لمَ يوصَف جيل الألفية بأنهم “مُعتَدّون بأنفسهم”؟

الغرورُ وحبُّ الذّات والكسل وادعاء الأحقيَّة (Entitlement)، هي صفاتٌ سائدةٌ تُلصَقُ بجيل الألفيّة. في الواقع، يعتقد 71% من أرباب العمل أنَّ هذا الجيل هو جيلٌ "أنانيّ"، كما يصفهم 65% منهم قائلين: هم على قناعةٍ تامَّة بأنَّهم "يستحقون أكثرَ مما يُقدَّم إليهم". سواءٌ أَكُنتَ تعتقد أنَّ هذه الصورة النَّمطيّة صحيحة أم لا، فإنَّ الانطباع الذي يتركونه هو حقيقةٌ واقعة؛ إذ يمتلك جيلُ الألفيّة بعض السَّلوكات التي توصلُ هذه الفكرة النَّمطية السائدة.

Share your love

  1. توقُّعُ حصولهم على وظيفة بعدَ التَّخرج من الجامعة مباشرة (بغض النظر عن موهبتهم).
  2. المطالبةُ براتبٍ معيَّنٍ أو ترقية.
  3. اعتقادُهم بأنَّهم سيحصلون على أوقاتِ عملٍ مرنة.

يمكن أن ينتج عن عدم معالجة هذه الأمور سلوكات غير أخلاقيّة، وتحوّلات وظيفيّةٍ، وضعف في الأداء وتناقصٌّ في الرضا الوظيفي، وفقدان النفوذ القيادي للمديرين عليهم؛ حيث قد ينظر جيل الألفية إلى مديريهم على أنَّهم غير عقلانيين أو متشددين أو لا أهميَّة لهم.

إنَّ فهمَ منبع “ادعاء الأحقيَّة” عند هذا الجيل مفيدٌ قبل معالجة هذه المسألة.

العوامل الخمسة التي تدفع جيل الألفية للإيمان بأحقيّتهم:

1. الأبوّة والأمومة:

غالباً ما يكون ادّعاء الأحقيّة هذا سلوكاً مكتسباً إلى حدٍّ بعيد، إذ لم ينظر أبناءُ جيل الألفية إلى أنفسهم على أنَّهم كذلك من فراغ، لأنَّ آبائهم هم من آمنوا بمثل هذه القناعات وزرعوها في أذهانهم؛ فظهر لدينا ما يُسمَّى بـ “آباء الهليوكوبتر”.

ربما كان هذا أسلوب التربية المُناسب من وجهة نظرهم، بيدَ أنَّه تسبب بتداعياتٍ غير متوقعة أدَّت إلى ترسيخ سلوكاتٍ وتوقعاتٍ مختلفة عند جيلٍ بأكمله.

2. الطبيعة البشرية:

إنَّ ادعاء الأحقيّة هو حالةٌ إنسانيّةٌ لا تقتصر على جيل الألفية وحدهم؛ فالبشر أنانيون بطبيعتهم. لهذا يُصبح من الواجب علينا جميعاً أن نجتهدَ في التَّغلُّبِ على سلوكاتنا الأنانيّة.

الشخص الناضج هو من يقدر على الرؤية من منظورِ الآخرين، في حين لا يقدرُ غيرُ النَّاضج على هذا. وهذا ما يُفسّر السبب الذي يجعل جيل الألفية يوصلون هذه الفكرة عنهم؛ فهم لم يصلوا بعد إلى حالة النُّضج الكافي التي تُمكِّنهم من فهم الديناميات الموجودة في أماكن العمل، تنطوي ديناميات مكان العمل على العلاقات في مكان العمل، بما في ذلك العلاقات التنظيمية والعلاقات الشخصية الجماعية.

إضافة إلى هذا، يستمر دماغ الإنسان في التطوّر حتى يبلغ الشخص سنَّ الخامسة والعشرين. وفي حين يُساعِد شراء منزل والزواج وإنجاب الأطفال على تسريع عملية النضج هذه، نجد أنَّ جيل الألفية ينتظرون فترةً أطول من الأجيال السابقة لدخول هذه المراحل الحياتية.

3. المعرفة ونقل المهارات:

لأول مرّةٍ في التاريخ، يكون لدى الجيل الناشئ معرفة ومهارات لا يمتلكها الجيل الذي سبقه. إذ يقول 68% من مديري التوظيف أنَّ جيل الألفية يمتلكون مهارات لا تمتلكها الأجيال السابقة.

تنبع الأحقيّة التي يطالب بها جيل الألفيّة من كونهم أكثر درايةً في نواحي محددة، ممّا يعطي وزناً أكبر لوجهات نظرهم؛ لذا نجدهم يتجاوزون حدود أدوار العمل التقليدية أو التسلسل الهرمي للشركات التي يعملون فيها، بُغيةَ نقلِ خبراتهم الفريدة لأعضاء فرقهم، ومساعدتهم في أن يكونوا أكثر ابتكاراً وكفاءة.

4. المُبادرة وتولي زمام الأمور:

لقد مَكَّنَ عالم الإنترنت جيل الألفية من المُبادرة وتحمُّلِ المسؤولية. فمثلاً، سمح إليهم موقع “لينكد إن” من تولِّي زمام أمورهم من الناحيَّة المهنيَّة. وأتاح إليهم اليوتيوب أخذ المُبادرة من حيث صناعة المحتوى. وتمكَّنوا من خلال موقِعَي إنستغرام وسناب شات من بناءِ علامتهم التِّجارية الشخصية.

كما أتاح إليهم الإنترنت قابلية تخصيص وإضفاء طابعهم الشَّخصي في كُلِّ منعطف من منعطفات حياتهم؛ لذا تجدهم يتوقعون أن يُسمح لهم بالقيامِ بالأمر عينه في حياتهم المهنية.

كما تراوِدُ جيل الألفية حالةٌ دائمةٌ من الشَّك في عدم تلقيهم لـِ “كامل مستحقاتهم”، بسبب حالة عدم الثقة التي سادت بين الموظفين وأصحاب العمل في حِقبةِ آبائِهم؛ وبالتالي فإنَّهم يُفضِّلونَ العملَ الحُرَّ (Freelancing)، أو يبحثون عن فرص عملٍ جديدة، أو يخلقونها لأنفسهم من خلال ريادة الأعمال.

ينظرُ الكثير من أصحاب العمل إلى رفض “المسار الوظيفي التقليدي” و”معايير أماكن العمل” على أنّه استحقاق؛ لكنَّ الوصف الأمثلَ هو تولّي زمام الأمور أو تمكينُ الذّات.

5. عصر السُّرعة:

نحنُ نعيش في عصرٍ سِمَتُهُ السائدة التحولات السريعة. في الواقع، يقول المؤلف وعالم المستقبليّات الشهير راي كورزويل: “نحن كبشرٍ لن نُحقق مئة عام من التقدم في القرن الحادي والعشرين، وإنَّما عشرون ألفاً؛ وذلك بفضل التكنولوجيا”.

لدى جيل الألفية آمالٌ كبيرة لما هو ممكن، وتقبّلٌ أقلّ لما كان عليه الحال في الماضي؛ بسبب عصر السرعة الذي يعيشون فيه. ينتج عن هذا سلوكاتٌ يُنظَرُ إليها على أنَّها “نرجسية”، لأنّ جيل الألفيّة:

  • أقلُّ تسامحاً في موضوع عدم التقدّم السريع.
  • أفضلُ تعليماً قياساً على معايير “العالم الجديد” الحالية.
  • يعيشون في عالم يمكنهم تحقيق النجاح فيه بصورة أسرع.
  • يُتقنون أدوات -مثل التكنولوجيا والتطبيقات والبرمجيات- تزيد من فرصهم في النَّجاح.
  • تمكنوا عن طريق ميدان العمل المستقل من خلق شيء لأنفسهم.
  • يتمتعون بعقليّة الوفرة التي توفر لهم تفاؤلاً وثقة وشغفاً لا حصر له.

من شأن هذه العوامل والسلوكات مجتمعة، أن تجعل جيلَ الألفية جيلاً مُتطلباً نرجسياً مُدَّعٍ لأحقيَّةٍ لا يستحقها بالضرورة؛ أو أن تجعل منه الجيل القادمَ من الموظفين والقادة المؤهلين والمتعاونين.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!