‘);
}

احتساب الثواب والتقرب من الله عزَّ وجل

إنَّ العبودية لله تعالى، واحتساب الأجر منه وحده من أجلِّ العبادات القلبية، التي من شأنها أن تزيد الإخلاص وتُقوّي الإيمان، وإذا قويت العبودية في القلب؛ سهُل على العبد القيام بالطاعات واجتناب المحرّمات، واتَّصف بمكارم الأخلاق من الصدق والعفة والرحمة، فالعبودية خير معين للنفس على صعوبات الحياة التي لا تتوقف، فيغدو العابد لله -تعالى- راضياً حتى في أشدِّ الأوقات، كما أنَّها تُبعده عن الرياء، فلا يفعل الخير طلباً للثناء من الناس، وإنَّما يتلذذ بعبادة الخفاء ويكتفي باستشعار قُرب الله -تعالى- ورضاه، ومن الأحاديث التي تدعو إلى طلب الأجر من الله وحده، قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيُبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه).[١]

ومن المواقف التي تُظهر عظم العبودية في نفوس الصحابة الكرام، قول أم حارثة للنبي -صلى الله عليه وسلم وقد تُوفي ابنها حارثة وهو غلام: (يا رسولَ اللهِ، قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى تر ما أصنع؟ فأجابها النبي -صلى الله عليه وسلم: ويحك، أو هبلت، أو جنة واحدة هي، إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس)[٢] وقد كان السلف يقاربون الخطى عند ذهابهم للمسجد احتساباً للأجر من الله تعالى، ففي كل خطوة تُخطى للمسجد تُرفع درجة وتُحط خطيئة، وهذا الاحتساب يُخفِّف من مشقة العبادة ويزيد من الرغبة فيها، بتحويل العادات إلى عبادات، يقول الصحابي معاذ بن جبل: (أما أنا فأنامُ وأقومُ، فأحتَسِبُ نوْمتي كما أحتَسِبُ قوْمتي).[٣]