كل بني البشر يخطئ و الخطأ شئ نعتبره سمة من سمات الإنسان فلا يوجد شخص معصوم , و لكن للأسف كثير من الأسر تتعامل مع طفلها على إنه شخص خارق و لا يجب أن يخطئ و ربما يعاقبوه بشدة على خطأ يفعله لأول مرة في حياته , و الأسواء من ذلك أن الأبوين ربما يتكبروا على الطفل و لا يعترفوا بأخطاءهم إن ارتكبوا أي شئ غير صحيح , و لكن يوجد مثل قديم يقول: “إذا كان رب البيت بالدف ضارب فلماذا لا يرقص أهل البيت؟” , فعلينا أن نعترف إن أخطأنا و نتعلم الإعتذار قبل أن نعلمه لأطفالنا.
اللي يغلط يعتذر:
هذه قاعدة هامة جدا في التربية و يجب تعليمها للأطفال , فمن يخطأ يجب أن يعرف خطؤه ثم يعتذر و يوعد بعدم تكرار الخطأ , لكن للأسف الكثير من الأسر تضع القواعد و القوانين للأطفال فقط و لا يلتزم بها الكبار , و هذا خطأ تربوي فادح حيث توجد قاعدة تربوية أخرى هامة تقول: “إن الطفل يقلد ما يرى أكثر مما يقال له” , فمهما حدثنا أطفالنا عن الإعتذار و الإعتراف بالخطأ لكن هم لم يرونا نفعل ذلك لن يجدي الأمر معهم , بل و الأكثر سوء أن نتملص من الإعتذار و نرفض الخضوع للقواعد التي وضعناها , و نريدهم بعد هذا أن يقتنعوا بالإعتذار , و النتيجة أنهم لن يقتنعوا و لن يعتذروا بسهولة , و لن يتخذوا هذه القاعدة أساس في حياتهم بل سيتعلموا التملص من القوانين و القواعد المنزلية و بعد ذلك المدرسية ثم الجامعية و تتحول هذه سمة شخصية في شخصياتهم.
أنا أسف مش هعمل كده تاني:
جملة لابد أن يسمعها طفلكم منكم إن أخطأتم فأنتم لستم معصومين , و إن اعتذرتم بعد إرتكاب الخطأ ستفيدوا طفلكم جدا , فأول ما سيتعلمه هو أن الإعتذار لا يقلل من شأن المعتذر بل من الشجاعة الإعتراف بالخطأ و عدم التهرب مما يرتكبوه , ثانيا سيقلدوكم إذا ارتكبوا خطأ و لن تبذلوا معهم الجهد المضني ليعتذروا بل سترسخوا لديهم هذه القاعدة و تصبح سمة شخصية لديهم , و أيضا ستكبروا في نظر أطفالكم و سيتعاملوا معكم من منطلق أنكم أشخاص مثلكم مثلهم تخطئوا و تصيبوا و تعتذروا إذا أخطأتم , و بالتالي ستتقبلوا إعتذارهم إن هم أيضا أخطئوا مثلكم و مثل باقي البشر.
إزاي تعمل كده:
سؤال يسأله كثير من الآباء و الأمهات للطفل عندما يخطئ و كأن لسان حالهم يقول للطفل: “لن نقبل منك أن ترتكب أي خطأ , فأنت لابد أن تكون خارق و لست مثل البشر , نريدك طوال الوقت هادئ مطيع مسالم لا تجرب و لا ترتكب أخطاء و لا تتعلم إلا ما نريدك نحن أن تتعلمه , و لا تأكل إلا حينما نقول لك , و لا نقبل منك أن تعارض أو ترفض أو تناقش” , أليس هذا ما نريده كلنا من أطفالنا ؟ ربما لا نقصد أن نوصل أطفالنا لهذه النتيجة لكن أفعالنا و تصرفاتنا معهم و خصوصا عند إرتكابهم أخطاء هي التي ستؤدي بهم فعلا لما لا يسعدنا إن وصلوا إليه.
وما نستخلصه من ذلك أن نعمم القاعدة التي تقول: “من يخطئ يعتذر” و حتى إن كان الأبوين , أن نتوقع حدوث الخطأ من أطفالنا و باقي أفراد الأسرة فلا يوجد شخص معصوم , أن نتعامل بصبر و حكمة لتعليم أطفالنا إذا أخطئوا و لنأخذ بعض الوقت لنعرف الأسباب التي دفعت الطفل لإرتكاب الخطأ , و أخيرا لا نمل أو نكل من توجيه أطفالنا بل و تكرار توجيههم فهذا هو دورنا في الحياة كوالدين , أليس كذلك؟