ماذا تفعل عندما تشعر أنَّك على وشك الاستسلام؟

يعاني أغلبنا في هذه الحياة؛ فإذا كُنتَ قد عانيتَ في يومٍ من الأيام للتأقلم مع شيءٍ تهتمُّ لأمره، فلربَّما ستجدُ أنَّ القصة التالية ما هي إلَّا صدىً لقصتك. لقد أظهر بحثٌ من جامعة بنسلفانيا أنَّ العزيمة والمُثابرة هي السمة الأكثرُ ارتباطاً بالنجاح.

Share your love

لقد مضى 939 يوماً على تاريخ الثاني عشر من تشرين الثاني عام 2012، وهو تاريخ اليوم الذي نشرَ فيه المدوّن “جيمس كلير” أوّل مقالةٍ في موقعه الخاص (JamesClear.com)، وكان هذا منذ سنتين وسبعة أشهرٍ تقريباً، حيث كتب دون انقطاعٍ خلال هذه المُدة الطويلة الماضية -التي تُعْدُّ الأكثر تألُّقاً بالنسبةِ إليه- منشوراً جديداً في كلِّ يومٍ من أيام الإثنين والخميس من كلِّ أسبوع؛ لكن يشعر جيمس اليوم وكأنَّه على وشك الاستسلام.

لماذا اليوم؟ حسناً، يعاني جيمس اليوم أكثر من أيِّ وقتٍ مضى؛ كما أنَّه لا يمتلك الرغبة في الكتابة، ولا يعتقد أنَّ بإمكانه الالتزام بالروتين نفسه بعد الآن، ولا يشعر أنَّه يمتلك أيَّ أفكارٍ عظيمةٍ أو الوقت الكافي ليحوِّل الأفكار الجيِّدة إلى أفكارٍ عظيمة؛ لكنَّه مع ذلك، يحاول أن يُذكِّر نفسه بمقولته: “أستطيع تسخير بعضٍ من هذه العزيمةِ التي أمتلكها للعمل هذا اليوم”، كُلَّما شعرَ أنَّه على وشكِ الاستسلام.

لقد أظهر بحثٌ من جامعة بنسلفانيا أنَّ العزيمة والمُثابرة هي السمة الأكثرُ ارتباطاً بالنجاح.

إنَّ العقل مُولِّدٌ للاقتراحات:

اعتبِر أنَّ كلَّ فكرةٍ تخطر في بالك بمثابةِ اقتراح، وليست أمراً؛ فمثلاً: قد يقترحُ عقلك الآن أنَّكَ تشعرُ بالتعب، ويقترح عليكَ الاستسلام واختيار الطريق الأسهل.

لكن إذا توقَّفتَ لمدَّة دقيقة، فستستطيعُ اكتشافَ اقتراحٍ جديد، حيث قد يقترح عقلكَ أيضاً أنَّكَ إذا أكملتَ العمل، ستشعرُ بالسعادة الغامرة حالما تُنجزه؛ أو قد يقترح أنَّك ستحترم الهوية التي ستكوِّنها عندما تلتزم بالجدول الزمني للعمل؛ كما قد يقترح أنَّ لديك القدرة على إنجاز هذه المهمَّة، حتَّى لو لم تكن تعتقد ذلك.

ضع في حسبانك أنَّ أيَّ اقتراحٍ من هذه الاقتراحات لا يُعدُّ “أمراً”، إنَّما مجرَّد خياراتٍ عليكَ دراستها؛ وأنَّه لديكَ كامل القدرة على الخوضِ في الخيارِ الذي تُريد.

الشعورُ بالانزعاج أمرٌ مؤقَّت:

بالنسبة إلى الوقت في يومك العادي أو خلال الأسبوع، فأنتَ ستُنجِز تقريباً كلَّ عملٍ تؤدِّيه بسرعة؛ فمثلاً: ستُجري تمرينك الرياضي في غضون ساعةٍ أو ساعتين، وتكتب تقريراً يكون جاهزاً في صباح الغد، وتُكملُ قراءة هذه المقالة في غضون دقائق معدودة.

تبدو الحياة الآن أسهل من أيِّ وقتٍ مضى؛ فمنذ ثلاثمئة عام، إذا لم تقتل فريستك للحصول على الطعام، وإذا لم تبنِ منزلك بنفسك؛ فستواجهُ مُشكلةً في البقاء على قيد الحياة. أمَّا اليوم، فإنَّنا نتذمَّر لأبسط الأمور، كأن ننسى شحن هاتفنا الخلوي.

للتأكيد على وجهة النظر هذه، يجب أن تعلمَ أنَّ حياتك جيدة، وأنَّ هذا الشعور بالانزعاج وعدم الراحة أمرٌ مؤقَّتٌ ليس إلَّا؛ وما عليك سوى تخطِّي لحظات القلق وتركها تقوِّي من عزيمتك.

لن تندم أبداً على القيام بالعمل الجيد بعد إنجازه:

بحسب قول “ثيودور روزفلت” (Theodore Roosevelt) الشهير: “إنَّ أفضل جائزةٍ يُمكنُ للحياة تقديمها لك في كثيرٍ من المراحل، هو أن تبذل جهدك للقيام بعملٍ يستحقُّ العناء”.

يبدو أنَّنا غالباً ما نرغب ببذل قليلٍ من الجهد من أجل عملٍ يستحق العناء، ونرغب بأن يكون عملنا مفيداً ومحترماً؛ لكنَّنا لا نريد أن نُعاني ونكافحَ في أثناء القيام به، فمثلاً: نرغب جميعنا بالحصول على بطنٍ مسطَّحٍ والتمتُّع بسواعدَ قوية، لكنَّنا لا نريد أن نقوم بأيِّ تمرينَاتٍ إضافية؛ كما قد نتمنَّى الحصول على ميداليةٍ ذهبية، لكن يرغب القليل منَّا فقط في التمرُّن مثل أبطال الأولمبياد.

نريد الحصول على النتيجة النهائيَّة، لكنَّنا لا نريد الخوض في المحاولات الفاشلة التي تسبقها؛ مما يُشبهُ الرغبة في الحصول على الذهب، دون محاولة استخراجه.

لكن ومع ذلك، ورغم مقاومتك لهذا الأمر، لن تشعرَ بالسوء أبداً بعد أن تُنجز عملاً شاقاً؛ فمن المُمكن أن تمرَّ أيامٌ تجدُ فيها أنَّه لمن الصعوبة البالغة بدء العمل، لكنَّك تدرك أنَّه شيءٌ يستحق أن تُنجزه بالتأكيد.

قد يكون القيام بأفعالٍ بسيطة مثل: النهوض وامتلاك الشجاعة للقيام بالعمل، حتَّى لو كان الأداء متوسطاً؛ نصرٌ يجب الاحتفاء به.

هكذا هي الحياة:

إنَّ الحياةَ عبارةٌ عن توازنٍ ثابتٍ بين الاستسلام لسهولة التشتت، والتأقلم مع صعوبات الانضباط في العمل.

ليس من المبالغة القول أنَّ حياتنا وهويتنا تُحَدَّدان من خلال هذا التوازن الدقيق، ويجبُ أن نعلمَ أن الحياةَ ما هيَ إلَّا مجموعةٌ من مئات آلاف المعارك اليومية والقرارات الصغيرة التي تدفعكَ إمَّا لتعمل بجد، أو إلى أن تستسلم.

يجب أن تعلمَ أنَّ اللحظة التي تشعر فيها أنَّك لا ترغب في القيام بالعمل، ليست لحظةً عليكَ تخطيها فحسب، بل وعدَّها لحظةً لاتخاذ القرار؛ لذا عليكَ اتخاذ قرارٍ في هذه اللحظة من حياتك بطريقةٍ تجعلك فخوراً في المُستقبل.

دع العالم يُقرِّر:

ماذا تفعل إذاً عندما تشعرُ أنَّك على وشك الاستسلام؟ يجب عليك بالتأكيد النهوض والبدء من جديد.

من غير الهامِّ هُنا أن تحكمَ على نفسك إلى أي مدىً أنت جيدٌ أو سيِّئ؛ بل عليك فقط أداء واجبكَ بما يُرضيك، وترك هذا القرار للعالم الذي سيُقدِّر عملك الشاق بكلِّ تأكيد.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!