
قطاعات واسعة في العالم العربي علقت ولا تزال الآمال على الرئيس الأمريكي أوباما، في أن يفعل شيئاً حقيقياً وأن يتخذ سياسات وإجراءات أقرب إلى المضامين التي كان أعلنها في بدايات ولايته الأولى، وهناك حتى من يتحدث عن أن أوباما سيعاقب نتنياهو على تدخله الفظ في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح ميت رومني، فهل ننتظر إذا خطوات دراماتيكية مثيرة من الرئيس الأمريكي في ولايته الثانية؟.
بعيدا عن تداعيات خطابات وشعارات الرئيس أوباما التسامحية التصالحية المعززة بالآيات القرآنية، التي أخذ بها لباب قطاعات واسعة من العرب والمسلمين في بداية ولايته الأولى، والتي انطوت بالتأكيد على جديد ملموس في اللغة والأسلوب، وعلى انتقال واضح من اللغة الخشبية التي اعتمدها بوش إلى اللغة الناعمة الأخّاذة، فالمقاربة الحقيقية التي يمكن محاكمة مدى جوهرية وجدية أوباما في وعوده التغييرية الجذرية، هي القضية الفلسطينية وذلك الانحياز الأمريكي التاريخي السافر لصالح تلك الدولة الصهيونية التي أقيمت بقوة السطو المسلح على فلسطين..
في احتمالية أن تنتقل السياسات الأمريكية في عهد أوباما الثاني، كان برنت سكوكروفت المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي في عهد بوش الأب، قد ثبت حقيقة كبيرة آنذاك حول العلاقة الإسرائيلية – الأمريكية حينما أكد: أن شارون يحرك بوش الابن على أصبعه الصغير، وهو الذي حركه لغزو العراق، وعززه الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر حينما أوضح: لقد بتنا في مرحلة أصبح يبيت فيها شارون في سرير بوش، لينضم إليهما الأدميرال المشاكس توماس مورير، مسؤول غرفة العمليات البحرية في الولايات المتحدة (1967 – 1970) ورئيس الأركان العامة المشتركة (1970 – 1974) مؤكداً بدوره: “لا يستطيع أي رئيس أمريكي مواجهة إسرائيل”، يضاف إلى ذلك الحقيقة الكبيرة التي كان أوري أفنيري أحد كبار أقطاب السلام الآن الإسرائيلي قد أعلنها وهي: أن البيت الأبيض محتل عملياً من قبل اللوبي اليهودي، والحقيقة الكبيرة الأخرى التي زودنا بها البحث الذي أعده البروفسوران وولت وميرشهايمر من جامعتي هارفارد وشيكاغو عن أن “اللوبي الصهيوني هو الذي يسيطر على السياسة الخارجية الأمريكية”.
إذاً – نحن أمام شهادات أمريكية واضحة وصريحة توثق لنا طبيعة ذلك التحالف الأمريكي – الإسرائيلي…
ولكن – ونحن اليوم أمام الولاية الثانية للرئيس أوباما، الذي بعث التفاؤل والآمال لدى الكثير من الفلسطينيين والعرب نتساءل: هل ننتظر يا ترى تغييراً وتحولاً حقيقياً في سياسات الإدارة الأمريكية في بعدها الإسرائيلي؟ هل نرى صحوة ضميرية هناك في البيت الأبيض، تنصف الشعب الفلسطيني، وتضع نهاية للعدوان والجموح الإسرائيلي؟ هل نصدق أي خطاب أمريكي جديد بعد عقود من الظلم والافتراء الأمريكي؟ وهل بقي لدى الإدارة الأمريكية بالأصل شيء من المصداقية؟.
ففي الخطاب الأمريكي كما تعودنا البيانات والخطابات والوعود والأقوال الاستهلاكية للعرب، بينما الأفعال الحقيقية ل”إسرائيل”..؟ فهل تنتقل هذه السياسات حقاً، من الوعد والتعهدات والخطاب التوراتي مثلاً إلى الحسم والحل وإقامة الدولة الفلسطينية في عهد أوباما؟ أم سيبقى هناك وراء الأكمة ما وراءها؟.
المؤرخ الفلسطيني ـ الأميركي البروفيسور رشيد الخالدي، كان استبعد تحقيق تقدم باتجاه حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في ظل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقال الخالدي وهو صديق شخصي لأوباما في مقابلة أجرتها معه صحيفة هآرتس الإسرائيلية “إنه لا يعتقد حدوث تغير في توازن القوى بواشنطن في كل ما يتعلق بالموضوع الإسرائيلي الفلسطيني”.
يتطلع الفلسطينيون والعرب إلى عهد أمريكي جديد مختلف عن عهد آل بوش (الأب والابن)، التي تميزت بالعداء السافر للأمة العربية، وبالانحياز الطاغي لصالح العدوان والاستيطان الإسرائيلي، ويتطلعون إلى مصداقية أمريكية حقيقية في سياسات الإدارة الأمريكية.
ولكن – كي يستعيد الرئيس أوباما شيئاً من المصداقية الأمريكية المهدورة بقسوة في عهد آل بوش، وخلال ولايته الأولى، عليه أن يغير من السياسات الأمريكية وان يضع نهاية للانحياز السافر لصالح “إسرائيل”، وأن يخاطبها بمنتهى الوضوح أن: كفى للاحتلال، عليكم تفكيك المستعمرات والمعسكرات وحقائق الأمر الواقع على الأرض، عليكم أن تحملوا جيوشكم وإداراتكم وترحلوا عن الأراضي المحتلة إلى الأبد…
عليكم أن تنفذوا القرارات الدولية المتعلقة بالشعب الفلسطيني، عليكم أن تنسحبوا خلال ستة شهور – مثلاً – من الأراضي المحتلة حتى حدود حزيران 67، هذه أقل المطالب والمواقف التي يمكن أن تؤشر إلى تحول حقيقي وجاد في السياسات الأمريكية تجاه الاحتلال الإسرائيلي… فهل نحلم…؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العرب اليوم الأردنية


