كيف تكون سعيداً مدى الحياة؟

تُعرَّفْ السعادة بشكلٍ عامٍّ أنَّها الطريق الحقيقي والدائم لحياتك في اليوم الذي تُدرِكْ فيه أنَّه بمقدورك التغلُّب على أيِّ ضعفٍ يواجهك، وأنَّ عقلك الباطن يتسطيع حلَّ مشكلاتك وعلاج جسدك، ومنحكَ ازدهاراً يفوق أحلامك. في هذا المقال، سنقدِّم إليك أفكاراً ربَّما ستجعلك سعيداً ومسروراً طوال حياتك.

Share your love

يقول “ويليام جيمس”، مؤسِّس علم النفس الأمريكي: “لم يكن أعظم اكتشافٍ في القرن التاسع عشر في مجال العلم الطبيعي، وإنَّما في مجال العقل الباطن، أو بمعنى آخر: قوة اللاوعي المعزَّزة بالإيمان؛ ففي كلِّ كائنٍ بشريٍ يوجد مخزونٌ لا حدود له من القوَّة، حيث يستطيع هذا المخزون التغلُّب على أيِّ مشكلةٍ في العالم”.

ربَّما شعرت أنَّك سعيدٌ جداً عندما وُلِدَ طفلك، أو عندما تزوَّجْت أو تخرَّجْتَ من جامعتك، أو فُزتَ بجائزةٍ ما، أو عندما ارتبطت بالفتاة التي تحبُّها، وغيرها من تجارب لا حصر لها جعلتك سعيداً؛ ولكن، رغم أنَّ هذه التجارب رائعة، إلَّا أنَّها لا تُعطي سعادةً دائمةً وحقيقيَّة، بل مؤقَّتة.

تأتي السعادة الحقيقيَّة من الثقة بالله، فعندما تثق بربِّك، تقودك قوَّة وحكمة عقلك الباطن لتوجِّه كلَّ سبلك، وتصبح حينها إنساناً هادئاً وصافي النفس؛ إذ طالما أنَّك تريد السلام والحبَّ والسعادة للآخرين وتُكِنُّ لهم النية الحسنة، فهذا يعني أنَّك حقَّاً تبني البنية الأساسية للسعادة لبقية أيام عمرك.

في هذا المقال، سنقدِّم إليك أفكاراً ربَّما ستجعلك سعيداً ومسروراً طوال حياتك.

1. ما هي السعادة؟

تعدُّ السعادة راحةً نفسيَّةً وعقليَّة، ويملك كلُّ واحدٍ منَّا حريَّة اختيار سعادته. قد يبدو ذلك بسيطاً جداً، ويُفسَّرُ على أنَّه سببٌ وجيهٌ لتعثُّر البشر في طريق وصولهم إلى السعادة؛ وذلك لأنَّهم ببساطةٍ لا يرونَ مفتاحها، حيث إنَّ أعظم الأمور في الحياة تكون بسيطةً وفعَّالةً ومبدعة، وهي التي تحقِّق السعادة وتخلق الرفاهيَّة في الحياة.

2. تعلَّم كيف تكون سعيداً:

عليكَ البدء من الآن باختيار سعادتك وراحتك الشخصية، وإليكَ الطريقة التي ستجعلُكَ تحصل على تلك الراحة، وذلك بمجرَّد فتح عينيك في الصباح:

قُلْ لنفسك: “إنَّ الله تعالى هو الذي يتولَّى تدبير جميع أمور حياتي اليوميَّة والمستقبليَّة، حيث تعمل جميع هذه الأمور لصالحي اليوم، وهذا يومٌ جديدٌ ورائعٌ بالنسبة إلي، ولن يكون هناك يومٌ آخر مثله. إنَّ العناية الإلهية ترشدني وتوجِّهني وتحيط بي وترعاني، وتساعدني في المُضي قُدُماً؛ وحينما تبتعد اهتماماتي عن كلِّ ما هو جيِّدٌ وبنَّاء، سأعود لتأمُّل الأشياء المُحبَّبة والطيِّبة فوراً؛ فإنَّني أشبه المغناطيس من الجهة الروحيَّة والعقليَّة، وسأجذِبُ إليَّ جميع الأمور التي تُسعِدُني وتجعلني أزدهر وأتقدَّم إلى الأمام، وسأكون ناجحاً في جميع المساعي، إضافةً إلى كوني في منتهى السعادة طوال هذا اليوم بدون أيِّ شك”.

إنْ بدأت يومك بهذا التوجُّه، فستعلم كيف يكون بمقدورك اختيار السعادة التي تليق بك، وتكون مصدراً لها.

3. لا تجعل حياتك صعبةً باختيارك الحزن بدلاً من السعادة:

هنالك الكثير من الأشخاص ممَّنْ يختارون الحزن والأسى دون وعيٍ منهم، وذلك بتبنِّيهم أفكاراً كهذه:

  • “يبدو أنَّ اليوم كئيبٌ من بدايته، وأنَّ كلَّ شيءٍ سيكون سيِّئاً فيه”.
  • “لنْ أنجح في امتحان الجامعة”.
  • “إنَّ جميع أصدقائي ومعارفي ضدِّي، ولنْ يقفوا في صفِّي إطلاقاً”.
  • “إنَّ عملي سيء، ويزدادُ سوءاً كلَّ يوم”.
  • “إنَّني متأخرٌ عن مواعيدي دائماً”.
  • “إنَّني متعب، وبحاجةٍ إلى الراحةِ دائماً”.
  • “يستطيع صديقي فعل ذلك الشيء، بينما أنا لا أستطيع”.

إذا كانت تلك نوعيَّة الأفكار التي تُراودك فورَ استيقاظك في الصباح؛ فإنَّك ستجذب كلَّ سلبية هذه الأفكار إلى رأسك، وستكون حزيناً بالفعل؛ لذا عليكَ إدراك أنَّ هذا العالم الذي تعيش فيه يتحدَّدْ بناءً على ما يدور داخل عقلك. قال الفيلسوف الروماني “ماركوس أوريليوس”: “إنَّ حياة الإنسان هي ما تصنعهُ أفكاره”، وقال الفيلسوف الأمريكي الشهير “رالف والدو إمرسون” أيضاً: “ما الإنسان إلَّا نتاج الأفكار التي تدور في خلده طوال اليوم”.

نستنتج من ذلك أنَّ الأفكار والمواضيع التي تتبنَّاها بشكلٍ اعتياديٍّ تميل إلى تحقيق نفسها في الحقيقة؛ ولذلك تأكَّدْ من عدم الغوصْ في الأفكار السلبية أو الانهزامية والكئيبة، وتذكَّرْ دائماً أنَّه بمقدورك المرور بأيِّ تجربةٍ خارج عقلك.

4. اعلم أنَّه لا يُمكِنك شراء السَّعادة؛ لأنَّ ملَكَتها تكمن في فكرك وإحساسك:

لا تجعلُك الثروة وحدها سعيداً دائماً، ولكنَّها في الوقت نفسه لا تمثِّل عائقاً أمام السعادة.

في هذه الأيام، يوجد الكثير من الناس الذين يحاولون شراء السعادة، وذلك من خلال شراء أحدث أجهزة الهاتف وأجهزة التلفاز والسيارات، أو شراء منزلٍ في الريف، أو غيرها من الشكليَّات والماديَّات؛ ولكنَّهم لا يعلمون أنَّ السعادة لا تُشترَى، ولا تأتي بهذه الطريقة.

إنَّ مَلكَة السعادة توجد داخل الأفكار والمشاعر، ويعتقد الكثير من البشر أنَّ بمقدورهم تحقيقها بشيءٍ مصطنع، إذ يقول بعضهم: “إذا عُيِّنْتُ وزيراً أو رئيساً لمنظمةٍ أو شركةٍ ما، أو ترقيت إلى منصب مديرٍ عام؛ لأصبحتُ سعيداً”، ولكنَّ الواقع هو أنَّ السعادة ما هي إلَّا حالةٌ تتعلَّق بالعقل والروح، وليس من الضروري أنْ تتبوَّأ الوظائف والمراكز السابقة لتشعر بها، فابتهاجك وفرحك وقوَّتك الذهنية والنفسيَّة تكمن جميعها في إيجاد قوانين النظام والعمل الصحيحة في عقلك الواعي، وتطبيقها على أرض الواقع في كلِّ مراحل حياتك؛ حيث يمكنك تحويل أيِّ هزيمةٍ تتعرَّضْ إليها إلى انتصار، وستجد حينها أنَّ السعادة التي تبتغيها يمكن تحقيقها من خلال الاستعانة بالقِوى المُدهشة التي يمتلكها عقلك الباطن.

5. حاول إسعاد ذاتك دائماً:

حاول إسعاد ذاتك دائماً، وكذلك إسعاد جميع مَنْ حولك، وبالأخص أولئك الذين يتقدَّمون إلى الأمام ويسعون دائماً نحو المستقبل، ويبذلون أفضل ما بوسعهم؛ حيث يُكمِّل كلٌّ من السعادة والفضيلة بعضهما بعضاً.

ليس أفضل البشر هم أسعد الناس، بل إنَّ أسعد الناس هم دائماً أفضلهم في فنِّ ممارسة الحياة والتأقلم فيها بنجاح؛ لذا أفصِح كثيراً عن حبِّكَ لله تعالى، واحمدهُ واشكرهُ دائماً، وستُصْبِح حينها أسعد الناس على الإطلاق. قال الفيلسوف اليوناني “أبيقطيس”: “إنَّ هناك طريقاً واحداً لراحة البال والسعادة، فاجعله دائماً في متناول يدك، وذلك حين تستيقظ مبكِّراً في الصباح، وطوال اليوم، وعندما تأوي إلى فراشك ليلاً”.

لذا لا تدع شيئاً يشغل بالك، وسلِّم أمرك لله.

في الخِتام:

يجب عليك أنْ ترغب بصدقٍ بإيجاد السعادة؛ إذ إنَّك لن تُنجِز أيَّ شيءٍ بدون أن ترغب بذلك، فالرغبة هي الأمل بجناحين من الخيال والإيمان. تخيَّل أنَّك تُحقِّق رغبتك، وأنَّ هذه الرغبة حقيقية؛ وستتحقَّق حينها بالفعل، وعلى العكس. إنَّ الاستغراق في مشاعر الخوف والقلق والغضب والفشل والكراهية، سيُصيبُك بالاكتئاب والحزن الشديد؛ لذا تذكَّر أنَّ حياتك هي ما تصنعه أفكارك، وأنَّ العكس صحيح.

اختر سعادتك الخاصَّة بك، فالسعادة عبارةٌ عن عادةٍ جميلةٍ وجديرةٍ بالتأمُّل والإيجابيَّة؛ وإن كنت تريد هذه العادة فعلاً، فعليك التقيُّد بهذه الأمور في المقال أعلاه، وذلك لكي تتنعَّمْ بالفرح والسعادة الحقيقيَّة وراحة البال خلال يومك، بعيداً عن التعرُّض إلى السلبيَّة والحزن.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!