أنَّها ستمنحهم عائداً مادياً أكبر.

هم يفكِّرون -بطريقةٍ أو بأخرى- أنَّ تخصيص الوقت والجهد للجلوس والتفكير بجديةٍ في قيمة أعمالهم، مضيعةٌ للوقت؛ فهم أوّلاً وأخيراً، يعملون لكسب المال، وليصبحوا ناجحين؛ أليس هذا كلُّ ما يحتاجون إليه؟

إنَّه لمن المرجَّح أن تجعلك هذه العقلية تبدأ عملك بشكلٍ جيد، ولكن كلُّ نجاحٍ تحقِّقه سيكون على قدرٍ كبيرٍ من الألم؛ لكن من خلال تخصيص الوقت والجهد لإنشاء بيان الرسالة، فإنَّك تضع الأساس الذي سيعطيك مساراً لمتابعة نموّك. لأنّ بناء نجاحٍ طويل الأجل هو ما يجب أن تسعى إليه.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!