‘);
}

الدين الإسلاميّ

خلق الله تعالى الإنسان وأكرمه، ومنّ عليهم بنعمٍ عظيمةٍ وعطايا جليلةٍ، ودعاهم إلى الإيمان به وتوحيده، وجعل ديانة الإسلام خاتمة الأديان السماوية، واختار لحملها محمداً صلّى الله عليه وسلّم، فالإسلام ليس إلّا امتداداً لما جاء به الرسل والأنبياء السابقون، يقول الله عزّ وجلّ: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّـهِ فَإِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَاب)،[١] فالإسلام هو دين جميع الرسل من نوحٍ إلى محمّدٍ عليهم الصلاة والسّلام، أمّا آدم عليه السّلام؛ فقد أرسله الله -عزّ وجلّ- لنفسه ولذرّيته إلى أن جاء نوح -عليه السّلام- بالإسلام؛ فهو الذي جمع الرسل جميعاً برسالةٍ واحدةٍ، والإسلام يعني الاستسلام لأمر الله -عزّ وجلّ- باتباع ما أمر به، واجتناب كلّ ما نهى عنه، كما حذّر الرسل جميعاً أقوامهم من الشرك، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا)،[٢] فإنّ حق الله على الناس؛ عبادته، فلا مستحقّ للعبادة سواه، وقد جاء الرسل جميعاً بالدعوة إلى عبادة الله -عزّ وجلّ- وحده لا شريك له، والإخلاص في العبادة لله وحده، وقد صبر النبيّ محمدٌ -صلّى الله عليه وسلّم- على دعوة أهل مكّة إلى التوحيد سنين طويلةٍ قاسيةٍ، وإنّ إيمان المؤمن لا يكتمل إلّا بإيمانه بجميع الرسل السابقين والاعتقاد الجازم بصدقهم في كلّ ما يبلّغون به، فقد كانوا يُبشّرون الناس بالجنّة والنعيم إذا استقاموا على منهج الله عزّ وجلّ، وينذرونهم من العذاب الأليم إذا خالفوا أمر الله تعالى، وابتعدوا عن الحقّ الذي أمرهم به، وقد كانت دعوة الرسل مشتملةً على الأمر بالأخلاق الحميدة وكلّ ما يُصلح حياة الناس ويحقّق لهم السعادة، يقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّما بُعِثْتُ لأُتممَ صالحَ الأخلاقِ)،[٣] كما دعا الرسل جميعاً إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرّه.[٤]

تعامل الرسول مع اليهود والنصارى

جعل الله -عزّ وجلّ- لكلّ رسولٍ من الرسل شريعةً، فجاءت التوراة مُبيّنةً لشريعة موسى عليه السلام، والإنجيل مُبيّناً لشريعة عيسى عليه السلام، وخُتمت الشرائع السماوية بشريعة محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، يقول الله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)،[٥] كما أراد الله أن تكون كلّ شريعةٍ ناسخةً للشريعة التي قبلها، فالإسلام ينسخ ما قبله من الأديان السماويّة، وكلّ رسولٍ يأتي يبشّر بالذي بعده؛ فقد بشّر عيسى -عليه السلام- بالنبيّ محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، ويُقسم أهل الكتاب إلى قسمين: المُعادي؛ وهذا القسم يُعامل بالمثل من المعاداة، أمّا القسم الآخر فهو غير المعادي الذي يعامل بالعدل، ويحرم الاعتداء عليه أو معاملتهم بسوءٍ، وكان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- خير مثالٍ في معاملته لليهود والنصارى.[٦]