ما مدى أهمية “الرؤية” بالنسبة إلى قادة الأعمال؟

يُعدُّ والت ديزني أحد أعظم "حالمي القرن العشرين"، فهو حقاً شخصٌ يستحقُّ أن يقال عنه شخصٌ ذو رؤية؛ إذ لا يستطيع أيّ شخصٍ أن يبتكر أوّل صوتٍ للرسوم المتحركه ورسوماً متحركةً بالألوان وأوّل رسومٍ متحركة ذات خاصية الإيقاع السريع.

Share your love

لكن أتت الرؤى لأعظم تُحَفِهِ الفنيّة من مكانٍ غير متوقع، فلنعد بالزمن عندما كانت ابنتا “والت” شابتان، حيث اعتاد أن يأخذهما إلى منتزهِ مدينة الملاهي في مدينة لوس أنجلوس في صباحات أيام الأحد. وأحبت ابنتاه ذلك، وهو أحبّه أيضاً.

يُعدّ منتزه مدينة الملاهي بمثابة جنة للأطفال حيث المناخ الرائع ورائحة الفشار وغزل البنات والألوان المبهرجه للافتات الألعاب وأصوات الأطفال وهم يصرخون كلما هبطت الأفعوانية وصعدت.

كان والت ديزني مأسوراً بشكلٍ خاص بلعبه دوامة الخيل، فكلما دنا منها رأى ضبابيّة الصور الساطعة تدور حول الآلات الموسيقية الحماسية. لكن عندما توقفت استطاع أن يرى أنَّ عينيه قد خُدِعتَا؛ فقد لاحظ وجود أحصنةٍ بالية ذات طلاء متشقق ومقشور، كما لاحظ أنَّ الأحصنة في الصفّ الخارجيّ فقط هي التي تعلو وتهبط، وبقيَّة الأحصنه تقف هامدةً ثابتة على الأرض.

خيبة أمل أفضل رسامي الكرتون قد ألهمته رؤية عظيمة، فاستطاع أن يرى في مخيّلته منتزه مدينة الملاهي حيث لا يتبخّر الخيال. وحيث يستطيع الأطفال والراشدين التمتّع بأجواء المهرجان من دون الجانب “المُهترئ” الذي يترافق مع السيرك أو المهرجانات المتنقلة. تحوّلت رؤيته إلى “ديزني لاند”: عالم والت ديزني.

حوّل رؤيتك إلى واقع:

تعدُّ الرؤية أهمّ شيءٍ بالنسبة إلى القائد، فلا غنى عنها بتاتاً. لكن لماذا؟ ذلك لأنَّها ترسم الهدف. فهي تشعل وتُؤجّج النار في نفسه، كما أنَّها توقِد جذوةَ الإبداع للأشخاص الآخرين الذين يتّبعونه. هل من قائدٍ لا يمتلك رؤية؟ في حال وجوده سيكون شخصاً عائداً بخفي حنين، وفي أفضل الأحوال تراه يدور في ذات الدائرة.

إذاً كيف تتعامل مع الرؤى؟ وكيف تأتي لتكون جزءاً من الحياة الجيدة للقائد؟ لكي تقوم بذلك، افهم هذه الأمور جيداً:

1- تبدأ الرؤى من ذاتك:

انظر إلى خبايا نفسك، واستفد من مواهبك الطبيعية وطموحاتك. ثم انظر إلى صرختك إن وُجِدَت.

2- ترسم الرؤى تاريخك:

إن تحدّثت إلى أيّ قائدٍ من المحتمل أن تكتشف مفاتيح الأحداث في الماضي والتي كانت مساعدةً في خلق الرؤية.

3- تُلبّي الرؤى حاجات الآخرين:

تذهب الرؤى الحقيقية أبعد مما يستطيع المرء أن ينجزه. فإذا كانت ذات قيمة، فإنَّها لا ترافق الأشخاص فحسب، بل وترفع من قيمتهم أيضاً.

تساعدك الرؤى في جمع المصادر. فالرؤى العظيمة تجذب كما المغناطيس.

لإيجاد الرؤى الأساسية للقيادة، يجب عليك أن تكون مستمعاً جيداً. يجب أن تستمع إلى العديد من الأصوات مثل الصوت الداخليّ الذي يلمح بما يجب أن تسعى خلفه وأن تخلق من كلّ أعماقك ما ترغب أن تكون عليه وما تؤمن به، كما يوجد صوتك الحزين الذي يخبرك عند الانتباه إليه أنّ شيئاً ما لا يسير على ما يرام.

الابتعاد عن وضعٍ راهنٍ كهذا من أعظم محفزات الرؤية، يأتيك الصوت الناجح من المرشدين العظماء المحيطين بك. كما أنَّ الأشخاص الذين يحاكون ما ترغب به يمكن أن يمدوا يد العون لإنارة دربك. وفي نهاية المطاف، الاستماع إلى صوتك الأعلى يتطلّب أن تنظر أبعد من نفسك وحتى أبعد من حياتك، فلربما يعني هذا أنَّ هنالك روحاً أعمق تبحث وتتأمل وتصلي لتناشد قوّةً أعظم.

لحسن الحظ، يمكن أن تحسن رؤاك عن طريق العديد من الخطوات المدروسة. لذا ضع في عين الاعتبار ما يلي:

1- قيِّم نفسك:

إذا امتلكت تفكيراً مسبقاً عن رؤية حياتك وقمت بإيضاحها، فاحسب كيف ستنفذها بشكلٍ جيّد. تحدث إلى العديد من الأشخاص الأساسيين كزوجتك أو صديقك المقرب أو أفضل زميلٍ في العمل، واسألهم أن يعبروا عن نظرتهم لرؤيتك. إذا استطاعوا التعبيرعنها بشكلٍ جيّد، فمن المحتمل أنَّك تعيش رؤياك الآن.

2- اكتب رؤيتك:

يجعل تدوين رؤاك الأمور جليّة، فحالما تدوّنها، قم بتقييمها لتعرف إن كانت جديرةً بالمضيّ نحو حياةٍ أفضل، واتبعها بكلّ جوارحك.

3- اختبر حدسك:

إذا لم تعمل كثيراً على رؤيتك، فاقضِ الأشهر العديدة القادمة بالتفكير فيها. ضع في عين الاعتبار ما يؤثرعليك حقاً في مرحلة الاختبار: ما الذي يدفعك الى البكاء؟ وما الذي يجعلك تحلم؟ وما الذي يزودك بالطاقة؟

فكر في جميع التغيرات التي تحبّ أن تراها في العالم من حولك. فما تراه الآن ليس هو الواقع، لكن من الممكن أن يصبح واقعاً. وعندما تبدأ أفكارك في التوضّح، دوّن أفكارك وتحدّث إلى “منتور” (مرشد) حول هذه الأفكار.

ماذا ترى عندما تنظر بعمق في أعماقك إلى الرؤى؟ لا يجب أن تكون رؤياك معقدة بشكلٍ كبير أو مفصّلة لتكون ذات قيمة بالنسبة إليك أو إلى من حولك؛ ففي واقع الأمر، وكما لخّصه الكاتب “لاري تايلور”، رؤية والت ديزني لمنتزهاته كانت من أبسط ما يكون: “لا طلاء متشقق، وجميع الأحصنة تقفز”.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!