لماذا تزعزعت نظرية الأمن الإسرائيلية؟

لماذا تزعزعت نظرية الأمن الإسرائيلية عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين جريمة أتت بعد أيام قليلة من عملية ميناء أشدود النوعية التي نفذتها مجموعة مشتركة من كتائب الشهيد عزالدين القسام والأقصى حيث هدد شارون على أثرها قائلا إن الصيد الثمين ينتظرنا في مواجهة من دخل أرض المحرمات في ميناء أشدود وتذكرنا بالجريمة..

لماذا تزعزعت نظرية الأمن الإسرائيلية؟

عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين، جريمة أتت بعد أيام قليلة من عملية ميناء أشدود النوعية، التي نفذتها مجموعة مشتركة من كتائب الشهيد عزالدين القسام والأقصى، حيث هدد شارون على أثرها قائلاً: “إن الصيد الثمين ينتظرنا في مواجهة من دخل أرض المحرمات في ميناء أشدود”، وتذكرنا بالجريمة المشابهة التي اقترفتها حكومة اسحق رابين باغتيال الشهيد خليل الوزير بعد العملية البطولية التي نفذتها حركة فتح قرب مفاعل ديمونا عام 1988، وحينها أطلق رابين تهديداً مشابهاً لما أطلقه شارون بعد عملية ميناء أشدود.size=3>

ولعل من الدروس البليغة لعملية ميناء أشدود التي نفذتها مؤخراً كتائب الأقصى والقسام، ما تمثل في تداعي واهتزاز وظيفة الجدران العازلة “الأمنية” المتوقع أن تصل عملية تشييدها نحو تخوم قطاع غزة، ووقوع هزيمة جديدة للتطويرات التي دخلت على نظرية “الأمن القومي الإسرائيلي” وفق ما أنتجته عبقرية رجال العسكرتاريا والأمن والمخابرات في “إسرائيل”، في مواجهة مفهومين للأمن القومي، أولهما: المفهوم التقليدي لـ “الأمن القومي الإسرائيلي” الذي استند تاريخياً إلى نظرية التوسع الجغرافي، وامتلاك مدى متسع من الأرض، وبعدد أقل من السكان العرب، وثانيهما المفهوم القائم على تطوير وعملقة الدولة العبرية داخل حدود سلام وتسوية مع الفلسطينيين وباقي الأطراف العربية.size=3>

الجدار الأمنيsize=3>
فالمشروع الإسرائيلي وأهدافه المرجوة من الجدار الأمني، والخطوات العملية المتوقعة لإتمام عملية إقامة الجدار وصولاً إلى حدود قطاع غزة، يعتبر في حد ذاته خروجاً عن المألوف في التخطيط العسكري الإسرائيلي، وتجاوزاً لمفاهيم العقيدة القتالية الإسرائيلية التي وضع أسسها العديد من سياسيي وجنرالات الحرب الإسرائيليين وعلى رأسهم: ديفيد بن غوريون والجنرال موشيه دايان، فالعقيدة القتالية الإسرائيلية قامت على فلسفة “المجال المفتوح غير المقيّد” و”تجنب المعركة داخل مناطق السيطرة الإسرائيلية” ونقلها دوماً إلى ميدان الطرف الآخر، على شكل ضربات صاعقة وسريعة، وتجنب الدخول في أية معارك استنزاف طويلة المدى، وتالياً في تحقيق الحسم السريع والانتصار العسكري، الشامل والنهائي، والانتقال إلى الدفاع عن المكاسب المتحققة، والحفاظ على الوضع الراهن، والتلويح بقوة الردع الشامل، فضلاً عن تجاوز مذهب الحرب الوقائية (الاستباقية) الذي يعد من أقوى مذاهب العقيدة القتالية الإسرائيلية وأشدها أهمية في تأريخ الحروب العربية – الإسرائيلية، وكما استطاعت الانتفاضة أن تهز المفهوم التقليدي “للأمن القومي الاسرائيلي” من خلال وضع جيش الاحتلال ومؤسساته الأمنية أمام حالة استنفار مستديمة، استطاعت أيضاً أن تؤثر على الرؤية الثانية للأمن القومي الإسرائيلي، وأن تجنح بها نحو المزيد من التأكيد على ضرورة التسوية مع الشعب الفلسطيني وفق الشرعية الدولية، وفي الوقت الذي تتخبط فيه النظرية الأمنية الإسرائيلية الثالثة والقائمة على أساس العزل والفصل والجدران.
size=3>
size=3>

وبعيداً عن الإشارات العنصرية التي تحملها النظرية الأمنية الإسرائيلية الثالثة، والجدار الفاصل بكل تعبيراته، من تكريس العزل تجاه الشعب الفلسطيني وإعادة إنتـاج نظام البانتوستانات (الابارتهايد)، فإنه من الناحية العسكرية لم يكن لفكرته أن تولد داخل دوائر المخابرات الإسرائيلية لولا الخسائر الباهظة التي لحقت بالطرف الصهيوني، خصوصاً بعد تهافت جولة “السور الواقي” دون أن توقف أو أن تلجم العمل الفلسطيني المقاوم للاحتلال الإسرائيلي فوق الأراضي المحتلة عام 1967 والعمليات “التفجيرية” داخل حدود 1948وعجز شارون وأركان جيش الاحتلال وأجهزة الأمن في السيطرة على الوضع الأمني، وضبط عبور “القنابل البشرية الموقوتة” بالرغم من الآلام والخسائر الهائلة التي ألحقتها ومازالت قوات الاحتلال في صفوف الشعب الفلسطيني.size=3>

تحولات القوى العالمية
size=3>
وفي الجانب الأخر من الموضوع، فإن التحولات الجديدة التي طرأت على تشكيل خريطة القوى في العالم بعد انهيار الكتلة الشرقية وحلف وارسو، والتطور الكبير في تقنيات وتكنولوجيا العتاد القتالي أحدثا تغييراً واضح المعالم في فلسفة ومفهوم الأمن عند مختلف الجهات الإسرائيلية وعلى كافة مستوياتها، فبينما يصّر البعض ممن يطلق عليهم صفة الحرس القديم أو جيل “الآباء المؤسسين للدولة الصهيونية” ومعهم شرائح جديد من أجيال شباب اليمين الصهيوني بشقيه العلماني والتوراتي، على ترديد ركائز المفهوم التقليدي “للأمن القومي الإسرائيلي” والمتمثل بأهمية الاحتفاظ بعنصر الأرض وجغرافيتها في تحقيق الأمن، يرى البعض الآخر ومنهم بعض من رجالات جيل “المؤسسين” بأن التطور التكنولوجي، خصوصاً تكنولوجيا الصواريخ البالستية والقنابل البشرية “الاستشهادية” قد ألغى مفهوم الأمن القائم على “حدود آمنة” بالمعنى الجغرافي، ليحل مكانه مفهوم آخر للأمن يقوم على “التوصل إلى اتفاقيات سلام مع الأطراف العربية “مضافاً إليه” امتلاك الدولة العبرية قوة متفوقة تقنياً وتكنولوجياً على المستويين العسكري والاقتصادي”، ويعتبر آريئيه هرتزوج مدير منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، أن مسألة “الاحتفاظ بالأرض – ويقصد الأرض العربية المحتلة عام 1967 – من منطلق أمني” تراجعت إلى الوراء في ظل انتشار وتطور الصواريخ البالستية، التي أصبحت تمثل “التحدي الكبير أمام “إسرائيل””، حيث أضاف يقول “من حيث سياستنا الاستراتيجية، كان العراق يشكل تهديداً رئيسياً لأن العراقيين أثبتوا استعدادهم لاطلاق صواريخ باليستية على “إسرائيل”، غير أنه من ناحية الكمية، ونوع الصواريخ التي كانت ذات جودة متدنية ودقة متواضعة ومن السهل اعتراضها، فإنها مثلت خطراً أقل أهمية”.
size=3>
size=3>

وعليه، فاكتساب المعرفة بجوانبها المختلفة عند أنصار المفهوم الجديد “للأمن القومي الإسرائيلي” وفي رأي حفيد حاييم وايزمان زعيم المنظمة الصهيونية العالمية هو “سلاح “إسرائيل” الجبار” وهو “شريان القوة ومصدر الدفاع” في مواجهة القنابل البشرية الفلسطينية المتوقعة في كل لحظة.size=3>

من هنا، ومع عملية أشدود النوعية “مكاناً وموقعاً”، وعلى خلفية الموقفين والرؤيتين السابقتين في الصف الإسرائيلي على المستويات السياسية والعسكرية والأمنية وعند عموم الأنتلجنسيا اليهودية، يمكن أن ندرك حجم الجدل الدائر في “إسرائيل” بصدد وظيفة جدار الفصل الأمنية، واهتزاز القناعة بها، بين من يريد العودة للمفهوم “التقليدي للأمن القومي الإسرائيلي” وبين من يريد مفهوم الأمن القائم على “عملقة الدولة العبرية” في سياق تسوية وسلام مع الأطراف العربية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة الوطن القطرية

size=3>

Source: islamweb.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *