}
المحافظة على البيئة
تؤثر الأنشطة الاقتصادية التي يقوم بها الإنسان على البيئة التي تحيط به، فالبيئة هي المكان والحيز الذي يحيط بالإنسان وتضم الأرض والماء والهواء، فما يقوم به الإنسان من أنشطة مضرة قد يحدث خللاً في في النظام البيئي مما يؤدي إلى الكوراث والضرر حياته، وما يشهده العالم اليوم من تطور صناعي ملحوظ في مختلف المجالات الصناعية المختلفة أدى إلى ظهور مخلفات أثرت على البيئة التي تحيط بالإنسان، فهذه المصانع خصوصاً الكبيرة تختلف في نوع المخلفات التي تطرحها إلى البيئة، وفي ظل ازدياد هذه المشاكل تم إنشاء منظمات ومؤسسات رسمية تعنى وتهتم بالبيئة، فلذا عند إنشاء مصانع لا بدّ من الحفاظ على السلامة البيئية، وسنركز هنا في الحديث عن الطرق السليمة للحفاظ على البيئة عند بناء مصنع كبير، وما هي المعوقات التي تواجهها المصانع الكبيرة في الحفاظ على البيئة، وما هي الإجراءات السليمة في التعامل مع مخلفات المصانع وغيرها من الأسئلة الكثيرة.
أنواع الملوثات التي تؤثر على البيئة
- الملوثات الصناعية السائلة: ينتج هذا النوع من النفايات الخطرة التي تؤثر على البيئة عند دخول الماء في التصنيع واختلاطه بالمواد الصناعية الضرورية في صناعة المنتج، فبعد مرحلة التصنيع يصبح الماء ملوثاً ولا بدّ من التخلص منه فلهذا تلجأ الكثير من المصانع إلى التخلص منه عن طريق طرحه في البحار والأنهار وشبكات الصرف الصحي، وهذا من دون شك إجراء وتصرف خاطئ؛ لأنه يضر بالحياة المائية وصحة الإنسان وأكثر هذه النفايات السائلة الخطرة هي الزيوت النفطية وهي كما نعلم جيداً من أهم النفايات التي شكلت خطراً حقيقياً على الحياة البحرية ونفوق عدد كبير من الأسماك.
- الملوثات الصناعية الصلبة: وهي المواد الصلبة غير القابلة للاستفادة منها في مرحلة التصنيع، أي هي المواد الأولية التي تُستخدم لتتحول إلى مواد جاهزة، فبعد دخولها في مراحل الإنتاج والتصنيع تنتج مخلفات غير قابلة للتدوير أو إنتاج مواد جاهزة، فلهذا يلجأ المصنع للتخلص منها فهو لا يحتاجها للبقاء داخل مصنعه؛ مثل الوحل الزيتي الذي ينتج عند تجهيز المشتقات البترولية، وكذلك المركبات المعدنية الثقيلة التي تحتوي على الفينول ومركبات السيانيد العضوية وعناصر الرصاص وغيرها، فهي مواد غير قابلة للتحلل لهذا هناك طرق سليمة للتخلص منها دون المساس بالبيئة.
- الملوثات الصناعية الغازية: يحتوي الهواء الذي نتنفسه على عنصر الأكسجين المهمّ في عملية التنفس، فنتجية أنشطة المصانع المختلفة زادت نسبة الكربون أي ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الاحتراق مما يؤثر ذلك على سلامة الهواء الذي تستفيد منه الكائنات الحية من إنسان وحيوانات وطيور ونباتات وأسماك، ومن أشهر مظاهر تلوث الهواء هو خروج الغازات السامة المتصاعدة من مداخن المصانع، مثل غازات أول وثاني أكسيد الكربون، وأكسيد النتروجين وثاني أكسيد الكبريت، وكذلك المواد الدقيقة كجزيئات المعادن التي تتطاير في الهواء، ولوقف تلوث الهواء يجب تخفيف ووقف انبعاث الغازات السامة إلى الهواء وهناك إجراءات سليمة لوقف ذلك، وهناك نوع آخر من الملوثات يشمل الإشعاعات السامة مثل إشعاعات الطاقة النووية.
‘);
}
شروط سلامة البيئة عند إنشاء مصنع كبير
هناك شروط لا بدّ من توفرها عند بناء مصنع للحفاظ على سلامة البيئة دون إحداث خلل وضرر بسلامة الإنسان بشكل خاص والبيئة بشكل عام، فمن هذه الشروط الواجب على المقاول وصاحب المصنع أن يؤخذها بعين الاعتبار حتى لا تصبح لاحقاً مخالفة صحية وبيئية بحقه تؤثر على منشأته نذكر منها ما يلي:
- مساحة المصنع وبعدها عن التّجمعات السّكنية: عند إنشاء مصنع كبير لا بدّ أن تكون المساحة كبيرة ومرنة لتكبير مرفقات المصنع فيما بعد، ويراعى في ذلك بعدها عن التجمعات السكنية وهو شرط أساسي لا غنى عنه، فمن غير المعقول حصول مصنع مختص بصنع الأصباغ والدهانات على سبيل المثال على رخصة إنشائية داخل المساكن لأنّ هذا المصنع قد يحتوي على مواد قابلة للاشتعال وحدوث الحرائق، وقد ينطلق من مصنع آخر أدخنة وأبخرة تؤثر على التنفس وتسبب الاختناق، وأحياناً تنتج ضوضاء وضجة تقلق راحة السكان، ومع هذه الأسباب وغيرها من الملوثات لا بدّ من المصانع الكبيرة أن تكون بعيدة عن البؤر السكانية، لتجنب إلحاق أي خطر يؤثر على صحة الإنسان، وتلافياً لتسرب الخطر للسكان مثل الحرائق وتسرب الغازات بحيث تكون المساحة أكثر سيطرة على الخطر ولا تتسع الدائرة أكثر، فيفضل بناء هذه المصانع في التجمعات الصناعية والشبه الصحراوية فهي مناسبة جداً للنشاط الصناعي.
- البنية التحتية للمصنع: عند إنشاء مصنع لا بدّ من توفر شروط السّلامة والصحة المهنية والبيئية، فيجب على المصانع أن تحتوي على نظام إطفاء متكامل، وأن تحتوي المداخن على فلاتر خاصة تمنع تسرب الغازات العادمة للخارج وتقليل نسبة جزيئات المعادن المتطايرة في الهواء، وضبط الغبار المتطاير خصوصاً عند صناعة الإسمنت، ولهذا لا بدّ من التوعية والإشراف وتطوير الطرق للحد والتخلص من الغازات المنبعثة أثناء التصنيع، ومن البنية التحتية يجب أن تحتوي المصانع على آبار خاصة بالمواد السامة التي يرغب المصنع في التخلص منها بشكل سليم دون طرحها في شبكات الصرف الصحي، فمن خلال الآبار يتمّ التعاقد مع صهاريج تعنى بنقل المواد والتخلص منها بطرق سليمة، وأحياناً يفضل عند بناء المصنع أن يكون مصمماً ومخصصاً بأماكن خاصة لتجميع النفايات حتى يتمّ التّخلص منها.
- الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة: تعتبر الطاقة اللازمة لتشغيل المصنع من أهمّ الأمور الواجب مراعاتها عند وبعد إنشاء المصنع، حيث يمكن الاعتماد على الطاقة الشمسية فهي طاقة غير ملوثة للبيئة وغير مكلفة فمن المفضل وضع خلايا الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية وتخزينها للاعتماد عليها فيما بعد، فهناك مصانع تعتمد على الفحم ومشتقات البترول لتشغيل المراجل الضخمة أثناء الإنتاج وهذا يتطلب جهداً كبيراً ومكلفاً في العملية الإنتاجية ولهذا لابدّ من التحويل للطاقة الشمسية وتجنب صعود الدخان السام من المداخن والضرر بالهواء، ويمكن الاعتماد على الرياح في إنتاج الطاقة أيضاً.
- مراعاة الطريقة السليمة للتخلص من نفايات المصنع: كما تحدثنا هناك نفايات خطرة تنتج من المصانع، فمن طرق التخلص من هذه النفايات إنشاء حفر لدفن النفايات، ويراعى أن تكون هذه الحفر بعيدة عن مصادر مياه الشرب والمياه الجوفية حتى لا تتسرب هذه المواد الخطرة للمياه، وتكون حفر الطمر بعيدة عن تجمع السكان بمسافة خمسة كيلو مترات على الأقل، ومراعاة اتجاه الرياح في ذلك الموقع، فالنفايات يجب أن تخضع لعدة مراحل ليتم معالجتها والتقليل من خطرها إن أمكن.
- دراسة نوع المخلفات التي ستنتج من المصنع: تحتوي الجدوى الاقتصادية عند إنشاء مصنع كبير على تحديد نوع المخلفات والملوثات التي ستنتج لاحقاً من المصنع، فمن الضروري جداً الوعي الكامل هل ستخضع هذه المخلفات إلى إعادة التدوير، فإعادة التدوير للمواد غير اللازمة سيقلل كثيراً من الكلف الإنتاجية، حيث تعتبر الكرتون ومواد التغليف والعبوات من المواد القابلة للتدوير وهذا بدوره سيحافظ كثيراً على صحة البيئة، والاستفادة من المواد العضوية وإعادة تدويرها في إنتاج الأسمدة وبعض أنواع الغازات وهذه أمثلة لمصانع تتعاقد مع مصانع أخرى لشراء مخلفات المصانع، فالدراسة يجب أن تكون حقيقية وواعية في التخلص من النفايات دون المساس بالنظام البيئي، فالحديد والبلاستيك والزجاج من المواد التي يمكن صهرها وإعادة تدويرها مرة أخرى.
عندما تكون المصانع الكبيرة قادرة على التحكم بالنفايات فإن ذلك سيعود بفائدة ربحية كبيرة عليها، لأنها قادرة على السيطرة وتخفيض المخلفات بقدر الإمكان، فلهذا لا بدّ من تصميم وإنشاء مصنع قادر على إدارة نفاياته بشكل إيجابي يحافظ على البيئة وسلامة عامليه والقدرة على التخلص منها بشكل سليم، وعادةً هذه المصانع الكبيرة ستحصل بالنهاية على موافقة عند مراعاة شروط الصحة البيئية.