كيف تمكنت مصر من الانتصار على اليهود في حرب أكتوبر 1973؟

تعد حرب أكتوبر 1973 هي أحد أهم المعارك التي حدثت في المنطقة العربية وبالرغم من استرداد مصر لأراضيها المحتلة أثر هذه الحرب، إلا أن الخسائر في كلا الطرفين كانت كبيرة ومتقاربة جدًا ولكن الانتصار الحقيقي هو استعاد كرامة المصريين واستعادة أرضهم.

Share your love

قامت حرب أكتوبر 1973 بسبب العديد من الانتهاكات التي شنتها إسرائيل القوى الجديدة في المنطقة على بعض الأراضي العربية، فقد احتلت شبه جزيرة سيناء التي كانت تابعة للأراضي المصرية، وأيضًا احتلت هضبة الجولان التي كانت تابعة للأراضي السورية، فقد تلقى العرب هزيمة قاسية في حرب النكسة عام 1967 وهذا ما جعلهم يخططون للقيام بحربهم الجديدة حرب أكتوبر 1973، فكانت هذه الحرب بمثابة رد الشرف للشعب المصري والعرب جميعًا فمنذ وصول إسرائيل إلى المنطقة العربية لم ينهزموا قط، ولذا كان لزامًا على العرب أن يكسروا شوكتهم ويستعيدوا أراضيهم المفقودة حتى تتزن موازين القوى في المنطقة، فبعد وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر تولى من بعده محمد أنور السادات، وقد بدأ هذا الرئيس الجديد فور توليه الحكم بتجهيز الجيش لاسترداد سيناء من الجيش الإسرائيلي، فكانت الجيوش المصرية تعمل ليلًا ونهارًا على قدم وثاق حتى تتلاشى نتيجة الحرب النفسية وتستعد لخوض حرب الاسترداد، وبالفعل دخلت مصر الحرب وبجانبها بعض الدول العربية وتمكنوا من الانتصار على اليهود.

تكاتف الدول العربية مع مصر

حرب أكتوبر تكاتف الدول العربية مع مصر

لم تكن الجمهورية العربية المصرية وحدها في حرب أكتوبر 1973 بل تكاتفت وشاركت معها بعض الدول العربية، حتى كان لهذه الدول دور كبير في تحقيق نجاح مبهر باستعادة الأراضي المحتلة ورد كرامة العرب، وتعد الجمهورية العربية السورية هي أهم وأكثر الدول التي ساعدت مصر وذلك لاستعادة هضبة الجولان التي احتلت في الحرب الأخيرة وأيضًا من باب الأخوة العربية الإسلامية، فقد قام الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد بعقد الكثير من الاجتماعات السرية مع الرئيس المصري محمد أنور السادات حتى ينسقوا ويعدوا جيدًا لتلك الحرب، هذا بجانب اجتماع القادة السوريين مثل يوسف شكور ومصطفى طلاش مع القادة المصريين مثل سعد الدين شاذلي وحسني مبارك والجمسي وغيرهم، وكانت اجتماعات القادة والرؤساء تلك الهدف منها التنسيق والإعداد الجيد فيما بينهم لشن حرب واسعة مضمونة الانتصار.

ونجد أيضًا أنه من ضمن الدول التي ساندت مصر في حرب أكتوبر 1973 هي دولة العراق التي أمدت مصر بسرب من طائراتها الحربية وأمدت سوريا ببضعة فرق جوية مماثلة، والجزائر أيضًا ساندت مصر بعد قيام الحرب بإرسال العديد من الطائرات الحربية الجوية والتي كان لها تأثير جيد في نهاية الحرب، ولا ننسى المغرب والسودان التي أرسلت كل واحدة منهم لواء مشاة، وأيضًا الكويت والأردن والسعودية وليبيا وتونس قد شاركوا في الحرب بفرق من أسلحتهم، وأخيرًا تأتي المساعدات الكورية الشمالية لمصر حيث أنها أمدتها بالعديد من الطيارين مع طائراتهم وذلك قبل بداية الحرب بأشهر.

وقوف روسيا في صف مصر في حرب أكتوبر

في البداية قد شاركت مصر في حرب أكتوبر 1973 بأسلحة روسية الصنع ولكنها كانت قديمة نوعًا ما بالمقارنة مع أسلحة الجيش الإسرائيلي، حيث أن الجيش الإسرائيلي كان يستخدم أسلحة من صنع الولايات المتحدة الأمريكية وحديثة ومتطورة جدًا، وهذا ما جعلها تصمد طويلًا أمام زحف الجيوش المصرية عليها، عامة بعد قيام الحرب واشتعالها قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال تعزيزات كثيرة لمساندة إسرائيل، وردت روسيا على ذلك بتعزيزات عسكرية كبيرة جدًا ولكنها لا تتعدى نصف تعزيزات أمريكا، عامة قام الاتحاد السوفيتي بمد جسر جوي نقل من خلاله خمسة عشر ألف طن من المعدات الحربية، بعضها نقل إلى الأراضي السورية لقربها من روسيا والأخر نقل إلى مصر.

وبعيدًا عن الجسر الجوي قام الاتحاد السوفيتي بنقل بحري حمل ثلاثة وستين ألف طن من الأسلحة والمعدات الحربية، وكان لهذا النقل البحري الأخير دور كبير في تحقيق النصر أخر أيام المعركة وهذا ما لم تفعله الولايات المتحدة الأمريكية، فقد اكتفت الأخيرة بالنقل الجوي ولكنه كان ضعف النقل الجوي لروسيا، وهكذا نرى المساعدات الكبيرة التي قدمها الاتحاد السوفيتي إلى الأراضي المصرية بشكل خاص والعربية بشكل عام، فبكل صدق لولا وجود هذه المساعدات الروسية لكان لحرب السادس من أكتوبر شكلًا أخر.

الاعتماد على السرية والمفاجأة

أحد أهم الأسباب التي ساعدت مصر على الانتصار في حرب أكتوبر 1973 هي الاعتماد على عنصر السرية والمفاجأة، حيث أن القوات المسلحة المصرية ظلت لشهور عديدة تحاول الوصول إلى أفضل توقيت لشن هذه الحرب، وقد وضعت بعض الأساسيات للوصول إلى التوقيت الأسلم للحرب وهي أن تكون الحالة الجوية والمد والجزر والتيارات في القناة تتناسب تمامًا مع الجيش المصري، في حين كونها متعارضة مع الجيش الإسرائيلي، هذا بجانب كفاءة الموقت العسكري وحالته الجيدة بالنسبة للقوات المصرية، ولابد من تناسبها مع حالة الجيش السوري الذي كان الطرف الأخر في تلك الحرب، ويجب أن يكون الجيش الإسرائيلي في وقت الحرب بحالة هي الأسوأ بالنسبة له على مدار العام، وقد توصلت القوات المصرية إلى اختيار شهر أكتوبر من ضمن ثلاثة أخرى لشن الحرب وذلك لأنه أفضل الشهور من حيث المناخ في سوريا ومصر.

بجانب أنه شهر الانتخابات البرلمانية في إسرائيل وبالتالي ستكون جميع مؤسسات الدولة مع الشعب منشغلين بتلك الانتخابات وهو ما يريده الجيش المصري، زد على ذلك الرأي الذي قدمه أحد القادة المصريين وهو شن الحرب في يوم السادس من أكتوبر وذلك لأنه يوم عيد الغفران بالنسبة للشعب الإسرائيلي، وذلك لسببين الأول انشغال إسرائيل بالاحتفال بالعيد، والثاني تعطل الإذاعة والتلفزيون في إسرائيل خلال تلك اليوم وهو اليوم الوحيد الذي يحدث فيه ذلك الأمر، وإيقاف الإذاعة يعني عدم القدرة على جمع واستدعاء الجيش الاحتياطي الإسرائيلي في وقت سريع وبالتالي تقدم المصريين نحو هدفهم المنشود.

خوض حرب الجواسيس والانتصار فيها

حرب أكتوبر خوض حرب الجواسيس والانتصار فيها

لم تعتمد حرب أكتوبر 1973 على الجانب العسكري القتالي فقط بل كان للجانب الاستخباراتي دورًا كبير في حسم الحرب للجيش المصري، حيث أنه وبعد انتهاء حرب النكسة أو حرب الأيام الست عام 1967 تم إرسال العديد من الجواسيس إلى إسرائيل، وكان هؤلاء الجواسيس يقومون بأخذ الأخبار السرية والهامة من داخل إسرائيل لنقلها إلى الجيش المصري، مع نقل إخبار خاطئة تمامًا عن الجيش المصري إلى الكيان الصهيوني، ولكن هذا الأمر لم ينفرد به الجيش المصري فقط بل كانت هناك استخبارات إسرائيلية تتجول داخل الأراضي المصرية وتقوم بجمع المعلومات أيضًا، ونحن نعرف جميعًا الموساد الإسرائيلي وقدرته الفائقة في جمع المعلومات.

وبالرغم من ضعف الإمكانات المصرية إلا أن الجواسيس المصريين قد أبلوا بلاءً حسنا، وأشهر هؤلاء الجواسيس هو جمعة الشوان ورأفت الهجان، وغيرهم من الذين كانوا ينقلون أخبار إسرائيل الخطيرة إلى مصر مع إعطاء الإسرائيليين أخبار غير صحيحة، فكان لهذا الأمر فضل كبير في الانتصار في حرب أكتوبر عام 1973.

حنكة الفريق سعد الدين شاذلي

بالطبع لا يخلو أي جيش من الرجال العسكريين البارعين في مناصبهم ومهامهم وهذا ما كان متوافرًا في الجيش المصري، ومن ضمن هؤلاء الأبطال هو القائد الفريق سعد الدين شاذلي الذي كان يتولى منصب رئيس أركان حرب الجيش المصري في تلك الحرب، فبعدما انتهت حرب النكسة وتوفى عبد الحكيم عامر كان الجيش المصري مدمرًا من الناحية النفسية، وقد تولى بعده الفريق سعد الدين شاذلي وتمكن هذا الرجل من جمع شتات الجيش المصري، وتدريبه على أعلى مستوى، وجلب الكثير من الأسلحة والمعدات الحربية الحديثة بعض الشيء، فقد كانت أغلب الأسلحة الموجودة لدى الجيش المصري متهالكة وعلى وشك التلف، وبعضها لا يمكن له أن يخوض حرب مثل هذه الحرب الكبيرة، ولكن الفريق سعد الدين قام بإبرام الكثير من صفقات الأسلحة مع الجيش الروسي المعروف بأسلحته المتطورة في تلك الفترة.

فنعلم جميعًا أن روسيا وأمريكا هم اكثر الدول صناعة للأسلحة المتطورة وقد كانت روسيا حليفة المصريين وأمريكا حليفة الإسرائيليين، عامة جاءت الأسلحة التي أثرت كثيرًا في مستوى وقدرات الجيش المصري، وأيضًا لا ننسى عنصر المفاجأة الذي أعتمد عليه الفريق سعد الدين شاذلي، فقد قام بمباغتة العدو ومهاجمته في وقت لا يمكن توقعه وهو بعد الظهر، وكالعادة الحروب تبدأ في نهاية اليوم أو في بدايته مع الفجر ولكن هذه المرة كانت الأمور فجائية للغاية وهذا ما أربك الجيش الإسرائيلي، وجعله غير قادر لأيام أن يضاهي قوة الجيش المصري وسرعته في استرداد أراضيه.

الاقتراب أكثر من الله في حرب أكتوبر

كان الاقتراب من الله في حرب أكتوبر 1973 هو أحد أهم أسباب النصر فيها حيث أن المصريون كانوا يعملون جميعًا لطرد العدو اليهودي من أراضيهم المسلمة، فقد كانت جملة الله أكبر لا تفارق ألسنتهم وخاصة وقت الحرب حتى أنها أرعبت العدو كثيرًا، فكلمتين يخرجون من جيش مكون من آلاف الجنود في وقت واحد، بالطبع سوف يكون الأمر له هيبة كبيرة وسيرعب قلوب الأعداء لذا كان لتلك الجملة نصيب كبير في الحرب، وأيضًا لا ننسى أن الحرب قد جرت في شهر رمضان وهو أعظم الشهور عند الله، وقد خاص المصريون الحرب وهم صائمون وهذا له ثواب كبير عند الله وقد جزاهم الله عنه في الدنيا بالانتصار وفي الآخرة بالثواب العظيم، هذا بجانب كون شهداء الحرب في الجنة بإذن الله.

اصطفاف الشعب المصري خلف الجيش

حرب أكتوبر اصطفاف الشعب المصري خلف الجيش

كعادة كل شعوب العالم قد وقف الشعب المصري خلف جيشه ودعمه وسنده في حرب أكتوبر 1973، ولكنه لم يكن بالوقوف المعتاد من كافة شعوب العالم بل لقد شارك المصريون في الحرب عسكريًا ونفسيًا وطبيًا، فقد كان الشعب المصري يتبرع بدمه ليلًا ونهارًا حتى ينقذ المصابين في الحرب، وهذا بالطبع أمر في غاية الأهمية فكم من شخص قد توفي بسبب عدم توافر الدم المناسب له وقت الحاجة، ولكن الشعب المصري قد تبرع بالكثير من الدماء التي انتظرت الجنود المصابين وكانت أحد أسباب عودة الكثيرين منهم للحياة، أما عن الجانب النفسي فقد كانوا يساندون الجيش ويشدون من أزره ويشجعونه بكل قلوبهم، هذا بجانب لهفتهم وترقبهم الشديد لسماع أخبار الحرب كل هذا لم يذهب هباءً وتمكن المصريون من الانتصار على اليهود في حرب أكتوبر عام 1973.

الخاتمة

في الأخير علينا أن نعلم جميعًا أن حرب أكتوبر عام 1973 كانت مثالًا رائعًا ومشرفًا للجيش المصري والجيش السوري ومن عاونهم من العرب، فلولا هذه الحرب لظل العرب منكسرين حتى يومنا هذا، فالحروب التي جرت قبلها كان النصر من نصيب إسرائيل وإن لم تحدث هذه الحرب سيظن العالم أن العرب لا يقدرون على مواجهة إسرائيل في جميع الظروف.

Source: ts3a.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!