مؤسسات شابة تكشف بؤس وزارة الثقافة المصرية رابطة «الخان» الثقافية… إصلاح ما أفسده التعليم

القاهرة ــ «القدس العربي»: رغم الجو الخانق الذي تعيشه مصر الآن، ورغم ثورة لم تكتمل ــ فقط اشتعلت شرارتها ـ يحاول بعض الشباب وفق إمكاناتهم محاولة التغيير، ويظهر ذلك في المجال الثقافي بشكل ملحوظ، في قيام العديد من المؤسسات والروابط الثقافية بضخ أفكار ودماء جديدة إلى الحياة الثقافية المصرية، والتي انغلقت على أفكار وأصنام وزارة الثقافة، وكشفت عن مدى البؤس البادي في مشروعاتها المُسيّسة دوماً. ومن ضمن هذه المؤسسات أو التجمعات تأتي «رابطة الخان الثقافية» والتي تعددت أنشطتها واكتسبت العديد من الشباب في وقت قصير، رغم إمكاناتها المتواضعة .. من ورش تدريبية في الكتابة والتمثيل، وتكوين فريق مسرحي، وعمل أفلاماً وثائقية، وكذلك إصدار مجلة متميزة تحمل أفكار الرابطة. وفي هذا الحوار مع مؤسس ومنسق (الخان) الشاعر «الشريف منجود» نحاول الاقتراب أكثر من فكر ودور هذه الرابطة، ومدى تأثيرها في الشارع الثقافي المصري.

مؤسسات شابة تكشف بؤس وزارة الثقافة المصرية رابطة «الخان» الثقافية… إصلاح ما أفسده التعليم

[wpcc-script type=”c6803e06494e4e0b5d0417f9-text/javascript”]

القاهرة ــ «القدس العربي»: رغم الجو الخانق الذي تعيشه مصر الآن، ورغم ثورة لم تكتمل ــ فقط اشتعلت شرارتها ـ يحاول بعض الشباب وفق إمكاناتهم محاولة التغيير، ويظهر ذلك في المجال الثقافي بشكل ملحوظ، في قيام العديد من المؤسسات والروابط الثقافية بضخ أفكار ودماء جديدة إلى الحياة الثقافية المصرية، والتي انغلقت على أفكار وأصنام وزارة الثقافة، وكشفت عن مدى البؤس البادي في مشروعاتها المُسيّسة دوماً. ومن ضمن هذه المؤسسات أو التجمعات تأتي «رابطة الخان الثقافية» والتي تعددت أنشطتها واكتسبت العديد من الشباب في وقت قصير، رغم إمكاناتها المتواضعة .. من ورش تدريبية في الكتابة والتمثيل، وتكوين فريق مسرحي، وعمل أفلاماً وثائقية، وكذلك إصدار مجلة متميزة تحمل أفكار الرابطة. وفي هذا الحوار مع مؤسس ومنسق (الخان) الشاعر «الشريف منجود» نحاول الاقتراب أكثر من فكر ودور هذه الرابطة، ومدى تأثيرها في الشارع الثقافي المصري.
٭ ما هي الفكرة والهدف من إنشاء الرابطة؟
٭ في البداية أؤكد لك على فكرة أن الرابطة جزء أصيل في ذهن مؤسسيها تقريبا قبل أن نقوم بإنشائها، حتى استطعنا أن نجتمع وأن يكتشف بعضنا بعضا وأن نصر عمليا على تحقيق ما يحاكى في خيالنا، وربما كان دوري أنا في هذا الاتفاق هو تضفير هذا الخيال بالواقع وتحقيقه في شكل مشروع كبير يجتمع حوله في ما بعد جمهور عريض من الشباب. وعن فكرة إنشاء الرابطة فقد جاءتني في عام 2008 وكنت حينها لا أفكر سوى في فكرة واحدة هي «إصلاح ما أفسده التعليم» ولعل هذه الرؤية جعلت دكتور مثل (وائل غالي شكري) وهو أستاذ الفلسفة في أكاديمية الفنون ينتبه لما نقدمه ويسعى لمساعدتنا. وهذه الفكرة الرئيسية التي فكرت فيها لن تؤتي ثمارها إلا من خلال الفعل الثقافي القائم على أسس التفكير النقدي والعلمي وتفعيل دور العقل وتنشيط الوعي بين الشباب ووضعنا لذلك رؤية واضحة تنوعت بين فكرة تثقيل الخبرات وخلق مناخ بديل للشباب يختلف عن ذلك المناخ المريض الذي أصاب المجتمع وتقويم الملكات الإبداعية إن وجدت وتربية الوعي وإنشاء دائرة معارف. وأتذكر جيدا النقاش الذي دار بيني وبين المخرج الكبير (على بدر خان) حين أراد أن يتعرف على أفكار الرابطة، فقال لي حينها «يكفي أن تحقق هدف واحد من هذه الأهداف وجزء واحد من تلك الرؤية». وفكرة إصلاح ما أفسده التعليم، تعني عندنا محاربة فكرة التلقين ودس المعلومات وسد العقول بلا نقاش، وصار هدفنا الأساسي هو طرح النسبي في مواجهة الثابت الذي رسخ في عقول الناس.
٭ وماذا عن خلفيات المؤسسين والمُشاركين؟
٭ في حقيقة الأمر أن الرابطة ليست جماعة أدبية لها رؤية واحدة أو كيان فني يحافظ على سمة فنية خاصة أو غير ذلك من الكيانات الفنية ولسنا حزب سياسي يدافع عن إيديولوجيات خاصة، ساعياً خلالها إلى السطلة، وإنما الرابطة حالة تشمل كل الأفكار والميول، فلا يشترط أن يحضر لنا المواهب الفنية فحسب، وإنما أكثر ما يأتينا من الشباب هم ذو ميول ثقافية لا يملكون المواهب، ولكن عندهم حس ذوقي للفن نقوم على تربيته ورؤية نقدية للواقع المجتمعي نحاول تهذيبه. ولا يشترط أن يكون لهم وجود عملي بالواقع الثقافي من ناحية العمل و حتى الدراسة.
ويكفيك أن تعرف أن مؤسسي الرابطة بعيدين عن الحقل الثقافي وحتى الفني فمنسق الرابطة (إيمان حجازي) مدرس مساعد في المركز القومي للبحوث، والآخرين (محمد مملوك) يعمل في حقل التعليم و(منى عبد الفتاح) تعمل في التحاليل الطبية. وأنا فقط من تخصص في مجال الثقافة دراسة وعملا فأنا حاصل على الدراسات العليا في النقد والتنشيط الثقافي من المعهد العالي للنقد الفني، وأقوم حالياً بعمل رسالة الماجستير، ولعل الرابطة جزء أصيل من تلك الرسالة.
٭ وبالنسبة لطبيعة الأنشطة وتنوعها؟
٭ لتحقيق أهداف الرابطة رأينا أن العمل يجب أن يكون على أربعة محاور رئيسة هي .. «الدورات التدريبية» التي تقوم على قراءة الأفكار وخلق الرؤية وتثقيل الخبرات وتنمية القدرات الإبداعية وتتمثل في دورة الإمام محمد عبده والتي اسمتها الصحافة في وقتها استعادة الإمام محمد عبده لأن أفكار الإمام هي الحاضرة دوماً في حلقات النقاش والسيمنارات المقدمة، وفي هذه الدورة التي يمر عليها الآن أكثر من أربع سنوات نطرح قضايا حول التفكير الإبداعي والتفكير النقدي والتفكير العلمي ونثور على كل القيود معتمدين على فكرة الاستقلال النقدي ولك أن تعرف أننا لانؤمن إلا بما يكشفه لنا النقد العلمي وأن كان ما حولنا يخضع لذلك. ونستقبل خلال هذه الدورة مجموعة من الشباب الذين تواجدوا من أجل التغيير ومن خلال جدول أعمال يستمر لمدة أربعة أشهر نقوم بتخريج دفعة تلو الأخرى منهم من آمن بأفكار تنورية، ومنهم من رفض فنحن لا ننكر أننا هناك صعوبات تواجهنا بخصوص المتدرب فالأفكار ربما لكونها صادمة لا يقبلها أحد بسهولة ويسر فنحن نعمل على تكسير القيود التي تشكلت عبر الزمن معه، ودوما نؤكد على أننا لا نملك الحقيقة وليس بأيدينا عصا سحرية تكشف عنها. ويكفيك أن تعرف أن الدورة يشترك فيها مسلمون ومسيحيون كما يشترك فيها ذوي الميول التقليدية كما يشترك التيار العلماني وما يهمنا فقط هو عرض الفكرة والتدريب على أسس العرض ومنح الآخر حق الاختلاف وتدريب على تقبل الأفكار المخالفة.
وعلى جانب آخر يوجد «مشروع خان الورش» وهي ورش عمل في مجالات الفنون كالمسرح من إخراج وتمثيل وكتابة للمسرح وديكور يقوم بها متخصصون يدربون الشباب المحبين للعمل في هذا المجال ونقدم لهم المجال التطبيقي الذي يفتقدوه ربما في المجال الدراسي. وكذلك ورش عمل في مجال الصحافة والإعلام وأخرى في مجال الكتابة الإبداعية وكتابة السيناريو وتنفيذ الأفلام الوثائقية والتي أنتجنا منها أول فيلم وثائقي عن حياة الشاعر الكبير (حسن طلب). وكذلك ورش في مجالات تنمية القدرات الذاتية والكوادر البشرية.
ومحور آخر هو تدشين (مجلة الخان الثقافية) التي رأينا أنها سوف تكون منبراً خاص للشباب يعبرون من خلاله عن أفكارهم ومواهبهم وصدر منها ثلاثة أعداد، ولأننا مؤمنون بفكرة تواصل الأجيال والخبرات فقد طلبنا من كبار المثقفين الاشتراك بمقالاتهم معنا وكتب خلال الأعداد الروائي (جمال الغيطاني)، الكاتب (سمير كرم)، (د.شاكر عبد الحميد)، (د.صابر عرب)، (د.حسن طلب)، والشاعر (محمود قرني)، ومن الكويت الشاعرة (سعاد الصباح)، وغيرهم مما أعطى للمجلة ثقل في الوسط الثقافي.
إضافة إلى محور «المهرجانات الثقافية والفنية والحفلات»، ونشترك فيها مع مؤسسات خاصة وأخرى حكومية وتهدف إلى تقديم نماذج فنية وإبداعية للشباب وحققنا في ذلك ثلاث حفلات خلال ثلاث سنوات مضت. وآخر هذه المحاور هي «الإنتاج الفني للمسرح» وتأسيس فرقة مسرحية شاركت في مهرجان آفاق المسرحي 2012 وإنتاج أول فيلم وثائقي كما ذكرت لك، وهو مشروع في حقيقة الأمر ذو رؤية خاصة حيث أننا نريد أن نؤرخ للواقع الثقافي والفني والأدبي في مصر من خلال الكاميرا، وأن يكون لنا رؤية في كتابة التاريخ، وننتظر استمرار هذا المشروع التوثيقي.
ما مدى تواجدكم الفعلي في الوسط الثقافي؟
لك أن تعرف أننا في بداية الأمر كنا نعمل مع 15 أو 20 عضو، وكنا نبحث عنهم لوقت طويل، اليوم الوضع يختلف فبعد كثرة الأنشطة والفاعليات تواجدنا بين جمهور عريض من الشباب وصارت هناك قائمة عريضة في مختلف الورش والدورات وأخرى في الكتابة بمجلة الخان فنحن يصل إلينا كل عدد من 100 إلى 150 موضوعاً متنوعاً، نختار الأفضل والأرقى فنياً منه، لكن نظل على تواصل مع الباقين إن أمكن، فهناك إذن تواجد ملموس من قبل هؤلاء، وكذلك جمهور عريض اليوم في الأمسيات التي نقيمها للشباب والحفلات الموسيقية والغنائية وعروض المسرح، وصارت هناك قاعدة نعمل عليها ومنها.
٭ وماذا عن مقارنة مشروعكم بمشاريع الدولة الثقافية؟
٭ نحن لم نجد في وقت إنشاء الرابطة في 2008، أي عون كشباب من قِبل وزارة الثقافة أو وزارة الشباب ومؤسسات الدولة، فأنت تعرف أن الدولة كان يحكمها مجموعة من العجائز الذين يرفضون البتة التعامل مع الشباب.
ولا أعلم لماذا هذا؟ لذا تجد أننا نتجمع سويا وننجز سويا ويساعد بعضنا البعض فهناك كيانات شبابية كثيرة مستقلة ناجحة في مجالاتها .. فالمسرح المستقل يرقى إلى مسرح الدولة، والمجلات المستقلة اليوم أراها ترقى هي الأخرى لمجلات الدولة، وليس هذا تقليلا من شأن مؤسسات الدولة وإنما اعتراف بقدرة الشباب على العمل وفق حدود وإمكانيات معينة يصنعون بها عمل ذو قيمة وفاعلية ذات أثر. ونرجو من الدولة أن تلتفت إلى مثل ذلك فمزج خبرات الإدارة والموهبة يجعل من العمل الثقافي التأثير الأكبر.
٭ ماذا عن الدعم ومصادر التمويل؟
٭ أقول بكل صدق إنه ليس هناك حتى الآن دعم و تمويل من هيئة كبرى أو مؤسسة خاصة، إلا دعم حصلنا عليه في فترة ما لطباعة المجلة وكان من (صندوق التنمية الثقافية) ولم يستمر لظروف البلاد. وكل ما نقوم به من أنشطة هو بدعم ذاتي من قِبل المؤسسين ليس لأحد يد فيه سوانا نحن .. المجلة تطبع على حساب المؤسسين أعضاء الرابطة، والفيلم الوثائقي مكلف من قِبلنا، والورش والدورات كذلك وحتى الأمسيات والحفلات . وأدعو خلال جريدتكم الهيئات والمؤسسات لمساعدتنا على الاستمرار.
وأذكر كلمة للشاعر (أحمد عبد المعطي حجازي) حين تحدثنا سويا عن مشاريع الرابطة، وأن الدعم المادي غير موجود وأنها تدعم نفسها بنفسها، فكان رده عليّ وقتها «أنه ليس بصواب، ويجب البحث عن داعم حتى لا تتوقف هذه الأنشطة، فسوف تتوقف إذا لم تبحث عن داعم ينفذ ويصرف على ذلك ويكفي جهدكم».
٭ وأخيراً … ما هي المشروعات المستقبلية للرابطة؟
٭ نضع أمام أعيننا اليوم (مشروع خان الورش) ونريد أن نطوره ليصبح أكثر تطوراً في نواحي التكنيك والإنتاج، وكذلك تطوير (المجلة) وإصدارها شهرياً بانتظام، وإصدار (الكتاب الأول) وهو مشروع يضم العمل الأول للشاب المبدع يوزع مع المجلة، وإنتاج (10 أفلام) توثق للواقع الثقافي والفني وكذلك الاهتمام بالأفلام الروائية القصيرة.
وعلى جانب التواصل مع الآخر نقوم حاليا بتكوين فريق عمل ينتج مشروعا فنيا مع مؤسسة هيرموبوليس بتونا الجبل في المنيا مشروع حضاري (د.مرفت عبد الناصر)، وكذلك نقيم مع قطاع الفنون سلسلة من الورش الفنية والإعلامية ونفتح مجال مع الجامعات المصرية والخاصة والأكاديميات وهو ما سنبدأ به عامنا الجديد.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *