نتحدث في السطور التالية حول معايير الجمال من كافة جوانبها، ومنذ أن بدأ الإنسان رحلته على الأرض وبدأ يرى نفسه في عيون الآخر بحيث يتحدد مدى رضاه عن مظهره برضا الأشخاص المحيطين به عنه وبالتالي تطور لدينا هذا الرضا حتى تحول إلى مقاييس ومعايير للجمال إن طابقها الإنسان يصبح نموذجًا للجمال وكلما ابتعد عن هذه المقاييس كلما قلت نسبة جماله المظهري، لذلك أقيمت مسابقات الجمال وحددت ملكة الجمال بمقاييس محددة ووزن مثالي وطول كذلك ومقاس خصر بالسنتيمتر، وهكذا، ولذلك سنتحدث في السطور التالية معايير الجمال باختلاف الزمان والمكان
ما هي معايير الجمال؟
هي المقاييس التي على أساسها يتم تحديد مدى جمال الإنسان أو المرأة خصوصًا حيث يتم النظر للمرأة بشكل خاص على أنها مصدر الجمال في الطبيعة والعالم، وبالتالي الابتعاد عن معايير الجمال هذه يعني ابتعاد الجمال عن المرأة بقدر المسافة بينهما، لذلك هناك اهتمام مرضي عند النساء يكاد يصل إلى حد الهوس بأجسادهن ورشاقتهن ومظهرهن وذلك خلق نوع من أنواع عدم الرضا الدائم عن نظرة المرأة لنفسها ولمظهرها مهما بلغ حسنها وجمالها، كيف لا وهي محددة بمعايير صارمة للجمال و”موديلز” أو نماذج للجمال ترغب أن تطابقهن تمامًا فلا مانع من شفط للدهون أو ريجيم قاسي أو عمليات تجميل غير محسوبة إلى غير ذلك.
أهم معايير الجمال
لا ريب أن هناك معايير معروفة للجمال، حيث العينين الواسعتين والأنف الدقيقة والشفاه المكتنزة والشعر الناعم الثقيل، بالطبع كلما ندرت الصفة كلما أصبحت من معايير الجمال وهذا بالطبع من سخرية القدر فمن المعروف أن ذوات الشعر الأحمر مثلاً أقل بكثير من قريناتهم من ذوات الشعر الأشقر والذين بدورهم أقل من الشعر الأسود بالتالي يصبح من معايير الجمال أن تكون ذات الشعر الأحمر أجمل من الأشقر والأشقر أجمل من الأسود.. وهكذا، لذلك تعمد الفتيات ذوات الشعر الأسود إلى صبغ شعرهن وتحويله إلى الأشقر أو الأحمر.
أما بالنسبة للوزن فالهوس المرضي بالرشاقة حيث تعمد كل امرأة إلى أن تكون نحيفة جدًا مع بروز للصدر والأرداف وانحناءات منطقة الوسط بالطبع.
ما هي معايير الجمال العالمية
اختلاف معايير الجمال من منطقة لأخرى يجعلنا نتوقف أمام وضع معايير للجمال أصلاً وننفض عن أنفسنا كل هذه المقاييس البالية، ففي إيران مثلا هناك هوس بتصغير الأنف، حيث كلما كانت الأنف صغيرة ودقيقة كلما كانت الفتاة جميلة لذلك هناك هوس بإجراء عمليات تجميل لتصغير الأنف، أما في موريتانيا فيعتبرون الوزن الزائد من مميزات المرأة حيث من معايير الجمال أن تتخلى المرأة عن رشاقتها، أما في تايلاند فيعتبرون الرقبة الطويلة من علامات الجمال وفي أثيوبيا يعتبرون الشفاه المتمددة من علامات الجمال أما الجلد الفاتح والبشرة البيضاء هي من أهم علامات الجمال في آسيا، ولذلك عند الصينيات والتايلانديات رعب غريب بالذهاب إلى البحر بدون واقي من الشمس حتى لا تكتسب بشرتهم لونًا داكنًا وتفقد بياضها، أما معايير الجمال في استراليا فتقاس بتورد الخدين، وإكساب البشرة طبقة داكنة قليلاً، أما العيون البنية في بنجلاديش دونًا عن الزرقاء أو السوداء أو غيرها فتعتبر من علامات الجمال، أما عن ألمانيا فكنت أتساءل عن سبب شحوب النساء هناك كلما رأيت فيلما ألمانيًا ثم اتضح أن البشرة الشاحبة من أهم علامات الجمال عند المرأة الألمانية، بالإضافة إلى الحواجب الرفيعة، أما في رومانيا فيملن النساء إلى الشكل الطبيعي للحاجب، والتقليل من المكياج، حيث يرون أن الهيئة الطبيعية أيًا كانت صفاتها هي معايير الجمال هناك.
معايير الجمال عند العرب
هناك اختلافات نوعًا ما في معايير الجمال عند العرب فهم يميلون إلى الوجه الممتلئ الريان دون المستدير أو الطويل، ويميلون أيضًا إلى الخدود الحمراء الموردة دونًا عن التي تبرز عظام الفكين أما شكل الحواجب فيفضلون المرسومة العريضة، ويحبون الشفاه المكتنزة ويهوون جدًا الخط الذي يحيط بالشفة العليا، أما بالنسبة للون العيون فقد تغريهم الزرقاء أو الخضراء لكن هناك ارتباط شرطي بين الجمال والعيون السوداء الواسعة كعيون الغزلان، حتى أن مديحهم لفتاة يقولون أن عيونها مثل عيون الغزال مع غرامهم بالجفون الكحيلة، أما الساق الطويلة فهي من المفضلات لدى العرب ومعها حجم الثدي المتوسط حيث لا يميلون إلى الحجم الصغير، ومنذ قديم الأزل فإنهم يمتدحون المرأة ذات الردف الثقيل مع الخصر النحيل، وعلى الرغم من أن البشرة السمراء هي الأكثر انتشارًا إلا أن هناك اعتقاد عند العرب بأفضلية البشرة البيضاء ولا مانع من بعض الاسمرار ولكنهم لا يحبون البشرة الداكنة، أما الأسنان فيحبونها بيضاء مستقيمة ويصفون المرأة ذات الأسنان البيضاء اللامعة بأنها تمتلك صفين من اللآلئ، كما أن معايير الجمال عند العرب أيضًا تدخل فيها وجود غمازات الخد، والحسنة فوق الشفتين أو على الخد أو في منطقة الذقن، ويحبون العرب المرأة ذات الأصابع النحيلة الطويلة، أما الأصابع الممتلئة الصغيرة فلا تعتبر من معايير الجمال عندهم، كما أن الأذن المتوسطة لا الكبيرة ولا الصغيرة تعتبر من معايير الجمال أيضًا، كما أن الرجال لا يحبون المرأة القصيرة جدا أو الطويلة جدًا ويحب أن يكون هناك تناسب في الطول بينه وبينها، مع طول العنق بشكل مناسب، وامتلاء الذراعين والفخذين دون ترهلات، وأن تكون القدم نحيفة وسمانة الساق ممتلئة.
معايير الجمال عند المرأة
رغم ما سردناه من اختلاف معايير الجمال باختلاف الزمان والمكان وتطور النظرة للجمال على مر العصور فإن هناك اتفاق عام على بعض الأمور التي يجب أن تتوافر في المرأة من أجل إطلاق صفة الجمال عليها، فمثلاً الجسم الرشيق بشكل عام محبوب والممتلئ محدد الملامح والتضاريس، العيون الواسعة الكحيلة والرموش الطويلة الثقيلة والبشرة الصافية الناعمة والأثداء غير المبالغ في امتلائها المنتصبة والأرداف المستديرة والطول المتوسط والخصر النحيل والساق الطويلة الملفوفة، ويكاد يكون هناك احتفاء بالمرأة السمراء في كل دول العالم رغم ميل الشرقيين إلى المرأة فاتحة البشرة بشكل أكبر ولكن تفضيل الغرب للبشرة السمراء جعل هناك حرص على أن تكون البشرة سمراء عكس الآسيويين الذين يحبون البشرة البيضاء الشاهقة غير الأفارقة الذين يرون أنه كلما ازداد سواد البشرة كلما أصبحت الفتاة أكثر جمالا، كما أن الحواجب الواضحة المحددة من علامات الجمال أيضًا والجبهة الصغيرة غير الطويلة حيث لا تدل الجبهة الطويلة على الجمال، والأصابع الطويلة النحيفة والصوت الهادئ الأنثوي الرقيق الناعم حيث أن جزئية الصوت هذه مهمة جدًا ولا يمكن اعتبار المرأة جميلة مهما بلغ حسن وجهها ما لم يكن لها صوتًا أنثويًا رقيقًا.
معايير الجمال عند الرجل
من أهم معايير الجمال عند الرجل طول القامة وعرض الكتفين، فهناك انطباع مأخوذ عن الرجل عريض المنكبين بقدرته على الاحتواء واحتضان زوجته وتأمين حياة كريمة وسعيدة لها، ولما يتمتع به أيضًا من صحة وعافية، كما يضيف هذا هيئة رجولية على أصحاب الأكتاف العريضة مليئة بالمهابة، يضاف إليهم أيضًا الصدر الواسع المشعر دون كثافة، والعضلات المفتولة التي تجعل من مظهرهم يدل على الرجولة والقوة والفتوة، أما عن لون البشرة فليست محبوبة إطلاقًا البشرة البيضاء في أي من دول العالم، وكلما كانت البشرة فاتحة بشكل أقل كلما كان أفضل، لا يعني هذا أن المرأة ذات الجنس القوقازي تفضل لون البشرة الأسود الذي يميز الأفارقة بالطبع، ولكن هناك اللون الأسمر المحبب لدى الرجل العربي واللاتيني مثلا، غير أن في أفريقيا يفضلون البشرة السوداء، لكن في باقي دول العالم تكون البشرة السمراء من معايير الجمال عند الرجل التي تقاس بها مدى وسامته رغم أن الرجل الأسود يكون عادة الأكثر فحولة والأكثر إثارة وذلك اعتقاد سائد لدى جميع دول العالم، أيضًا من معايير الجمال عند الرجل قوة ساعديه وبروز العروق في ساعديه بشكل لافت حيث تضفي على مظهره بشكل عام مظهرًا مثيرًا حيث لا تكون السواعد الدهنية المترهلة من معايير الجمال عند الرجال بل يفضل أن تكون السواعد بارزة العروق والعظام، أيضًا من الأشياء التي تميز الرجال الشعر الناعم الأسود، أو المموج بشكل خفيف وهناك من يعتقد أن الشعر المجعد هو أفضل ما يميز الرجال لكن يتفق المعظم على أن الشعر الناعم الأسود الثقيل هو من معايير الجمال عند الرجل، وهناك من يذهب إلى أهمية الصلع أيضًا وعند العرب يفضلون الرجل ذو الغمازة في ذقنه ويحبون الوجه المربع ويستحسنون الحواجب الكثيفة المنتظمة ولا يمانعون من بعض الزغب الخفيف من الشعر بين الحاجبين، كما يفضلون الصوت الخشن الرجولي والملامح الذكورية والأسلوب الفتي القوي.
معايير الجمال على مر التاريخ
لا ريب أن معايير الجمال تتغير باختلاف العصر الذي نعيش فيه، وحتى في العصر الواحد تباينات معايير الجمال أيضًا ولو تتبعنا التاريخ سنجد أن معايير الجمال عند قدماء المصريين مثلاً اهتموا برشاقة المرأة ورغم ذلك اهتموا بامتلاء ثدييها حيث تدل التماثيل الموجودة للنساء منذ عصر الفراعنة أنها تمتلك أثداء مليئة مستديرة منتصبة وأرداف كذلك رغم أن من معايير الجمال لديهم الخصر النحيل، كما أنهم اعتبروا الأعين الكحيلة ذات الرموش الثقيلة من أهم معايير الجمال، حتى أنهم رسموا رموشًا كحيلة للمرأة خفيفة الرموش وتدل التماثيل والرسوم على جدران المعابد على أهمية العيون الكحيلة لدى النساء، إن لم يكن عند الرجال أيضًا، أما الإغريق فنجدهم اهتموا برشاقة الجسد ودقة التضاريس حيث يفضلون الثدي الصغير على الممتلئ والمؤخرة كذلك، ولكن النحافة عندهم في المرتبة الأولى حيث اهتموا بالجسد النحيف، وعند اليابانيين كانت البشرة البيضاء هي الأهم دومًا من أي شيء آخر وعند العرب كان الجسد الممتلئ دليلاً على الجمال وتتغنى الأشعار بالجسد الممتلئ، بالنظر إلى الماضي القريب فإن مفهوم الجمال تطور في القرن العشرين حيث مرت بفترة كان فيها امتلاء الجسد خصوصًا في فترة العشرينيات والثلاثينات هي السمة الغالبة غير أن في الأربعينات كانت النحافة والرشاقة من أهم معايير الجمال ودخلت معنا الخمسينات امتلاء الصدر والأرداف وفي الستينات كان جسد المرأة الريان من معايير الجمال وفي السبعينات أصبحت الأجساد الريانة التي تضج بالفتنة وتلفح الناظر بسخونتها هي من معايير الجمال بالتالي يجب أن يتفجر جسد المرأة بالأنوثة، لكن في الثمانينات ظهرت موضة أن تكون الأجساد ضامرة بعض الشيء وبالتالي كانت النحافة والرشاقة هي عنوان هذه الفترة إلى أن دخلت الألفية الثالثة وجعل تكبير الأثداء والأرداف وثورة عمليات التجميل مسألة معايير الجمال بالغة التخبط والاضطراب.
خاتمة
بعد أن استعرضنا معايير الجمال حسب المكان والزمان وعند الرجل والمرأة وباختلاف الشعوب والحضارات نود أن نؤكد أنه ما من جمال يفوق الجمال الداخلي، وحسن الروح وخفة الظل.