ماذا تفعل عندما تشعر بالإرهاق في العمل؟

لطالما كان التعب والإرهاق في مكان العمل من القضايا الهامة لعقود خلت، ووفقاً لمؤسسة غالوب (Gallup)، من الموظفين بأنَّهم انسحبوا من أعمالهم أو توقفوا عن المشاركة بنشاط في العمل بسبب شعورهم بالإرهاق والتعب.

Share your love

ويعود سبب فقدان 7 تريليون دولار كل عام إلى تشتُّت انتباه الموظفين، وتوقُّفهم عن الاهتمام بالعمل، وشعورهم بالإرهاق والتعب، ومنح الأولوية لإنجاز مهام أخرى في أثناء التواجد في الشركة.

كيف أصبح العديد من الموظفين مرهقين من العمل؟

كشفت دراسة أجرتها كل من شركة كرونوس إنكوربوريتد (Kronos Incorporated) وأكاديمية فيوتشر وورك بليس (Future Workplace) عن بعض الأخبار المزعجة، فوفقاً لدراستهما، ذكر 95٪ من قادة الموارد البشرية أنَّ إرهاق الموظفين يؤدي إلى عرقلة الاحتفاظ بالقوى العاملة، وكما يبدو، يعد هذا الأمر مشكلة بالنسبة إلى الأغلبية وليس الأقلية فقط.

يتعامل قادة الأعمال في جميع أنحاء العالم مع هذا الأمر؛ وذلك لأنَّ هذه المشكلات لن تختفي قريباً، وقد سُلِّطَ الضوء على هذه المشكلات بشكل أكبر بسبب الأحداث غير المسبوقة التي شهدها عام 2020 والتي ركَّزت على القوى العاملة الحالية، فإذا سمحت للناس القيام بما يريدون؛ فإنَّهم عادة ما سيفعلون الشيء نفسه في الوقت نفسه يومياً.

أنت بالتأكيد واجهت صعوبة في تنظيف أسنانك بالفرشاة والاستحمام في الصباح في مرحلة ما من حياتك، ونأمل أن يكون قد ساعدك والداك في القيام بذلك خلال تلك المراحل لإتاحة الوقت لك لاكتساب العادات الأساسية للنظافة الشخصية، والتي أصبحت أمراً تلقائياً في هذه المرحلة، لهذا السبب، نعتقد أنَّه ليس لديك مشكلة في تنظيف أسنانك والاستحمام في الصباح قبل الاستعداد ليوم العمل.

ولكن متى كانت آخر مرة أعطاك فيها أحدهم تعليمات وتمرينات لتسهيل عاداتك المتعلقة بالإنتاجية وتنفيذ المهام في مكان عملك؟ هل سبق وأن أعطاك أحدهم توجيهاً بشأن هذه الأمور؟ معظمهم لم يفعلوا ذلك.

في حين يبدو أنَّ هذا الأمر يُشكِّل قضية هامة لدى القوى العاملة الحالية، إلا أنَّ هناك حلولاً قابلة للتطبيق للتعامل مع هذا الوباء المرتبط بالعمل طالما أنَّك على استعداد لتغيير عاداتك وتنفيذ تغييرات بسيطة في حياتك العملية اليومية؛ حتى إذا قررت تنفيذ أحد هذه التغييرات، فقد ترى تحوُّلاً كبيراً في إنتاجيتك ونتائجك، ومن المحتمل إعدادك للترقية القادمة، وزيادة راتبك، وحصولك على حياة ذات جودة أعلى.

يمكن أن يكون العمل الذي لا يمنحك الإحساس بالرضا عبئاً كبيراً عليك:

السؤال الأول الذي قد تحتاج إلى طرحه على نفسك هو: “هل أقوم بما أحبه حقاً؟”.

لسوء الحظ، لا يمكن لأحد سواك الإجابة عن هذا السؤال، ولكنَّه يعد أحد أكثر الأسئلة البسيطة والأساسية التي تحتاج إلى معرفة الإجابة عنها قبل اتخاذ الخطوة التالية والاستثمار في مستقبلك.

يعد معظم الناس غير راضين عن وظائفهم؛ حيث وجدت جالوب أنَّ حوالي 70٪ من الأشخاص الذين يرسلون التعليقات ذكروا بأنَّهم لا ينجزون أعمالهم وغير راضين عن مكان عملهم الحالي، فإذا وجدت نفسك جزءاً من هؤلاء الأشخاص، فربما حان الوقت لكي تبحث عن وظيفة جديدة.

أجرى موقع إتش آر درايف (HR Drive) استطلاعاً وجد فيه أنَّ نصف المشاركين ذكروا بأنَّهم سيُضحُّون بما يصل إلى 29٪ من أجرهم الحالي للعمل في وظيفة يستمتعون بها؛ مما يوضِّح أنَّ الناس على استعداد للتنازل عن المكاسب المالية من أجل النمو الشخصي والرضا، فإذا أمضينا ما يقارب 90 ألف ساعة في العمل طوال حياتنا، فنحن بحاجة إلى التأكد من أنَّنا نستمتع به ونجد الرضا في ما نقوم به.

يمكن أن يشير التعب إلى سوء الحالة الصحية ونقص في التغذية:

إذا لم يكن تغيير حياتك المهنية خياراً، فيوجد العديد من البدائل للاختيار من بينها لتحسين مستويات الطاقة لديك إلى أقصى حد حتى عندما تكون مرهقاً في العمل، فبينما تغيرت القوى العاملة وبيئة العمل لدينا تماماً مع أوامر البقاء في المنزل بسبب فيروس كورونا (COVID-19)، لا يزال بإمكاننا تنفيذ خطوات بسيطة لتعزيز إنتاجيتنا.

قد لا يحدث الإرهاق في العمل دائماً بسبب العمل نفسه؛ وإنَّما يمكن أن يكون أيضاً بسبب سوء الحالة الصحية ونقص في التغذية، والذي يظهر على شكل تغيُّر في الوظيفة الإدراكية وقلة النوم وعدم القدرة على إكمال المهام في الوقت المحدد، فيُظهِر العمل فقط أوجه القصور هذه ويُسبِّب المزيد من الضغط على أدمغتنا وأجسادنا، والتي ربما لم تكن قادرة على مواكبة هذه المطالب في المقام الأول.

ستظل التغذية وسيظل النظام الغذائي أساسَي صحتنا دائماً؛ حتى أبقراط (Hippocrates)، أبو الطب الحديث، ذكر في عام 440 قبل الميلاد: “ليكن طعامك دوائك ودوائك طعامك”.

يعد الغذاء أساس صحتنا العامة ورفاهيتنا، وتؤثِّر اختياراتك الغذائية في وظائفك المناعية عن طريق البكتيريا التي تعيش داخل أمعائك، والمسؤولة عن حوالي 70٪ من مناعة الجسم.

والأهم من ذلك، تؤثِّر اختياراتك الغذائية في إنتاج مادة السيروتونين، وهو الناقل العصبي الذي يُشعِرك بالسعادة والذي يختل في حالات مثل الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية المختلفة، ويُنتَج أكثر من 90% من السيروتونين الموجود في الجسم في الأمعاء، وهذا الإنتاج يتأثَّر بالأطعمة التي تختار تناولها ويؤثِّر في بُنية البكتيريا في جسمك، ونحن غالباً ما نختار تناول الوجبات الخفيفة بدلاً من الأطعمة الصحية طوال اليوم، ولكنَّ الإكثار منها يمكن أن يؤثِّر في مستويات سكر الدم ويسبب النعاس في أثناء النهار.

وللحصول على طريقة أكثر فاعلية لتحسين عقلك وجسمك إلى أقصى حد ممكن، قد يكون الصيام المتقطِّع نهجاً جيداً؛ وذلك لأنَّه يمكن أن يساعدك على تخفيف التهابات الجسم وتحسين المعالجة المعرفية وحتى فقدان الوزن، ويمكن أن يرتبط تغيير اختياراتك الغذائية ارتباطاً مباشراً بالتغيُّرات في حالتك المزاجية ومستويات الطاقة لديك.

قد يساعدك المشي على استعادة طاقتك:

في مرحلة ما، قد تُصاب بالإرهاق في العمل وقد تحتاج إلى الابتعاد عنه لتصفية ذهنك، يمكن أن يكون أخذ استراحة من عملك أحد أكثر الوسائل فعالية لتحسين إنتاجيتك؛ وذلك لأنَّه يسمح للدماغ بتغيير ما يقوم به وتغيير حالتك الفكرية، وإحدى أكثر الطرائق فاعليَّةً للقيام بذلك هي من خلال ممارسة التمرينات الرياضة.

وكما تقول عالِمة النفس آنات بانييل (Anat Baniel): “الحركة هي لغة الدماغ”، ويحظى هذا القول بتأييد كبير من قِبل المؤلفات التي تخضع لاستعراض الأقران والمقالات القائمة على الأدلة.

يمكن أن تؤثِّر التمرينات مباشرةً في نشاط الدماغ من خلال آليات متعددة، مثل زيادة نسبة الأوكسجين، وتعزيز التعبير الجيني، وتقليل ردود الأفعال الناجمة عن الإحساس بالإجهاد، وتحسين عمل الفص الجبهي (الرئيس التنفيذي للدماغ)، وتحسين تدفُّق الدم في جميع أنحاء الدماغ والجسم.

كما تُظهِر البيانات التي نملكها أنَّ التمرينات بمختلف أشكالها يمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة على مستوى الإدراك، لا سيما فيما يتعلق بالتمرينات منخفضة الكثافة لتحسين المعالجة المعرفية والانتباه، ويمكن أن تلعب التمرينات عالية الكثافة أيضاً دوراً هاماً في تحسين الاتصال بين الشبكات المسؤولة عن العمليات العاطفية والوجدانية، والخيار عائد إليك.

لا تعد الرياضة هامة للجسم فحسب؛ وإنَّما للعقل أيضاً، ويمكن أن تُحسِّن قدرتك على التعلُّم وتذكُّر المعلومات تحديداً؛ وذلك لأنَّ الحركة الجسدية تزيد من إنتاج بروتين يسمى عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ (Brain-derived neurotrophic factor)، وهو المسؤول عن تسهيل التغييرات طويلة الأمد في الشبكات العصبية وتحسين الارتباطات في جميع أنحاء الجهاز العصبي.

قد يكون المشي لمدة 10 دقائق أفضل طريقة لزيادة إنتاجيتك، كما يعد الحصول على استراحة من عملك أمراً ضرورياً؛ لذا جرِّب ذلك بنفسك وانظر كيف ستشعر.

شاهد بالفيديو: 9 فوائد تجعل من المشي أفضل نشاط يومي

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/CchqaQA6szk?rel=0&hd=0″]

البحث عن وقت لأخذ قيلولة قصيرة:

يوجد سبب يجعلك تقضي ثلث حياتك في النوم، وهو أنَّه أمر هام لتحقيق أداء عالٍ ووظيفة مثلى للدماغ، وفي حين يبدو أنَّ أخذ قيلولة سريعة عندما تكون مرهقاً في العمل أمرٌ غير منطقي بالنسبة إلى الإنتاجية وتحقيق أهداف العمل، إلا أنَّ العلم يؤيِّد ذلك.

يمكن أن يسبب اضطراب النوم مشكلات معرفية وعاطفية كبيرة، مما يؤدي إلى التعب وضبابية التفكير وتغيير في الحالة الذهنية، فلم يَعُد الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم خياراً يمكن اتِّخاذه أو التخلي عنه؛ حيث تُظهِر الأبحاث مدى أهميته لتكوين الذكريات وتوطيدها، مما يعزز قدرات دماغنا على التعلُّم وخلق طرائق جديدة للتفكير.

ونادراً ما تكون أهمية الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً موضع نزاع، ولكن قد يكون أخذ قيلولة سريعة في فترة ما بعد الظهر أو منتصف النهار أمراً مفيداً للغاية، لا سيما قبل اجتماع كبير أو بعد قضاء بعض الوقت في الدراسة؛ ونظراً لأنَّ 53٪ من البالغين يأخذون قيلولة بانتظام، من المُحتمَل أنَّك ترى قيلولة بعد الظهر مضيعةً للوقت.

بيَّنَت التجارب أنَّ فترات النوم القصيرة (حوالي 10 دقائق) تُحسِّن اليقظة والأداء المعرفي تحسُّناً يستمر ساعة بعد القيلولة، ومرة أخرى، قد يؤدي قضاء 10 دقائق من يومك للتركيز على الاهتمام بالعقل والجسم إلى تحقيق فوائد كبيرة على صعيدَي الإنتاجية والنجاح في العمل.

أفكار أخيرة:

لا يعمل الموظفون الأكفَّاء 8 ساعاتٍ متتاليةٍ دون توقفٍ حتى نهاية اليوم، ولا يعني كونك فعَّالاً دائماً أن يكون أداؤك ثابتاً، لهذا السبب نحن بحاجة إلى فهم كيف يؤثِّر العمل في الدماغ والجسم.

يمتلك معظم الأشخاص القدرة على العمل من (5-6) ساعات يومياً من أصل 8 ساعات، خاصةً عندما تفكر في أنَّ العامل العادي يعمل فقط لمدة ساعتين و23 دقيقة من يوم العمل الذي يبلغ 8 ساعات، ويستخدم ما تبقى من يومه للبحث على الإنترنت وقراءة المقالات والبحث عن وظائف أخرى والقيام بأي شيء آخر يبعده عن عمله.

لذلك، إذا كنت مهتماً بقضاء يوم كامل من العمل، فاستخدم عقلك وجسمك لصالحك من خلال إنشاء عادات يومية فعالة للنجاح، ويمكن أن يؤدي استخدام العلم إلى تحسين نتائجنا إلى حد كبير ومن المحتمل أن يمنحنا ميزة لزيادة قدرتنا على الكسب في المستقبل مع تجنُّب الإرهاق غير الضروري في العمل.

وكما هو الحال دائماً، سيكون الأمر متروكاً لك لتحقيق ذلك.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!