لبنان: أحداث الطيونة والعودة بالذاكرة الى الحرب الاهلية

فياض قازان

بعد هول أحداث الطيونة وسقوط الضحايا والجرحى، وتضرّر عدد كبير من الأملاك العامّة والخاصّة والسيارات، عاد اللبنانيون بالذاكرة الى سنوات الحرب التي مزّقت لبنان ودمّرته. فخطوط التماس التي ادّعى البعض أنّها ذهبت بلا رجعة، وأنّ عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وإذ تحوّلت مستديرة الطيونة إلى صورة مصغّرة عن أيّام الحقد التي عاشها اللبنانيون تجاه بعضهم بعضاً، وكلّفتهم الكثير من البشر والحجر. أمام مرارة ما حصل، والخوف والرعب الذي عاشه أطفالنا يوم الخميس الماضي، السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، هل نحن نريد العودة إلى أيّام الحرب المشؤومة؟ الجواب لدى معظم اللبنانيين هو لا، لكن، ما هي الأسباب التي يجب أن تمنعنا من الانجرار مجدّداً إلى الحرب في لبنان؟

طرحنا هذه الأسئلة على أسعد شفتري، قياديّ سابق في “القوات اللبنانية،” الذي بات اليوم من المبشّرين بلغة السلام والحوار، بدلاً من لغة السلاح والدم. وزوّدنا شفتري بأسباب مقنعة ومنطقية وعقلانية، كي لا نعود إلى منطق إلغاء الآخر، وهي على الشكل الآتي:

 1 ـ قد تقتل أو تُقتل، وأهون لك أن تُقتل بدلَ أن تعيش مرارة الندم الذي سيرافقك، بعدما تنتهي الحرب وتتذكّر الذين قتلتهم.

2 ـ نحن باقون في هذا البلد وسنلتقي غداً، ومحكومون بالاتفاق والتعايش، فما نفع الحرب والتقاتل طالما لن يكون هناك رابح واحد، والأمور متى تدهورت بشكل كبير لا تلتحم بسرعة، وهذا ما نعيشه اليوم.

3 ـ لا تصدّق إعلام بيئتك ومسؤوليك، أو الذي تدور في فلكه، حاوّل أن تتأكّد دوماً من الحقيقة، عبر طرق باب الآخر للاستفسار والسؤال.

4 – هناك الكثير من الطرق السلمية لفضّ نزاع أو لمواجهة تعدٍّ ما، من دون عنف وحروب.

 5 ـ هل دفنت جثّة رفيق لك مشوّهة قتل بقربك من قبل، إذا كان الجواب لا، فأنت ستضطرّ أن تقوم بها، في حال انخرطت في القتال أو الحرب.

6 ـ فكّر في الدمار النفسيّ الذي سيصيبك نتيجة انخراطك في الحرب والقتال، وتبعات هذه الأحداث على تصرّفاتك.

7 ـ رئيسك سيكون بأمان، أمّا أنت فلا، وستكون حياتك محفوفة بالأخطار في كلّ لحظة.

8 ـ هل ترضى أن تتقوقع في منطقة صغيرة من لبنان؟ بدلَ أن تتنعّم بكلّ لبنان ومناطقه.

9 ـ ستجد في الطرف الآخر الذي تظنّ أنّه عدوّك، من سيكون أقرب إليك من أهلك، فاذهب وابحث عنهم.

10 ـ من سيعيد بناء ما سيتدمّر في لبنان خلال الحرب، طبعاً فاتورة الحرب والدمار ستدفعها أنت من جيبك أو من جيب ورثتك.

11 ـ  من يموت لن يعود إلى الحياة مثل ألعاب الفيديو، لا يجب الاستهانة بفكرة الموت.

12 ـ الندم من الدخول في الحرب لن ينفع في نهايتها، لذلك عليك تدارك ذلك قبل الانخراط فيها.

هذه الأسباب التي تمخّضت عن الحوار مع مقاتل سابق انخرط في القتال وفي أشرس المعارك، كفيلة بأن تعطي فكرة واضحة عن حجم الخسارة التي قد تصيبك ومن حولك، والدمار الذي قد يلحق بوطنك.

التفكير بهذه الأسباب كفيل بأن يجعلك تفضّل مئة مرّة الحوار، على منطق الحرب والدمار، فهل من يسمع ويقتنع؟

تعليق أو تعقيب الدكتور فياض قازان، (مهاجر لبناني يعيش في الولايات المتحدة،) على النص أعلاه المنشور في جريدة النهار اللبنانية بتاريخ 20 تشرين أول سنة 2021:

إني أحيي السيد أسعد شفتري على موقفه ونصائحه القيمة المتصلة بتداعيات الحرب الأهلية التي تهدد لبنان اليوم!

لقد حان الوقت كي يتعلم اللبنانيون من الماضي كي لا تتكرر معاناتهم  للمآسي ذاتها التي أصابتهم في الأمس القريب.

إن هناك زعيم، أو زعماء لبنانيون معروفين جدا للشعب اللبناني لأن أياديهم ملطخة بدماء اللبناننيين مسيحيين ومسلمين على السواء! للأسف يبدو لي أن عدو لبنان اللدود الذي احتل لبنان سنة 1982 يحركهم وهم مستعدون لإستئناف دورهم في خدمته من جديد من دون الاستفادة من دروس التاريخ القريب.

إن على الأخوة المسيحيين اللبنانيين واجب التصدي لهكذا زعيم أو زعماء، أو على الأقل ينبغي أن تكون لديهم الجرأة في مخاطبته، أو مخاطبتهم بالحقائق التالية علها تعيدهم إلى وعيهم:

ـ أولا، إن التحالف مع أية قوة خارجية معروفة بعدائها وتهديدها للبنان لضرب المقاومة الإسلامية كما حدث خلال السبعينات في ضرب المقاومة الفلسطينية يشكل تهديدا كبيرا للمسيحيين اللبنانيين وسيجعلهم  وقودا لحرب أهلية جديدة خاسرة كما كانوا وقودا للحرب الأهلية الماضية التي انتهت سنة 1990!

ـ ثانيا، إن استخدام حجة “حماية المسيحيين،” أو حجة “أن المسيحيين مهددون” لإشعال حرب كما حدث في الماضي لا أساس لها من الصحة! لقد أثبت التاريخ القريب إن أهم تهديد للمسيحيين في لبنان هو تحالفهم مع أعداء لبنان لتهديد لبنان، أو تهديد أية طائفة لبنانية أخرى، أو دعمهم لأي زعيم مسيحي لبناني مصاب بمرض “جنون العظمة،” و مدمن على إراقة الدماء يشعل حربا أهلية لبنانية جديدة خاسرة يكون وقودها الشباب المسيحي بالدرجة الأولى كما حدث في الحرب الأهلية البغيضة الماضية التي ما زال اللبنانيون جميعا يعانون من تداعياتها ومآسيها الخطيرة!

ـ ثالثا، إن أمن كل طائفة لبنانية وأمن لبنان ككل لن يتحققا إلا من خلال النأي بالنفس عن خطط أعداء لبنان، ومن خلال وضع استراتيجية لبنانية لتعزيز التعايش المشترك، والوحدة الوطنية بين كافة الطوائف اللبنانية.

ـ رابعا، طالما أن لبنان بلد ضعيف عسكريا ومهدد باستمرار من العدو الذي احتله في الماضي القريب، إن المقاومة الإسلامية التي أثبتت جدارتها أكثر من مرة في ميدان القتال هي الجواب!

ـ خامسا، إن المقاومة الإسلامية موجودة للدفاع عن لبنان ككل، أي عن جميع طوائفه وليست تهديدا لأحد، وعندما تضع الدولة اللبنانية إستراتيجية عسكرية جدية للدفاع عن لبنان، لن يكون هناك حاجة للمقاومة الإسلامية الملتزمة بحل ذاتها حينئذ!

بناء عليه،

نحن الشعب المسيحي اللبناني نرفض قطعيا استخدام أي زعيم لبناني لشبابنا كما حدث في الماضي القريب وقودا وضحايا وأدوات لحرب لا لزوم لها تشن لمصلحة قوى الباطل والعدوان ضد مواطنينا ووطننا الحبيب لبنان بحجة أن المسيحيين مهددون وليس هناك تهديد لنا أخطر من الحرب!

كفى يعني كفى!

مؤلف وخبير في الاعلام الدولي

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *