لمحة على الخط العربي

لمحة على الخط العربي جاء الإسلام والذين يعرفون الخط من رجال قريش نفر قليل وهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأبو عبيدة بن الجراح وطلحة بن عبد الله ويزيد بن أبي سفيان وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وحاطب بن عمر العامري وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي وأبان وأخوه خالد ابنا سعيد..

لمحة على الخط العربي

جاء الإسلام والذين يعرفون الخط من رجال قريش نفر قليل، وهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبو عبيدة بن الجراح، وطلحة بن عبد الله، ويزيد بن أبي سفيان، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وحاطب بن عمر العامري، وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وأبان وأخوه خالد ابنا سعيد بن العاص بن أمية، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، وحويطب بن عبد العزى، وأبو سفيان بن حرب بن أمية، ومعاوية بن أبي سفيان، وجهم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب، والزبير بن العوام، وورقة بن نوفل ابن خال خديجة زوج النبي ﷺ، ومن حلفاء قريش العلاء بن الحضرمي.
ومن النساء: الشفاء بنت عبد الله العدوية، كانت كاتبة في الجاهلية، وكذلك أم كلثوم بنت عقبة، وعائشة بنت سعد، وكريمة بنت المقداد، ثم أمر النبي ﷺ الشفاء أن تعلِّم حفصة الكتابة فعلَّمتها.
ولما هاجر المسلمون إلى المدينة وجدوا في أهلها نفرًا قليلًا من اليهود ومن الأوس والخزرج يعرفون الخط، وكان أول من كتب الوحي بالمدينة أُبَي بن كعب الأنصاري، وهو أول من كتب في آخر الكتاب: وكتب فلان.

وبعد أن استقر الإسلام في المدينة، أمر النبي ﷺ أن تُعلَّم صبيانها الكتابة والقراءة، واستعمل في ذلك من أسرى بدر من لم يستطع أن يفتدي نفسه بالمال، فكان فداء الرجل الواحد منهم تعليمه عشرة من أولاد المسلمين الكتابة والقراءة.
ثم أمر ﷺ زيد بن ثابت الأنصاري أن يتعلم العبرانية أو السريانية، فتعلم هذه اللغة في نصف شهر — على ما قيل — فكان أول مترجم في الإسلام.
ولعظيم شأن الخط إذ ذاك عند العرب وقلة عارفيه كانوا يُسمُّون من يعرفه ويعرف الرمي والسباحة بالكامل.

ولقد بقي الخط على حاله القديمة في زمن النبي ﷺ والخلفاء الراشدين بعده لاشتغال المسلمين بالحروب الخارجية والفتن الداخلية، حتى زمن الأمويين الذي خفقت فيه راية الإسلام على المشرق والمغرب، فابتدأ الخط يسمو ويرتقي، وأول من كتب في أيام بني أُمية قطبة، وقد استخرج الأقلام الأربعة واشتق بعضها من بعض، وكان أكتب الناس.
وممن كان يوصف بحُسن الخط في أيام بني أمية خالد بن أبي الهياج، وكان قد نُصِّب لكَتْب المصاحف والشعر والأخبار للوليد بن عبد الملك الأمير الأموي، وكان الخط العربي حينئذٍ هو المعروف الآن بالكوفي، ومنه استنبطت الأقلام.
ولما استفحل ملك الإسلام، وأوغل العرب في المدنية، وازدان عصر العباسيين بأنوار العلم والعرفان، أخذت صناعة الخط تنمو وتنتشر وتتقدم كسائر الفنون التي ضرب فيها المسلمون بسهام نافذة لاحتياجهم إليها.
وقد اشتدت حاجتهم إلى الخط بعد أن اختطُّوا البصرة والكوفة، وأنشؤوا دور العلم، وشرعوا في نقل العلوم من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية؛ فاشتغل به جماعة من العلماء والكُتَّاب في مدينتي العلم عند العرب، وهما: البصرة والكوفة؛ فعلا شأنه فيهما قليلًا، وسُمِّي عندئذٍ بالخط الكوفي لتفوقها فيه، وإن كان ذاك التفوق دون الغاية المطلوبة، ثم اشتد ساعد العرب وقويت شوكتهم وفتحوا إفريقية والأندلس، واختطَّ بنو العباس بغداد وزيَّنوها بدعائم العمران حتى صارت مركز الإمارة العربية؛ فتحسنت فيها الخطوط وارتقت إلى الغاية، ثم سُمي خطها بالخط البغدادي، ثم تبعه في الظهور الخط الأفريقي المعروف رسمه القديم في ذلك العهد، ويقترب من أوضاع الخط المشرقي.
ومن المبرزين في الخط في الدولة العباسية الضحَّاك بن عجلان الكاتب، وكان في أوائل هذه الدولة، ظهر إثر قطبة الذي كان في الدولة الأموية واستخرج الأقلام الأربعة، وزاد الضحاك على قطبة، ثم كان إسحاق بن حماد في ملك المنصور والمهدي، وله عدة تلاميذ كتبوا الخطوط الأصلية الموزونة، وهي اثنا عشر قلمًا: “قلم الجليل، قلم السجلات، قلم الديباج، قلم الطومار الكبير، قلم الثلاثين، قلم الزنبور، قلم المفتح، قلم الحرم، قلم المدامرات، قلم العهود، قلم القصص، قلم الحرفاج”.

وممن أحسن الخط وبرع في الدولة العباسية وأهمل ذكرَهُ المؤرخون وذكره أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور في كتابه المسمَّى كتاب بغداد في الجزء السادس منه، الذي نشره وطبعه بخطه في بلاد سويسرا المستشرق هنس كلر؛ هو العلامة الجليل أحمد بن يوسف، قال أحمد بن طاهر: “دخل أحمد بن يوسف يومًا على المأمون، فأمره فكتب بين يديه والمأمون يملُّ عليه”. قال: “وكان أحمد بن يوسف مع لسانه حلو الخط جدًّا، فنظر المأمون إلى خطه فقال: يا أحمد، لوددت أني أخُطُّ مثل خطِّك وعليَّ صدقة ألف ألف درهم”. قال: “فقال له أحمد بن يوسف: لا يسؤك الله يا أمير المؤمنين؛ فإن الله — عز وجل — لو ارتضى الخط لأحدٍ من خلقه لعلَّمَه نبيَّه ﷺ”. قال: فقال المأمون: سرَّيْتها عني يا أحمد، وأمر له بخمسمائة ألف درهم”.

ولما ظهر الهاشميون حدث خطٌّ يسمَّى العراقي، وهو المحقق، ولم يزل يزيد حتى انتهى الأمر إلى المأمون، فأخذ كُتَّابه في تجويد خطوطهم، ثم أحدث ذو الرياستين الفضل بن سهل الوزير الكاتب خطًّا نُسب إليه، فسُمِّي القلم الرياسي، ثم ظهر أبو الحسين إسحاق بن إبراهيم التميمي، معلم المقتدر وأولاده، وكان أكتب أهل زمانه، فألَّف رسالة في الخط سماها “تحفة الرامق”، ثم ظهر أبو على محمد بن على بن مقلة، الوزير الكاتب المتوفى سنة 328هـ، وهو أول من كتب الخط البديع، نقل طريقته من خط الكوفيين وأبرزها في هذه الصورة، وله بذلك فضل المتقدم، وخطه غاية في الحُسن، ثم ظهر صاحب الخط البديع علي بن هلال، المعروف بابن البواب، المتوفى سنة 413هـ، ولم يوجد في المتقدمين من كتب مثله ولا قاربه، وإن كان ابن مقلة أول من نقل هذه الطريقة عن الكوفيين، فإن ابن البواب هذَّب طريقته ونقَّحها وكساها حلاوة وبهجة.
ثم ظهر أبو المجد ياقوت بن عبد الله الرومي المستعصمي المتوفى 698،(ياقوت الحموي) وهو أجلُّ الخطاطين غير مُدافَع، وأحسنهم خطًّا غير مُعارَض، وبعدئذٍ اشتهرت الأقلام الستة بين المتأخرين وهي: الثلث، والنسخ، والتعليق، والريحاني، والمحقق، والرقاع، برز في هذه الأقلام جلة من العلماء.
ثم ظهر القلم الديواني والدشتي، وبقي الأمر تابعًا لرونق الدولة وانخفاض شأنها، حتى آلت الخلافة للأتراك؛ فأحدثوا خط الرقعة وخط الهمايوني، وإليهم انتهت الرياسة في الخط على أنواعه إلى عهدنا هذا.
 

Source: islamweb.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *