‘);
}

عناية الأمّة بالقرآن الكريم

أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على خَاتم الأنبياء والمرسلين؛ ليكون هدىً ونوراً للعالَمين؛ فمن آمن به نجا، ومن تمسّك به عَصَمه الله -تعالى- من الضلال والفِتَن، ومن حكم به عَدَل، وقد تعهّد الله -سبحانه- بحِفظ القرآن الكريم من التحريف، والنقص، والضياع، قال -عزّ وجلّ-: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)،[١] وحفظته أمّة الإسلام منذ عصر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فالتزموا بما نَزَل به من الأحكام والتشريعات، وعملوا بها، واعتنت به عنايةً حثيثةً؛ فمن علماء المسلمين من قضى عمره بالبحث في تفسير آياته، وألّفوا في هذا المجال آلاف المُجلَّدات والكُتب، ومنهم من تخصّص في البحث بالمتشابه والمُحكم من آياته، ومنهم من بحث في جَمْع القرآن الكريم، وتدوينه، ومنهم من تخصّص في علوم القرآن الكريم، واستنباط الأحكام، كعِلْم الناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، والإعجاز، ومن أهل العلم من اعتنى بإعراب القرآن الكريم، ومنهم من اعتنى بما نزل فيه من القصص والحِكَم.[٢]

وبذلك فقد اعتنى المسلمون بالقرآن الكريم في العصور كلّها عناية شديدة، وممّا يدلّ على ذلك أيضاً تحريرهم للقراءات، والتفريق بين الشاذّ منها، والمُتواتر، بالإضافة إلى أنّهم وضعوا عدداً من القواعد التي لا تثبت القراءة إلّا بها، وهي: موافقة القراءة لوجه النحو، والإسناد المُتّصل في كلّ طبقةٍ، والاحتمال للرَّسم العثمانيّ، ومن مظاهر عناية المسلمين بكتاب الله -تعالى- أيضاً تلقّيه مُشافهةً كما تلقّاه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن جبريل -عليه السلام-، وقد اهتمّ العلماء في كلّ عصرٍ بدراسة المكّي والمدنيّ من الآيات، والتمييز بينها، وخلصوا إلى أنّ ما نزل قبل الهجرة يُعَدّ مكّياً، وما نزل بعدها يُعَدّ مدنيّاً، وبحثوا في ترتيب الآيات، وبيّنوا أنّه توقيفيٌّ، كما اهتمّوا بدراسة رَسم القرآن الكريم، وغيره من العلوم.[٣]