‘);
}

سبب تسمية مِنى بهذا الاسم

اختلف أهل العلم في سبب تسمية مِنى بهذا الاسم؛ فذهب جمهور أهل اللغة، والإمام النوويّ -رحمه الله- إلى أنّ السبب يرجع إلى كثرة الدماء التي تُراق فيها، والإشارة هنا إلى دماء الهَدْي؛ إذ إنّ مِنى تأتي بمعنى: يُراق ويُصَبّ، وقِيل إنّ سبب التسمية يرجع إلى ما مَنّ الله -تعالى- على عباده بالمَغفرة فيها، وقِيل لِمَنِّ الله -تعالى- على نبيّه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- بفِداء ابنه إسماعيل -عليه السلام- في تلك المنطقة، كما قِيل إنّ سبب التسمية يرجع إلى اجتماع الناس فيها؛ فالعرب تقول لكلّ مكانٍ يجتمع فيه الناس (مِنى)، وثمّة غيرها العديد من الأقوال.[١]

التعريف بمِنى وفضائلها

تقع مِنى في الجهة الشرقيّة للمسجد الحرام، وتُعَدّ أقرب الشعائر المُعظَّمة إليه؛ حيث تبعدُ عنه أربعة كيلومترات فقط، ويحدّها من الغرب وادي مُحسر، ومن الشرق جمرة العقبة، أمّا من الشمال والجنوب فتحدّها الجبال، وقد أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ أيّام مِنى؛ أي أيّام التشريق ويوم النَّحر، أيّامُ ذِكْرٍ وعبادةٍ لله -سبحانه-، وقد وردت الإشارة إلى مِنى في قَوْل الله -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)،[٢] وقد فسّر الإمام القرطبيّ -رحمه الله- الآية الكريمة السابقة قائلاً: “ولا خِلاف بين العلماء: أنَّ الأيام المعدودات في هذه الآية، هي: أيّام مِنىً، وهي أيّام التشريق”، ووردت الإشارة إلى مِنى أيضاً في قَوْل الله -تعالى-: (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)،[٣] وقد فضّل الله -تعالى- مِنى بأنّ فيها من شعائر الحجّ أعمالاً عظيمةً؛ ففيها تُرمى الجمار، ويُنحَر الهَدْي، كما جاء في قَوْل الله -تعالى-: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،[٤] ويُحلق شَعْر الرأس أيضاً، ومعلوم ما لهذه الشعيرة من الأجر العظيم؛ فقد دعا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للمُحلِّقين بالرحمة ثلاثاً، وللمُقصِّرين مرّةً، وورد عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (وأَمَّا حِلاقُكَ رَأْسِكَ؛ فَلكَ بكلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَها حسنةُ، وتُمْحَى عَنْكَ بِها خَطِيئَةٌ).[٥][٦]