كيف تكتشف أسرار نظام المكافآت في الدماغ وتحافظ على الدافع؟

أنَّ العمل الجاد وتعلُّم مهارات جديدة والحفاظ على التركيز هي أمور هامة، ولكن من أهم الأمور التي نحتاجها هو الدافع، إذ يمكن أن يؤثر فقدان الدافع في مساراتنا في الحياة على تدمير أهدافنا وقتل أحلامنا. نقدم لك فيما يلي أربع طرائق لاكتشاف أسرار نظام المكافآت في عقلك لتبقى متحفزاً.

Share your love

من أين يأتي الدافع؟

يبدأ الدافع نتيجة الأفكار التي يُثيرها نظام المكافأة في أدمغتنا، ونتيجة المواد الكيميائية التي يتسبب في إفرازها، ثم يستمر في التطور، ويواصل اتِّخاذ شكلٍ معين عن طريق سلوكاتنا، ولهذا السبب يعد علم الأعصاب الذي يمثِّل دراسة وظيفة الدماغ هاماً للغاية.

عندما نفهم أساسيات علم الأعصاب، يمكننا اكتشاف أسرار نظام المكافآت في أدمغتنا حتى نبقى متحفزين لتحقيق أكبر أهدافنا.

ارتباط علم الأعصاب بالدافع:

على المستوى الأساسي، يريد البشر تجنُّب الألم وتجربة السعادة؛ حيث يعتمد سلوكنا في البحث عن السعادة على نظام المكافأة الذهنية الذي تتحكم فيه أدمغتنا، فنظام المكافآت هو ما يحفزنا ويساعدنا على تحقيق أكبر أهدافنا وأحلامنا.

وتعد الناقلات العصبية مواد كيميائية في أدمغتنا تساهم في تشكيل أفكارنا وسلوكاتنا، وأحد الناقلات العصبية الرئيسة في نظام المكافآت لدينا هو هرمون الدوبامين الكيميائي المسؤول عن الشعور بالسعادة.

يُفرَز الدوبامين بشكل رئيس في منتصف الدماغ ثم ينتقل إلى مناطق أخرى منه، مثل اللوزة الدماغية (amygdala) التي تلعب دوراً كبيراً في التطور العاطفي الاجتماعي، وينتقل أيضاً إلى القشرة المخية المسؤولة عن التفكير والشعور والتخطيط واتخاذ الإجراءات.

عندما تفعل شيئاً ممتعاً، يفرز دماغك الدوبامين ليجعلك تشعر بالرضا العقلي والجسدي، ويحدث هذا عموماً عندما نأكل الأطعمة التي نحبها، أو عندما نُجري محادثة رائعة مع شخص ما، أو عندما نفعل أمراً نستمتع به حقاً، ففي كل مرة نشعر بالسعادة عند القيام بشيء ما، تتذكر أدمغتنا الأمور التي جعلتنا نشعر بالرضا، وتخصِّص قيمة مكافأة لكل ما نقوم به.

على سبيل المثال، عندما نتناول البيتزا المفضلة لدينا قد يكون لذلك قيمة مكافأة أعلى من احتساء العصير، وسيكون لقضاء عطلة في مكان نحبه قيمة مكافأة أعلى من التواجد في وسط المدينة.

وتفرز أدمغتنا الدوبامين قبل القيام بالأمور التي تجعلنا سعداء؛ حيث يؤثِّر توقُّع المكافأة – وليس المكافأة بحد ذاتها – تأثيراً قوياً في ردود أفعالنا العاطفية وذكرياتنا الممتعة، فمجرد التخطيط لتلك العطلة عن طريق التحقق من مواقع مختلفة أو البحث عن الأمور التي نرغب في شرائها يُحفز نظام المكافآت لدينا عن طريق إفراز الدوبامين.

يؤدي التفكير في بدء مشروع عمل يحفزنا فعلاً إلى تنشيط نظام المكافآت الخاص بنا، وبالتالي فإنَّ الشعور بالسعادة التي تولِّدها أنظمة المكافآت الذهنية هو الذي يخلق سلوكاً يسعى إلى الحصول على مكافأة والذي يُشكِّل جزءاً كبيراً من الدافع.

اكتشف باحثو جامعة فاندربيلت (Vanderbilt University) أنَّ الأشخاص النشيطين جداً والمصممين على النجاح والأكثر استعداداً للعمل الجاد لديهم نشاط دوبامين أكبر في الجسم المخطط والقشرة المخية، وهما منطقتان من الدماغ تؤثِّران على الدافع والمكافأة.

اكتشاف أسرار نظام المكافآت في أدمغتنا:

نقدم لك فيما يلي أربع طرائق لاكتشاف أسرار نظام المكافآت في عقلك لتبقى متحفزاً:

1. الاستمرار في النمو:

عندما تفعل الأمور نفسها بصورة متكررة؛ يَقِلُّ إفراز الدوبامين تدريجيَّاً. توجد طريقة رائعة لكي تبقى متحفزاً، وهي الاستمرار في النمو من خلال القيام بأعمالٍ أهم.

أنجز مشاريع كبيرة وأكثر تحدياً في العمل، وعندما تمارس الرياضة وتهتم باللياقة البدنية، ابدأ العمل على تمرينات أقوى، وإذا كنت تتحدث لغة أجنبية بطلاقة، فتعلَّم طريقة إجراء محادثات عميقةٍ أكثر تعقيداً، وإذا كان لديك نشاط تجاري خاص بك، فابحث عن طرائق لاكتساب المزيد من العملاء حتى تتمكن من جني المزيد من الأرباح، واستمر في تعلُّم مهارات جديدة تُبعِدك عن منطقة الراحة الخاصة بك.

تساعد مواجهة التحديات الكبيرة نظامَ المكافأة في أدمغتنا على الاستمرار في تخصيص قيم مكافأة عالية للأمور التي نقوم بها؛ لذا ابدأ بإنجاز أهداف صغيرة؛ وعندما تزداد المكاسب الصغيرة لديك، اسعَ نحو تحقيق أهداف أكثر تحدياً.

2. استخدام التخيُّل:

“التخيُّل هو أحلام اليقظة لها هدف معين” – بو بينيت (Bo Bennett).

يوجد طريقة رائعة لكي تبقى متحفزاً وهي تخيل إنجاز هدف ما؛ حتى لو لم تحققه بعد؛ حيث يؤدي التخيل في الواقع إلى إفراز الدماغ للدوبامين، مما يجعلنا نرى مكافآتنا المستقبلية رؤيةً أكثر وضوحاً ونطاردها بحماس أكبر.

عندما تفرز أدمغتنا الدوبامين ونشعر بالحماس؛ فإنَّ الحُصين الذي يعد جزءاً من الجهاز الحوفي في دماغنا، يُسجِّل تلك اللحظات الممتعة في ذاكرتنا طويلة الأمد، وكلَّما تصورنا النجاح، ربطت أدمغتنا هذا النجاح بمشاعر السعادة.

عندما نتخيل مستقبلاً أفضل، يكون لدينا الدافع للمضي قدماً والتغلب على العقبات التي تواجهنا في طريقنا؛ لهذا السبب يعمل الناس بجد للحصول على علاوات وترقيات واستثمار أموالهم والتحاق أولادهم في الجامعات والقيام بأمور أخرى تساعدهم أو تساعد الآخرين على الازدهار مع تقدُّم العمر.

شاهد بالفديو: كيف تدفع نفسك للمضي قدماً وتحقيق النجاح؟

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/8eWxKrP5Qhc?rel=0&hd=0″]

استخدم أرنولد شوارزينجر (Arnold Schwarzenegger) وأوبرا وينفري (Oprah Winfrey) وويل سميث (Will Smith) وجيم كاري (Jim Carrey) وغيرهم من المشاهير وأصحاب النفوذ تقنية التخيُّل لتحقيق نجاحاتٍ مرموقة؛ حيث إنَّها طريقة رائعة لاستخدام قوة الخيال لتبقيك متحفزاً من أجل تحقيق النجاح.

3. تجنُّب التوتر المفرط:

ترتبط المستويات العالية من التوتر بالالتهابات المزمنة، والتي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الدافع؛ لذا افترض باحثون في جامعة إيموري (Emory University) أنَّ الالتهاب المزمن الناتج عن التوتر قد يسبب تفاعلاً كيميائياً في الجسم يؤدي إلى انخفاض إمدادات الدوبامين في الدماغ.

في الواقع، يمكن أن تساعدنا مستويات التوتر المنخفضة على الأداء بصورة أفضل من خلال جعلنا أكثر يقظة ونشاطاً؛ حيث إنَّ اندفاع الأدرينالين الذي نحصل عليه من التوتر يمكن أن يمنحنا الطاقة والأفضلية لبذل قصارى جهدنا، ولكن عندما تكون مستويات التوتر عالية، في هذه الحالة يمكن أن تضر أجسامنا وعقولنا ودوافعنا.

يمكن أن يؤدي التوتر الشديد إلى الشعور بالإرهاق، وفي أسوأ الحالات يمكن أن يتسبب ذلك في التوقف عن العمل أو الاستقالة منه، ويمكن أن يُسبب مشكلات عقلية مثل القلق أو الاكتئاب، ويمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية، مثل أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض أخرى؛ لذا قلِّل من شعور التوتر عن طريق ممارسة تمرينات التنفس العميق أو التأمل أو الجري أو ممارسة الرياضة بانتظام.

4. إعادة صياغة التحديات:

“إذا غيَّرت الطريقة التي تنظر بها إلى الأمور، فإنَّ الأمور ستتغير” – واين داير (Wayne Dyer).

يوجد طريقة رائعة أخرى لاكتشاف أسرار نظام المكافآت في دماغك وهي تغيير الطريقة التي تنظر بها إلى التحديات في حياتك، ولكن يوجد مشكلة شائعة تتمثل في أنَّ العديد من الأشخاص يرون أنَّ العمل الصعب يُمثِّل عقبة أو مجرد أمر لا يحبُّون القيام به.

تتمثل الاستراتيجية الجيدة في النظر إلى المواقف الصعبة والعقبات كفرص لمساعدتك أنت ومن حولك على النمو والتطور، سيساعدنا هذا في النظر إلى الأمور الصعبة من منطلق إيجابي والتطلُّع بالفعل إلى القيام بها بدلاً من الخوف منها.

على سبيل المثال، إذا كان ثلاثة موظفين في فريقك لا ينسجمون مع بعضهم بعضاً، ويفكر اثنان منهم في الاستقالة، فلا تنظر إلى هذا الأمر على أنَّه مشكلة مرهقة ورهيبة جداً؛ بدلاً من ذلك انظر إلى الموقف كفرصة لاستخدام مهاراتك الشخصية في التعامل مع الآخرين لتقريب الموظفين الغاضبين من بعضهم، والسماح لهم بالتعبير عما يشغل تفكيرهم ثم حل المشكلة.

سوف يساعدهم ذلك على التحسن على المستوى الشخصي والمهني، كما أنَّه سيساعدك أنت وشركتك أيضاً على الازدهار، ويمكنك تطبيق طريقة التفكير نفسها على حياتك الشخصية؛ فإذا كان أصدقاؤك أو أفراد عائلتك لا ينسجمون مع بعضهم بعضاً؛ استخدم الخلاف كفرصة للنمو بحيث يفيدهم ذلك ويفيدك.

عندما نرى أنَّ الأمور الصعبة هي فرص عظيمة، سنبدأ في التطلع إلى القيام بها، وعندما نتطلع إلى القيام بالأمور؛ فإنَّ ذلك يجعل نظام المكافآت في أدمغتنا يكافئنا بمزيد من الدوبامين، ويزيد من فرص أن ننظر إلى المشكلات المستقبلية على أنَّها فرص للنمو.

الخلاصة:

يُشكِّل الدافع جزءاً صعباً من التطور الشخصي والمهني، لهذا السبب تحظى مقاطع الفيديو والخطابات التحفيزية بشعبية كبيرة، ولكي تبقى متحفزاً، حتى في الأوقات الصعبة، يجب أن تفهم طريقة عمل دماغك.

لقد منحنا العلم فهماً جيداً لنظام المكافأة في دماغنا والمواد الكيميائية والمسارات التي تسمح له بتشكيل سلوكنا؛ لذا اكتشف أسرار نظام المكافأة في عقلك من خلال مواجهة تحديات أكبر، وتخيُّل النجاح، وتجنُّب التوتر المفرط، والنظر إلى المواقف الصعبة كفرص لمساعدة الآخرين ومساعدتك على النمو.

عندما نبدأ في التحكم في عقولنا، سنكون أكثر قدرة على التحكم في حياتنا وتحقيق أهدافنا الكبيرة.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!