لا نقبل بأي تواجد إسرائيلي في المنطقة ولا إمكانية لأي تغيير في الجغرافية السياسية.. مناورات إيران العسكرية رسائل متعددة الجهات

فاطمة عواد الجبوري

معدودة على الأصابع هي الدول التي تعتبر إسرائيل عدوة لها، ولكن هذا لا يعني أبداً بأن إسرائيل اليوم تنعم بالآمان وتستطيع أن تقتل الأحرار في فلسطين كيفما شاءت، فالقلة اليوم لا تدل على الضعف بقدر دلالتها على النقاء. فما هو النفع من عدد كبير من الدول التي تدّعي دعم القضية الفلسطينية وهي في الواقع تجري محادثات ومناروات مع العدو الصهيوني وتستورد أسلحته وتستخدم أراضيه للتجسس على ما تعتبرهم إسرائيل عدواً لها.

من بين الدول القليلة التي تدعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية. الدولة التي يجمع شعبها وأحزابها وقياداتها السياسية والعسكرية على قضية واحدة هي دعم الشعب الفلسطيني ويعتبرون هذه القضية بأنها قضية الأمة الإسلامية. تعيش إيران في حالة حرب دائمة مع إسرائيل، ويتربص الطرفان لبعضهما البعض في كل مكان. فإيران أصبحت على الحدود القريبة مع إسرائيل في سوريا ولبنان، وهي أصبحت تهدد إسرائيل بشكل مباشر وعلني. وإسرائيل بدورها تبحث عن مواطئ قدم للتحرك ضد إيران أمنيا واستخباراتياً خصوصاً في الإمارات والبحرين وأذربيجان.

بعد أن قامت إيران بضرب السفينة الإسرائيلية “ميرسر ستريت” وراح ضحية هذا الهجوم شخصين كانا على متن السفينة، حاولت إسرائيل الإدعاء بالمظلومية مرة أخرى لكسب الإجماع الدولي، إلا أنها لم تحصل سوى على الوعود. ويبدو بأنّ إسرائيل تبحث عن الانتقام لهذه العملية، ولذلك بدأت بنشر بعض عناصرها الاستخباراتية في أذربيجان. أذربيجان دولة تربطها بإسرائيل علاقات عميقة وهي أكبر مستورد للأسلحة من إسرائيل، إذ استوردت الأولى من إسرائيل ما يقارب 60 بالمائة من أسلحتها. ونشر المحللون العسكريون تحليلات حول التدخل التركي الإسرائيلي خصوصا عبر المسيرّات في حرب قرة باغ الأخيرة ضد أرمينيا. هذا التدخل الذي ساهم بحسم المعركة لصالح أذربيجان.

يجب القول بأنه منذ الحرب العراقية الإيرانية والتي استمرّت لثمان سنوات، تعلمت إيران أن تعتمد على الذات في دفع الخطر والتهديدات الأمنية، وهي تعتمد سياسة الدفاع وليس الهجوم. إلا أن قواتها تبدو مستعدة لخوض أي حرب إقليمية أو دولية. وقد أظهرت الأسلحة الإيرانية فعالية كبيرة للغاية خصوصا الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والتي أمطرت طهران بها قاعدة عين الأسد الأمريكية عشية اغتيال الجنرال قاسم سليماني. والتي كشفت التقارير الأمريكية عن مدى خطورتها فيما بعد قائلة بأن 50 جندي أمريكي أصيبوا بارتجاج في الدماغ وأن الرئيس الأمريكي ترامب (آنذاك) طلب من أجهزة الاستخبارات التقليل من حجم وخطورة الضربة الإيرانية ضد القاعدة الأمريكية.

أجرت طهران مناورات عسكرية جوية وبرية واسعة النطاق على الحدود مع أذربيجان. هذه المناورات هي رسالة واضحة من إيران لكل دول المنطقة بالإضافة إلى إسرائيل بأنّ إيران لن تقبل بتواجد العدو الصهيوني في المنطقة وبأن أي تغيير في الجغرافية السياسية للمنطقة سيواجه برد حازم.

هذه الرسالة لم تخرج عن النطاق السلمي، فهل تتلقف دولة أذربيجان الرسالة وتمنع إسرائيل من ممارسة نشاطات تخريبية ضد دول الجوار؟ وهل تفهم دولنا العربية هذه الرسالة الواضحة بأن لا مكان لإسرائيل في المنطقة؟

وحدها الأيام كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة ولعل الشتاء المقبل قد يتحول إلى شتاء ساخن للغاية لن تكون فيه إسرائيل مسرورة أبداً.

كاتبة وباحثة عراقية

@fatimaaljubour تويتر

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *