العدوان ظاهرة عامة بين البشر يمارسها الأفراد بأساليب مختلفة ومتنوعة وتأخذ صورا عديدة مثل التنافس في العمل وفي التجارة وفي التحصيل المدرسي بل وفي اللعب، كما يتخذ عدوان الأطفال صورا أخرى مثل التعبير باللفظ أو العدوان البدني، فالأفراد يتصارعون والعائلات أو القبائل تعتدي على جارتها والدول تتصارع فيما بينها فالعدوان البشري حقيقة قائمة عرفه الإنسان منذ الأزل، ولكي نتخلص من هذا السلوك السئ علينا معرفنه عن قرب والتعرف على مظاهره وأشكاله وأساليبه وأسبابه وأيضا طرق علاجه.
أشكال العدوان:
يتخذ العدوان بين الأطفال أشكالاً عديدة، فقد يدافع الطفل عن نفسه ضدَّ عدوان أحد أقرانه، أو يعارك الآخرين بإستمرار لكي يسيطر على أقرانه، أو يقوم بتحطيم بعض أثاث البيت عند الغضب، ولا يستطيع السيطرة على نفسه.
وتشير ريتا مرهج في كتابها “أولادنا من الولادة حتى المراهقة” إلى تلك المشكلة فتقول: إبتداء من العام الأول نلاحظ أن العديد من الأطفال يلجئون إلى العنف من وقت إلى آخر، وقد تكون العدوانية وظيفية عندما يرغب الطفل في شيء ما بشدة، فيصرخ أو يدفع أو يعتدي على أي إنسان أو شيء يقف في طريقه، وقد تكون العدوانية متعمدة عندما يضرب الطفل طفلاً آخر بهدف الأذى، عند حوالي عمر أربع سنوات، تخف العدوانية الوظيفية بشكل ملحوظ مع تطور القدرات الفكرية والنطق عند الطفل، بينما تزداد العدوانية المتعمدة بين أربع وسبع سنوات، علمًا بأن نسبة حدوث العدوانية خلال إحتكاكات الأطفال قليلة مقارنة بنسبة المبادرات الإيجابية التي تحصل بينهم.
تعريف العدوان:
العدوان سلوك يقصد به المعتدى إيذاء الآخرين وقد تم تعريف العدوان من قبل العديد من علماء النفس وتطلق صفة العدوان على أشكال محددة من السلوك (كالضرب والصدم) أو على أشكال معينة من الحوادث الإنفعالية أوكليهما معا أو على الظواهر المرافقة للحوادث الإجتماعية (كالغصب والكرة) أو على مضامين دافعية، ووفقا للموسوعة الحرة فإن السلوك العدواني يشير إلى أنواع السلوك التي تستهدف إيذاء الآخرين أو تسبب القلق عندهم.
مظاهر عدوان الأطفال:
أ- السلوك العدواني:
السلوك العدواني سلوك يحمل الضرر إلى كائنات أخرى مثل الإنسان أو الحيوان، فالطفل قد يؤذي طفلا آخر ينزع لعبته من يديه وقد يفعل ذلك في مشاجرة حول إدعاء حق ملكية شيء ما، وقد يفعل الشيء نفسه إذا طلبت المعلمة أن تنزع جميع اللعب من الأطفال، ويدخل ضمن السلوك العدواني الذي يتضمن الإضرار الجسدي الأفعال التي تتدخل في أي سلوك مشروع يقوم به الآخرون مثل : إستخدام السباب أو المنع أو الإكراه بالتهديد، ومن المواقف الخاصة التي يستثار فيها السلوك العدواني :
- النزاع حول ملكية شيء ما أو حول الأحقية في مكان ما.
- المطالبة بإستبعاد طفل آخر من جماعة اللعب أو جماعة الرفاق.
- الإختلاف بسبب تصادم الرغبات حول الأدوار التي يقوم بها الأطفال أو حول التعليمات التي تحكم العمل أو التي تحكم اللعب بينهم.
- التمسك بحق التفوق على الآخرين، فقد يصر أكثر من طفل على التصدير.
- الإختلاف حول تنظيم العمل في المجموعة والتشدد في تطبيق قوانين الحضانة.
- العقاب القاسي من أجل الإتساق مع النظام الكذب أو الغش المطالبة بشيء ليس له.
كما أن هناك مواقف تتضمن الإزعاج المتكرر جسميا وبدنيا وفيها يحدث الإشتباك البدني مع الغريم في تصارع، أو المسك بإحكام وجذب الشعر أحيانا والتراشق بالرمل أو التراب، وهناك مواقف يظهر فيها عدوان الأطفال أثناء اللعب على هيئة تعرض بدني كالإمساك من حول الرقبة والرمي بعنف إلى الأرض أو الإكراه على القيام بعمل ما تحت وطأه التهديد أو حجز الخصم ضد رغبته في مكان معين.
ب- المشاعر العدائية :
وإذا كان العدوان الصريح يأخذ أشكال ظاهرة تتمثل في الإعتداء البدني أو الإعتداء اللفظي أو بالتخريب أو بالمشاكسة والعناد ومخالفة الأوامر والعصيان والمقاومة فإن المشاعر العدائية أو العدوانية تتخذ شكل العدوان المضمر غير الصريح مثل الحسد والغيرة والإستياء كما تتخذ شكل العدوان الرمزي الذي يمارس فيه سلوك يرمز إلى إحتقار الآخرين أو توجيه الإنتباه إلى إهانة تلحق بهم أو الإمتناع عن النظر إلى الشخص وعدم الرغبة في مبادرته بالسلام أو رد السلام عليه، وقد عرض القرآن الكريم للأشكال التي تتخذها المشاعر العدائية منها :
- قال تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا) تشير إلى العدوان بالتهكم والسخرية.
- قال تعالى (إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء) تشير إلى العدوان بالشماتة.
- قال تعالى (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة) تشير إلى العدوان الخفي متمثلا في الغيرة.
ج- العدوان تجاه الذات :
السلوك العدواني لا يتجه بالضرورة نحو الغير فقط فقد يتجه نحو الذات أيضا متمثلا في نواح بدنية، وقد أشار القران الكريم إلى ذلك حين قال تعالى (وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ)، وقال أيضا (وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم).
إلى هنا ننهي الجزء الأول من حديثنا عن عدوان الأطفال وسنكمل إن شاء الله في الجزء الثاني فانتظرونا، ونتمنى أن تكونوا إستفدتم من هذه المعلومات والنصائح التربوية وللمزيد تابعونا في قسم تربية الأبناء، وأنصحكم بقراءة هذا المقال بعنوان: “ضرورة إشراك الطفل في إستراتيجيات التعامل“، وأشركونا دائما بتعليقاتكم وأسئلتكم وكذلك تجاربكم.