كيف تُحرّر نفسك من سجن الشعور بالذنب؟

أَرَاوَدَكَ مؤخراً شعورٌ بالذنْب بسبب أمرٍ لم تفعله؟ إنَّ أفكاراً كهذه لها القدرة على إثارة الإحباط إذ إنَّ لها قوةً تُثْقِل كاهل العقل بسبب التفكير فيها بشكلٍ دائم. إليك فيما يلي 6 خطوات للتخلص من الشعور بالذنب الذي نسببه لأنفسنا.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مترجم عن مقال للكاتبة تينا سو.

إنَّ أفكاراً كهذه لها القدرة على إثارة الإحباط إذ إنَّ لها قوةً تُثْقِل كاهل العقل بسبب التفكير فيها بشكلٍ دائم.

يبدأ الشعور بالذنب يظهر فجأةً في كل ما تفعل، أتَشْعُر بانقباضٍ غريبٍ في معدتك؟ أم بنوعٍ من التوتر لا يبدو أنَّك تستطيع التخلص منه؟ لقد أحسست بقدرٍ كبيرٍ من الشعور بالذنب خلال الأسابيع القليلة الماضية، فمنذ أن ظهر هذا الموقع إلى الوجود أضحيْتُ مغرمةً بالعمل فيه. وعلى الرغم من كلّ المتعة التي جعلني هذا الموقع أحسُّ بها، إلَّا أنَّه كان يحتاج إلى قدرٍ كبيرٍ من الالتزام والوقت. وبما أنَّني لم أكن مستعدةً للالتزام بالموقع التزاماً كاملاً فقد أهملْتُ التزاماتي وأنشطتي الأخرى، فكان الشعور بالذنب أحد نتائج ذلك الإهمال.

يُعَدُّ الإحساس بالذنب نعمةً كبيرةً أيضاً فقد منحني الفرصة لإلقاء نظرة أعمق على هذا الشعور الذي يسببه الإنسان لنفسه.

أودُّ أن أعرض عليكم النتائج التي توصلت إليها وأن أقدم لكم تقنيةً مؤلفةً من ست خطوات استخدمتها لأتخلص من هذا الشعور البغيض.

استنتاجات حول الشعور بالذنب:

إليك بعض الملاحظات والاستنتاجات التي توصلْتُ إليها حول الشعور بالذنب:

  1. الإنسان هو من يسبب لنفسه هذا الشعور: إنَّ الشعور بالذنب شعورٌ يفرضه الإنسان على نفسه ويصنعه الدماغ أي إنَّه شعور نُحِسُّ به باختيارنا. وتُعَدُّ الأنانية المصدر العميق لهذا الشعور إضافةً إلى الخوف من رفض أقراننا في المجتمع لنا.
  1. المشاكل المُهمَلة: تُعَدُّ المشاكل المتروكة دون حل غالباً سبب الشعور بالذنب، وقد اكتشفْتُ أنَّ وجود خطة للتعامل مع المشكلات سيقضي على هذا الشعور أو سيخففه.
  1. الشعور بأنَّك مدينٌ للآخرين: نشعر بالذنب في أغلب الأحيان لأنَّنا نحسُّ أنَّنا مدينون لشخصٍ ما بشيءٍ ما سواءً كان ذاك الشي دَيْناً اجتماعياً، أو دَيْناً مادياً، أو مسؤوليةً لم يتم الوفاء بها. من الأمثلة على ذلك عدم الاتصال بصديقٍ ما بعد أن وعدته أنَّك ستتصل به، أو أن تشعر بأنَّك مدينٌ لصديقٍ أو فردٍ من أفراد الأسرة بمعروف لكنَّك لم تسدي إليه هذا المعروف. أمَّا بالنسبة إليَّ فقد شعرت بالذنب لأنَّني لم أنشر في الموقع العدد الذي كنت أتمنى أن أنشره من المقالات، وشعرت أنَّني مدينةُ للقارئ بمقالة (وهذا كان يثقل كاهلي على الصعيد النفسي في بعض الأحيان). لكنَّك ترى أنَّ هذا الشعور شعورٌ غير واقعيٍّ وتافه، لكنَّ العقل يمارس خدعةً ليخلق جواً من الأسى والمعاناة، بيد أنَّني في الحقيقة يجب ألَّا أكتب، إلَّا حينما يكون لدي أفكارٌ ملهمة وأكون قادراً على الكتابة.
  1. العوامل الخفية أكثر من العوامل الظاهرة: لا يظهر من المشكلة التي يبدو أنَّها تسبب الشعور بالذنب إلَّا جزءٌ بسيط إذ ثمَّة عادةً مشاكل منسية أو معاني غير مُدركة تختبئ تحت السطح. اسأل نفسك ما هذه المشاكل؟ من خلال التعامل مع المسائل السطحية قد يبدو أنَّ الشعور بالذنب قد اختفى لكنَّه سيعود. إذ ستطفو المشكلة إلى السطح مرةً أخرى وستأخذ شكلاً مختلفاً لكنَّ سببها الأساسي سيكون المشكلة الخفية نفسها. الاستراتيجية الأفضل هنا هي إزالة المشكلة الأساسية، فقد شعرت بالذنب لأنني لم أحضر الحفلة على سبيل المثال لا سيما بعد أن ألحَّ عليَّ أصدقائي. قد تكون المشكلة الأساسية هي أنَّني: “أريد أن أحظى بإعجاب الأصدقاء وأن ألقى القبول بينهم وأخشى أن يتوقفوا عن الإعجاب بي إذا لم أذهب إلى الحفلة. أنا أحتاج إلى صداقتهم لأجعل أنَّني أحظى بالاحترام”.

من الطرائق التي قد يكون من الممكن التعامل من خلالها مع هذه المشكلة الأساسية: البحث عن طرائق للشعور بالثقة التامة دون الحاجة إلى أن يُصادق الآخرون على ذلك. جرب أن تعزز ثقتك بذاتك وتقديرك لها.

شاهد بالفيديو: 6 أسرار تمنحك الثقة بالنفس

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item” src=”https://www.youtube.com/embed/dJdwUXNnxCU?rel=0&hd=0″ width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”allowfullscreen”]

نصائح للتعامل مع الشعور بالذنب:

  • الإحساس بالشعور إحساساً كاملاً: مثلما هي طريقة التخلص من أي شعور، الطريقة الأفضل هي الإحساس بالشعور إحساساً كاملاً، فاقضِ بضع دقائق دون أي مقاطعة، وأغمض عينيك، واختبر الشعور بالذنب بشكلٍ كامل في أعماقك، وخاطب الإحساس مخاطبة الغائب. سيؤلمك هذا على الأرجح لكنَّ هذه التجربة ستساعدك في التغلب على هذا الشعور. وحينما تحسُّ بهذا الشعور إحساساً كاملاً ستلاحظ أنَّه سيختفي بشكلٍ تدريجي.
  • السعي إلى فهم الأسباب: نحن نعلم أنَّ السبب الخفي الكامن وراء هذا الشعور بالذنب أكبر بكثيرٍ من السبب الظاهري. اسأل نفسك ما السبب؟ لماذا سمحت للشعور بالذنب أن يتسلل إلى حياتك؟ أثمَّة في هذا الشعور ما يصب لصالحك وصالح المشاعر الأنانية لديك؟
  • ركّز الانتباه على ما تستطيع فعله الآن: ركّز الانتباه على الأشياء التي تستطيع فعلها الآن عوضاً عن تركيزه على الأشياء التي لم تفعلها. الشعور بالذنب هو غالباً الشعور بالندم على الأمور التي لم تفعلها في الماضي، فاستسلم لعدم القدرة على تغيير الوقت، وإذا لم يكن في إمكاننا الرجوع إلى الماضي فلماذا نُهدِر طاقتنا في التفكير في الماضي؟
  • فكر في خطوات عملية: ما المهام التي تستطيع تأديتها للتخلّص من هذا الشعور بالذنب؟ اكتبها.
  • رتِّب أولوياتك: بعد أن تضع الخطوات العملية رتّبها حسب أهميتها، ما أكثر خطوةٍ ستمنحك راحةً من الألم؟ رقِّم تلك الخطوات للدلالة على أهميتها.
  • خطط وضع الجدول الزمني: بعد أن وضعت قائمة الخطوات العملية ورتبت عناصرها حسب الأولوية، حدد موعد تنفيذ كلٍّ منها وضع خطةً تُرَتّب عملية تنفيذ هذه الخطوات وتمنح الأولوية لأكثرها أهمية.
  • كن واقعياً: تذكَّر أنَّ لديك فترةً زمنيةً محددةً كل يوم، لذلك فليكن تخطيطك واقعياً وكن لطيفاً مع نفسك، فلا تعِش أوقاتاً عصيبة إذا لم تتمكن من تحقيق ما خططت له. ركز الانتباه على البنود ذات الأولوية في الخطة، واتبع قاعدة 80/20: ما الخطوات العملية التي ستحقق لي أقصى استفادةٍ من الوقت؟

6 خطوات للتخلص من الشعور بالذنب الذي نُسبّبه لأنفسنا:

سأستعرض فيما يلي تقنيةً بسيطةً للتخلص من هذه المشاعر (أعلم أنَّ ثمَّة تقنياتٍ أخرى تُستخدَم للغرض نفسه):

الخطوة الأولى: ضع قائمة الشعور بالذنب

أحضر ورقةً بيضاء واكتب في أعلاها: “الأشياء التي أشعر بالذنب بسببها” واذكر فيها جميع الأمور التي تشعر بالذنب بسببها. وتحت كل واحدٍ من هذه الأمور اترك فراغاً (حوالي ثلاثة أو أربعة سطور).

تابع الكتابة إلى أن تذكر جميع الأفكار المرتبطة بمشاعر الذنب التي تُحِسُّ بها. اكتب كل ما يخطر في بالك دون إدخال أي تعديلات عليه، واستخدم عدة صفحات إذا كان ذلك ضرورياً لكن لا تستخدم إلَّا أحد وجهي الورقة بحيث تستطيع مراجعتها بسهولة لاحقاً.

الغرض من ذلك هو أن تخرج تلك الأفكار من رأسك فحينما تشغل نفسك بهذه الأفكار ستحتل مساحةً من عقلك، حيث يسعى هذا الإجراء إلى التخلص من بعض هذه الأفكار، وبالتالي تستطيع من خلال كتابتها على الورق أن تراها بوضوح وأن تواجه وجهاً إلى وجه تلك الأفكار التي كنت أنت سبباً في ظهورها.

حينما فعلت ذلك تفاجأت بطول القائمة التي وضعتها، فكان فيها مثلاً:

  • عدم توافر ما يكفي من وقت خلال اليوم للقيام بما أريد.
  • عدم قضاء وقت كافي في القراءة أو التأمل.
  • عدم كتابة ما يكفي من المقالات.
  • المبالغة في النوم.

الخطوة الثانية: إعداد خطة للتخلص من الشعور بالذنب

اسأل نفسك، ما الذي تستطيع فعله للتخلص من كل ذنب تشعر به؟

في الفراغ الذي تركته تحت كل بند من بنود القائمة التي وضعتها في الخطوة الأولى اكتب الإجراءات التي تستطيع اتخاذها للتخلص من الشعور بالذنب أو تخفيفه، وتستطيع تقسيم الإجراءات ربما إلى خطواتٍ صغيرة.

هذه على سبيل المثال قائمة للتخلص من شعوري بالذنب نتيجة “عدم تخصيص وقت للقراءة أو التأمل”:

  • تخصيص وقت يومياً للقراءة.
  • تخصيص 5-15 دقيقة كل صباح للتأمل (الجلوس بهدوء).
  • الاستيقاظ مبكراً.
  • النوم في وقتٍ مبكر.

إذا حاولت أن تجد حلولاً لمشكلتك لكنَّك لم تتمكن من ذلك، ضع قائمةً تتضمن عباراتٍ إيجابيةً وواقعية لتفسير ذلك الشعور بالذنب. من العبارات التي يمكن كتابتها لتفسير شعوري بالذنب بسبب “عدم كتابة عدد كافي من المقالات” على سبيل المثال:

  • أنا أبذل كل ما في وسعي.
  • أنا أكتب حينما أشعر أنَّ لديَّ أفكاراً مُلهِمة. لا بأس في نشر مقالتين في اليوم طالما أنَّني أحافظ على الثبات والنوعية.

الخطوة الثالثة: ضع قائمة قِيَمك

على ورقة بيضاء جديدة اكتب في الأعلى “جوانب الحياة الأهم بالنسبة إلي” أو “أهم القيم بالنسبة إلي”، واذكر في هذه الورقة أهم الأمور بالنسب إليك بدءً من الأكثر أهمية. لقد استخدمت هنا كلمة “الأمور” بشكلٍ عام لكن يمكن أن تستبدل بها كلمات “أشخاص”، و”مشاعر”، و”فرص”، و”تصرفات”، و”التزامات”. واترك هنا أيضاً فراغاً تحت كل عنصر.

تخيل لو أنَّك تستطيع الحصول على شيءٍ واحدٍ فقط في هذه الحياة ما هو؟ اكتب أول شيءٍ خطر في بالك. اكتب أفكارك مثلما هي دون أي تعديل. الآن كرر السؤال لكن استبدل بـ “شيءٍ واحد” “شيئين”، أهم شيءٍ أن تكتب الأفكار التي تجول في رأسك تماماً دون أي تعديل.

هذه قائمة بأهم الأمور الثمينة بالنسبة إلي:

  • الشعور باليقظة، والهدوء، والسلام، والصحة، والطاقة، والتركيز.
  • عائلتي: والديّ وزوجي.
  • الموقع: القراء، والتواصل مع القراء، وتقديم القيمة.
  • عملي وشركتي.
  • أصدقائي.

الخطوة الرابعة: كيف تُقوّي قيمك

اذكر الخطوات العملية التي تود اتخاذها للمساهمة في تحقيق أبرز الأمور المهمة بالنسبة إليك.

بعض الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها على سبيل المثال لتحقيق بند “الشعور بالتركيز، والسلام، والطاقة” الذي ذكرته أنَّه مهم بالنسبة إلي:

  • التأمل وقضاء الوقت بهدوء.
  • وضع الخطط وكتابة اليوميات.
  • تخصيص وقت للقراءة.
  • التمارين الرياضية: الجري والوثب.
  • شرب الماء.
  • ترتيب المكان الذي أعيش فيه.

الخطوة الخامسة: إعداد خطة عملية لتخفيف الشعور بالذنب

اكتب على ورقةٍ جديدة أبرز “الأمور التي سأسعى إلى تحقيقها” أو “الأمور التي سأفعلها بانتظام”.

راجع قائمتي الخطوات العملية فقد تجد بعض الخطوات المشتركة الموجودة في كِليهما. اكتب هذه الخطوات العملية على ورقةٍ منفصلة إذ إنَّ هذه هي الخطوات العملية هي الأهم التي ستجني من خلالها أكبر فائدةٍ من وقتك، لأنَّها تساهم في تحقيق أهم الأمور بالنسبة إليك أيضاً. تستطيع ذكر الخطوات غير المشتركة أيضاً لكن اذكر أنَّها ليست ضمن الخطوات ذات الأولوية.

من بين بعض الخطوات المشتركة التي عثرت عليها في القوائم التي وضعتها مثلاً:

  • الاستيقاظ باكراً والنوم باكراً.
  • تخصيص وقت للقراءة.
  • التأمل وقضاء الوقت بهدوء.
  • تقليل الوقت المخصص للبريد الإلكتروني وتصفح الإنترنت.

لقد أصبح من الواضح بالنسبة إليَّ أنَّ تنفيذ هذه الخطوات فقط سيضمن لي تحسن الحياة بشكلٍ كبير. إذ لن يخفف ذلك الشعور بالذنب الذي كنت أنا سبباً به فقط، لكنَّ سيكون سبباً في تحقيق أبرز الأمور المهمة بالنسبة إليَّ في هذه الحياة أيضاً.

الخطوة السادسة: عوّد نفسك على خطوات التخفيف من الشعور بالذنب

ضع خطةً أسبوعية إلى جانب كل بند من البنود التي توصلت إليها في الخطوة الخامسة، وحتى إن لم تتبع الخطة سيفسح وضعها المجال لك للقيام بتغييراتٍ إيجابية. مثلاً:

  • التأمل: خصص يومياً 5-15 دقيقة لممارسة التأمل على الأقل.
  • القراءة: 30 دقيقة-ساعة.
  • النوم: توجه إلى السرير قبل الساعة الواحدة صباحاً كل يوم.

نمتنع غالباً عن أداء المهمات التي نريد أدائها لأنَّنا لا نضع برنامجاً زمنياً لذلك. اختر أبرز خطوةٍ عملية سيكون لها التأثير الأكبر في سلامتك واجعل القيام بها ضمن أهم أولوياتك والتزم بفعل ذلك كل يومٍ مدة أسبوع. من المهم أن تركز انتباهك على خطوةٍ عمليةٍ واحدة في كل مرة حتى تتمكن من تحويلها إلى عادة قبل الانتقال إلى الخطوة التالية.

أخيراً:

مهما كانت نظرتنا إلى العوامل الخارجية، نبقى نحن السبب الحقيقي للشعور بالذنب الذي نحسُّ به، إذ إنَّنا نتمتع بقوة تتيح لنا تركيز الانتباه حيث نشاء، لكنَّ ردود أفعالنا غالباً تكون غريزيةً وننسى التحكم في وجهات نظرنا. وتحت تأثير هذه الأنماط المتأثرة بردود الأفعال نعطي اهتمامنا دون أن نشعر للإحساس بالذنب ونرحب بدخوله إلى حياتنا.

من الممكن التوقف عن الانسياق وراء ردود الأفعال وضبط النفس في أثناء إصدار ردود الأفعال. من خلال ممارسة الوعي وضبط النفس من الممكن التخلص من الاعتياد على ردود الفعل السريعة والتخلص تدريجياً من الشعور بالذنب.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!