‘);
}

الربا

يُعرّف الربا لغةً بالزيادة والفضل، وأمّا شرعاً فهو فضلٌ خالٍ عن عوضٍ شُرِط لأحد المتعاقدين،[١] ويعتبر الربا من أعظم الذنوب، وممّا يدلّ على خطورته كثرةُ ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- له في خُطبه، وتحذيره منه، وتذكير الناس بعاقبة أصحابه في الدنيا والآخرة، إذ قرن النبي -عليه الصلاة والسلام- الربا بالشرك بالله تعالى، وعدّه من الموبقات التي تُهلك فاعلها وتغمسه في النار، بالإضافة إلى أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لعن آكل الربا، ومُوكله، وكاتبه، وشاهديه، فكلّهم مطرودون من رحمة الله تعالى، وأمّا في الآخرة فيسبح آكل الربا في نهرٍ من دمٍ، وكلّما حاول الخروج منه رُمي في فمه حجرٌ ليرجع، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الربا ثلاثةٌ وسبعونَ باباً، وأيسرُها مثلُ أنْ ينكِحَ الرجلُ أمَّهُ، و إِنَّ أربى الرِّبا عرضُ الرجلِ المسلمِ)،[٢] وقال الله عزّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)،[٣] ويرجع السبب في إعلان الحرب على أكلة الربا أنّهم حاربوا الله تعالى، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، بمعاملات الربا الآثمة الظالمة، ومن حاربه الله ورسوله فلا ناصر له، كما أنّه مهزمٌ مدحورٌ.[٤]

حكم القروض الربوية وتسديدها

ممّا لا شكّ فيه أنّ الاقتراض من البنك محرّم؛ إذا ترتّب على القرض أي نسبةٍ من الزيادة؛ لأنّ هذا القرض يصبح ربوياً، وقد حرم الله تعالى، ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم- الربا، فقال الله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)،[٥] وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لعن اللهُ آكلَ الرِّبا ومُوكِلَه وشاهِدَيه وكاتبَه)،[٦] وثمة الكثير من الأدلّة على تحريم الربا، ولا يُباح الربا لأية حاجةٍ من حاجات الدنيا؛ كمؤونة البيت، أو تسديد الأجرة، وغير ذلك من الحاجات، وإنّما يُباح عند الاضطرار، ويكون الإنسان مضطراً إذا خشي على نفسه الموت إن لم يأكل، كالذي يكون في مجاعةٍ شديدةٍ، ولا يجد ما يسدّ به رمقه، فلذلك لا يمكن عذر الذين يأخذون القروض الربوية من النبوك، ولا تصحّ مقارنتهم بالمضطر الذي يخشى على نفسه الموت،[٧] وأمّا بالنسبة لسداد القرض الربوي في حال الابتلاء بأخذه، فالأصل تسديد المبلغ الأصلي من غير الربا، وعدم الالتزام بما ترتّب عليه من الفوائد والغرامات؛ لأنّ الربا محرّم، ولا يجوز الالتزام به.[٨]