لماذا سمي العام العاشر من البعثة بعام الحزن؟ وماذا فعل الرسول في عام الحزن؟ وماذا نتعلم من أحداث عام الحزن؟ كل تلك تساؤلات ستكون بداية انطلاق موضوعنا لنتعلم الدروس والعبر، ونقتدي برسولنا -صلاة الله وسلامه عليه- ليكون خير أسوة لنا في التعالم مع الهم والكرب والحزن والغم، لذلك سنعرف من خلال موقع الموسوعة لماذا سمي العام العاشر من البعثة بعام الحزن.
لماذا سمي العام العاشر من البعثة بعام الحزن
في عام توفي فيه الأحباب وتركمت فيه الأحزان، وتضاعفت الهموم واشتد الكرب وغيم الغَم فما كان من الرسول -عليه صلاة الله وسلامه- سوى أن يدعوا ربه ويشكوا له حاله ويسخر له أمر.. ذلك هو عام الحزن.
- عام الحزن هو العام الموافق للعام الثالث قبل الهجرة النبوية والـ 619 ميلادًا، وهو عام تراكم الثقل والحزن على الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- بسبب وفاة أكرب الناس لديه وهما عمه أبي طالب وزوجته خديجة بنت خويلد، وتمادي الكفار والقبائل العربية في اضطهاد الرسول دون أن يجد من يرفع عنه الحزن.
ما قبل عام الحزن
إن وفاة السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- وأبي طالب عم الرسول كان تابع لأسباب بدأت ما قبل بداية عام الحزن، فكان البداية مع صحيفة قريش التي أُعلن بها مقاطعة بني هاشم -آل رسول الله- فتم فرض حصار على المسلمين وكل بني هاشم وفرض عليهم عقوبات والعمل على قهرهم وتجويعهم فنصت صحفية الحصار على:
- منع مخالطة وجالسة أي أحد من بني هاشم.
- لا يدخل أحد بيتًا من بيوت بني هاشم.
- وقف التجارة مع أي فرد من بني هاشم، يشمل ذلك منع بيع أي شيء لهم أو الشراء منهم.
- من المصاهرة من بني هاشم فلا زوج منهم ولا تزويج لهم.
حصار الشِعب وبداية عام الحزن
بعد صك صحيفة المقاطعة تعليقها بداخل جدران الكعبة، ازدادت أوضاع المسلمين وبني هاشم سوء من معاملة أهل مكة لهم بعد المقاطعة فقرروا اللجوء لشِعب أبي طالب للملاذ بها.
- مأساة الحصار: ثلاث سنوات هي مدة الحصار، ثلاث سنوات انقطعت بهم كل سُبل الحياة عن بني طالب، ثلاث سنوات كانت تسمع فيها أصوات صراخ النساء والأطفال من خارج الشعب لشدة جوعهم.. ووصل الحال ببني هاشم لأكل أورق الشجر والجلود!
- انتهاء الحصار وبداية الحزن: بعد ثلاثة أعوام من المعاناة والعذاب والاضطهاد، والصبر من بني هاشم والمسلمون، خرج أهل النخوة عن صمتهم وأخذوا سعيًا في إنهاء الحصار فكانت بداية فك الحصار وبداية تابعته وبداية عام الحزن.
هل أسلم أبي طالب قبل الموت؟
انتهى حصرا الشِعب لكن كما يقولون أن تابعت الزلزال لها واقع أخطر من الزلزال ذاته، فلم يتحمل أبي طالب وهو رجل شيخ -أي كبير العمر- شدة وطأة الحصار ومعاناته، فبدأت صحته في التدهور عاقب خروجهم من الحصار حتى وصل الرسول خبر أن عمه في مراحل الاحتضار.
- دعوة الرسول أبي طالب للإسلام: عندما سمع الرسول أن عمه -أبي طالب- يحتضر- هم بالذهاب إليه لدعوته للإسلام، حتى يموت على دين الله ويكون الله نصيبًا من رحمته، لكن يقال إن أبا جهل كان موجود جوار أبي طالب وأثناه عن نطق الشهادة.
- وفي رواية أخرى يقال إن أبي طالب أبى أن يدخل الإسلام خوفًا من أن يقول آل قريش أنه داخل الإسلام خوفًا من الموت، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
“لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “يا عماه قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة”، فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررت بها عينك، ولا أقولها إلا لأقر بها عينك، فأنزل الله عز وجل: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين)”.
- فمات من كان للرسول درعًا حصين يرفع عنه الأذى والبطش ويصونه كما يصون الأب أبناءه، فأصبح الرسول بدون كفيل.
- حزن الرسول بسبب موت عمه كافرًا: أشد ما وقع على قلب الرسول فأنزل عليه الحزن والغم هو موت عمه -أبي طالب- على دين غير دين الإسلام، فكان جزاؤه عند الله -عز وجل- عذاب النار، وهو من كان يرفع عنه البطش والسوء.
سبب وفاة خديجة
كانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- المثل الأعظم للمرأة الصالحة في دعم ومؤازرة زوجها في السراء والضراء فكانت للرسول -صلَ الله عليه وسلم- القلب والسند في كل محنة.
- فعاشت خديجة مع الرسول كل المحن ولحظات القلق والرعب والترقب والخطر، ولم يقتصر دعمه على الدعم المعنوي بل دعمت الرسول ماديًا بالمال وكانت له زوجة ومستشارة.
- السيدة خديجة بعد حصار الشِعب: زاد مرض السيدة خديجة بعد الخروج من حصار الشِعب، فكان الحصار هو بداية معاناتها ومرضها فلم تتحمل شقائه في مرضها وعمرها، فتوفيت خديجة ليبدأ ظلام الحزن بالتكدس حول الرسول.
في أي سنة كان عام الحزن؟
في العام العاشر من البعثة المُحمدية كان وفاة أبي طالب -عم الرسول- الذي عقبه وفاة السيدة خديجة بنت خويلد -زوجة الرسول- فعقب ذلك استغلال كفار قريش والقبائل المجاورة زوال درع الرسول أبي طالب للاستزادة في وطاءة البطش، وبدءوا في التضيق عليه.
- إساءة أهل الطائف للرسول: بالرغم من شدة الحزن الذي نزل على الرسول لم يمل ولم يتوقف ساعةً عن الدعوة، فقد أكمل طريق التبليغ بالرسالة حتى في أشد الأوقات عتمة، وذهب لأهل الطائف ليدعوهم للإسلام.
- فمكان رد فعل أهل الطائف هو الإساءة للرسول ورميه بالحجارة وأذيته حتى جُرحت قديمه الشريفة وسال منها الدماء.
فتكثفت غيمة الحزن على سماء الرسول -صلاة الله وسلامه عليه- وبهذا نعلم لماذا سمي العام العاشر من البعثة عام الحزن؟
من الذي سمى العام العاشر عام الحزن؟
لم يتم الإثبات أن عام الحزن سمي كذلك من قبل الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- ولا حتى تم النقل في أي مسند أن أي أحد من الصحابة والتابعين قد أطلق اسم عام الحزن على عام وفاة أبي طالب وخديجة، لكنه اشتهر كذلك بين الناس بسبب تسمية العلماء له بهذا.
ما بعد عام الحزن؟

مرت الأيام بالمصائب والشدائد على رسول الله وما كان منه إلا الصبر والتحمل وإكمال طريق الدعوة الربانية، ولم يجازِ الله الصابرين إلا الجزاء الحسن، فجاء جزاء الله -عز وجل- بإسراء النبي من المسجد الحرام للمسجد الأقصى ليرى عزته ومكانته عند الله الجبار؟
نتعلم من احداث عام الحزن
قد مر عام الحزن وزال حزنه ولم يتبقى لنا سوى الدرس والعبرة والموعظة منه، فنتعلم من عام الحزن الآتي:
- لا قرابة في دين الله: بالرغم من قرب منزلة أبي طالب عند الرسول صلاة الله وسلامه عليه، إلا أنه لم يستغفر له وهو قد رفع على غير دين الله، لكن اعترف بموته كافر، فلا قرابة في دين الله.
- السعي الدائم: بالرغم من شدة الكرب والحزن الذي وقع على الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- إلا أنه لم يتوقف عن السعي ودعوة الناس للدخول في رحاب الله، وتحمل كل ما تحمل في سبيل إكمال رسالته.
- إدراك حكمة الله في البلاء: كت عام الحزن هو شرارة دعوة الرسول للمسلمين بالهجرة من مكة إلى المدينة فكانت المدينة هي بداية توسع الرسالة، وبناء المجتمع الإسلامي.
- الثقة في عوض الله: لم يكون الرسول -صلاة الله وسلامه عليه- سيتحمل كل ذلك إلا من خلال إيمان راسخ بداخله من عظمة الله ورحمته، فكان فعلًا لهُ خير الجزاء من عدل الله جل وعلَ
اقرأ أيضًا: لماذا يحتاج النجاح الى كفاح
المراجع:-
- “وفاة أبي طالب.. أشد أحزان الرسول” أ.د راغب السرجاني.
- “عام الحزن – وفاة السيدة خديجة” أ.د راغب السرجاني.