كيف تكون صريحًا مع نفسك؟ أهم أسس الصراحة مع النفس

ما هو مفهوم الصراحة مع النفس لغويًا واصطلاحيًا، وما هي فوائد مُصارحة النفس وكيف يُمكنك الوصول لأعلى درجاتها بما يضمن لك الراحة والهدوء والسعادة والاستقرار النفسي، وكذلك حب الآخرين؟ وكيف تكون صريحًا مع نفسك وأهم الأسس للقيام بذلك؟

Share your love

كثيرون يتحدثون عن الصراحة مع النفس وكم هي مُريحة للنفس والقلب والعقل تنأى بك عن الكثير من الضغوط والمشاكل والقرارات الخاطئة، ولكن هل الوصول إليها بالأمر الهين السهل؟! وماذا إن كانت تلك الصراحة ليست من طبعك هل يُمكنك اكتسابها؟ هل يُمكنك تعديل طبعك وسلوكك الكاذب والمُخادع لتعيش بشكل أفضل على كافة مستويات حياتك وعلى رأسها المستوى الأخلاقي؟ هذا ما سنعرفه خلال الموضوع التالي، فهيا بنا لنتصارح مع أنفسنا ولو لدقائق.

[wpcc-script src=”https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js” defer]

مفهوم الصراحة مع النفس

للصراحة مع النفس مفهومين أحدهما لغوي والآخر اصطلاحي، أما عن الصراحة مع النفس وفقًا للتعريفات اللغوية فهي تُعني الوضوح وعدم خداع النفس. وأما عن الصراحة مع النفس في التعريفات الاصطلاحية فهي أن تواجه نفسك قبل الآخرين بأخطائك في حقها أو حقهم وتتحمل المسئولية عنها. كما تعني الصراحة مع النفس أن تواجه نفسك بما عليك فعله لحل موقف أو مشكلة ما حتى وإن كان ذلك الفعل ضد مصلحتك الشخصية، كما تعني أن تتفق مكنونات نفسك ومبادئها وثوابتها مع ما تفعله أو يخرج من فمك.

اختصارًا تُعني الصراحة مع النفس الجرأة والقدرة على المواجهة دون خوف أو تردد، ودون أن نكذب على أنفسنا وندفن رؤوسنا في الرمال كالنعام ونغض أبصارنا عن أخطائنا أو ما يجب علينا فعله أو قوله ودون أن نُبّدي مصلحتنا عما هو صحيح ويجب أن يقع؛ فالصراحة مع النفس هي من شيم الكبار.

فوائد الصراحة مع النفس

أن تكون صريح مع نفسك يعني أن تكون واضحًا ومُحددًا فيما تريد، وبالتالي تتجنب صراع نفسي دائم بين ما هو داخلك وما أنت عليه من الخارج، فتنأى بنفسك عن الشعور بالازدواجية بين القول والفعل الظاهر وما تخفيه النفس من مكنونات ترى وحدك أنه من الصعب الإفصاح عنها فتشعر وكأنك مريض نفسي. ولكن تُرى ما رأي العلم في الصراحة مع النفس وفوائدها وتأثيرها على الإنسان الذي يتمتع بها؟

حسب دراسة بريطانية أصدرتها جامعة كلية لندن ونُشرت في دورية نيتشر لعلم الأعصاب في هذا الشأن فإن الأشخاص الذين يتمتعون بصفة الصراحة عامةً بما فيها الصراحة مع النفس وينأون بأنفسهم عن الخداع سواء كان خداعًا للنفس أو للآخر يتمتعون بمستويات عالية من السعادة والرضا النفسي. وقد أُجريت الدراسة على عينة قوامها 50 فرد تم إخضاعهم لأشعة رنين مغناطيسي ومجسات إلكترونية بصورة دورية على مدار فترة طويلة من الزمن لقياس نشاط النواقل العصبية المُتعلقة بالجوانب النفسية والمبادئ الإنسانية لديهم، حيث ثبت أن هناك منطقتين في المخ يزيد نشاطهما عند اتخاذ قرار يعتمد على مبدأ الصراحة والخداع، ومنطقة ثالثة يرتبط نشاطها باتخاذ القرارات الأخلاقية بصفة عامة.

كما توصلت الدراسة اللندنية إلى أن المخ يُدرك جيدًا أهمية الصراحة لصحة الإنسان النفسية لذا يزداد نشاط هذه النواقل في لحظات الصراحة مع النفس أو الآخرين بصورة إيجابية في حين ينشط بصورة سلبية في حال خداعهم. وعلى الرغم من أهمية تلك الدراسة إلا أن الباحثين القائمين عليها أوصوا بضرورة إجراء مزيد من الدراسات حول فوائد وتأثير الصراحة مع النفس على صحة الإنسان النفسية والعصبية فربما تم الكشف خلالها عن مزيد من الخبايا.

كيف تكون صريحًا مع نفسك؟

لتكون صريحًا مع نفسك هناك مجموعة من الصفات والأفعال لا بد أن تتوفر بك أو تُنمّيها في شخصيتك مثل:

لا تكذب ولا تتجمل

فالبعض من أجل تجميل الحقائق أمام عينيه وتجميل نفسه في عيون الآخرين يضع نفسه في مكانة أعلى من مكانته سواء مادية أو اجتماعية أو أخلاقية أو حتى علمية وثقافية، فلا يتوقف الأمر على الكذب على نفسه وعلى الآخرين فحسب ولكن يصل لعدم تطويره لنفسه ولقدراته ومهاراته ليُصبح مثلما يحلم أن يكون فهو فقط يسعى وراء حلم مُزيف دون أن يسعى لما يحوّله عن حق إلى واقع، وبالطبع يتعارض ذلك مع ثوابت الصراحة مع النفس

لا تُقلّد الآخرين

فلا تبن أحلامك على ما تراه من قدرات وإمكانيات ومهارات لدى الآخرين فقد لا تمتلك مثلها، كن نفسك عش واقعك واعمل على تطويره من أجل مستقبل أفضل وشخصية أفضل في ضوء ما تمتلك، فأن تُصارح نفسك بإمكانياتك وقدراتك وما تمتلك من مهارات من أهم أشكال الصراحة مع النفس.

لا تترك اليأس يطرق بابك

فمن أهم قواعد الصراحة مع النفس أن تواجه نفسك بفشلك لكي تجعله حافز ودافع لك للنجاح وللوصول لمرتبة أفضل دون أن تجعل اليأس والإحباط يتخلل المُعادلة فتلك إذًا خضوع واستسلام وليس صراحة مع النفس.

امتلك قدرة التمييز

فمن أهم قواعد الصراحة مع النفس أن تُصارحها بما يُمكنها التفكير في فعله وما لا يُمكنها التفكير فيه وفقًا لمنظومة القيم والصواب والخطأ، ولتفعل ذلك عليك أن تستخدم غريزتك الفطرية في التمييز بين الأشياء المفيدة والضارة دون الاعتماد فقط على تلقين الآخر الذي قد يكون يمدك ويحرضك على فعل ما يضرك.

تحدّث مع أهل الثقة

كثيرًا ما تحتار أنفسنا في التمييز بين ما نريد وما لا نريد، بين الصواب والخطأ، بين ما نريد ويُناسبنا وما لا نريد ويكون هو الأنسب لنا، فالصراحة مع النفس وتأرجحها ما بين القيم والرغبات صراع أزلي لا يزال مُستمر وسيظل غير محتوم إلى يوم يُبعثون، وحينما تصل أنفسنا إلى تلك المرحلة من الحيرة لا يُعالجها سوى حديث وفضفضة مع من نثق بهم وبآرائهم، نأتمنهم وندرك كم يفهموننا ويخافون على مصلحتنا فابحث عنهم في محيطك والجأ إليهم وقت حاجتك.

احصل على نصائح الكبار

فليس هناك أفضل من أن تُصارح نفسك بأهمية كبار الشأن أو السن في حياتك وحاجتك الدائمة لمشورتهم؛ فهم يمتلكون من التجارب والخبرات الحياتية ما يفوق من هم في مثل سنك، وتزداد الفائدة حينما يكون أحدهم قد مر في سابق عهده بما تمر به الآن، ورغم اختلاف الظروف وتغيرها بمرور السنوات يظل رأيه في هذه الحال مُفيدًا لك قد يرسم لك خيطًا جديدًا في مُختلف أمور حياتك لم تكن تراه.

القوة والثقة في النفس

تعتمد الصراحة مع النفس على قوتك في مواجهة صعاب وتحديات الحياة وقهرها لتصل لأحلامك وطموحاتك وما تُخطط له طالما أنه لمصلحتك دون الإضرار بالآخرين. هذا إلى جانب الثقة في نفسك وفي قدراتك ومكانتك وسط الآخرين وفي عيون نفسك، ولكن انتبه فشعرة تفصل ثقتك بنفسك عن الغرور والكِبر.

احترم الآخر

فللآخر آراء وقرارات وصفات شخصية ليس ضروريًا أن تتفق معك، وكما تُريد من الآخرين أن يحترمونك عليك باحترامهم واحترام اختلافهم عنك. كما يُعد اعترافك بخطئك في حق أحدهم أو حتى حق نفسك وإصلاحه أو الاعتذار عنه دون مُكابرة من أهم مبادئ وخطوات الوصول إلى الصراحة مع النفس.

وكما رأيت عزيزي القارئ كم أن الصراحة مع النفس والآخرين هي فطرة خلق الله الإنسان عليها وأن الابتعاد عن الفطرة مؤذي لك نفسيًا وعصبيًا حسب نتائج الدراسات، في حين أن العودة إليها يضمن لك رضائك النفسي سلامتك العصبية ومحبة واحترام الآخرين، وكذلك احترامك وتقديرك لذاتك.

Source: ts3a.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!